إسرائيل تسرّع الضم الصامت للأراضي الفلسطينية

تل أبيب تخطر بهدم جسر تاريخي لتسهيل مرور المستوطنين

مستوطنون يحتلون بؤرة استيطانية قرب مستوطنة كريات بمدينة الخليل بالضفة يوليو 2022 (إ.ب.أ)
مستوطنون يحتلون بؤرة استيطانية قرب مستوطنة كريات بمدينة الخليل بالضفة يوليو 2022 (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تسرّع الضم الصامت للأراضي الفلسطينية

مستوطنون يحتلون بؤرة استيطانية قرب مستوطنة كريات بمدينة الخليل بالضفة يوليو 2022 (إ.ب.أ)
مستوطنون يحتلون بؤرة استيطانية قرب مستوطنة كريات بمدينة الخليل بالضفة يوليو 2022 (إ.ب.أ)

أخطرت السلطات الإسرائيلية، الأحد، بهدم محال تجارية على الطريق الرابط بين حاجزي جبع وقلنديا العسكريين شمال القدس المحتلة، وجسر قديم عريق يربط بين بلدتي جبع والرام، وذلك بغرض تسهيل حركة المستوطنين في المنطقة، وهو ما عدَّه مراقبون بمثابة تسريع لـ«الضم الصامت» لأراضي الضفة.

وأفاد المواطنون والتجار المشتكون بأن «قوات الاحتلال سلمت إخطارات بالهدم لأصحاب عدد من المحال التجارية والمنشآت الواقعة على الشارع المستهدف». وأكد مهندسون اطلعوا على الخرائط أن الهدم سيشمل جسر جبع التاريخي الذي يقع فوق الشارع المستهدف والذي يربط بلدة جبع ببلدة الرام، وذلك بهدف توسيع الشارع الواقع بين الحاجزين لتسهيل مرور المستوطنين من القدس إلى المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، بعد أن انتهى الاحتلال من إنشاء نفق للسيارات أسفل حاجز قلنديا ليصبح «طريقاً استيطانياً رئيسياً» يربط القدس بالضفة الغربية لاستخدام المستوطنين، بينما يبقى الحاجز مقاماً لإعاقة مرور المقدسيين.

صورة من قرية فلسطينية تظهر مستوطنة دوليف المقامة على أراضي الضفة الغربية (أ.ف.ب)

لا جدوى من الاعتراض

وأوضح المهندسون أن إخطارات الهدم تُمنح أسبوعين لأصحابها من أجل الاعتراض على عمليات الهدم، مشيرين إلى أن الاعتراضات عادة ما تكون من دون جدوى ومكلفة مادياً بشكل كبير على المواطنين. وأعلن مستشار محافظ القدس في السلطة الفلسطينية، معروف الرفاعي، أن «الاحتلال يزعم أنه لا يوجد ترخيص رغم أن المحال تتبع لبلدية الرام، وتوجد فيها رخص بناء فلسطينية، وتقع في المنطقة المصنفة «ب» وهي محلات قديمة مبنية من عشرات السنين».

وأوضح الرفاعي أن تسارع عمليات الهدم في القدس داخل الجدار وخارجه دليل على أن إسرائيل تريد توسيع الشوارع لتسهيل حركة المستوطنين، مبيناً أن الشارع المزمع إنشاؤه سيربط شارع «60» ومستوطنات الضفة بالقدس «لتسهيل مرور المستوطنين، وفتح شوارع استيطانية جديدة؛ ما سيضيق الخناق على المواطنين الفلسطينيين، ويهدد بنهب مزيد من أراضيهم، وتضييق الخناق على حياتهم».

وكانت السلطات الإسرائيلية قد اتبعت هذا الأسلوب في مناطق أخرى في الضفة الغربية، واستولت فعلاً على الأرض، ولكي تمنع الاحتجاجات الشعبية ضد هذه الممارسات تقوم بحملات اعتقال دائمة، تشمل كل من يتفوه بكلمات احتجاج أو اعتراض.

