البرلمان اللبناني يناقش الهبة الأوروبية وملف النازحين السوريين سعياً لـ«موقف موحد»

معظم القوى السياسية تشارك في جلسة الأربعاء

لاجئان سوريان قررا البقاء في لبنان يصوّران قافلةً من السوريين العائدين إلى بلادهم في منطقة عرسال الحدودية يوم 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)
لاجئان سوريان قررا البقاء في لبنان يصوّران قافلةً من السوريين العائدين إلى بلادهم في منطقة عرسال الحدودية يوم 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

البرلمان اللبناني يناقش الهبة الأوروبية وملف النازحين السوريين سعياً لـ«موقف موحد»

لاجئان سوريان قررا البقاء في لبنان يصوّران قافلةً من السوريين العائدين إلى بلادهم في منطقة عرسال الحدودية يوم 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)
لاجئان سوريان قررا البقاء في لبنان يصوّران قافلةً من السوريين العائدين إلى بلادهم في منطقة عرسال الحدودية يوم 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)

تسعى السلطات اللبنانية للخروج «بموقف موحد حيال ملف النازحين السوريين» في الجلسة البرلمانية المزمع عقدها، الأربعاء، لمناقشة حزمة المساعدات الأوروبية إلى لبنان، والبالغة قيمتها مليار دولار مقسطةً على أربع سنوات، وسط سجالات سياسية واتهامات للحكومة بـ«التقاعس في إعادة النازحين السوريين إلى سوريا».

وقال نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث بحثا في الأوضاع العامة والمستجدات السياسية وشؤوناً تشريعية، إن «أهمية الجلسة النيابية الأربعاء للخروج بموقف وطني جامع حيال ملف النازحين السوريين»، مجدداً دعوته كل الأطراف السياسية والكتل النيابية إلى «الحوار والتوافق من أجل انتخاب رئيس للجمهورية».

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً نائبه إلياس بوصعب (رئاسة مجلس النواب)

وأعرب بوصعب، في دردشة مع الإعلاميين، عن خشيته من أن «الاستمرار بالمكابرة والنكد ورفض الحوار والتلاقي سوف لا يوصل إلى حل على الإطلاق إنما العكس تماماً»، مؤكداً أن «المنطق الرافض لقواعد الحوار والتوافق في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية سيطيل أمد الفراغ، وقد تنتهي ولاية المجلس الحالي من دون رئيس للجمهورية، والنتيجة الخاسر الأكبر هو لبنان واللبنانيون».

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أعلنت مطلع الشهر الحالي من بيروت عن حزمة مساعدات بقيمة مليار دولار على مدى أربع سنوات، «لاستقرار» لبنان، كما حضت السلطات على «التعاون الجيد» من أجل مكافحة عمليات تهريب اللاجئين. وأثار هذا الإعلان سجالات سياسية داخلية اتهمت الحكومة بـ«التقصير»، مما دفع رئيسها نجيب ميقاتي للمطالبة بعقد جلسة برلمانية لمناقشة الملف.

وتشارك معظم القوى السياسية الممثلة في البرلمان، في الجلسة الأربعاء. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب فادي كرم إن التكتل سيشارك في الجلسة «لأنها تختلف عن سابقاتها، وهي تقع في إطار ممارسة مجلس النواب لدوره الرقابي».

النازحون السوريون في لبنان تحولوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

ولفت كرم، في حديث إذاعي، إلى «ضرورة أن يكون موقف لبنان موحداً في مقاربة المساعدات الدولية التي قد تأتي للتخفيف من أعباء النزوح السوري، ومهما كانت وجهتها لا يجب أن تكون مقرونة بوجود المواطنين السوريين غير القانونيين على الأراضي اللبنانية»، مشدداً على أن «السيادة لا تباع ولا تشترى». وعن فحوى التوصية المرتقبة في جلسة الأربعاء، قال كرم: «المهم أن ننطلق من رؤية واحدة لا تطيل أمد بقاء النازحين السوريين».

وعن الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها لبنان إذا رفضت الهبة، قال كرم: «إذا كنا موحدين في الدفاع عن سيادتنا وقوانيننا وحماية وجودنا، لا يمكن لأحد أن يضغط علينا».

