العراق: صراع الزعامات السُّنية يفقدهم أهم منصب سيادي يحتلونه

رئاسة البرلمان تحوّلت إلى قيادي شيعي

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
TT

العراق: صراع الزعامات السُّنية يفقدهم أهم منصب سيادي يحتلونه

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

بالنسبة للكثيرين وطبقاً لما يدور في أروقة السياسة العراقية وبين النخب بما في ذلك الصالونات والنوادي الفكرية أن سُنة العراق الذين حكموا البلاد لمدة 80 عاماً (1921 - 2003) لم يستوعبوا بعد صدمة تغيير النظام السابق عام 2003.

فهم لم يكونوا جسماً رئيسياً بالمعارضة العراقية (الشيعية ـ الكردية) التي بدأت تتبلور ضد نظام صدام حسين منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وأصبحت منذ أوائل التسعينات رقماً صعباً في معادلة تغيير الحكم بعد قيام صدام حسين باحتلال الكويت عام 1990 ومن ثم شن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها حرباً شاملة ضد العراق عام 1991 نتجت عنها هزيمة كبيرة بانسحاب بدا مذلاً للجيش العراقي من الكويت.

ومع أن ما حصل بعد تلك الحرب مباشرة ما عُرف بـ«الانتفاضة الشعبانية» التي قام بها الشيعة في العراق ضد نظام صدام حسين، فإن سماح الولايات المتحدة له باستخدام الطائرات ثابتة الجناح في قمع تلك الانتفاضة جعله ينظر إلى مجريات ما حصل على أنه انتصار له كونه بقي في السلطة، الأمر الذي جعله يطلق على كل ما جرى تسمية «أم المعارك». لكن كان من بين أخطر ما جرى آنذاك أمران؛ الأول هو شبه استقلال لمحافظات كردستان الثلاث (أربيل ـ السليمانية ـ دهوك) التي كانت تتمتع منذ عام 1974 بنظام حكم ذاتي شكلي. وبعد فرض حظر الطيران عبر خطي طول وعرض 33 و36 تمتع الإقليم الكردي بنوع من الاستقلال التام عن النظام منذ عام 1992 حتى سقوطه عام 2003. الأمر الثاني المهم هو تبلور قوى المعارضة العراقية التي بدأت تعقد مؤتمرات في العديد من العواصم غرباً وشرقاً وهو ما شجع الولايات المتحدة الأميركية على اتخاذ قرار إسقاط النظام أو ما سمّته قانون «تحرير العراق» عام 1989 بتمويل مالي يصل إلى 98 مليون دولار أميركي.

ولأن الجسم الرئيسي للمعارضة العراقية كان شيعياً ـ كردياً ولم يكن للعرب السُّنة تمثيل مهم، إذ لا توجد قوى سنية أساسية معارضة لصدام في الخارج، إلا أن المفارقة التي لفتت الأنظار أنه في الوقت الذي لم تتمكن قوى المعارضة في الخارج من إحداث تأثير يذكر في بنية النظام فإن عدة محاولات انقلاب ضد النظام حصلت من داخله ومن قبل قيادات سنية عسكرية وعشائرية من محافظات سنية «حركة عشائر الجبور في محافظة صلاح الدين» وحركة «اللواء محمد مظلوم في محافظة الأنبار»، فضلاً عن محاولات أخرى في بغداد ومن قبل قيادات مهمة أخرى كان أبرزها انشقاق حسين كامل صهر صدام حسين وأحد أبناء عمومته.

لكن جميع تلك المحاولات كانت تعد سواء في دوائر الغرب أو حتى في أوساط المعارضة العراقية في الخارج محاولات انقلاب داخلية أو انقلابات قصر داخل أروقة السلطة السنية.

يضاف إلى ذلك وفي موازاة ما كان يحصل في الداخل من حركات تململ داخلية، كان هناك عدد من الضباط الكبار قد هربوا إلى الخارج والتحق جزء منهم بالمعارضة. ومع أهمية ما كانوا يتمتعون به من أدوار داخل المؤسسة العسكرية العراقية فإنهم لم يتمكنوا من أن يكونوا ضمن الخط الأول من معارضي صدام ممن نصبتهم الولايات المتحدة الأميركية قادة البلد بعد التغيير عام 2003.