اشتباكات سابقة بين متظاهرين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية التي تقوم بمداهمة في جنين بالضفة (أ.ف.ب)

حملة مداهمات

وفي ليلة السبت - الأحد، نُفذت حملة مداهمات وتفتيش في نحو 10 بلدات، في مقدمتها جنين، المدينة والمخيم، وكذلك في نابلس وبعض قراها، جرى خلالها اعتقال 20 فلسطينياً على الأقل. وبذلك ترتفع حصيلة الاعتقالات منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى أكثر من 8875 معتقلاً، وهذه الحصيلة تشمل مَن جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطُروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتُجزوا رهائن، وأفرجت إسرائيل عن نحو 4500 منهم في وقت لاحق، ليبقى في سجونها عدد مماثل تقريباً.

وفي تقرير جديد للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال في منظمة التحرير الفلسطينية، جاء أن «الاحتلال يلجأ لاستخدام ذريعة «المحميات الطبيعية» للاستيلاء على الأرض، بوصفه وسيلة لتضليل المجتمع الدولي، والترويج لفكرة حماية الطبيعة، إلا أن هدفه الحقيقي تمرير مخططاته الاستيطانية في المنطقة التي تتمحور في الأساس حول مشروع الضم».

وأضاف التقرير أن الاحتلال ينفذ سياسة منهجية لتحقيق هذا الغرض. فإلى جانب الأرض، يجري التضييق على الأهالي والمزارعين والسيطرة على مصادر المياه، وحرمانهم من استغلال أراضيهم وزراعتها، كذلك الاستيلاء على الماشية والمعدات الزراعية وكل ما يساعد أهالي المنطقة على الاستمرار في العيش هناك، إلى جانب حرمانهم من الخدمات الأساسية كالكهرباء والطرق والبنية التحتية».

صورة تبيّن آثار اقتلاع مستوطنين أغراس الزيتون في قرية الخضر (منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان)

«المحميات الطبيعية»

ووفق معطيات «مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان» في الأراضي المحتلة «بتسيلم»، تستولي إسرائيل على نحو 20 في المائة من أراضي الأغوار وشمال البحر الميت، تحت مسمى «المحميات الطبيعية»، إضافة إلى مساحات أخرى تحت مسميات أراضي دولة ومناطق عسكرية، ومناطق إطلاق النار. وخلال الشهور الثلاثة الأخيرة، أصدرت سلطات الاحتلال أوامر عسكرية عدة للاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي الضفة الغربية، وتحديداً مناطق الأغوار ومحيط البحر الميت، تحت ذريعة إقامة «محميات طبيعية» جديدة، أو توسيع حدود «محميات» مستولى عليها سابقاً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون استهداف 193 سفينة على مدى عام من الحرب في غزة

العالم العربي صورة نشرتها جماعة الحوثي تُظهر اشتعال النيران في ناقلة نفط بعد إصابتها بصاروخ في البحر الأحمر (رويترز)

الحوثيون يعلنون استهداف 193 سفينة على مدى عام من الحرب في غزة

أعلن زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي، اليوم (الأحد)، استهداف 193 سفينة مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا «إسناداً لغزة» منذ عام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة خليل الحية (أرشيفية - رويترز)

«حماس»: إسرائيل تعرقل مساعي التوصل لوقف إطلاق النار

قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة، خليل الحية، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لا تزال تعرقل مساعي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

بعد عام من 7 أكتوبر... تضارب روايتي أسر القتلى الإسرائيليين والحكومة «حول ما حدث»

تقيم عائلات إسرائيلية، الاثنين، مراسم تأبين مباشرة لذويها الذين سقطوا في هجوم «حماس» على إسرائيل في أكتوبر الماضي، بينما ستبث الحكومة مراسم مسجلة إحياء للذكرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

شولتس يدعو لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط

دعا المستشار الألماني أولاف شولتس، مجدّداً، الأحد، إلى وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، عشية الذكرى الأولى لهجوم حركة «حماس» على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
TT

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)

أعلنت إسرائيل حالة تأهب قياسي، الأحد، بالمواكبة مع الذكرى الأولى لأحداث «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي حين استنفرت إسرائيل قواتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، تلقّت هجوماً في محطة مركزية ببئر السبع، ما أسفر عن مقتل مجنَّدة إسرائيلية، وإصابة أكثر من 10 أشخاص.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، حالة تأهب قصوى؛ استعداداً لذكرى السابع من أكتوبر، التي تحل الاثنين، وبدء عملية مركزة في منطقة جباليا شمال قطاع غزة، ودفع تعزيزات إلى الضفة الغربية وإسرائيل.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن الجيش يقف في حالة تأهب قياسي، بعد تقديرات بأن الفصائل الفلسطينية ستشن هجمات.

