ما الذي سيتغير عراقياً بعد رئيسي وعبداللهيان؟

السوداني «شكر خدمات الرئيس الراحل»... وخامنئي «يوصي مخبر بالعلاقة الوثيقة»

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله السوداني بطهران 22 مايو 2024 (د.ب.أ)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله السوداني بطهران 22 مايو 2024 (د.ب.أ)
TT

ما الذي سيتغير عراقياً بعد رئيسي وعبداللهيان؟

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله السوداني بطهران 22 مايو 2024 (د.ب.أ)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال استقباله السوداني بطهران 22 مايو 2024 (د.ب.أ)

أكد المرشد الإيراني علي خامنئي استمرار «العلاقات الوثيقة» بين بلاده والعراق، خلال استقباله رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الذي وصل طهران، الأربعاء، لتقديم التعازي بوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان ومسؤولين آخرين.

واستقبل خامنئي السوداني في مقر إقامته بطهران، وكان إلى جانبه الرئيس المكلف محمد مخبر، وقال إن الأخير «سيواصل مسيرة التعاون مع الحكومة العراقية».

الرئيس الإيراني المكلف محمد مخبر يظهر إلى جانب السوداني في مكتب خامنئي (رويترز)

«خدمات رئيسي»

وقال السوداني، وفقاً لبيان حكومي، إن «إبراهيم رئيسي قدّم خدمات ملموسة لتحقيق الاستقرار الإقليمي ورحيله خسارة للمنطقة وليس لإيران فقط».

وأضاف السوداني: «العراق لم يرَ سوى الصدق والإخلاص والعمل والخدمة من الرئيس الإيراني الراحل».

وتزامنت تعزية السوداني مع نقاش سياسي بشأن ما سيحدث بين العراق وإيران بعد رئيسي وعبداللهيان، دون توقع تغييرات كبيرة قد تؤثر على الداخل العراقي.

ويميل المراقبون إلى الاعتقاد بأن حديث خامنئي مع السوداني عن مستقبل العراق في مناسبة للتعزية يعكس رغبة الإيرانيين في طمأنة الجيران على التغيرات الداخلية المحتملة خلال الأسابيع المقبلة وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد.

ولم تتغير السياسية الإيرانية في العراق مع تبدل الأنظمة، بين الإصلاحيين خلال فترة الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، والمحافظين المتشددين مع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي ووزيره حسين أمير عبداللهيان.

غير أن كثيرين يعتقدون أن عبداللهيان كان من أكثر الفاعلين في المشهد العراقي بسبب صلته الوثيقة بهذا الملف حينما كان يعمل مساعداً لوزير الخارجية لشؤون العراق للفترة بين 2003 و2006؛ ولهذا يجري ترقب بديله في الخارجية الإيرانية.

جانب من عزاء الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي داخل قنصلية طهران بمدينة البصرة (رويترز)

ثوابت العراق وإيران

وشدد حسين علاوي، وهو مستشار لرئيس الوزراء، على أن «مستقبل العلاقات العراقية - الإيرانية فعال وقائم على ثوابت المصالح المشتركة والجغرافيا والتاريخ والجوار المشترك».

وقال علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العلاقة بين بغداد وطهران مستدامة بفعل الشراكة على الصعيد الاقتصادي، وخصوصاً في قطاع التجارة والسياحة والغاز، بالإضافة إلى التنسيق للمواقف الإقليمية لدعم الاستقرار والأمن الإقليمي مع دول الخليج والدول العربية».

وقال إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العلاقات العراقية - الإيرانية لن تتأثر كثيراً بسبب مقتل رئيسي؛ لأن إيران محكومة في السياسة الخارجية برؤية المرشد الذي لا يزال ينظر إلى العراق على أنه حليف موثوق، لا سيما على صعيد الطبقة السياسية العراقية، فضلاً عن الدور المحوري الذي يلعبه محور المقاومة (الموالي لطهران».

ورأى الشمري، أن «السياسة الخارجية الإيرانية لا تعتمد كثيراً على الشخوص رغم الفارق الذي أحدثه رئيسي وعبداللهيان اللذين كانا يميلان إلى حساب المصالح المشتركة أكثر».

في المقابل، فإن «العراق لا ينوي مطلقاً بسبب تغير الحكومات هناك، كما أن طهران ستبقى في حاجة إلى العراق لتخفيف الضغط الهائل للعقوبات المفروضة عليها»، وفقاً للشمري.

أشخاص يحضرون تعزية رمزية لرئيسي في مكتب ممثلية المرشد علي خامنئي بمدينة الموصل (رويترز)

لن يحدث شيء!

لكن ياسين البكري، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، قال إن «مستويين للعلاقة بين العراق وإيران، الأول إداري يتأثر بطبيعة شخصية المسؤول الإيراني وطبيعة علاقته مع الأطراف العراقية، وهو مستوى يحتاج إلى عمل في بداية المهمة وبكل الأحوال لا يشكل متغيراً كبيراً لأهمية العراق وموقعه في الأمن القومي الإيراني».

