قصف في غزة ووفدا «حماس» وإسرائيل يغادران محادثات القاهرة

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة في 9 مايو 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف..ب)
دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة في 9 مايو 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف..ب)
TT

قصف في غزة ووفدا «حماس» وإسرائيل يغادران محادثات القاهرة

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة في 9 مايو 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف..ب)
دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة في 9 مايو 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف..ب)

تكثّف إسرائيل ضرباتها في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، بعدما غادر طرفا النزاع طاولة المفاوضات دون اتفاق لتأمين هدنة ومنع هجوم إسرائيلي على رفح.

في الساعات الأولى من يوم الجمعة أفادت فرق وكالة الصحافة الفرنسية بحصول قصف مدفعي إسرائيلي باتجاه رفح على الحدود المصرية، بينما تحدث شهود عن غارات جوية على منطقة جباليا في شمال القطاع، إضافة إلى غارات مماثلة ومعارك في مدينة غزة (شمال).

في غضون ذلك بعثت «حماس» برسالة إلى الفصائل الفلسطينية الأخرى لشرح وجهة نظرها حول حالة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، التي كانت جارية منذ الأربعاء في القاهرة.

وقالت «حماس»: «الوفد التفاوضي غادر القاهرة متجهاً للدوحة»، مضيفةً: «عملياً الاحتلال رفض المقترح المقدم من الوسطاء، ووضع عليه اعتراضات في عدة قضايا مركزية. موقفنا هو التمسك بالموقف الوطني الذي وافق على مقترح الوسطاء الأخير. بناءً عليه فالكرة الآن لدى الاحتلال بشكل كامل».

ودعت مصر «حماس» وإسرائيل إلى إبداء «مرونة» للتوصل إلى اتفاق بشأن هدنة في القطاع وتبادل الرهائن الإسرائيليين بمعتقلين فلسطينيين.

وأفادت الخارجية المصرية بأن الوزير سامح شكري بحث مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في «المرحلة الدقيقة التي تمر بها المفاوضات الجارية في القاهرة للتوصل إلى هدنة»، واتفقا على «أهمية حث الأطراف على إبداء المرونة وبذل الجهود اللازمة للتوصل إلى اتفاق هدنة يضع حداً للمأساة الإنسانية ويسمح بنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة كاملة ومستدامة تلبي الاحتياجات العاجلة لسكان القطاع».

وجدّد شكري لنظيره تأكيد «مخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية في منطقة رفح الفلسطينية، وما ستسفر عنه من تداعيات إنسانية كارثية على أكثر من 1.4 مليون فلسطيني، وعواقب أمنية ستطول استقرار وأمن المنطقة»، مع تشديد الطرفين «على الرفض القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين خارج أرضهم»، وفق البيان.

وانتهت أمس (الخميس) جلسة محادثات غير مباشرة في القاهرة بمغادرة ممثلي إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية» القريبة من الاستخبارات المصرية.

ونقلت القناة عن مصدر مصري رفيع المستوى أن «الجهود المصرية وجهود الوسطاء مستمرة في تقريب وجهات النظر بين الطرفين» توصّلاً إلى هدنة في غزة.

وقال البيت الأبيض من جهته إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز الذي شارك بشكل كبير في المحادثات وكان حاضراً في القاهرة والقدس هذا الأسبوع، سيعود إلى الولايات المتحدة الجمعة.

وكانت «حماس» وافقت الاثنين على مقترح هدنة عرضه الوسطاء، إلا أن إسرائيل أكدت أن هذا الطرح «بعيد جداً» عن مطالبها، وكررت معارضتها وقفاً نهائياً لإطلاق النار طالما «لم تهزم»، «حماس» التي تتولى السلطة في غزة منذ 2007، وتعدها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «منظمةً إرهابيةً».

وبعد ساعات من إعلان «حماس» موافقتها، بدأت القوات الإسرائيلية عملية برية في رفح بأقصى جنوب القطاع.

«سنقف وحدنا»

ويهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ أسابيع بشن هجوم على مدينة رفح التي يعدها آخر معاقل حركة «حماس»، ويتكدس فيها بسبب الحرب 1.4 مليون فلسطيني، غالبيتهم نازحون.

في وقت سابق من الأسبوع الحالي، وفي تحدٍ للتحذيرات الدولية، دفع الجيش الإسرائيلي بدبابات في المدينة حيث سيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر الحدودي مع مصر الذي تمر عبره قوافل مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر.

وحذرت الولايات المتحدة للمرة الأولى بوقف بعض إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل إذا شنت هجوماً واسعاً على رفح.

ويعدُّ هذا أشد تحذير توجهه واشنطن لإسرائيل في ما يتعلق بمسار حربها.

اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بعدما نفذت «حماس» هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصاً، حسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 37 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.

رداً على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» وتنفذ مذاك حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة تسببت بسقوط 34904 قتلى، غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وفي رد منه على الموقف الأميركي، قال نتنياهو مساء الخميس: «إذا اضطررنا للوقوف وحدنا سنقف وحدنا». وأضاف: «قلت إنه لو لزم الأمر سنقاتل بأظافرنا».

من جهته أكد المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري أن الجيش «يملك أسلحة كافية لإنجاز مهمته في رفح».

وكانت الخارجية الأميركية أكدت في وقت سابق أن بلينكن كرّر لشكري معارضة واشنطن أي تهجير قسري للفلسطينيين.

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الخميس أنها أغلقت مؤقتاً مجمع مكاتبها في القدس الشرقية المحتلة بعدما حاول «متطرفون إسرائيليون» إحراقه مرتين.

وأشارت الوكالة إلى أن حوالي 80 ألف شخص فروا من رفح منذ 6 مايو (أيار) الماضي عندما أمرت إسرائيل الفلسطينيين الذين يعيشون في شرق المدينة بإخلائها.

وشق البعض طريقهم إلى خان يونس، المدينة المدمرة على بعد كيلومترات قليلة إلى الشمال، بينما كان آخرون لا يزالون يتساءلون إلى أين يذهبون.

وقال النازح عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «الدبابات والمدفعية ودوي القصف لا ينقطع. الناس خائفون ويريدون البحث عن مكان آمن».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة، مما أجبر المسعفين على البحث عن طريقة لإجلاء مئات المرضى والموظفين بأمان، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وقال مدير مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا، حسام أبو صفية، للوكالة في رسالة نصية إن الامتثال لأمر الإغلاق «شبه مستحيل» بسبب نقص سيارات الإسعاف اللازمة لنقل المرضى. وأضاف: «لدينا حالياً ما يقرب من 400 مدني داخل المستشفى، بما في ذلك الأطفال في وحدة حديثي الولادة الذين تعتمد حياتهم على الأكسجين والحاضنات. لا يمكننا إجلاء هؤلاء المرضى بأمان دون المساعدة والمعدات والوقت». وأوضح: «نرسل هذه الرسالة تحت القصف الشديد والاستهداف المباشر لخزانات الوقود، والتي إذا أصيبت ستتسبب في انفجار كبير وإصابات جماعية للمدنيين في الداخل».

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق على تصريحات أبو صفية. وكان الجيش قال، أول من أمس، إنه أرسل وقوداً وإمدادات غذائية إلى المستشفى، وساعد في إجلاء أكثر من 100 مريض ومقدم رعاية إلى مستشفيات أخرى في غزة، بعضهم بالتنسيق مع الصليب الأحمر، حفاظاً على سلامتهم. والمستشفى هو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئياً في شمال قطاع غزة، وهي منطقة تحاصرها إسرائيل منذ ثلاثة أشهر تقريباً في واحدة من أكثر العمليات قسوة في الحرب المستمرة منذ 14 شهراً.

وقال أبو صفية إن الجيش الإسرائيلي أمر بإجلاء المرضى والموظفين إلى مستشفى آخر وضعه أسوأ. وأظهرت صور من داخل المستشفى تكدس المرضى على أسرّة في الممرات لإبعادهم عن النوافذ. ولم يتسنَّ للوكالة التحقق من صحة هذه الصور بعدُ.

وتقول إسرائيل إن حصارها لثلاث مناطق في شمال غزة، وهي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، يأتي في إطار عملية لاستهداف مسلحي «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس). ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قتال من أماكن قريبة

وبثت حركة «حماس»، اليوم، مقطعاً مصوراً قالت إنه جرى تصويره في شمال قطاع غزة. وظهر في المقطع مقاتلون متمركزون داخل مبانٍ مدمرة ووسط أكوام من الحطام، وكانوا يرتدون ملابس مدنية ويطلقون مقذوفات على قوات إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي، اليوم، إن القوات التي تنفذ عمليات في بيت حانون قصفت مسلحين وبنى تحتية تابعة للحركة. وقالت حركتا «حماس» و«الجهاد» إنهما تسببتا في خسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، ذكرت البطريركية اللاتينية في القدس ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن إسرائيل سمحت لبطريرك القدس للاتين بدخول غزة اليوم. وجاء ذلك بعد أن قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أمس إن البطريرك مُنع من الدخول.

وفي مناطق أخرى في قطاع غزة، قال مسعفون إن غارات عسكرية إسرائيلية في أنحاء قطاع غزة أسفرت عن مقتل 24 فلسطينياً على الأقل. وقُتل ثمانية، بعضهم أطفال، في مدرسة تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربة استهدفت مسلحين من «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وتنفي «حماس» وجود مقاتليها بين المدنيين.

وكثف الوسطاء جهودهم في الأسابيع القليلة الماضية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد أشهر من تعطل المحادثات. وشنت إسرائيل الحملة العسكرية على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون بقيادة «حماس» بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ويُعتقد أن نحو نصف عدد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وعددهم 100، لم يلقوا حتفهم بعدُ. وتقول السلطات في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة قتلت حتى الآن أكثر من 45259 فلسطينياً، وأسفرت عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير أغلب القطاع الساحلي.