وبدا أن هناك تبايناً سياسياً بين القوى المحلية على تفسير أغراض الهبة، ورأى عضو «تكتل الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير، أن «مسألة هبة المليار يورو جرى تضخيمها»، وأن جلسة الأربعاء النيابية «ستضع الأمور في نصابها الصحيح». وقال في حديث إلى قناة «الجديد»: «لا شك أن لبنان كمجتمع مضيف في أمسّ الحاجة إلى مساعدات شاملة بعدما اتضح للجميع أنها ليست برشوة لإبقاء النازحين، ولا شك أننا كلبنانيين متفقون على ضرورة تأمين عودتهم إلى بلدهم». وأشار الخير إلى «أن التنسيق قائم بين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري من أجل التكامل بين المجلس النيابي والحكومة في هذا الملف».

مخيم للنازحين السوريين في بلدة عرسال في منطقة البقاع (أ.ب)

ولن تقتصر الجلسة على مناقشة الهبة، حسبما قال النائب ميشال معوض في مؤتمر صحافي عقده والنائب أشرف ريفي في البرلمان، الاثنين، أعلنا خلاله أن «كتلة تجدد» ستشارك في الجلسة. وقال معوض: «لن نناقش موضوع الهبة بل سنناقش بطريقة أوسع تواطؤ الحكومة في موضوع النزوح السوري، لأنه يشكل خطراً أساسياً على هوية لبنان واستقراره، ونحن نقارب الموضوع من منطلق السيادة اللبنانية ومصلحة لبنان العليا».

وأضاف معوض: «نحن لدينا أكثر من مليوني سوري، وهناك 500 ألف ولادة سورية ومئات الألوف نزحوا على أساس اقتصادي. ونسأل ماذا تفعل الحكومة، الدولة غائبة وضعيفة وقد أصبح النازحون يدخلون ويسرحون ويمرحون دون أن يتحمل أحدٌ المسؤولية». وقال: «إن من مسؤولية الحكومة أن تقوم بسياسة سيادية، وعملها هو الضغط على المجتمع الدولي والأوروبي لإيجاد حل يحمي هوية واستقرار لبنان ويتماشى مع الأولويات الأوروبية في المنطقة».

من جهته، دعا النائب ريفي إلى «عودة أهالي القصير والقلمون»، مشيراً إلى أنها «ليست مهمة وزارة شؤون المهجرين». وقال: «نقترح على الدولة اللبنانية إلغاء هذه الوزارة، وندعو لوضع خطة استراتيجية عن هذا الموضوع».


مقالات ذات صلة

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

المشرق العربي نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

بدأ في لبنان التداول باسم رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد خليفة محتملاً للأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مدرعات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان  (إ.ب.أ)

«حزب الله» يعلن التصدي لـ«محاولة تسلل» إسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية

أعلن «حزب الله»، ليل السبت الأحد، أن قواته تصدت لمحاولة تسلل إسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية، في إطار المواجهات البرية المستمرة بين الطرفين منذ الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

امرأة عرضت الصفقة على «حزب الله»... صحيفة تكشف تفاصيل جديدة في انفجار «البيجر»

مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)
مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)
TT

امرأة عرضت الصفقة على «حزب الله»... صحيفة تكشف تفاصيل جديدة في انفجار «البيجر»

مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)
مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)

كشف تقرير صحافي عن أن عملية تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية «البيجر» في بيروت، هي واحدة من أكثر عمليات الاختراق نجاحاً وإبداعاً التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في التاريخ الحديث.

وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن عملية تفجير «البيجر» هي نتيجة خطة استمرّت لسنوات، بدأت في مقر الموساد في تل أبيب، وشاركت فيها في نهاية المطاف مجموعة من العملاء في بلدان متعددة.

وقد قُتل أو أُصيب ما يصل إلى 3 آلاف ضابط وعضو في «حزب الله»، إلى جانب عدد غير معروف من المدنيين، عندما قامت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) بتفجير الأجهزة عن بُعد في 17 سبتمبر (أيلول).

وأفاد تقرير الصحيفة، استناداً لمسؤولين أمنيين وسياسيين ودبلوماسيين مطلعين على الأحداث، بأن هجوم «البيجر» لم يدمر صفوف قيادة «حزب الله» فحسب، بل شجّع إسرائيل أيضاً على استهداف وقتل الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله.

وذكرت الصحيفة :«عملية (البيجر) ينظر لها، بوصفها عملاً من أعمال التجسس لا مثيل له، ولكن التفاصيل الرئيسية للعملية - بما في ذلك كيفية التخطيط لها وتنفيذها، والجدل الذي أثارته داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبين الحلفاء - لم تخرج إلى النور إلا الآن».