بعد تغيير النظام عام 2003 بدءاً بهدم تمثال صدام حسين إلى مطاردته ومن ثم العثور عليه في منطقة قريبة من مسقط رأسه في تكريت وهي منطقة الدور وصولاً إلى محاكمته وتنفيذ حكم الإعدام به أواخر عام 2006، بدت كل من الولايات المتحدة والمعارضة في حالة فوضى وتخبّط في كيفية إدارة البلد بعد سقوط نظامه الذي كان حديدياً.

ومع نشوة ما كانت تشعر به المعارضة بعد القضاء على خصمهم الذي طاردهم وطاردوه لنحو ربع قرن، فإن أميركا وعبر الحاكم المدني الذي نصبته على العراق بول بريمر لم تعد مهتمة بما يمكن أن يحصل في العراق، حيث بدا أن هدفها كان إسقاط صدام حسين فقط.

ومع أن قوى المعارضة التي تسلمت الحكم ورغم كتابتها دستوراً بدا طبيعياً بل ومهماً في الكثير من مواده وفصوله على طريق بناء دولة عصرية فإنها استسلمت لأعراف بريمر ومن بينها بل أخطرها توزيع المناصب السيادية العليا (الرئاسات الثلاث) على المكونات.

وفي الوقت الذي كان يرى الكثيرون سواء كانوا سياسيين أم فاعلين اجتماعيين أو فكريين أن من المنطقي أن يتم تسليم منصب رئيس الجمهورية إلى عربي سني كون المحيط العربي للعراق سنياً بالكامل فإنه طبقاً لعرف بريمر تم تسليم منصب رئيس الجمهورية إلى الكرد. وبينما احتكر الشيعة المنصب التنفيذي الأول في البلاد وهو رئاسة الوزراء، فإن العرب السُّنة كان من حصتهم منصب رئيس البرلمان.

ومع أن هذه القسمة بدت غير مقنعة لكنها مضت عبر كل الدورات البرلمانية السابقة، حيث تولى عدد من قياديي السُّنة هذا المنصب. ومع أن صلاحيات البرلمان بوصفه سلطة تشريعية تبدو كبيرة بالقياس إلى صلاحيات رمزية لمنصب رئيس الجمهورية، فإن الجانب الاعتباري لمثل هذه المناصب تبدو هي الأكثر أهمية على صعيد تكريس مفهوم الزعامة.

وبينما بدا أن هذا التوزيع المكوناتي للمناصب السيادية العليا قد أدى إلى تفتيت البيوت المكوناتية بما في ذلك الشيعة والكرد، فإن الخسارة بدت أكبر للعرب السُّنة الذين يشعرون بعدم الإنصاف سواء على صعيد عدم وجود توازن في مناصب الدولة وهياكلها فضلاً عن مطاردتهم عبر قوانين العدالة الانتقالية ومن أبرزها قانون المساءلة والعدالة.

ومع كل المحاولات التي جرت عبر البرلمان الذي يترأسه عربي سني لتعديل هذه القوانين ومنها قوانين العفو العام لكنها لم تتحقق بالطريقة التي يأملها السنة في محافظاتهم، لا سيما الغربية منها، الأمر الذي حول منصب رئيس البرلمان إلى ساحة للتنافس الزعاماتي بين القادة السنة أنفسهم. ومع استمرار الأوضاع مثلما هي دون تغيير، فإن صراع الزعامات السنية أدى بالسُّنة إلى فقدان أهم منصب سيادي يحتلونه حسب التوزيع المكوناتي، وهو منصب رئيس البرلمان، حيث لم يتمكنوا من الاتفاق على مرشح واحد لخلافة الحلبوسي في رئاسة البرلمان، الأمر الذي أدى إلى بقاء المنصب بيد قيادي شيعي هو النائب الأول لرئيس البرلمان ربما إلى نهاية الدورة الحالية أواخر العام المقبل.



ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.