«أموال الفلسطينيين» سبب في مواجهة جديدة بين تل أبيب وواشنطن

بعد تعمّد سموتريتش المماطلة في تحويلها تاركاً السلطة في وضع مالي حرج

مزارعون فلسطينيون ينتظرون خلف بوابة أمنية للسماح لهم بدخول أراضيهم وقطف الزيتون في قرية سالم بالضفة الثلاثاء (أ.ب)
مزارعون فلسطينيون ينتظرون خلف بوابة أمنية للسماح لهم بدخول أراضيهم وقطف الزيتون في قرية سالم بالضفة الثلاثاء (أ.ب)
TT

«أموال الفلسطينيين» سبب في مواجهة جديدة بين تل أبيب وواشنطن

مزارعون فلسطينيون ينتظرون خلف بوابة أمنية للسماح لهم بدخول أراضيهم وقطف الزيتون في قرية سالم بالضفة الثلاثاء (أ.ب)
مزارعون فلسطينيون ينتظرون خلف بوابة أمنية للسماح لهم بدخول أراضيهم وقطف الزيتون في قرية سالم بالضفة الثلاثاء (أ.ب)

تصاعدت حدة أزمة جديدة بين واشنطن وتل أبيب على خلفية احتجاز وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أموال العوائد الضريبية عن السلطة الفلسطينية، على رغم اتفاق سابق قريب، بتحويل جزء من هذه الأموال، ووضع البقية في عهدة النرويج إلى حين حل الخلافات حول حصة قطاع غزة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الإدارة الأميركية طالبت إسرائيل بتحويل أموال العائدات الضريبية التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، والمتفق عليها بقيمة 200 مليون شيقل تقريباً (نحو 54 مليون دولار).

وبحسب الهيئة، فان المسؤولين الأميركيين حذّروا نظراءهم الإسرائيليين من تفاقم الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية أصلاً، وانعكاس ذلك على احتمال انهيارها وتصعيد الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية.

وقالت مصادر، إن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الذي يزور إسرائيل، الأحد المقبل، لمناقشة مسألة العملية العسكرية في رفح، سيطرح قضية استمرار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في تأخير تحويل تلك العائدات. وبحسب قناة «كان»، فإن الطلب الأميركي يدشن مواجهة أخرى جديدة بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وتتهم الولايات المتحدة سموتريتش بتعمد تأخير الأموال المستحقة للفلسطينيين، وهي عملياً تقاطعه ولا تتعامل معه ولا مع وزير الأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير، باعتبارهما متطرفين يعملان ضد السلام مع الفلسطينيين، ويحرّضان المستوطنين على أعمال عنف في الضفة.

وردت أوساط مقربة من سموتريتش قائلة إن سبب تأخير تحويل الأموال هو الحراك الدبلوماسي والقانوني الذي تقوده السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في المؤسسات الدولية.

واعتبر المقربون من سموتريتش أنه نجح في منع تحويل مئات ملايين الشواقل إلى «الإرهابيين» في قطاع غزة، أما بخصوص بقية المبالغ، فإن الموضوع قيد الدراسة في أعقاب نشاطات السلطة الفلسطينية.

وكان سموتريتش قد شنّ هجوماً كبيراً على السلطة، أثناء مناقشات حكومية متعلقة بعضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وقال إنه حان وقت انهيارها مالياً وسياسياً.

ومعروف عن سموتريتش عداؤه الكبير للسلطة ورفضه قيام دولة فلسطينية أو حتى بقاء السلطة قائمة، ولا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.

وطالب سموتريتش في اجتماع الحكومة الأخير، بمحاربة وطرد كل من يدعم قيام دولة فلسطينية في الحكومة، وبسنّ قرار يمنع عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.

ويخطط سموتريتش في ذروة الأزمة حول الأموال الفلسطينية، إلى مصادر جزء كبير من هذه الأموال المجمدة لدى إسرائيل، وكان أرسل الأسبوع الماضي، رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هاجمه فيها لأنه يمنع هذه الخطوة، واتهمه بالمماطلة.

نتنياهو مع وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أرشيفية - رويترز)

وقال سموتريتش «أنت تماطل وتؤجل الخطوة (إقرار قانون تم الاتفاق عليه بين الطرفين يقضي بمصادرة ثلاثة مليارات شيقل تابعة للسلطة الفلسطينية)». وأضاف: «خلافاً لالتزامك، فإنك تحجب مصدراً في الميزانية من المفترض أن يستخدم لتمويل نفقات إعادة إعمار منطقة تكوما (في الجنوب)، بحيث يتم استخدام أموال الإرهابيين لإصلاح الأضرار التي لحقت بها. وبهذه الطريقة سيتم تحرير ثلاثة مليارات شيقل مما سيسهل مكافحة غلاء المعيشة».

كما انتقد سموتريتش، نتنياهو، باعتبار أنه لا يمكن أن يكون الاهتمام بالسلطة الفلسطينية أكثر أهمية من مواطني إسرائيل. ووقّع سموتريتش على رسالة تطلب طرح القانون فور افتتاح الدورة الصيفية للكنيست.

وأكدت رسالة سموتريتش تقارير سابقة، أنه يخطط لقرصنة نحو 3 مليارات شيقل (835 مليون دولار) من الأموال الفلسطينية المحتجزة للتخفيف من غلاء المعيشة في إسرائيل.

خطوات سموتريتش تأتي في وقت تعاني فيه السلطة الفلسطينية وضعاً مالياً حرجاً في الضفة، اضطرت معه هذا الأسبوع إلى دفع راتب نصف شهر فقط لموظفيها، عن شهر مارس (آذار) الماضي؛ ما خلق حالة غضب شعبي كبير، وتساؤلات حول قدرة واشنطن على إلزام إسرائيل بالاستجابة إلى طلب صغير.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى يترأس جلسة مجلس الوزراء الأحد الماضي (وفا)

المعروف أن الحكومة الجديدة التي ترأسها محمد مصطفى، مدعومة أميركياً وأوروبياً، وتوقّع الفلسطينيون أن شيئاً ما سيختلف، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تستجب.

ومنذ عامين، تدفع السلطة رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية، تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية. وعمّقت الحرب على غزة هذه الأزمة بعدما بدأت إسرائيل باقتطاع حصة غزة كذلك.

وبموجب اتفاق أوسلو، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين عند استيراد السلع من الخارج إلى السلطة الفلسطينية، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية تشكل 65 في المائة من ميزانيتها السنوية، وتتراوح التحويلات ما بين 750 و800 مليون شيقل.

ويثير هذا الترتيب خلافات مستمرة، وصلت حد رفض السلطة بعد حرب غزة تسلم الأموال منقوصة من حصة القطاع، قبل أن تتدخل واشنطن وتضع حلاً وسطاً تقوم معه إسرائيل بتحويل أموال المقاصة إلى السلطة، على أن تبقى حصة غزة في عهدة الحكومة النرويجية، إلى حين تسوية الخلافات. ورغم ذلك، احتجزت إسرائيل هذا الشهر حتى الحصة التي لا تشمل مدفوعات القطاع.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

شؤون إقليمية  قوات إسرائيلية تقيم إجراءات أمنية في البلدة القديمة للخليل تحمي اللمستوطنين اليهود (د.ب.أ)

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: مقتل 9 مسلحين في اشتباكات خلال مداهمة في جنين

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، أن قواته نفذت «عمليات لمكافحة الإرهاب» في جنين، خلال اليومين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية حول منشأة زراعية ومنزل بعد مداهمة قُتل خلالها 3 فلسطينيين في قباطية جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

التصعيد يعود إلى الضفة و«طنجرة الضغط» تقتل 3 فلسطينيين في جنين

قتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في جنين، شمال الضفة الغربية، في أحدث هجوم على المدينة، بعد هدوء نسبي أعقب سلسلة دامية من الهجمات.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على منظمة «أمانا» الإسرائيلية للاستيطان (أ.ب)

وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على منظمة استيطانية إسرائيلية

فرضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين عقوبات على منظمة «أمانا» الاستيطانية الإسرائيلية متهمة إياها بالمساعدة في ارتكاب أعمال عنف في الضفة الغربية المحتلة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».