ووفقاً للصحيفة، فإن قادة «حزب الله» أُعجبوا بأجهزة الاتصال «البيجر»، وطلبوا منها نحو 5 آلاف جهاز، وبدأوا في توزيعها على أفراد الحزب من المستوى المتوسط ​​وأفراد الدعم في فبراير (شباط)، والتي أنتجتها شركة «غولد أبولو».

وكان المسؤولون الإسرائيليون يتابعون بقلق متزايد كيف أضاف «حزب الله» أسلحة جديدة إلى ترسانته القادرة بالفعل على ضرب المدن الإسرائيلية بعشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة بدقة.

«حصان طروادة»

وأفادت الصحيفة بأنه وسط قلق قادة «حزب الله» من المراقبة الإسرائيلية والقرصنة، فقد كان الحزب يبحث عن شبكات إلكترونية مقاوِمة للاختراق، وتوصّل الموساد إلى حيلة «حصان طروادة» التي دفعت الحزب إلى شراء أجهزة تبدو مثالية، وهي المعدات التي صممها الموساد، وقام بتجميعها في إسرائيل.

وبدأ الموساد في تفعيل الجزء الأول من الخطة، بإدخال أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة، إلى لبنان، منذ نحو عقد من الزمان، في عام 2015.

وتحتوي أجهزة الراديو المحمولة ثنائية الاتجاه على حزم بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرات غير مرئية، ونظام إرسال يمنح إسرائيل إمكانية الوصول الكامل إلى اتصالات «حزب الله».

وقال مسؤولون للصحيفة إنه على مدى 9 سنوات، اكتفى الإسرائيليون بالتنصت على «حزب الله»، مع الاحتفاظ بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكية إلى قنابل في أزمة مستقبلية. ولكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة ومنتج جدي: جهاز «بيجر» صغير مزود بمتفجرات قوية.

وفي مفارقة لم تتضح إلا بعد أشهر عدة، انتهى الأمر بـ«حزب الله» إلى دفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي من شأنها أن تقتل أو تصيب كثيراً من عناصره.

امرأة عرضت على «حزب الله» الصفقة

ولأن قادة «حزب الله» كانوا على دراية بالتخريب المحتمل، فلم يكن من الممكن أن تأتي أجهزة الاتصال اللاسلكي من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف آخر لإسرائيل. لذلك، في عام 2023، بدأت المجموعة تتلقى طلبات لشراء كميات كبيرة من أجهزة الاتصال اللاسلكي التي تحمل علامة «أبولو» التايوانية، وهي علامة تجارية معروفة، وخط إنتاج يتم توزيعه في جميع أنحاء العالم، ولا توجد للشركة روابط واضحة مع المصالح الإسرائيلية، وقال المسؤولون إن الشركة التايوانية لم تكن على علم بالخطة.

وجاء عرض المبيعات من مسؤول تسويق موثوق به من قبل «حزب الله» وله صلات بـ«أبولو». وكانت المسؤولة التسويقية، وهي امرأة رفض المسؤولون الكشف عن هويتها وجنسيتها، ممثلة مبيعات سابقة في الشرق الأوسط للشركة التايوانية، التي أسست شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة «البيجر» التي تحمل العلامة التجارية «أبولو». في وقت ما من عام 2023، عرضت على «حزب الله» صفقة لشراء أحد المنتجات التي تبيعها شركتها: «إيه آر 924» المتين والموثوق به.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل العملية: «كانت على اتصال بـ(حزب الله)، وشرحت لقادته لماذا كان جهاز النداء الأكبر حجماً والمزود ببطارية أكبر أفضل من النموذج الأصلي»، مضيفاً أن «إحدى نقاط الإقناع الرئيسية كانت أن الجهاز يمكن شحنه بكابل، والبطاريات تدوم لفترة أطول».

وكما اتضح، تمت الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج الأجهزة الفعلية، ولم يكن لدى المسؤولة التسويقية أي علم بالعملية، ولم تكن على علم بأن أجهزة النداء تم تجميعها فعلياً في إسرائيل تحت إشراف الموساد، كما قال المسؤولون.

