هل تصمد معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية أمام «التحركات العسكرية» المتبادلة؟

متحدث إسرائيلي: عمليتنا قرب الحدود المصرية لا تخالف المعاهدة على الإطلاق

صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
TT

هل تصمد معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية أمام «التحركات العسكرية» المتبادلة؟

صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
صورة من الجانب المصري من معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)

أثارت تحركات عسكرية إسرائيلية ومصرية متبادلة على الحدود مع قطاع غزة، جدلاً بشأن مصير اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، وإمكانية أن تصمد في مواجهة ما وصفه البعض بـ«خروقات» لبنودها، وصل حد المطالبة بتجميدها أو إلغائها. في حين علق متحدث إسرائيلي، الأربعاء، بأن العملية قرب الحدود المصرية لا تخالف معاهدة السلام على الإطلاق.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وتداولت وسائل الإعلام صوراً ومقاطع فيديو تظهر تواجداً لعربات عسكرية إسرائيلية في محيط معبر رفح من الجانب الفلسطيني، وترفع العلم الإسرائيلي. وتزامن ذلك مع أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن «القوات المسلحة المصرية نشرت قوات وآليات شرقي وغربي معبر رفح في الجانب المصري»، وأوضحت أن «تلك القوات في حالة استنفار واستعداد تام».

قوة إسرائيلية في رفح الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وأدانت مصر، بـ«أشد العبارات» العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء، ذلك بمثابة «تصعيد خطير»، مطالبة تل أبيب بـ«ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية».

غير أن أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال، الأربعاء، إن إسرائيل تعي الحساسية المتعلقة بإجراء عملية عسكرية قرب الحدود المصرية، مؤكداً على أن هذه العملية لا تخالف على الإطلاق معاهدة السلام المبرمة بين الجانبين. وذكر جندلمان في إيجاز صحافي، أن العملية التي يجريها الجيش في معبر رفح الحدودي بجنوب غزة ستستمر لحين «القضاء» على «حماس» والإفراج عن المحتجزين في القطاع. وأضاف: «قواتنا تواصل عملياتها العسكرية المركزة والمحدودة في معبر رفح، الذي استخدم من قِبل (حماس) على مدار سنوات طويلة لتهريب الأسلحة للقطاع»، مشيراً إلى أن الجيش قتل 20 مسلحاً من حركة «حماس» في محيط المعبر. وفيما يخص المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس» وجهود الوساطة المبذولة بشأنها، قال جندلمان إن مقترح حماس بخصوص مفاوضات الإفراج عن المحتجزين «بعيد جداً عن ثوابتنا ومواقفنا».

وكان الجيش الإسرائيلي، قد أعلن، الثلاثاء، أنه سيطر بالكامل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية في عملية عسكرية بدأها يوم الاثنين.

وأثارت تلك التحركات جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت مثار نقاش في عدد من وسائل الإعلام المحلية. اذ عدت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي، اقتراب إسرائيل من الحدود المصرية «انتهاكا يلغي معاهدة السلام». وقالت، خلال حلقة الثلاثاء من برنامجها الذي يعرض على قناة «سي بي سي»: إن «معاهدة السلام ألغيت بما حدث من إسرائيل اليوم على الأصعدة الشعبية... ما يستدعي ردا تاريخيا».

وأضافت «مصر جاهزة بعد الخروقات الإسرائيلية لكل السيناريوهات للحفاظ على حدودها... معاهدة السلام أصبحت محرجة وعبء شعبي»، مطالبة مؤسسات الدولة بـ«السعي إلى معاهدة سلام جديدة يبرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي تعكس تغيرات السنوات الأخيرة».

في المقابل، يرى الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، أن ما حدث من جانب إسرائيل «لا يعد خرقاً لمعاهدة السلام»، موضحا خلال مداخلة تلفزيونية، أن «فلسطين أرض محتلة، وإسرائيل تقوم بإدارتها بصفتها قوة احتلال».

وأضاف: «تجميد أو إلغاء المعاهدة مرتبط باعتداء مباشر على مصر، وهو لم يحدث، وبالتالي لا يمكن الحديث عن المعاهدة؛ لأن ما حدث من جانب إسرائيل لا يمس بها قانونياً».

