شريط أسر «حماس» جنديات إسرائيليات يتحول لمسرح مواجهة مع نتنياهو

العائلات تضغط باتجاه صفقة... والحكومة تستغله لتبرير الحرب

صورة مقتطعة من شريط الفيديو حول الجنديات الإسرائيليات لدى أسرهن على يد «حماس» (أ.ب)
صورة مقتطعة من شريط الفيديو حول الجنديات الإسرائيليات لدى أسرهن على يد «حماس» (أ.ب)
TT

شريط أسر «حماس» جنديات إسرائيليات يتحول لمسرح مواجهة مع نتنياهو

صورة مقتطعة من شريط الفيديو حول الجنديات الإسرائيليات لدى أسرهن على يد «حماس» (أ.ب)
صورة مقتطعة من شريط الفيديو حول الجنديات الإسرائيليات لدى أسرهن على يد «حماس» (أ.ب)

تحوّل بث شريط يوثق قيام عدد من عناصر حركة «حماس» بأسر جنديات إسرائيليات في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مسرح قتال بين «منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين»، الذي بادر إلى النشر، ونتنياهو، الذي حاول سرقة رصيد هذه العائلات وتقويض هدفها من النشر للتغطية على تعطيله المفاوضات حول صفقة محتملة.

الحديث يجري عن شريط تم إخراجه وإنتاجه في الجيش الإسرائيلي، اعتمد فيه - كما قال - على صور أخذت من كاميرات عناصر «حماس» أو كاميرات الشوارع في القاعدة العسكرية «ناحل عوز» التي شهدت اختطاف سبع مجندات في 7 أكتوبر. مدة الشريط ثلاث دقائق، وتظهر فيه الجنديات يتعرضن للصراخ من شباب «حماس» المتوترين، فيما بدت بعضهن مصابات بجراح ويسيطر عليهن الخوف. وتحاول الجنديات الحديث مع عناصر «حماس»، ولكن هؤلاء لا يتجاوبون.

إحداهن قالت إن لديها أصدقاء فلسطينيين في غزة، فراح شاب يصرخ في وجهها أعطني رقم هاتف. وكان شباب «حماس»، الذين يظهرون ببدلات عسكرية، يدفعون بهن بقوة خفيفة، وبدا أنهم يتصرفون من دون ضغط للوقت وأدى بعضهم الصلاة. ثم يتم نقل خمس من الجنديات إلى غزة بسيارتين.

ضغط العائلات لإبرام صفقة

هدف عائلات الأسرى كان استثارة عطف المواطنين وحشدهم ضد حكومة بنيامين نتنياهو لدفعها إلى إبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس». وكانت العائلات قد حصلت على الفيلم قبل شهرين تقريباً من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانيال هاجري. وتم عرض الفيلم بتوجيه من وزير الدفاع يوآف غالانت على وزراء الكابينت الأمني، ولم يستجب لمشاهدته إلا عدد قليل منهم، وكان نقل عن وزير المالية سموتريتش قوله إنه يرفض مشاهدة الفيلم؛ كي يتمكن من النوم ليلاً.

أهالي الجنديات الخمس قرروا الآن نشر الفيلم على الملأ، في محاولة للتأثير على الرأي العام الدولي، إضافة إلى إثارة الجمهور الإسرائيلي. وكما يقول أحدهم لصحيفة «هآرتس»: «الأجواء في المظاهرات لتحرير المخطوفين تصبح أكثر فأكثر بائسة ومحبطة. معظم الجمهور يدير ظهره لها والمشاركة متدنية جداً. وفي الوقت نفسه نلاحظ أن بعض المؤيدين المتطرفين لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ينكلون بشكل منهجي بأبناء العائلات الذين يأتون للمشاركة في المظاهرات، من خلال استخدام العنف أحياناً. الفيلم استهدف إحداث صدمة، فالمجندات يظهرن بكامل العجز مع الألم المقرون بذلك للعائلات».

وفي أعقاب نشر الشريط المصور، تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين أمام مقر وزارة الدفاع في مدينتي تل أبيب والقدس الغربية، مطالبين بالعمل على الإفراج عن الأسرى والرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وسط دعوات لإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو الذي اتهموه بعرقلة الجهود الرامية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس»، في إطار المفاوضات غير المباشرة.

