سجال شيعي – سني حول عطلة «الغدير» في العراق

البرلمان وضع القانون على الجدول والحزب الإسلامي يحذر من «دوامة»

صورة منشورة على موقع البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أرشيفية)
صورة منشورة على موقع البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أرشيفية)
TT

سجال شيعي – سني حول عطلة «الغدير» في العراق

صورة منشورة على موقع البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أرشيفية)
صورة منشورة على موقع البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أرشيفية)

​دخلت الأحزاب العراقية في سجال محتدم، بعدما أعلن البرلمان عزمه على تشريع قانون لتحويل «عيد الغدير» عطلة رسمية، فيما حذرت قوى سنية من «الدخول في دوامة الفعل ورد الفعل».

وكان مقترح القانون على جدول أعمال البرلمان في جلسة (أمس) الثلاثاء، وتعطلت قراءته الأولى إثر جدال بين نواب شيعة وسنة حول إدراج المشروع دون مشاورات. وفي وقت سابق، أعلن رئيس البرلمان بالوكالة، محسن المندلاوي، أن «جدول أعمال الجلسة القادمة سيتضمن القراءة الأولى لقانون (عطلة عيد الغدير)».

وربط مراقبون تحرك البرلمان نحو تشريع العطلة بدعوة أطلقها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لتشريع القانون.

رئيس البرلمان العراقي بالنيابة محسن المندلاوي (وكالة الأنباء العراقية)

دعوة الصدر

وفي 19 أبريل (نيسان) الماضي، كتب الصدر في منصة «إكس» أنه «بأمر من الشعب والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، يجب على مجلس النواب تشريع قانون يجعل من الثامن عشر من شهر ذي الحجة، عيد الغدير، عطلة رسمية عامة لكل العراقيين بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم».

وتفاعل نواب شيعة مع دعوة الصدر بجمع أكثر من 100 توقيع على طلب موجه إلى رئيس البرلمان، للموافقة على مشروع قانون العطلات الرسمية في البلد، المتضمّن إعلان عيد الغدير عطلة رسمية لجميع العراقيين.

وقال السياسي السني والنائب السابق، مشعان الجبوري، إن تحويل عيد الغدير عيداً وطنياً «سيؤدي إلى حساسيات، الشعب العراقي في غنى عنها». وكتب الجبوري، في منصة «إكس» أن «محاولة تشريع عطلة عيد الغدير يعني عملياً تبني سردية دينية شيعية (...) لا وجود لها بالمطلق في السردية السنية».

وتابع: «يحق للشيعة الاحتفال بعيد الغدير كما يشاءون، لكن تحويله عيداً وطنياً وفرضه سيؤديان إلى مشكلات».

وخلال السنوات الماضية، كانت حكومات محلية في الوسط والجنوب تحتفل بهذا اليوم، وتمنح الدوائر الرسمية عطلة رسمية، لكن هذا اليوم لم يكن عطلة على نطاق وطني، ضمن جدول الأعياد الدينية والرسمية العراقية.

والعيد نفسه تحول مناسبة للجدل السياسي والاجتماعي في بلدان مثل سوريا ولبنان واليمن، بالتزامن مع صعود نفوذ أحزاب شيعية هناك، سياسياً وعسكرياً.

و«عيد الغدير» الذي يصادف في التقويم الهجري 18 من ذي الحجة، يعود لإحدى خطب النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ألقاها عند منطقة «غدير خم» في العام العاشر بعد الهجرة، ومضمونها محل خلاف بين المذاهب الإسلامية على مدار قرون، لا سيما في العراق بين السنة والشيعة.

حوثيون خلال احتفالات يوم الغدير الشهر الماضي (رويترز)

اعتراض سني

وأعلنت أحزاب سنية رفضها الحراك الشيعي لتشريع عيد الغدير عطلة رسمية.

وقال الحزب الإسلامي العراقي، في بيان صحافي، إن «مقترح اعتماد (عيد الغدير) عطلة رسمية لا يتوافق مع احتياجات العراق اليوم». وأوضح الحزب أن لهذه «المناسبة خصوصية لدى مكون دون آخر، لكنها ستعيد إنتاج دوامة الفعل ورد الفعل بما لا يخدم المصلحة الوطنية العليا».

من جهته، رفض حزب «متحدون» بزعامة أسامة النجيفي الرئيس الأسبق للبرلمان، تشريع قانون العطلة، قبيل انعقاد جلسة مجلس النواب، والشروع بالقراءة الأولى لمشروع القانون.