وتستعد القوات الإسرائيلية، وفق تقديرات استخباراتية، لصد محاولات اختراق الحدود مع إسرائيل، ويعتقد قادة الجيش أن ثمة احتمالاً كبيراً بأن تكون هناك محاولات تنفيذ هجمات داخل إسرائيل، وربما احتمال إطلاق صواريخ من غزة تجاه إسرائيل.

وأعلن الدفاع المدني في غزة، الأحد، أن غارات إسرائيلية على منطقة جباليا في شمال القطاع الفلسطيني أدت إلى مقتل 17 شخصاً، على الأقل، بينهم تسعة أطفال.

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ من شمال غزة، في اتجاه جنوب الدولة العبرية. وقال الجيش إنه «جرى رصد عدة قذائف صاروخية أُطلقت من شمال قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وجرى اعتراض قذيفة واحدة، في حين سقطت الأخريات في مناطق مفتوحة».

كما أكد الجيش مقتل ضابط، برتبة رائد احتياط، متأثراً بجراح أصيب بها في معارك شمال غزة، في يونيو (حزيران) الماضي.

وقال الجيش إنه يبذل كل جهد لتأمين «كل المراسم والفعاليات المخطط لها في المنطقة المحيطة بقطاع غزة». وجاء في بيان للجيش: «سنسمح، بالقدر الذي يسمح به الوضع الأمني، بإقامة الفعاليات كافة، وإقامة جميع المراسم التذكارية، هذا مهم لنا».

وأضاف أنه «جرى تفعيل نظام قتالي منتظم، وتعزيز القوات الدفاعية في فرقة غزة بعدد من السرايا المقاتِلة، وتنتشر القوات لحماية البلدات ومنطقة الحدود، ويستعد المقاتلون للدفاع عن المنطقة، بالتعاون مع قوات الأمن في البلدات والشرطة و(نجمة داود الحمراء)؛ من أجل توفير الرد الكامل على مختلف الأحداث في القطاع».

وقبل يوم من السابع من أكتوبر الحالي، عززت إسرائيل «فرقة غزة» بعدد من السرايا المقاتِلة، وأطلقت عملية مركزة ضد جباليا، شمال القطاع، متهمة حركة «حماس» بإعادة التموضع هناك، كما عززت قواتها في الضفة الغربية، ووسط إسرائيل.

امرأة فلسطينية تبكي مقتل أقاربها بعد غارة إسرائيلية في جباليا شمال غزة (رويترز)

وقال قائد المنطقة الجنوبية، التابع للجيش الإسرائيلي، خلال جلسة لتقييم الأوضاع، إن القوات الإسرائيلية تواصل أنشطتها العسكرية الهجومية في شمال وجنوب ووسط القطاع، وتعزز الاستنفار لمواجهة «أي تهديدات محتملة».

ووفق إذاعة الجيش الإسرائيلي، ثمة مخاوف لدى الجيش و«الشاباك» من إمكانية قيام حركة «حماس» بمحاولة حشد الفلسطينيين في غزة، للتوجه نحو الشريط الحدودي الفاصل.

وقال مسؤولون في الجيش لـ«i24NEWS» بالعبرية، إن الاستعدادات في الجهاز الأمني لاحتمال التصعيد عالية.

لكن في ذروة الاستنفار الأمني في غزة والضفة وفي الداخل، تلقت إسرائيل ضربة مبكرة، بعدما هاجم مسلَّح مجموعة من الموجودين في المحطة المركزية ببئر السبع، وقتل مجنَّدة وجرح 13 آخرين.

وقالت شرطة الاحتلال إن «عملية إطلاق نار وطعن حدثت في المحطة المركزية ببئر السبع، وجرى إطلاق النار على المنفّذ».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن التحقيقات الأولية أظهرت أن المنفّذ وصل إلى مدخل المحطة المركزية، إلى فرع ماكدونالدز، وأطلق النار من مسدسه على الأشخاص الموجودين في مدخل الفرع. وفي وقت قصير، ردّت قوات الأمن والجنود المسلحون الموجودون هناك، وأطلقوا النار على المنفّذ وقتلوه.

ووفق إذاعة «كان»، فان المنفّذ من سكان حورة في صحراء النقب، ويُدعى أحمد سعيد العقبي، وعمره 29 عاماً ويحمل جنسية إسرائيلية.