ضاقت الأماكن بالنازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، حتى لم يعد أمامهم سوى نصب الخيام في مواقع كانت فيما مضى نقاطاً عسكرية تابعة لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس».
في موقع التل العسكري بمنطقة القرارة غرب مدينة خان يونس الواقعة جنوب قطاع غزة، نصب عشرات النازحين خيامهم، علَّهم يجدون الأمان الذي فقدوه في مدينة رفح التي تنذر باشتعال القتال وانهمار القصف عليها، ما حدا بهم إلى الخروج بأرواحهم؛ لكن إلى مكان يرى بعضهم أنه لا يقل خطورة عن رفح بعينها، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
أوضح النازح المسن مروان أحمد الدايا أنه جاء رفقة عشرات النازحين، دون أن يعلم أن المطاف سينتهي به في أحد معاقل «القسام» العسكرية، قائلاً: «أتيت مع النازحين حيث ركبنا الشاحنات وجاءت بنا إلى هنا. أنزلنا حمولتنا ونصبنا الخيام حيث نمكث الآن. مضى علينا أسبوع على هذه الحالة».
بدوره، قال النازح تحسين بركات إنه على علم بخطورة الموقع الذي نزح وعائلته إليه، مؤكداً أنه المكان الوحيد الذي التمس فيه الأمان ولو بعض الوقت.
وأوضح بركات: «أنا في موقع (كتائب القسام) هنا، منشآت القسام ومبانيها من حولنا، وجالسون على أرضها. هذه حالنا، في منطقة القرارة»؛ مؤكداً: «ما من مكان خالٍ سوى هذا المكان، من منطقة المواصي حتى هنا، منطقة القرارة قرب التحلية، هذا موقع (القسام) هنا، والنازحون من حولنا».
وعدَّ بركات الموقع العسكري الذي نزح وعائلته إليه أفضل من الموت في رفح، موضحاً: «قالوا لنا إن بقيتم في رفح فستموتون، فجئنا إلى هنا، نشعر بنوع من الأمان؛ لكن ما من إمكانات نستر بها أنفسنا ونتقي الحر والصقيع. نحن 4 عائلات نمكث هنا، 4 عائلات أقسم بالله، أنام رفقة الشباب في جهة، والبنات والنساء في جهة أخرى».
وتوغلت دبابات إسرائيلية في شرق رفح، ووصلت إلى بعض المناطق السكنية أمس (الثلاثاء) في تصعيد لهجوم إسرائيل على المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة التي يحتمي بها أكثر من مليون شخص، بينما قصفت قواتها شمال القطاع في بعض من أشرس الهجمات منذ أشهر.
بينما ترى النازحة الفلسطينية «أم إبراهيم» أن جميع الأماكن في قطاع غزة أمست غير آمنة، مؤكدة: «في أي مكان لا يوجد أمان، كل المناطق لا يوجد فيها أمان، الأمان فقط عند الله».
واشتد وطيس القتال في أنحاء القطاع في الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك الشمال، مع عودة الجيش الإسرائيلي للمناطق التي زعم أنه قضى فيها على وجود «حماس» قبل أشهر. وقال سكان ومصادر من المسلحين إن الاشتباكات التي وقعت أمس كانت الأعنف منذ أشهر. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري: «نعمل بتصميم في أجزاء قطاع غزة الثلاثة. القوات تضرب أهدافاً إرهابية من الجو والبر والبحر في وقت واحد» في إشارة إلى شمال القطاع ووسطه وجنوبه.
وتجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب الحالية 35 ألفاً حتى الآن، حسب مسؤولي وزارة الصحة في غزة، الذين لا تفرق أرقامهم بين المدنيين والمقاتلين. وقالوا إن 82 فلسطينياً قُتلوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو أعلى عدد من القتلى في يوم واحد منذ أسابيع.
واستمرت معارك ضارية حتى وقت متأخر من أمس (الثلاثاء) في مخيم جباليا مترامي الأطراف، الذي أقيم للنازحين قبل 75 عاماً في شمال القطاع.