أما المستوى الآخر، والحديث للبكري، فهو «استراتيجي تتشارك في صناعته مؤسسات عدة أحياناً تكون متنافسة، لكن (الحرس الثوري) هو المتحكم فيه منذ سنوات».

وقال البكري: «يمكن استنتاج أن لا متغيرات ستكون في العلاقة مع الرئيس المكلف محمد مخبر، إلا بمستوى زيادة ربط العراق بإيران، وهو هدف عالي القيمة في التصور الإيراني بما يخص أمنها القومي ومصالح توسيع النفوذ في المنطقة، وفي الاقتصاد».

ويشاطر عصام الفيلي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، رأي بقية الخبراء في أن «غياب رئيسي وعبداللهيان لن يغير أشياء جوهرية في العلاقة بين بغداد وطهران»، لكنه أشار إلى أن المرشد سيراقب الشخصيات التي تتولى الملف العراقي «وعليها أن تكون متمرسة في وضع هذا البلد وتقدم مقاربات ناجحة لنفوذ إيران في العراق».


مقالات ذات صلة

القضاء الإيراني: الحكم بإعدام 3 في قضية هجوم شيراز

شؤون إقليمية آثار طلقة نارية على نافذة زجاجية بعد هجوم شيراز 13 أغسطس 2013 (أ.ف.ب)

القضاء الإيراني: الحكم بإعدام 3 في قضية هجوم شيراز

حكم القضاء الإيراني على ثلاثة أشخاص بالإعدام لدورهم في هجومين داميين على مرقد ديني في شيراز جنوب إيران في العامين 2022 و2023.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية ترمب يسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران (أ.ب)

الجمهوريون يطالبون ترمب بـ«إزالة دائمة» لقدرة إيران على التخصيب

يجد الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه أمام معارضة متصاعدة من داخل الحزب الجمهوري، في ظل تزايد المخاوف بين حلفائه من أن يؤدي تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)

خامنئي يتوعد: على أميركا أن ترحل من المنطقة… وسترحل

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إنه على الولايات المتحدة «الرحيل وسترحل» من الشرق الأوسط، واصفاً حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن السلام في المنطقة بـ«الكذب

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الشرطة البريطانية تطوّق منزلاً خلال اعتقال رجل إيراني في بلدة روتشديل قرب مانشستر الأحد (غيتي)

بريطانيا تحاكم 3 إيرانيين بتهمة «التجسس» واستهداف صحافيين

أُحيل 3 إيرانيين إلى محكمة وستمنستر في لندن بتهم تتعلق بمساعدة الاستخبارات الإيرانية واستهداف صحافيين في بريطانيا، عقب تحقيق لمكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني الرئيسي على مسافة 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)

إيران تجري محادثات «نووية» مع «الترويكا الأوروبية» في تركيا

تجري إيران محادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تركيا، الجمعة، غداة تلميح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى قرب التوصُّل لاتفاق مع طهران.

«الشرق الأوسط» (طهران)

جهود أهلية لتسهيل عودة المهجرين من مخيمات النزوح شمال سوريا

أول قافلة لدعم العودة الطوعية للنازحين السوريين من مخيم العريشة في شمال شرقي سوريا (مفوضية حقوق الإنسان)
أول قافلة لدعم العودة الطوعية للنازحين السوريين من مخيم العريشة في شمال شرقي سوريا (مفوضية حقوق الإنسان)
TT

جهود أهلية لتسهيل عودة المهجرين من مخيمات النزوح شمال سوريا

أول قافلة لدعم العودة الطوعية للنازحين السوريين من مخيم العريشة في شمال شرقي سوريا (مفوضية حقوق الإنسان)
أول قافلة لدعم العودة الطوعية للنازحين السوريين من مخيم العريشة في شمال شرقي سوريا (مفوضية حقوق الإنسان)

رغم تسارع وتيرة عودة المهجرين قسرياً من مخيمات النزوح في الشمال السوري إلى مناطقهم الأصلية، فإنها لا تزال عودة طوعية تتم بتنظيم لجان مجتمعية محلية والتبرعات الأهلية لتغطية نفقات الانتقال العائلات الفقيرة، والتي تتراوح بين المليون والمليون ونصف المليون ليرة سورية، حيث يواجه العائدون ظروفاً معيشية في مناطقهم المدمرة أشد من ظروف مخيمات النزوح، فلا تخلو من نزاعات محلية ومخاوف من تضاعف الكثافة السكانية في بعض المناطق التي تفتقر للخدمات والبنى التحتية، في ظل غياب دعم المنظمات الدولية المعنية وخطة حكومية متكاملة.

مخيم نزوح في شمال شرقي سوريا (الأمم المتحدة)

رئيس اللجنة المجتمعية الخدمية في مدينة كفرزيتا، علي خلف، قال لـ(الشرق الأوسط)، إن عودة المهجرين من مخيمات النزوح في الشمال، لا تزال ضمن إطار العمل التدريجي، ولا يوجد جدول زمني نهائي حتى الآن، إذ تعتمد العودة على توفر الظروف اللوجيستية المناسبة لكل دفعة.

