الراعي يرفض الضغوط الدولية على لبنان في ملف النازحين السوريين

دعا المسؤولين إلى توحيد الكلمة ودعم مواقف القوى المسيحية

الراعي مترئساً قداس الأحد في بكركي (البطريركية المارونية)
الراعي مترئساً قداس الأحد في بكركي (البطريركية المارونية)
TT

الراعي يرفض الضغوط الدولية على لبنان في ملف النازحين السوريين

الراعي مترئساً قداس الأحد في بكركي (البطريركية المارونية)
الراعي مترئساً قداس الأحد في بكركي (البطريركية المارونية)

دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي المسؤولين اللبنانيين إلى توحيد الكلمة في قضية تأمين عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى وطنهم، مطالباً إياهم، بـ«عدم الرضوخ للضغوط الأوروبية والدولية وأساليبها المغرية، بهدف تجنّب عودتهم وإبقائهم في لبنان لأهداف سياسية».

ويعد موقف الراعي الأول بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن تقديم مليار دولار كمساعدات للبنان على مدى أربع سنوات، ومطالبته لبنان بالتعاون لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا انطلاقاً من السواحل اللبنانية.

وأثار الإعلان موجة غضب في أوساط السياسيين اللبنانيين، لا سيما المسيحيين منهم، وشدد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل السبت على «رفض سياسة الاتحاد الأوروبي إبقاء النازحين السوريين في لبنان، والتأكيد على أن لبنان ليس للبيع أو الإيجار»، وقال إن المشكلة اللبنانية الأساسية تتمثل بـ«انصياع المسؤولين للسياسات الخارجية ولو كانت على حساب المصلحة الوطنية»، ومعلناً عن «سلسلة تحركات لـ(التيار الوطني الحر) على المستويات النيابية والشعبية لمواجهة معضلة النزوح».

كما قالت عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائبة ستريدا جعجع السبت إنه «لم يعد بالإمكان تحمّل أي تراخٍ أو تساهل في حل هذا الملف الذي يهدد لبنان واللبنانيين على الصعد كافة، الاقتصاديّة والماليّة والنقديّة والأمنيّة، ولهذا السبب نضع كل جهد ممكن من أجل الوصول إلى الحلول الناجعة لهذا الوجود غير الشرعي، حفاظاً على البلاد والعباد».

ودخل البطريرك الراعي على خط داعم للقوى السياسية المسيحية التي تطالب المجتمع الدولي بإيجاد حل لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان، وسط تقديرات حكومية بأن عددهم يتجاوز ملياري لاجئ.

الراعي

وطالب الراعي في عظة الأحد بـ«توحيد الكلمة في قضية تأمين عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى وطنهم، وعدم الرضوخ للضغوط الأوروبية والدولية وأساليبها المغرية، بهدف تجنّب عودتهم وإبقائهم في لبنان لأهداف سياسية ليست لصالحهم، ولا لصالح لبنان»، مشدداً على أن «مصلحة هؤلاء المحافظة على وطنهم وتاريخهم وثقافتهم وحضارتهم وممتلكاتهم».

وتوجه إلى المسؤولين اللبنانيين بالقول: «المجتمع الأوروبي والدولي يستعملكم لأغراض سياسية ليست لخيركم. لا تستبدلوا مغريات بقائكم في لبنان بوطنكم. ولا تبادلوا الاستضافة اللبنانية بالاعتداء على اللبنانيين والقوانين».

ميقاتي يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس قبرص خلال لقاء ثلاثي في بيروت الخميس (أ.ف.ب)

وكان ملف النازحين أثار زوبعة سياسية، وانتقادات واسعة للحكومة التي رحبت بالإعلان الأوروبي، خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس إلى بيروت برفقة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس، عن استعداد الاتحاد لتقديم حزمة مالية بقيمة مليار يورو إلى لبنان «ستكون متاحة بدءاً من العام الحالي حتى 2027» من أجل المساهمة في «الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي».

وأجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساء السبت اتصالاً هاتفياً برئيس مجلس النواب نبيه بري تشاورا في خلاله حول الأوضاع الراهنة. وفي خلال الاتصال تمنى رئيس الحكومة على الرئيس بري الدعوة إلى جلسة نيابية عامة لمناقشة موضوع النازحين، وذلك «من أجل وقف الاستغلال السياسي الرخيص الحاصل في البلد في هذا الملف على حساب المصلحة العامة»، حسبما أفادت رئاسة الحكومة.

الفراغ الرئاسي

وتطرق الراعي في عظته إلى أزمات أخرى يعاني منها اللبنانيون، لا سيما الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022. ودعا إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية من أجل سلامة الجسم الوطني بعودة المؤسسات الدستورية إلى طبيعتها وصلاحياتها، وإخراج الدولة من حالة الفوضى، والتعدّي على فصل السلطات». كما دعا إلى «الإسراع في إيقاف الحرب على جنوبي لبنان، ووضع حدّ لهدم المنازل، وتدمير المتاجر، وإحراق الأرض ومحاصيلها، وقتل المدنيين الأبرياء، وتهجيرهم، وإتلاف جنى عمرهم في ظرف اقتصادي سبق وأفقرهم».

وطلب الراعي «الالتزام بتطبيق القوانين والمواثيق، مثل تطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً، لا سيما اللامركزية الإدارية، والحفاظ على المشاركة المتساوية في الحكم والإدارة، وتنفيذ الفانون الصادر عن مجلس النواب في 7 (سبتمبر «أيلول») 2017، باستحداث محافظة تاسعة تضمّ قضاءي كسروان وجبيل، بإصدار المراسيم التطبيقية في ضوء التعميم الحكومي الصادر في 16/5/2013، والذي يطلب من الوزراء إعداد مشاريع النصوص القانونية اللازمة».

المطران عودة

وعلى خط الرئاسة أيضاً، أكد متروبوليت بيروت وتوابعها المطران إلياس عودة في قداس الفصح للطوائف الشرقية أن «بلدنا بحاجةٍ إلى من يحبّه محبّةً صادقةً بعيدةً عن الحقد والشرّ والطمع والفساد، هو بحاجةٍ إلى مسؤولين يعملون من أجله لا من أجل مصالحهم، وإلى نوّابٍ يقومون بواجباتهم بعيداً عن المصالح والغايات، وأولى هذه الواجبات الاجتماع خلال المهلة التي يحدّدها الدستور من أجل انتخاب رئيسٍ للجمهورية يقود البلد بأمانةٍ وحكمة».

وقال عودة: «في هذا اليوم المبارك نرفع الصلاة من أجل قيامة لبنان من كبوته، ومن أجل أن ينقّي الربّ قلوب المسؤولين، وينير عقولهم من أجل السير في الطريق المؤدّي إلى الخلاص. نصّلّي من أجل الذين يقاسون ويلات الحروب وخاصةً في لبنان وفي أرض المسيح فلسطين، ومن أجل المرضى والحزانى والمظلومين والمأسورين والمضطهدين».


مقالات ذات صلة

رئيس الأركان الإسرائيلي يقوم بجولة ميدانية في جنوب لبنان

شؤون إقليمية صورة نشرها الجيش الإسرائيلي على موقع «إكس» يقول إنها لجولة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الميدانية على قواته في جنوب لبنان (الجيش الإسرائيلي)

رئيس الأركان الإسرائيلي يقوم بجولة ميدانية في جنوب لبنان

أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، اليوم (الثلاثاء)، جولة ميدانية على القوات الإسرائيلية وتقييماً للوضع في منطقة جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي المستشار الأميركي آموس هوكستين يتحدث بعد اجتماع في القصر الرئاسي اللبناني في بعبدا بلبنان في 27 أكتوبر 2022 (رويترز)

هوكستين: هناك فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان قريباً

صرّح المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين للصحافيين في البيت الأبيض، الثلاثاء، بأن «هناك فرصة» لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً على لبنان في حربها مع «حزب الله»، يواصل فنانون لبنانيون الإبداع مكافحين في مواجهة نكبة الحرب الدائرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة نشرها الجيش الإسرائيلي على موقع "إكس" يقول إنها لموقع إنتاج أسلحة بالضاحية الجنوبية لبيروت (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير معظم منشآت إنتاج صواريخ «حزب الله»

