وفد طبي سعودي يساعد 30 طفلاً سورياً على استعادة السمع

بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وبتنفيذ منظمة الأمين للمساندة الإنسانية

TT

وفد طبي سعودي يساعد 30 طفلاً سورياً على استعادة السمع

محمد وأسماء شعرا بفرحة لا توصف عند اختيار ابنهما قاسم لزراعة القوقعة الإلكترونية (الشرق الأوسط)
محمد وأسماء شعرا بفرحة لا توصف عند اختيار ابنهما قاسم لزراعة القوقعة الإلكترونية (الشرق الأوسط)

أجرى وفد طبي سعودي ضمن «منظمة الأمين للمساندة الإنسانية»، عمليات زراعة الحلزون والقوقعة الإلكترونية لـ30 طفلاً سورياً، في ولاية هاتاي التركية خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان) الحالي.

وتصل تكلفة العملية الواحدة إلى 15 ألف دولار أميركي، وتشمل زراعة أحدث الأجهزة الخاصة بالسمع حول العالم، وقد تمت بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

وقد جرى نقل الأطفال المصابين بفقد السمع عبر الحدود السورية التركية من منطقة الشمال الغربي، لإجراء العمليات التي وصفها العديد من ذويهم بـ«الحلم» لتكلفتها المرتفعة التي أدت لاستبعادها من المنظمات الإغاثية سابقاً، ولنقص التجهيزات الطبية والكوادر المختصة اللازمة لإجرائها في الداخل السوري.

الطفل قاسم حناك ولد فاقداً للسمع وكان ضمن الـ30 المحظوظين باستعادة سمعه بمساعدة «منظمة الأمين» (الشرق الأوسط)

ولادة جديدة

أسماء، وزوجها محمد، لم يتمكنا من التحكم بدموعهما عندما علما باختيار ابنهما قاسم للاستفادة من مشروع زراعة القوقعة الإلكترونية. قال الوالدان لـ«الشرق الأوسط»، إنهما بذلا جهداً في السابق لعلاجه، لكن التكلفة المرتفعة للعملية وامتناع المنظمات الإنسانية عن المساعدة أصاباهما باليأس.

«كنت أخشى عليه كثيراً كلما خرج للعب»، أشارت أسماء لقاسم البالغ من العمر سنتين وأربعة أشهر: «أخاف أن تمر دراجة نارية ولا يدرك أنها تقترب منه لأنه فاقد للسمع».

منذ أن أدرك والدا قاسم فقده للسمع خلال الأشهر الأولى من ولادته بدآ رحلة البحث عن العلاج، اصطحب محمد الطفل الذي كان يبلغ من العمر 11 شهراً إلى تركيا، وأقاما هناك مدة خمسة أشهر زارا خلالها المشافي والمراكز الصحية والمنظمات الإغاثية قبل أن يعود الأب بابنه وقد فقد الأمل تماماً في إمكانية علاجه.

متطوعون من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية برفقة العوائل السورية في المعبر الحدودي التركي (خاص بالشرق الأوسط)

لكن في 22 أبريل (نيسان)، دخلت أسماء مع قاسم إلى تركيا، لخمسة أيام، أجريت خلالها العملية لصغيرها، واختبر الأطباء السعوديون سماع قاسم للمرة الأولى.

كان سماع الصوت للمرة الأولى مخيفاً للطفل، أمسك بأمه خائفاً بينما ابتسمت أسماء بفرح لرؤية رد فعله الذي أكد نجاح العملية. «ما أريده هو أن يتمكن من الحصول على التعليم وأن يذهب إلى المدرسة»، تقول الأم واصفة سعادتها وأملها في مستقبل أفضل لطفلها بعد تمكنه من السمع.

وصفت اختصاصية التربية الخاصة وتقويم النطق واللغة، غصون حجازي، ردود الفعل الأولى للأطفال الذين عملت على إعادة تأهيلهم وتدريبهم على التواصل مع من حولهم، ضمن مركز خاص في إدلب، بـ«ولادة جديدة».

الاختصاصية التي كانت ضمن فريق «منظمة الأمين» قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن إحساسها بمعاناة الأمهات العاجزات عن التواصل مع أطفالهن فاقدي السمع، كان دافعها للمشاركة بالمبادرة: «ردود الفعل لا تصدق، كأنها معجزة».

وأضافت حجازي أن الحلول المتوفرة في شمال غربي سوريا كانت مقتصرة على تدريب التواصل البديل بقراءة الشفاه ولغة الإشارة، وحتى في حال نطق بعض الأطفال، فإنهم لا يكونون قادرين على مجاراة أقرانهم في أعمارهم.

الطبيب السعودي د. محمد البقية اختصاصي السمعيات ضمن الكادر الطبي المسؤول عن إجراء عمليات زراعة القوقعة (الشرق الأوسط)

مشروع متكامل

الطبيب محمد البقية، اختصاصي سمعيات بمركز الأنف والأذن والحنجرة ومركز زراعة القوقعة الإلكترونية والسماعات العظمية في مستشفى الملك فهد في جدة، كان عضواً في الفريق الطبي السعودي إلى هذه المهمة، وقد شرح لـ«الشرق الأوسط» معايير اختيار المرضى والآثار المتوقعة بعد العلاج.

قال الدكتور محمد إن العملية تتضمن زراعة جهاز داخل الرأس وآخر خارجي، ويحتاج المريض إلى ضعة أشهر لاعتياد السمع، ثم المتابعة بتأهيل اللفظ والتخاطب.

