إسرائيل تقصف رفح رغم أمر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية

محادثات في باريس لمحاولة التوصل إلى اتفاق هدنة

الدخان يتصاعد في أعقاب قصف إسرائيلي على رفح (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في أعقاب قصف إسرائيلي على رفح (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقصف رفح رغم أمر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية

الدخان يتصاعد في أعقاب قصف إسرائيلي على رفح (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في أعقاب قصف إسرائيلي على رفح (أ.ف.ب)

قصف الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، قطاع غزة بما في ذلك رفح، غداة صدور أمر عن محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في المحافظة الجنوبية «فوراً»، في حين تُبذل جهود في باريس للتوصل إلى اتفاق هدنة بين الدولة العبرية وحركة «حماس».

كذلك، أمرت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة وتعد قراراتها ملزمة قانوناً لكنها تفتقر إلى آليات لتنفيذها، إسرائيل (الجمعة)، بفتح معبر رفح بين مصر وغزة، وهو مغلق منذ إطلاق عمليتها البرية في هذه المحافظة في أوائل مايو (أيار).

وقالت الدولة العبرية إنها «لم ولن تنفذ عمليات عسكرية في منطقة رفح من شأنها أن تؤدي إلى ظروف حياة يمكن أن تتسبب في تدمير السكان المدنيين الفلسطينيين كلياً أو جزئياً»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جهتها، رحّبت «حماس» بقرار المحكمة والدعوة إلى وقف الهجوم على رفح، لكنها قالت إنها كانت تنتظر أن يشمل «كامل قطاع غزة وليس محافظة رفح فقط».

مخاوف دولية

وبدأ الجيش الإسرائيلي في السابع من مايو (أيار) هجوماً برياً في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر. ورغم المخاوف الدولية بشأن مصير المدنيين في المدينة المكتظة بالنازحين، تشدد الدولة العبرية على أن هذا الهجوم ضروري لتحقيق هدفها المعلن بـ«القضاء» على الحركة الفلسطينية.

وعقب القرار الصادر عن المحكمة (الجمعة)، تواصل (السبت) القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وكذلك الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وعناصر من «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس».

وكتب وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على موقع «إكس» أن «الإجراءات الاحترازية التي حددتها محكمة العدل الدولية، بما في ذلك ضرورة قيام إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح، هي إجراءات إلزامية. وعلى إسرائيل الالتزام بها».

ودعا وزراء مالية مجموعة السبع، المجتمعون في إيطاليا، إسرائيل (السبت) إلى «ضمان» الخدمات المصرفية للبنوك الفلسطينية، بعد تهديد إسرائيل بعزلها ومنعها من الوصول إلى نظامها المصرفي.

وأفاد شهود فلسطينيون وفرق «وكالة الصحافة الفرنسية» بحصول غارات إسرائيلية على مدينة رفح ودير البلح. كما قامت طائرات إسرائيلية بشنّ غارات على مخيم جباليا بشمال القطاع، بينما طال القصف المدفعي مناطق قريبة من محطة للكهرباء في شمال مخيم النصيرات وسط القطاع، وفق ما أفاد شهود عيان.

محادثات في باريس

بعدما لجأت إليها جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية»، أمرت محكمة العدل الدولية الدولة العبرية أيضاً بأن «تُبقي معبر رفح مفتوحاً للسماح بتقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، من دون عوائق وبكميات كبيرة».

من ناحيته، أعلن الجيش الإسرائيلي (السبت) مقتل عدد من المقاتلين في «عمليات قتال عن قرب» في جباليا و«مواجهات ونيران الدبابات» في وسط قطاع غزة. وأضاف أنه قام بـ«القضاء على خلية إرهابية فتحت النار على قواته» في رفح.

واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق لـ«حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصاً غالبيتهم مدنيون. وخُطف خلال الهجوم 252 شخصاً لا يزال 121 منهم محتجزين في قطاع غزة بينهم 37 توفوا، وفق آخر تحديث للجيش الإسرائيلي.

وتردّ إسرائيل التي تعهدت بـ«القضاء» على «حماس»، بقصف مدمر أتبِع بعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب في مقتل 35 ألفاً و903 أشخاص معظمهم مدنيون.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال ضد ثلاثة قادة في «حماس» وضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه.

ورغم انتقاد الحكومة الإسرائيلية إعلان المدعي العام، فإنها أمرت مفاوضيها بـ«العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى عودة الرهائن»، وفق ما قال مسؤول كبير.

وبعد توقفها مطلع مايو (أيار)، برزت مؤشرات إلى احتمال استئناف المفاوضات للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة تشمل الإفراج عن الرهائن وعن معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل.

وتساهم واشنطن والدوحة والقاهرة في الوساطة بين طرفي الحرب. وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات تعثّرت على وقع التصعيد في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح وتمسّك «حماس» بوقف نار دائم.

ويزور مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز باريس لإجراء مباحثات في محاولة لإحياء المفاوضات الهادفة إلى التوصل لهدنة في غزة، على ما أفاد مصدر غربي مطلع على الملف، (الجمعة).

في القدس، أعلن مسؤول إسرائيلي (السبت) أن لدى الحكومة «نية» لاستئناف المحادثات «هذا الأسبوع».