وقال الحزب، في بيان صحافي إنه «كان وما زال مع عراق موحد قوي وحكومة رشيدة ومجلس نواب يعبر عن آمال وطموحات الشعب العراقي بغض النظر عن الدين أو العرق أو الطائفة».

وأكد الحزب أنه «في هذه المرحلة المفصلية التي يعيشها العراقيون من الأجدر البحث عن نقاط اتفاق جديدة بعيداً عن السرديات الطائفية»، وأشار إلى أن «عيد الغدير أو عيد الولاية حسب السردية التي يعتنقها الفقه الشيعي تكفر من لا يعتقد ذلك».

وقال الحزب، وفقاً للبيان الصحافي، إن «اعتماد هذه السردية يعني تكفير نصف الشعب العراقي»، وتابع: «ليس من حق أي طرف أن يفرض قناعات على الآخرين».

وفي تطور لاحق، جمع نواب من القوى السنية توقيعات زملائهم في البرلمان للمطالبة بسحب القانون، فيما يتوقع معنيون بأن يتصاعد الجدل حول مشروع القانون خلال الأيام المقبلة.

وثمة أصوات شيعية داخل البرلمان اعترضت على قانون منفصل لعيد الغدير، بينما تسلم البرلمان من الحكومة العراقية في وقت سابق قانون «العطل والأعياد الرسمية» ولا مبرر لفصل «الغدير»، وفقاً لرأيهم.


مقالات ذات صلة

عمليات «انتحار بالقرعة» بين الشباب في العراق

المشرق العربي عنصر من قوات الأمن العراقية (أ.ف.ب)

عمليات «انتحار بالقرعة» بين الشباب في العراق

كشف «جهاز الأمن الوطني» العراقي عن أنه تمكن من اختراق حركة دينية متطرفة تدعو إلى اتباع «سلوكيات متطرفة ومنحرفة»، وتسببت في انتحار مجموعة من الشباب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد خلال احتفالية «عيد الصحافة» (الحكومة العراقية)

السوداني «فخور» بالحريات في العراق رغم اتهامات أممية

عبّر رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني عن فخره بعدم وجود معتقلين أو سجناء رأي، وذلك رغم تقرير «شديد التشاؤم» أصدره «مجلس حقوق الإنسان» الأممي بشأن العراق.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض (يمين) ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان (أ.ف.ب)

«الإطار التنسيقي» غاضب من قانون أميركي يستهدف رئيس القضاء

يثير مشروع قانون مطروح على أجندة «الكونغرس» الأميركي، من شأنه معاقبة مسؤولين في الدولة العراقية بتهمة «الولاء» إلى إيران؛ غضب «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة لـ«مسجد النوري» في البلدة القديمة بمدينة الموصل شمال العراق في 9 يوليو 2022 (أ.ف.ب)

العثور على 5 عبوات ناسفة من مخلفات «داعش» داخل «مسجد النوري» في الموصل

أعلنت منظمة «اليونيسكو» العثور على خمس عبوات خبأها تنظيم «داعش» قبل سبع سنوات داخل جدار «مسجد النوري»، في الموصل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)

العراق: ليلة عاصفة في مقر «الحشد الشعبي»

أفيد بأن هيئة «الحشد الشعبي» في العراق تراجعت عن إقالة مسؤول جهازها الأمني المعروف بـ«أبو زينب اللامي» بعد أن حاصرها مسلحو «كتائب حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مسعود بارزاني يزور بغداد... والأكراد يدافعون عن رئيس مجلس القضاء

أرشيفية تُظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجيرفان بارزاني (أ.ف.ب)
أرشيفية تُظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجيرفان بارزاني (أ.ف.ب)
TT

مسعود بارزاني يزور بغداد... والأكراد يدافعون عن رئيس مجلس القضاء

أرشيفية تُظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجيرفان بارزاني (أ.ف.ب)
أرشيفية تُظهر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجيرفان بارزاني (أ.ف.ب)

حتى مطلع مايو (أيار) الماضي، كانت معظم التوقعات تشير إلى أن فجوة القطيعة بين بغداد وأربيل مركز حكم إقليم كردستان آخذة بالاتساع وتسير بوتيرة متصاعدة إلى مزيد من الانحسار والتصدع، بالنظر إلى مجموعة الخلافات السياسية والقانونية التي نشبت بين الجانبين وكان آخرها إصدار المحكمة الاتحادية العليا حكماً بإلغاء «كوتة» الأقليات في نهاية شهر فبراير (شباط). ومنذ تراجع المحكمة عن قرار «الكوتة» في مايو الماضي، تسير العلاقة بين بغداد وأربيل بوتيرة متصاعدة من الهدوء والإيجابية بطريقة غير مسبوقة، خصوصاً أن تصدع العلاقة بدأ بشكل أكثر حدة منذ إقدام كردستان على إجراء استفتاء الاستقلال عن العراق في 25 سبتمبر (أيلول) 2017.

ويبدو أن العلاقات بين بغداد وأربيل تتخذ هذه الأيام شكلاً مختلفاً يتسم بالإيجابية. ومن ملامح ذلك الأنباء المتعلقة بالزيارة التي يزمع رئيس الحزب الديمقراطي والشخصية الأكثر تأثيراً ونفوذاً في الإقليم مسعود بارزاني القيام بها إلى بغداد بعد نحو 6 سنوات من القطيعة.

وأبلغت مصادر كردية خاصة «الشرق الأوسط» أن «بارزاني سيصل إلى بغداد الأربعاء لإجراء سلسلة من النقاشات والمفاوضات مع معظم القادة السياسيين لوضع حل نهائي للمشكلات القائمة بين الجانبين».

وتضيف المصادر أن «أرضية الخلافات بين بغداد وأربيل تمتد لتشمل قضايا عديدة، وضمنها مخصصات الإقليم المالية ومرتبات الموظفين وقانون النفط والغاز وملف الانتخابات وحتى الموقف من محافظة كركوك التي لم ينجح حتى الآن مجلسها في انتخاب حكومتها المحلية رغم مرور أكثر من 6 أشهر على إجراء الانتخابات».

وترجح المصادر أن «تشمل مفاوضات بارزاني في بغداد الأوضاع في قضاء سنجار إلى جانب التوغل الأخير للجيش التركي في محافظة دهوك ومدن كردية أخرى، إلى جانب الاستهدافات التي يمكن أن تقوم بها الفصائل المسلحة لأربيل».

ووصل وفد من حكومة إقليم كردستان إلى بغداد، الاثنين، ويبدو أنه جاء تمهيداً لزيارة بارزاني وما يمكن أن تطرحه على طاولة المفاوضات. ويضم الوفد وزير الداخلية ريبر أحمد، ووزير المالية والاقتصاد آوات شيخ جناب، ومدير عام الجمارك والمعابر الحدودية.

عهد جديد مع القضاء

وإلى جانب ما قد تسفر عنه زيارة مسعود بارزاني من نتائج إيجابية تنعكس آثارها على الحزب الديمقراطي، تسارع أربيل إلى تمتين علاقاتها بالقضاء العراقي بشكل عام وبالمحكمة الاتحادية على وجه الخصوص، علماً بأن العلاقات تصدعت كثيراً خلال السنوات الماضية بعد سلسلة أحكام عدّها الإقليم «عدائية ومسيّسة». ومن أبرز مظاهر هذا التوجه الجديد الدعم الذي أظهره رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، حيال رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان الذي قد يواجه عقوبات أميركية بعد الأنباء التي تتحدث عن مقترح قرار مرفوع للكونغرس يستهدف قادة عراقيين مرتبطين بالمشروع الإيراني وفي مقدمهم فائق زيدان.

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان

وقال بارزاني في تدوينة عبر منصة «إكس»: «نؤكد دعمنا ومساندتنا لسيادة القاضي فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى. نثمن جهوده الكبيرة وخدمته المخلصة للقضاء والوطن، ونرفض أي استهداف أو طعن أو تصريح يمس سمعته أو ينال من مكانته».

بدوره، رفض رئيس الجمهورية (الكردي) عبد اللطيف جمال رشيد، الاثنين، مقترح القانون الأميركي، وقال في بيان إن «تكرار تصريحات عضو الكونغرس مايك والتز غير المسؤولة بحق رئيس مجلس القضاء يؤثر على علاقة العراق بالولايات المتحدة». وأضاف: «نستنكر تصريحات النائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي مايك والتز التي لا تمس فقط شخص رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي القاضي فائق زيدان بل هي مساس باستقلالية القضاء العراقي الذي هو ركن أساس من أركان الدولة».

وقدم زعيم حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، بافل طالباني، دعمه لفائق زيدان، وذكر في بيان أن «المؤسسة القضائية العراقية مؤسسة وطنية مستقلة ومحترمة من جميع العراقيين والمساس بهذه المؤسسة ورئيسها القاضي فائق زيدان، أمر مرفوض ومدان أياً كانت الجهة أو الأطراف أو الأشخاص الذين يتجرأون على استهدافها».