لكنه أشار إلى أن «التصرفات الإسرائيلية في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدانة دولياً، والعملية الأخيرة تؤدي إلى توتر العلاقات مع مصر سياسياً كما تعرقل الجهود الرامية لإنجاز هدنة في قطاع غزة». وجدد التأكيد على أن «ما فعلته إسرائيل أمر خاطئ سياسياً، لكن لا يوجد اعتداء أو مساس بالاتفاقية يسمح باتخاذ موقف بشأنها».

قوات إسرائيلية في رفح الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وتعد هذه هي المرة الأولى منذ عام 2005 التي تتواجد فيها قوات إسرائيلية في المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، منذ انسحابها من القطاع، ونقل الإشراف على معبر رفح إلى السلطة الفلسطينية ومراقبين من الاتحاد الأوربي بموجب اتفاقية المعابر.

وفي عام 2007، سيطرت حركة «حماس» على قطاع غزة، وأصبح معبر رفح تحت سيطرتها.

ونظمت معاهدة السلام، التي وقّعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيغن في 26 مارس (آذار) 1979 برعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر، في فقرتها الثانية ضمن ما يسمى بـ«الحدود النهائية» الأنشطة العسكرية في سيناء ورفح، حيث تم تقسيمها إلى أربع مناطق «أ، ب، ج، د». وبحسب المعاهدة، يوجد بالمنطقة (د) قوة محدودة إسرائيلية مكونة من أربع كتائب مشاة، وأجهزتهم العسكرية والتحصينات وقوات المراقبة الخاصة بالأمم المتحدة.

ويرى اللواء نصر سالم، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، أن ما حدث من جانب إسرائيل «ليس خرقاً لمعاهدة السلام، ولا يمس بها». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قطاع غزة محتل، وإسرائيل هي دولة الاحتلال، وتحركات إسرائيل كلها داخل قطاع غزة ولم تمس مصر من قريب أو بعيد».

وأضاف أن «المنطقة (د) موجودة بعمق 2 إلى 4 كم داخل قطاع غزة، ويتواجد بها وفقاً لمعاهدة السلام شرطة مدنية وعدد محدود من القوات، وكذلك الأمر بالنسبة للمنطقة (ج) على الجانب المصري من الحدود داخل سيناء».

وتابع: «إسرائيل لم تخالف المعاهدة حتى الآن، ولو فعلت ووضعت دبابة في تلك المنطقة، فإن هناك آلية للتعامل مع ذلك، حيث يتم حصر المخالفات من الجانبين ومناقشتها في اجتماعات دورية تعقد كل أشهر عدة»، مستطرداً: «هذه المخالفات لا تعني إلغاء المعاهدة وشن حرب».

وأوضح أن «معاهدة السلام حددت نوعية القوات على الأرض في إطار ما يسمى بسياسة الردع الاستراتيجي، أي منع الطرف الآخر من القيام بعمل عدائي».

وعام 2021 أعلنت مصر وإسرائيل تعديلاً في معاهدة السلام يعزّز وجود الجيش المصري في رفح، وهو التعديل الأول في مسار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

ورداً على مَن يطالبون بإلغاء أو تجميد المعاهدة، قال مستشار الأكاديمية العسكرية: «ما الهدف من الدخول في حرب، ومن المستفيد من ذلك»، مشيراً إلى أن «وجود هذه المعاهدة يسمح لمصر بلعب دور الوسيط في مباحثات الهدنة كطرف محايد، إضافة إلى جهودها في إدخال المساعدات، وهو ما قد لا يتأتى حال إلغاء المعاهدة». وأضاف: «الدول لا تدار بالانفعالات».

معبر رفح بات تحت سيطرة إسرائيل في جانبه الفلسطيني 7 مايو (الجيش الإسرائيلي- رويترز)

ومنذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أصبحت المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، وتحديداً «محور فيلادلفيا» مثار تجاذبات بين مصر وإسرائيل، مع تداول أنباء عن عزم تل أبيب فرض سيطرتها على المحور الحدودي عدّتها مصر «خطاً أحمر». ومنذ بدء الحرب على غزة عززت مصر من إجراءات تأمين الحدود.