ولم يدل المسؤول الإسرائيلي بمزيد من التفاصيل حول الاتفاق. ولكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت أن رئيس الموساد ديفيد برنيع وافق خلال اجتماعات في باريس مع الوسيطين، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بيل بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على إطار جديد للمفاوضات المتوقفة.

لحظة مفصلية

تزامناً، تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس حول الجهود الجديدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإعادة فتح معبر رفح «في أقرب وقت»، حسب واشنطن.

ولا يزال الوضع الأمني والإنساني مثيراً للقلق في قطاع غزة حيث يلوح في الأفق خطر حصول مجاعة، إضافة إلى خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، بينما نزح نحو 800 ألف شخص من رفح في الأسبوعين الماضيين، وفق الأمم المتحدة.

وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية «بالتل» اليوم عبر منصة «إكس» انقطاع خدمة الإنترنت في مدينة غزة وشمال القطاع «بسبب العدوان المستمر».

وقال الجيش الأميركي إن أربعاً من سفنه التي تُستخدم في تشغيل الرصيف العائم لإيصال المساعدات لغزة، جنحت (السبت) بسبب الأمواج العاتية. وشددت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) على أن «الرصيف يعمل بكامل طاقته».

وقال منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، ليل الجمعة - السبت: «نحن في لحظة مفصلية. يجب أن يكون العاملون الإنسانيون وموظفو الأمم المتحدة قادرين على تأدية عملهم بأمان تام (...) في وقت يغرق سكان غزة في المجاعة».

من جانبه، أبلغ وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، أن روما ستستأنف تمويل «الأونروا» وستخصص لها خمسة ملايين يورو من مساعدة جديدة للشعب الفلسطيني بقيمة 35 مليون يورو.

وفي تل أبيب، تظاهر آلاف الإسرائيليين، من بينهم أقارب رهائن، مساء (السبت)، للمطالبة بالإفراج عنهم. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «أعيدوهم إلى بيوتهم»، وحملوا صور الرهائن.


مقالات ذات صلة

مطالب إسرائيل بالاحتفاظ بقوات في غزة تمنع التوصل لاتفاق هدنة

المشرق العربي دبابة إسرائيلية تقف إلى جانب مبان مدمرة في قطاع غزة 3 يوليو 2024 (أرشيفية/ رويترز) play-circle 01:10

مطالب إسرائيل بالاحتفاظ بقوات في غزة تمنع التوصل لاتفاق هدنة

قالت 10 مصادر مطلعة إن خلافات حول وجود عسكري إسرائيلي مستقبلاً في غزة تقف عقبة كؤوداً في سبيل التوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ جندي مصري يقف بالقرب من الجانب المصري لمعبر رفح البري عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 01:48

واشنطن تنفي موافقتها على بقاء قوات إسرائيلية على حدود غزة

انتقد مسؤول أميركي الثلاثاء تصريحات «متشددة» نسبت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول استمرار سيطرة إسرائيل على محور «فيلادلفيا» بين قطاع غزة ومصر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)

مصر تجدد تمسكها بالانسحاب الإسرائيلي من معبر رفح ومحور فيلادلفيا

نفى مصدر مصري رفيع المستوى، اليوم الاثنين، موافقة مصر على بقاء القوات الإسرائيلية في معبر فيلادلفيا.

المشرق العربي ترسم الأسطل بدر دحلان البالغ من العمر 30 عاماً ويظهر مصدوماً ومشوشاً بعينين جاحظتين وجسد نحيل وبدت إصابات متعددة على وجهه ويديه تعكس تعرضه للتعذيب (إ.ب.أ)

تشكيلية فلسطينية ترسم من بين أنقاض خان يونس معاناة الحرب (صور)

تقف الفنانة التشكيلية إلهام الأسطل( 28 عامًا) ، لترسم بالقرب من منزلها المدمر في خان يونس، جنوب قطاع غزة لرصد ما فعلته الحرب في بلادها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أفراد عائلة محيسن في مستشفى الأقصى بدير البلح قبل دفنهم عقب غارة جوية إسرائيلية على حي الزوايدة وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

طائرات إسرائيل تقصف وسط غزة ودباباتها تتوغل في رفح

أعلن مسؤولون بقطاع الصحة وسكان في قطاع غزة أن القوات الإسرائيلية قصفت مخيمات لاجئين في وسط قطاع غزة وقصفت مدينة غزة في الشمال اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)

قرر الجيش الإسرائيلي مواصلة الهجوم في الضفة الغربية، باليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الأربعاء، ضد مخيمات شمال الضفة، وتركزت، أمس في مخيم جنين الذي يصفه الجيش بأنه «عش الدبابير».

واقتحمت قوات إسرائيلية معززة بآليات ثقيلة مخيم جنين، بعدما أنهت هجماتها على مخيمات طولكرم وطوباس.

وشهد مخيم جنين أعنف الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين، بعد توغله في قلب حارات محددة. وأكد الجيش أنه سيواصل هجومه على المخيم.

وفي غزة، قتل ما لا يقل عن 48 فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على القطاع، قبيل انطلاق حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال؛ إذ من المنتظر أن تبدأ الأمم المتحدة تطعيم نحو 640 ألف طفل بمناطق محددة، في حملة تعتمد على توقف القتال لثماني ساعات يومياً.