وأرفق المنتدى بث الشريط المصور ببيان طالب الجمهور الإسرائيلي بـ«النظر في أعينهن»، علماً بأن المقطع بث بموافقة عائلات المجندات اللواتي ظهرن فيه، ووفقاً للبيان، فإن ذلك اليوم شهد مقتل 15 مجندة في الجيش داخل قاعدة «ناحل عوز» وحدها، في حين جرى أسر 7 مراقبات وهن على قيد الحياة. وأوضح البيان أن الجيش الإسرائيلي أعلن لاحقاً عن استعادة مجندة على قيد الحياة في اليوم الـ23 للحرب على غزة (تُدعى أوري ماغيديش) من بين الأسيرات السبع، في حين تم الإعلان عن مقتل مجندة ثانية (تُدعى نوعا مرتسيانو) خلال وجودها في الأسر، وجرى استعادة جثتها لدفنها لاحقاً، وذكر البيان أن «هناك خمس مراقبات في أسر (حماس) منذ 229 يوماً».

وجاء في البيان الصادر عن «منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين» في غزة أن «الفيديو الصعب يعكس واقع حياة الأسرى المحتجزين في غزة منذ 229 يوماً. والفيديو إدانة لاذعة للفشل القومي الذي تجلى بالتخلي عن الأسرى. ليست هناك مهمة أعظم، ولا انتصار أهم، ولا فرصة لإعادة الأمل إلى إسرائيل، دون استعادة جميع الأسرى، الأحياء والأموات». وختم بالتشديد على أنه «يجب على الحكومة الإسرائيلية ألا تضيع ولو لحظة واحدة أخرى، عليها أن تعود إلى طاولة المفاوضات على الفور».

الشرطة الإسرائيلية تواجه تجمعاً لعائلات الأسرى بخراطيم المياه (رويترز)

«وقاحة وفقدان مشاعر»

في تعليقه على مقطع الفيديو، قال الوزير في كابينت الحرب، بيني غانتس، إن «مسؤولية القادة هي خلق واقع مختلف واتخاذ القرارات الصعبة. وهذه هي مسؤوليتنا». لكن نتنياهو حاول أن يقلب الصورة، فسارع لإصدار بيان قال فيه: «سنواصل بذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن إلى وطنهم»، ورأى أن المقطع الذي يوثق عملية أسر المراقبات «يعزز تصميمي على القتال بكل قوتي حتى يتم القضاء على (حماس)؛ لضمان أن ما شاهدناه هذا المساء لن يتكرر مرة أخرى». وبنفس الروح خرج وزراء «الليكود» وبن غفير وسموتريتش، مؤكدين أن الفيديو يبين كم هي سياسة الحكومة صحيحة في الإصرار على هدف تصفية «حماس» ومواصلة الحرب لتحرير الأسرى.

وقد أوضحت العائلات أن هذه التعليقات «وقاحة وفقدان مشاعر وأخلاق». واتسعت الاحتجاجات لتصل إلى طريق أيالون السريع، حيث أغلق المتظاهرون مساره المتجه شمالاً، وأضرموا النار وهتفوا مطالبين بحل الحكومة والعمل على إطلاق سراح الأسرى، حتى لو كان ثمن ذلك وقف الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أسر الجنديات، قبل نحو ثمانية شهور. واندلعت مواجهات مع عناصر الشرطة التي حاولت تفريق المتظاهرين بالقوة، وإبعادهم عن الطريق السريع، في حين طالب أفراد في عائلات أسرى إسرائيليين في غزة والآلاف من المتظاهرين، الوزيرين في كابينت الحرب، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، بالانسحاب من حكومة نتنياهو، وعدم منحه غطاء لإطالة أمد الحرب لاعتبارات سياسية.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص، في مؤتمر صحافي لوزارة الصحة في مدينة خان يونس: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال لإدخال الوقود».

وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو المؤسسات الدولية لاستغلال قرار محكمة الجنائية الدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإدخال كل ما يحتاج إليه قطاع غزة من وقود ودواء واحتياجات أساسية، وإرسال وفود طبية لقطاع غزة عامة وشماله خاصة».

وفي وقت سابق، قالت الوزارة، في بيان: «في ساعات متأخرة من ليلة أمس، أعادت قوات الاحتلال استهداف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وأصابت 6 من الكوادر الطبية العاملة، بينها حالات خطيرة أدخلت إلى العناية المركزة».

وأضاف البيان: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير مولد الكهرباء الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى حيث يوجد 80 مريضاً و8 حالات في العناية المركزة».

وأدانت وزارة الصحة «هذا العمل الإجرامي المتكرر والمستمر على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، ونكرر مناشدتنا للمؤسسات الدولية والإنسانية ضرورة توفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في قطاع غزة، بحسب ما كفلته ونصت عليه القوانين الدولية».

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

وقال الدفاع المدني في قطاع غزة، الجمعة، إنه انتشل جثث 12 قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل في قطاع غزة 5 من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم السابع من أكتوبر 2023، غداة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في قطاع غزة منذ شنت حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.