مجلس الأمن يواكب مفاوضات إسرائيل و«حماس»

زخم أممي للاعتراف بالدولة الفلسطينية عبر تصويت الجمعة

عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية أبريل الماضي في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)
عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية أبريل الماضي في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)
TT

مجلس الأمن يواكب مفاوضات إسرائيل و«حماس»

عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية أبريل الماضي في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)
عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية أبريل الماضي في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)

واكب أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة مغلقة عقدوها، الثلاثاء، المفاوضات الصعبة للتوصل إلى اتفاق على وقف النار في غزة بين إسرائيل و«حماس» بوساطة من الولايات المتحدة ومصر وقطر، والنظر في التقارير عن اكتشاف مقابر جماعية بمحيط مستشفيين في القطاع، بالإضافة إلى الدفع بطلب الاعتراف بفلسطين بوصفها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بما في ذلك من خلال التصويت على مشروع قرار جديد في جمعيتها العامة.

وبطلب من الجزائر، عقد المجلس جلسة استمع فيها إلى إحاطتين من المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، والمقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، للتركيز على الغزو الإسرائيلي لغزة، حيث تشير التقارير إلى مقتل نحو 35 ألفاً من الفلسطينيين، ونزوح ما يصل إلى 1.7 مليون شخص في غضون سبعة أشهر في كل أنحاء القطاع.

المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز تتحدث خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف 27 مارس (أ.ف.ب)

وتشير الأرقام التي قدمتها السلطات الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 1200 من الإسرائيليين والأجانب منذ شنت «حماس» هجومها ضد إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع استمرار وجود نحو 132 إسرائيلياً ومواطناً أجنبياً محتجزين في غزة.

ويتفق أعضاء المجلس، ظاهرياً، على ضرورة تجنب شن هجوم إسرائيلي واسع النطاق في رفح. كما أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها لمثل هذه العملية.

مسعفون فلسطينيون يحملون عدة جثث اكتشفت بالقرب من مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة 17 أبريل 2024 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية هناك (أ.ف.ب)

وكان اكتشاف المقابر الجماعية في محيط مجمعي النصر والشفاء الطبيين في كل من مخيم خان يونس ومدينة غزة محور اهتمام لأعضاء المجلس، علماً أن هذا الاكتشاف حصل بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منهما في أبريل (نيسان) الماضي.

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودعا تورك إلى إجراء «تحقيق مستقل في الظروف المحيطة بالمقابر الجماعية»، وأيده كثير من أعضاء المجلس. وكررت ألبانيز أن هناك «أسباباً معقولة للاعتقاد» أن إسرائيل «تجاوزت العتبة» التي تشير إلى احتمال ارتكاب «جريمة الإبادة الجماعية».

وكان أعضاء المجلس أجروا مناقشات منفصلة ليل الاثنين، بطلب من فرنسا، حول مشروع القرار الذي تقترحه للمطالبة بـ«وقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن». وينص المشروع على فقرات واضحة تتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية التي ستنشأ استناداً إلى حل الدولتين مع إسرائيل.

جنود إسرائيليون عند أحد مداخل مخيم «شعفاط» للاجئين في القدس الشرقية أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)

وفي هذا الإطار، تستأنف الجمعية العامة جلستها الخاصة الطارئة العاشرة حول «الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة»، في رد على استخدام الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» في 18 أبريل الماضي، ضد مشروع قرار قدمته الجزائر، ويوصي بقبول دولة فلسطين في عضوية الأمم المتحدة.

ويحتمل أن تصوت الجمعية العامة الجمعة المقبل، على مشروع القرار الذي يعترف بأهلية الفلسطينيين للحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، ويوصي مجلس الأمن مجدداً بـ«إعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي».

وسيكون التصويت بمثابة استفتاء عالمي لمدى الدعم الذي يحظى به الفلسطينيون في مسعاهم إلى الاعتراف بدولتهم.

ويحتاج طلب الحصول على العضوية الكاملة إلى موافقة مجلس الأمن بغالبية لا تقل عن تسعة من الأصوات الـ15 في المجلس، وعدم استخدام حق الفيتو من أي من الدول الدائمة العضوية: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا. وبعد ذلك، يجب أن يحصل المشروع على غالبية الثلثين من الأعضاء الـ193 في الجمعية العامة.

سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور يلقي كلمة أمام مجلس الأمن 25 مارس بعد فشل التصويت على وقف إطلاق النار بغزة خلال شهر رمضان (أ.ب)

وأثار بعض الدبلوماسيين مخاوف بشأن النص الحالي، الذي يمنح حقوقاً وامتيازات إضافية للفلسطينيين إلى جانب العضوية الكاملة. ويقول بعض الدبلوماسيين إن هذا يمكن أن يشكل سابقة لأوضاع أخرى، مثل كوسوفو وتايوان.

وندّد المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بمشروع القرار الحالي للجمعية العامة، وعدّ أنه سيعطي الفلسطينيين وضعاً فعلياً وحقوق دولة، مضيفاً أن ذلك «يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة». وزاد: «إذا تمت الموافقة عليه، فأتوقع أن تتوقف الولايات المتحدة تماماً عن تمويل الأمم المتحدة ومؤسساتها، وفقاً للقانون الأميركي».

وبموجب القانون الأميركي، لا يمكن لواشنطن تمويل أي منظمة تابعة للأمم المتحدة تمنح العضوية الكاملة لأي مجموعة لا تتمتع «بالخصائص المعترف بها دولياً» للدولة.

ونقلت وكالة «رويترز» عن الناطق باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيت إيفانز، أن «وجهة النظر الأميركية هي أن الطريق نحو إقامة دولة للشعب الفلسطيني تمر عبر المفاوضات المباشرة». وقال: «نحن على علم بمشروع القرار، ونؤكد على مخاوفنا بشأن أي جهد لتقديم مزايا معينة لكيانات، بينما هناك أسئلة لم يتم الإجابة عنها حول ما إذا كان الفلسطينيون يستوفون حالياً المعايير المنصوص عليها في الميثاق».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يبحثون وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية أصابت مدرسة تديرها الأمم المتحدة لجأ إليها الناس في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: واشنطن شريك مباشر بحرب الإبادة في غزة

أكدت حركة «حماس» أن واشنطن «شريك مباشر بحرب الإبادة» في غزة بعد «الفيتو» بمجلس الأمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ جلس الأمن التابع للأمم المتحدة مجتمعا (أ.ف.ب)

«فيتو» أميركي على مشروع قرار بمجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة

عطَّلت الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء)، صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف «فوري وغير مشروط ودائم» لإطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».