ووصف مستشار الأكاديمية العسكرية التعزيزات العسكرية المصرية الأخيرة على الحدود بأنها «طبيعية». وقال: «مصر يجب أن تكون مستعدة لكل السيناريوهات»، مشيراً إلى أن «التهديد الحقيقي الآن مرتبط بالضغط على الفلسطينيين ودفعهم تجاه الحدود المصرية ما يمس بسيادة البلاد».

وسبق أن نفت مصر في يناير (كانون الثاني) الماضي مزاعم إسرائيل بتهريب السلاح إلى داخل غزة عبر الحدود المصرية، وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، في بيان صحافي وقتها، إنه في إطار جهود مصر في مكافحة «الإرهاب» في سيناء، «عملت على تقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة الممتد لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض».


مقالات ذات صلة

وفد أمني مصري يتوجه إلى تل أبيب لإجراء محادثات حول غزة

المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (د.ب.أ)

وفد أمني مصري يتوجه إلى تل أبيب لإجراء محادثات حول غزة

قال مصدران أمنيان مصريان لوكالة «رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن وفدا أمنيا مصريا سيتوجه إلى إسرائيل غدا في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي محادثات السيسي ورئيس مجلس الوزراء القطري في القاهرة (الرئاسة المصرية)

مصر وقطر تتطلعان «لتهدئة شاملة» بالمنطقة بعد وقف النار في لبنان

شددت مصر وقطر على أهمية تمكين ودعم مؤسسات الدولة اللبنانية كافة وعلى رأسها الجيش اللبناني للحفاظ على أمن وسيادة لبنان وسلامة أراضيه

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر الوزاري حول «المرأة والأمن والسلم»  (جامعة الدول العربية)

«الجامعة العربية» لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاع

أكدت جامعة الدول العربية، الأربعاء، سعيها لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاعات.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي غزيون ينتظرون الحصول على خبر أمام فرن في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

أهالي غزة يخشون سيناريوهات أصعب

كان سكان قطاع غزة يمنون النفس لو أن الرئيس الأميركي جو بايدن خرج حاملاً لهم بشرى وقف إطلاق النار، كما فعل تماماً من خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه توقف…

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي السيسي خلال استقباله رئيس الوزراء القطري (الرئاسة المصرية)

مطالبة مصرية ــ أردنية بوقف فوري للنار في غزة

يبدو أن دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، أحيا جهود استئناف مفاوضات «هدنة غزة»، لا سيما مع حديث الرئيس الأميركي جو بايدن، عن مشاورات مع مصر وقطر.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

ليلة رعب دامية عاشتها بيروت قبل وقف إطلاق النار

لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)
لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)
TT

ليلة رعب دامية عاشتها بيروت قبل وقف إطلاق النار

لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)
لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)

ليلة دامية عاشتها العاصمة اللبنانية بيروت، أمس، وكل سكانها أو مَن نزحوا إليها، قبل ساعات قليلة من إعلان وقف إطلاق النار؛ إذ تعرضت مناطق كثيرة، مثل بربور، والخندق الغميق، والحمرا، ومارالياس، للاستهداف الإسرائيلي، وكان لمنطقة النويري الحصة الأكبر من الاستهدافات المتكررة طوال مدة العدوان.

تروي زينب، من سكان النويري، لـ«الشرق الأوسط» كيف عاشت رعباً شديداً طوال ليلة أمس، بداية حين تم استهداف أحد المباني في منطقة النويري قرب مجمع خاتم الأنبياء، في فترة بعد الظهر، ومن ثمّ في الليل حين اشتد القصف على بيروت.

وتقول: «كنت في زيارة لإحدى صديقاتي، تعمل في متجر يقع في الشارع الموازي لمجمع خاتم الأنبياء، حين حدثت الغارة الأولى، فسقطت وشعرت بذرات الزجاج وهي تسقط على رأسي، عشت خوفاً لا يمكن وصفه، أو حتّى نسيانه في وقت قريب، لكن الحمد لله أننا ما زلنا على قيد الحياة».

تسكن زينب، على بُعد مبنيين من المبنى الذي تمّ استهدافه وفيه أحد فروع مؤسسة «القرض الحسن».

تقول زينب إنها لم تغادر منزلها، وفضلت البقاء فيه، متسائلة: «إلى أين نذهب؟ كل بيروت كانت تحت مرمى الاستهداف الإسرائيلي ليلة البارحة، وكلنا غير آمنين، لم يكن لنا حول ولا قوة».

في الفترة ما بين التحذير الإسرائيلي وتنفيذ الغارة هناك، عاش الناس لحظات صعبة للغاية ممزوجة بين الخوف والحيرة والعجز. تصف زينب مشهد الشارع: «أطفال ونساء يهرعون، ولا أحد يعلم الوجهة. صوت الرصاص التحذيري الذي أطلقه أبناء المنطقة عمّ المكان، نحن في شارع شعبي والزحمة طاغية. شاهدت مجموعة شبان يخرجون سيدة عجوز مقعدة، كانت تخبرهم أنه لا يوجد مكان تذهب إليه، قلت في نفسي، ما هذا الذل الذي نعيشه».

سيدة تتفقد منزلها وتحتمي بشمسية في حي مدمر بعد تنفيذ وقف إطلاق النار (رويترز)

«كأنها النكبة» تقول السيدة مختصرة ما عاشته ليل أمس، في وقت هرع سكان راس بيروت، ومنطقة الحمرا، باتجاه الجامعة الأميركية بوصفها «ملاذاً آمناً»، ولن يستهدفها القصف الإسرائيلي. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السكان المحيطين بمبنى الجامعة حاولوا الاحتماء داخل حرمها لكنه سمح فقط للموظفين وعائلاتهم، وطلاب مقيمين، وأجانب، بالدخول وقضاء الليلة داخل أسوارها، فيما بقي كثيرون مرابطين عند أسوارها الخارجية طلباً للحماية.

اليوم، تبدو معالم الحرب واضحة على بيروت وأحيائها. أبنية متضررة، شاهدة على همجية العدوان المتكرر. شبان من أبناء المنطقة، يعملون على إزالة الردم والتنظيف. غالبية المتاجر مقفلة، باستثناء القليل الذي لم يتضرر، مثل المتجر الذي يبيع خطوط الهاتف، وإحدى الصيدليات، ومطعم فتح أبوابه أمام الناس لشراء الطعام.

في الشارع نفسه، متجر لبيع العطور يقول أحد العاملين فيه لـ«الشرق الأوسط»: «لم نقفل اليوم أبوابنا، بسبب إعلان وقف الحرب، لكننا في الأصل، اعتدنا أن تستهدفنا إسرائيل، وفي اليوم التالي نعيد فتح أبوابنا أمام الزبائن، فلا خيار ثان أمامنا، هذا مصدر رزقنا».

في منطقة البسطا الفوقا القريبة من وسط بيروت، يسكن رجل سبعيني جاء يتفقد المكان. يروي لـ«الشرق الأوسط» كيف كان وقع الضربات عليهم بالأمس وقبل أيام أيضاً.

ويقول: «هذا متوقع من عدو مثل إسرائيل، وهذا ما اختبرناه في حروبنا السابقة، المهم أنه تمّ وقف إطلاق النار، وفور إعلانه تماماً، غادرت الناس إلى قراها حتّى الحدودية منها».

وعلى مدخل الخندق الغميق تبدو آثار الاستهداف واضحة. وتقول رمزية، إحدى سكان المنطقة النازحين من الضاحية الجنوبية لبيروت: «كانت ليلة الأمس استثنائية في الرعب الذي أحدثته، ربما ليس لها مثيل طوال مدة العدوان، ضربات مكثفة وقوية في بيروت، لكن الخوف الأكبر شعرت به حين حصلت هذه الضربة تحديداً».

وتضيف: «لم أتمكن من النوم حتى الساعة السادسة صباحاً، لكن ما كان يعزينا أن هناك اتفاقاً ما سيحصل، وبأن وقف إطلاق النار بات قريباً، لذا عشنا مشاعر مزدوجة، بين الفرح باقتراب عودتنا، والحزن على كل هذا الدمار والقتل، والخوف لأن لا ثقة بإسرائيل، فربما تعود وتستهدفنا، تحت أيّ ذريعة».