المسؤول شدد على أن «العودة اختيارية بالكامل» وتنظيم قوافل العودة الطوعية يأتي «استجابة لرغبة الأهالي بالعودة إلى منازلهم رغم التحديات». وأضاف: «بعض المنازل التي تعود إليها العائلات تعاني من أضرار بالغة، وتفتقر للأبواب والنوافذ، إلا أن الأهالي بانتظار بدء خطوة الترميم والصيانة بدعم من الجهات المعنية»، لافتاً إلى أنه يتم تأميم المنازل للعائدين بشكل ذاتي من قبل العائدين، مع تطلعات كبيرة نحو تدخل المنظمات الإنسانية والدولية لتقديم الدعم في أعمال الترميم، وتوفير المستلزمات الأساسية، داعياً المنظمات الإنسانية إلى دعم هذه «المبادرة الأهلية لما لها من أثر كبير على استقرار الأهالي، واستعادة حياتهم الطبيعية».

تصريح علي خلف لـ(الشرق الأوسط) جاء في سياق تصريح حول تسيير «قافلة العودة 4» من مخيمات منطقة أطمة في الشمال السوري إلى مدينة كفرزيتا في ريف حماة الشرقي، وقال إن جهود تنظيم «قوافل العودة» مستمرة لدعم العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم الأصلية. وقد انطلقت، السبت، قافلة العودة الرابعة من مخيمات أطمة باتجاه مناطق مدينة كفرزيتا، السبت، مشيراً إلى عودة عشرات العائلات إلى مناطق مختلفة في ريف حماة، خصوصاً كفرزيتا، وقد ضمت قافلة العودة الرابعة نحو 25 سيارة كبيرة و15 فان لنقل العائلات وأثاثهم، بمساعدة عمال مخصصين للتحميل والتنزيل، لتسهيل عملية الانتقال بشكل منظم وآمن.

مهجَّرو بلدة التريمسة في ريف حماة يغادرون مخيمات أطمة في شمال سوريا عائدين إلى ديارهم (سانا)

وفيما يتعلق بحصول نزاعات بعد عودة النازحين مع الأهالي الذين لم يغادروا المناطق فترة النظام السابق، على خلفية اتهامهم بالتعامل مع النظام نفى علي خلف «وجود أي نزاعات أو خلافات» في كفر زيتا وقال إن «أجواء التعاون والتكافل تسود بين الأهالي، ويتم التعامل مع أي إشكاليات محتملة بروح المسؤولية والمجتمع الواحد».

ومع وصول آخر مائة عائلة من مهجري بلدة التريمسة في ريف حماة إلى بلدتهم، أُعْلِنَ مخيم التريمسة في منطقة أطمة في الشمال السوري أول مخيم في الشمال يخلى بالكامل، وتشير التقديرات إلى وجود 1500 مخيم في محافظتي حلب وإدلب شمال وغرب سوريا كان يعيش فيها حتى يناير (كانون الثاني) الماضي، أكثر من 3.4 مليون نازح من مختلف المناطق السورية، بحسب أرقام الأمم المتحدة، معظمها يفتقر لأبسط مقومات الحياة الطبيعية.

الشرع خلال زيارته مخيماً للاجئين في محافظة إدلب (سانا)

وفي أول زيارة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى محافظة إدلب بعد إسقاط نظام الأسد، منتصف فبراير (شباط) زار مخيمات شمال غربي إدلب، وخلال لقائه من النازحين هناك وعد بالعمل على إخلاء تلك المخيمات وعودة الجميع إلى مناطقهم بعد 13 عاماً من التهجير.

وتتخوف الأمم المتحدة من أن حركة قوية في العودة على النحو الذي تتم فيه قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في الكثافة السكانية في ظل تردي الخدمات والبنى التحتية، ووفق الأمم المتحدة تحتاج سوريا إلى دعم عاجل لإعادة البناء بعدما دمرت سنوات الصراع الاقتصاد والبنية التحتية، ما جعل 90 في المائة من السكان يعتمدون على المساعدات. وتشكو الأمم المتحدة من نقص في التمويل، إذ تلقت أقل من 10% من إجمالي 1.2 مليار دولار أمريكي اللازمة لمساعدة 6.7 مليون سوري حتى شهر مارس (آذار) الماضي.

نساء أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)

وقدرت الأمم المتحدة عدد العائدين من النزوح الداخلي بنحو مليون ونصف المليون مهجر، ونحو 400 ألف عائد من دول الجوار خلال الأشهر الخمسة الماضية، ومن المتوقع ازدياد الأعداد مع قدوم فصل الصيف وانتهاء العام الدراسي.

ويواجه العائدون صعوبات تبدأ بعدم مقدرتهم على تغطية تكاليف النقل، ولا تنته عند دمار منازلهم الأصلية، والحاجة لتأمين سكن بديل ريثما يعاد تأهيل أو إعادة إعمار منازلهم، في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء، وفقدان مصدر الدخل ودمار البيئة الزراعية في معظم الأرياف وانتشار الألغام ومخلفات الحرب.

وفي ظل العجز الحكومة علن النهوض بأعباء عودة المهجرين تبادر لجان مجتمعية محلية ومنظمات أهلية لتسهيل عودة المهجرين حمص وحماة ودمشق وحلب، وجبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية.