تصاعدت حدة أزمة جديدة بين واشنطن وتل أبيب على خلفية احتجاز وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أموال العوائد الضريبية عن السلطة الفلسطينية، على رغم اتفاق سابق قريب، بتحويل جزء من هذه الأموال، ووضع البقية في عهدة النرويج إلى حين حل الخلافات حول حصة قطاع غزة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الإدارة الأميركية طالبت إسرائيل بتحويل أموال العائدات الضريبية التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، والمتفق عليها بقيمة 200 مليون شيقل تقريباً (نحو 54 مليون دولار).
وبحسب الهيئة، فان المسؤولين الأميركيين حذّروا نظراءهم الإسرائيليين من تفاقم الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية أصلاً، وانعكاس ذلك على احتمال انهيارها وتصعيد الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية.
وقالت مصادر، إن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الذي يزور إسرائيل، الأحد المقبل، لمناقشة مسألة العملية العسكرية في رفح، سيطرح قضية استمرار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في تأخير تحويل تلك العائدات. وبحسب قناة «كان»، فإن الطلب الأميركي يدشن مواجهة أخرى جديدة بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وتتهم الولايات المتحدة سموتريتش بتعمد تأخير الأموال المستحقة للفلسطينيين، وهي عملياً تقاطعه ولا تتعامل معه ولا مع وزير الأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير، باعتبارهما متطرفين يعملان ضد السلام مع الفلسطينيين، ويحرّضان المستوطنين على أعمال عنف في الضفة.
وردت أوساط مقربة من سموتريتش قائلة إن سبب تأخير تحويل الأموال هو الحراك الدبلوماسي والقانوني الذي تقوده السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في المؤسسات الدولية.
واعتبر المقربون من سموتريتش أنه نجح في منع تحويل مئات ملايين الشواقل إلى «الإرهابيين» في قطاع غزة، أما بخصوص بقية المبالغ، فإن الموضوع قيد الدراسة في أعقاب نشاطات السلطة الفلسطينية.
وكان سموتريتش قد شنّ هجوماً كبيراً على السلطة، أثناء مناقشات حكومية متعلقة بعضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وقال إنه حان وقت انهيارها مالياً وسياسياً.
ومعروف عن سموتريتش عداؤه الكبير للسلطة ورفضه قيام دولة فلسطينية أو حتى بقاء السلطة قائمة، ولا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.
وطالب سموتريتش في اجتماع الحكومة الأخير، بمحاربة وطرد كل من يدعم قيام دولة فلسطينية في الحكومة، وبسنّ قرار يمنع عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
ويخطط سموتريتش في ذروة الأزمة حول الأموال الفلسطينية، إلى مصادر جزء كبير من هذه الأموال المجمدة لدى إسرائيل، وكان أرسل الأسبوع الماضي، رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هاجمه فيها لأنه يمنع هذه الخطوة، واتهمه بالمماطلة.
وقال سموتريتش «أنت تماطل وتؤجل الخطوة (إقرار قانون تم الاتفاق عليه بين الطرفين يقضي بمصادرة ثلاثة مليارات شيقل تابعة للسلطة الفلسطينية)». وأضاف: «خلافاً لالتزامك، فإنك تحجب مصدراً في الميزانية من المفترض أن يستخدم لتمويل نفقات إعادة إعمار منطقة تكوما (في الجنوب)، بحيث يتم استخدام أموال الإرهابيين لإصلاح الأضرار التي لحقت بها. وبهذه الطريقة سيتم تحرير ثلاثة مليارات شيقل مما سيسهل مكافحة غلاء المعيشة».
كما انتقد سموتريتش، نتنياهو، باعتبار أنه لا يمكن أن يكون الاهتمام بالسلطة الفلسطينية أكثر أهمية من مواطني إسرائيل. ووقّع سموتريتش على رسالة تطلب طرح القانون فور افتتاح الدورة الصيفية للكنيست.
وأكدت رسالة سموتريتش تقارير سابقة، أنه يخطط لقرصنة نحو 3 مليارات شيقل (835 مليون دولار) من الأموال الفلسطينية المحتجزة للتخفيف من غلاء المعيشة في إسرائيل.
خطوات سموتريتش تأتي في وقت تعاني فيه السلطة الفلسطينية وضعاً مالياً حرجاً في الضفة، اضطرت معه هذا الأسبوع إلى دفع راتب نصف شهر فقط لموظفيها، عن شهر مارس (آذار) الماضي؛ ما خلق حالة غضب شعبي كبير، وتساؤلات حول قدرة واشنطن على إلزام إسرائيل بالاستجابة إلى طلب صغير.
المعروف أن الحكومة الجديدة التي ترأسها محمد مصطفى، مدعومة أميركياً وأوروبياً، وتوقّع الفلسطينيون أن شيئاً ما سيختلف، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تستجب.
ومنذ عامين، تدفع السلطة رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية، تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية. وعمّقت الحرب على غزة هذه الأزمة بعدما بدأت إسرائيل باقتطاع حصة غزة كذلك.
وبموجب اتفاق أوسلو، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين عند استيراد السلع من الخارج إلى السلطة الفلسطينية، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية تشكل 65 في المائة من ميزانيتها السنوية، وتتراوح التحويلات ما بين 750 و800 مليون شيقل.
ويثير هذا الترتيب خلافات مستمرة، وصلت حد رفض السلطة بعد حرب غزة تسلم الأموال منقوصة من حصة القطاع، قبل أن تتدخل واشنطن وتضع حلاً وسطاً تقوم معه إسرائيل بتحويل أموال المقاصة إلى السلطة، على أن تبقى حصة غزة في عهدة الحكومة النرويجية، إلى حين تسوية الخلافات. ورغم ذلك، احتجزت إسرائيل هذا الشهر حتى الحصة التي لا تشمل مدفوعات القطاع.