قنبلة غير مرئية

وقال المسؤولون إن مكون القنبلة تم إخفاؤه بعناية شديدة في إنجاز هندسي، لدرجة أنه كان غير قابل للكشف تقريباً، حتى لو تم تفكيك الجهاز. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون بأن «حزب الله» فكّك بعض أجهزة «البيجر» وربما قام بفحصها بالأشعة السينية.

وكان من الممكن لإشارة إلكترونية من جهاز الاستخبارات أن تؤدي إلى انفجار آلاف الأجهزة دفعة واحدة. ولكن لضمان أقصى قدر من الضرر، كان من الممكن أيضاً أن يتم إحداث الانفجار من خلال إجراء خاص، من خطوتين، مطلوب للاطلاع على الرسائل الآمنة التي تم تشفيرها.

وقال أحد المسؤولين للصحيفة: «كان عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة، وفي الممارسة العملية، كان هذا يعني استخدام كلتا اليدين، وبالتالي ستضرر أيدي المستخدمين وسيكونون غير قادرين على القتال».

عملية سرية

لم يكن معظم كبار المسؤولين في إسرائيل على علم بهذه التفاصيل حتى 12 سبتمبر. وقال مسؤولون إسرائيليون إن ذلك هو اليوم الذي استدعى فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستشاريه الاستخباراتيين لعقد اجتماع لمناقشة العمل المحتمل ضد «حزب الله».

وفقاً لملخص الاجتماع بعد أسابيع من قبل المسؤولين المطلعين على الحدث، قدم مسؤولو الموساد لمحة أولى عمّا كانت إحدى أكثر عمليات الوكالة سريةً. وبحلول ذلك الوقت، كان الإسرائيليون قد زرعوا أجهزة استدعاء مفخخة في أيدي وجيوب الآلاف من عناصر «حزب الله».

ومع تصاعد الأزمة في جنوب لبنان، كان هناك قلق متزايد من اكتشاف المتفجرات، واحتمال أن تسفر سنوات من التخطيط الدقيق، بسرعة عن لا شيء.

وقال مسؤولون إن نقاشاً حاداً اندلع في مختلف أنحاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول العملية ورد الفعل المحتمل من «حزب الله»، وفي نهاية المطاف، وافق نتنياهو على العملية.

«رسالة مشفرة»

قال المسؤولون إن الموساد كان على علم بمكان وجود حسن نصر الله في لبنان لسنوات، وتتبع تحركاته من كثب. ومع ذلك، امتنع الإسرائيليون عن محاولة اغتياله؛ خوفاً من أن يؤدي الاغتيال إلى حرب شاملة، وربما مع إيران أيضاً.

وأفاد التقرير بأنه في السابع عشر من سبتمبر، رنّت أو ارتجت آلاف أجهزة «البيجر» في وقت واحد، في مختلف أنحاء لبنان وسوريا. وظهرت جملة قصيرة باللغة العربية على الشاشة: «لقد تلقيت رسالة مشفرة».

واتبع عناصر «حزب الله» التعليمات بدقة للتحقق من الرسائل المشفرة، بالضغط على زرين. وفي المنازل والمحلات التجارية، وفي السيارات وعلى الأرصفة، مزقت الانفجارات الأيدي وأطاحت بالأصابع. وبعد أقل من دقيقة، انفجرت آلاف أخرى من أجهزة «البيجر» عن بُعد، بغض النظر عمّا إذا كان المستخدِم قد لمس جهازه أم لا.

وفي اليوم التالي، أي في الثامن عشر من سبتمبر، انفجرت مئات من أجهزة اللاسلكي بالطريقة نفسها، مما أسفر عن مقتل وإصابة المستخدمين والمارة.

كانت هذه أول عملية في سلسلة من الضربات التي استهدفت «حزب الله»، وبينما كان الحزب يترنح، وجهت إسرائيل ضربةً أخرى، فقصفت مقر الجماعة وترساناتها ومراكزها اللوجيستية بقنابل تزن ألفَي رطل.

ووقعت أكبر سلسلة من الضربات الجوية في 27 سبتمبر، بعد 10 أيام من انفجار أجهزة «البيجر»، وقد أمر نتنياهو بالهجوم، الذي استهدف مركز قيادة مدفوناً على عمق كبير في بيروت، في أثناء سفره إلى نيويورك لحضور خطاب في الأمم المتحدة. وفي اليوم التالي، 28 سبتمبر، أكد «حزب الله» مقتل نصر الله.