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إنه دمّر أغلب منشآت الأسلحة والصواريخ التابعة لجماعة "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت إثر استهدافها بـ13 غارة (د.ب.أ) play-circle 00:39

إسرائيل توسّع دائرة استهدافاتها إلى الشمال والجبل... وغارات عنيفة على الضاحية

تأخذ الحرب الإسرائيلية على لبنان منحى تصاعدياً بموازاة التضارب في التصاريح والمعلومات التي تنقل من إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً دامياً على وطنه لبنان في حربها مع «حزب الله»، تساءل الفنان شربل صموئيل عون عن دور الفن ومكانته في بلد يجتاحه الصراع.

وقال عون، وهو رسام ونحات يمزج بين فنون متعددة ويبلغ من العمر 45 عاماً: «الفن هل بيظل إله محل في هيك أزمة؟»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يحمل قطعة فنية غير مكتملة بورشته في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وتاريخياً، لعب لبنان دوراً محورياً في المشهد الفني بالعالم العربي وكان بمثابة مركز نابض بالحياة للفنون البصرية والموسيقى والمسرح ويمزج بين المؤثرات التقليدية والمعاصرة.

والآن يعبّر الفنانون اللبنانيون في أعمالهم عن الإحباط واليأس الذي يشعرون به منذ الهجوم الإسرائيلي على وطنهم قبل عام والذي أسفر عن مقتل أكثر من 3200 شخص، معظمهم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعكس أعمال عون بشكل مباشر الأزمات المتتالية التي يمر بها لبنان. فقد بدأ في عام 2013 جمع التراب من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان لرسم سلسلة من اللوحات متعددة الطبقات قبل أن ينتقل إلى استكشاف وسائل أخرى.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يعمل على قطعة فنية باستخدام الغبار المخلوط بالراتنج في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

ويقول الفنان عون إن الظلام واليأس الناجمين عن الحرب والركام الذي خلَّفته حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت أحييا رغبته في العمل بالتراب.

وقال: «يا بتوقفي كل شيء، يا إنه بالشيء إللي باقيلك فيه معنى شوي بتكفي».

وتم إلغاء معرضين له بسبب الحرب. وبينما كان يعيش في السابق على الدخل الذي يجنيه من فنه، يعتمد الآن على بيع العسل من منحل أسسه في البداية مشروعاً لصنع أعمال فنية من شمع العسل.

وقال: «لم يعد بإمكاني الاعتماد على سوق الفن».

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يرتدي بدلة تربية النحل أثناء حضوره مقابلة مع وكالة «رويترز» في بلدة الفنار بلبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وأُغلقت صالات العرض في مختلف أنحاء بيروت خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال أصحابها لوكالة «رويترز» إنه لا يوجد طلب على شراء الأعمال الفنية في هذا التوقيت. ونقل متحف سرسق الشهير في لبنان، وهو متحف للفن الحديث، معروضاته إلى مخزن تحت الأرض.

المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض تحمل غيتارها بالاستوديو الخاص بها في مزرعة يشوع - لبنان 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

وعانت المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض من التأثير النفسي للصراع الذي جعل من الصعب عليها أداء عروضها منذ أشهر عدة.

وقالت: «هذا الشيء عمل شوي (حدودا) للإبداع تبعي، وبالتالي (انغلقت) شوي على حالي، ما بقى فيني أعطي غيري ولا أعطي حالي كمان».

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

ووجهت طاقتها في المقابل إلى كتابة الأغاني. وعادت مجدداً لتأدية عروض في الفترة الماضية بالغناء للأطفال النازحين واللاجئين في لبنان خلال حفل خيري أقيم في شمال بيروت.

وأضافت: «بتخيل أحلى شعور كان برجع أحسه بعد فترة طويلة إني أشوفهم كلهم مبسوطين... وعم بيغيروا جو وينبسطوا من بعد فترة صعبة أكيد»، خصوصاً لمن اعتادوا على سماع صوت القصف بدلاً من الموسيقى.