وأوضح أن اختيار الأطفال بعمر الطفولة المبكرة أساسي، لأن التقدم بالعمر يحول دون نجاح العملية، إضافة إلى أن الإصابة ببعض الأمراض أو المتلازمات تمنع زراعة الجهاز أيضاً.

«مشاعر الفرح التي تنتاب الأهالي بعد سماع طفلهم للمرة الأولى، لا توصف»، قال الطبيب محمد مشيراً إلى أن ردود فعل الأمهات والآباء وسعادتهم بالنتيجة «أنست الكادر الطبي التعب والإرهاق الناتجين عن إجراء العمليات الثلاثين خلال أربعة أيام».

ياسر الطراف مسؤول في منظمة الأمين للمساندة الإنسانية (الشرق الأوسط)

700 طفل مصاب

أما ياسر الطراف، المسؤول بمنظمة الأمين للمساندة الإنسانية، فيوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المشروع بدأ بمسح لأعداد المصابين بفقد السمع في منطقة الشمال الغربي بالتعاون مع مديرية صحة إدلب والدفاع المدني السوري: «وجدنا 700 طفل فاقدين للسمع وبعمر مناسب لإجراء العملية، بينهم 320 مؤهلون لزراعة الحلزون».

يذكر أنه يقيم في منطقة شمال غربي سوريا 5.06 مليون شخص، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، بينهم 3.45 مليون نازح، و4.24 مليون محتاج للمساعدات الإغاثية، ويعاني 90 في المائة من السكان من الفقر.

وقد وضعت «منظمة الأمين» معايير تتعلق بالعمر والنزوح والفقر، وفضلت علاج الأطفال الأيتام ضمن 60 طفلاً سيستفيدون من المبادرة السعودية التي ستُجرى على دفعتين، دفعة أجرت العمليات في هاتاي، والأخرى ستجري العمليات في فترة قادمة.

متطوع مع الكادر الطبي السعودي يحمل طفلة سورية في طريقها إلى تركيا لإجراء عملية زراعة القوقعة الإلكترونية (الشرق الأوسط)

مرحلتان للعلاج

وأوضح الطراف أن المشروع النوعي في الشمال الغربي، جرى بالتنسيق مع الجانب التركي لتسهيل عبور الأطفال مع مرافق لكل طفل، والمرحلة الثانية تخص ما بعد العودة إلى المنطقة وتشمل إقامة مركز خاص لتأهيل النطق، لخدمة الأطفال الذين أجروا عملية زراعة الحلزون وتدريب أهاليهم على كيفية التعامل معهم.

وكانت الأمم المتحدة قد قدرت معاناة 2.8 مليون شخص من إعاقات متنوعة في سوريا، لكن الخدمات المتوفرة لمساعدة ذوي الإعاقة ما زالت متواضعة، وفي رأي الطراف فإن الحرب في سوريا «جعلت النظام الصحي هشاً، وأدت لغياب كثير من الخدمات على الرغم من تكافل المنظمات الطبية لتقديم الرعاية الصحية للسكان في المنطقة».

وبالنسبة للمرحلة الأخيرة، تسعى «منظمة الأمين» إلى تأمين العلاج لبقية الأطفال المصابين بفقد السمع، إذ إنهم «في سباق مع الزمن» حسب وصف الطراف، للحصول على عملية زراعة الحلزون قبل أن يفوت الأوان بالنسبة لأعمارهم.



إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية، يقع أحدها في شارع مكتظ.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين، بعد ظهر الجمعة، على مبنيين يقعان على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية في منطقة الشياح المعروفة باسم «طريق صيدا القديمة»، التي تفصل الشياح عن عين الرمانة، وهي خطوط التماس القديمة، خلال الحرب اللبنانية. كما قصف، مساء، مبنى يقع خلف خط بولفار كميل شمعون، الذي يفصل الضاحية الجنوبية عن المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يقع فيها المبنى المستهدف.

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

ويضمّ المبنى، في طوابقه الأربعة الأولى، مؤسسات تجارية عدة ونادياً رياضياً ومختبراً، بينما الطوابق السبعة الأخرى سكنية. واستهدف الصاروخ القسم السكني من المبنى، ما أدى إلى انهياره، بينما صمدت الطوابق الأولى. وجاء استهداف المبنيين بعد إنذار إسرائيلي لسكانهما ومحيطهما بالإخلاء، قالت الوكالة الوطنية إنه أسفر عن «حركة نزوح ملحوظة» من منطقة عين الرمانة المتاخمة للشياح، والتي تقطنها غالبية مسيحية. وجاءت الضربات بعد غارات مماثلة استهدفت، صباح الجمعة، ثلاثة أبنية في منطقتي الحدث وحارة حريك، بعد إنذار إسرائيلي.

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، سحب دخان وغبار تتصاعد على أثر الغارات الثلاث على المنطقة. وأفادت الوكالة بأن غارتين شنّهما «الطيران الحربي المُعادي» استهدفتا منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية». وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

امرأة وأطفال ينزحون من موقع قريب لمبنى دمرته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وجاءت غارات الجمعة، غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وشرقه. وشنت إسرائيل ضربات على مناطق عدة في جنوب لبنان، بعد أوامر إخلاء للسكان شملت مبنى في مدينة صور الساحلية، وبلدتين في محيطها. وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان، منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية إلى داخل بلدة دير ميماس، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية، مشيرة إلى أن «طائرة استطلاع معادية» حلقت فوق البلدة، وهي «تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم». وأعلن «حزب الله»، الجمعة، استهدافه، مرتين، جنوداً إسرائيليين عند أطراف كفركلا، «بقذائف المدفعية».