قلق لبناني من انتشار السلاح بحوزة فصائل «المقاومة» خلال حرب الجنوب

5 قوى محلية وفلسطينية امتلكته... والتحدي بسحبه بعد هدوء الجبهة

عناصر من «حزب الله» يشاركون في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نظمت في عرمتى بلبنان (رويترز)
عناصر من «حزب الله» يشاركون في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نظمت في عرمتى بلبنان (رويترز)
TT

قلق لبناني من انتشار السلاح بحوزة فصائل «المقاومة» خلال حرب الجنوب

عناصر من «حزب الله» يشاركون في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نظمت في عرمتى بلبنان (رويترز)
عناصر من «حزب الله» يشاركون في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نظمت في عرمتى بلبنان (رويترز)

يثير النشاط العسكري لخمسة فصائل لبنانية وفلسطينية على جبهة الجنوب، قلقاً على المستوى السياسي اللبناني لدى التفكير في مرحلة ما بعد الحرب، حيث سيكون لبنان في مواجهة جمع السلاح المنتشر بيد «فصائل المقاومة» التي ظهر السلاح الثقيل معها، بعدما افتتح «حزب الله» جبهة «دعم ومساندة» لغزة انطلاقاً من جنوب لبنان.

ومع أن السلاح الفردي «موجود بين أيدي اللبنانيين بوصفه تقليداً منذ الحرب الأهلية»، حسبما يهمس المسؤولون اللبنانيون، ظهر السلاح الثقيل المتمثل بصواريخ «الكاتيوشا» وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة، بأيدي مقاتلي «حزب الله» وحركة «أمل» و«الجماعة الإسلامية»، كما ظهر بحوزة «كتائب القسام»، وهي الذراع العسكرية لحركة «حماس»، وحركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية.

وأمام هذا الواقع، لم تعد مشكلة امتلاك السلاح الثقيل مقتصرة على «حزب الله»، وهو ما جعل الظاهرة «مثيرة للقلق»، حسب تعبير مسؤولين سياسيين، وتمت الإشارة إلى هذا القلق في تصريحات ظهرت يوم الأحد الماضي إثر تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين استهدفتهما مسيرة إسرائيلية.

من تشييع أحد عناصر «الجماعة الإسلامية» في بيروت (أ.ب)

5 فصائل

وبينما تتكتم الفصائل عن مصادر وصول السلاح، ترجح التقديرات الأمنية أن التسلح يتم عبر معابر غير شرعية، ومن مصادر أسواق السلاح غير الشرعي الموجودة في العالم. وبعدما أقر «حزب الله» بمائة ألف مقاتل له، وتحدثت تقديرات إسرائيلية عن 150 ألف صاروخ بحوزته، تشير تقديرات أخرى إلى أن عدد المقاتلين في الفصائل الأخرى «يتراوح بين العشرات والمئات».

وتقول «حركة أمل» التي شيعت 17 من عناصرها منذ بدء الحرب، إنها موجودة في كل القرى الحدودية في الجنوب، وإن المقاتلين هم «من أبناء تلك البلدات الحدودية ويدافعون عنها في وجه الاعتداءات».

أما «الجماعة الإسلامية»، فقد نعت 5 مقاتلين منذ بدء الحرب، فيما نعت «الجمعية الطبية الإسلامية» المقربة من «الجماعة الإسلامية» سبعة مسعفين استهدفت طائرة إسرائيلية مقرهم في الهبارية. وتقول مصادر ميدانية إن الجماعة تحتفظ بانتشار في منطقة العرقوب، التي تسكنها أغلبية سنية.

وعلى ضفة القوى الفلسطينية، فلا تقديرات رسمية فلسطينية لعدد المقاتلين وطريقة امتلاك السلاح، ولو أن ترجيحات مقربين من «فتح» تتحدث عن «عشرات المقاتلين»، وألا يكون السلاح الذي ظهر أخيراً (الصواريخ) من ترسانة سابقة كانت تمتلكها فصائل المقاومة الفلسطينية في لبنان، بل تم الاستحواذ عليها من «حزب الله» أو من مسالك تهريب غير شرعية.

خلال تشييع 4 عناصر في «حزب الله» وحركة «أمل» قُتلوا في قصف إسرائيلي استهدف بلدة الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

نقاشات مؤجلة

ورغم «القلق» من هذه الظاهرة، والأسئلة عن كيفية معالجتها في وقت لاحق بعد انتهاء الحرب، لم يناقش هذا الملف على المستوى السياسي بعد بين الأفرقاء والقوى السياسية، حسبما تقول مصادر نيابية مواكبة للظاهرة الآخذة بالتنامي أخيراً، مشيرة إلى أن أياً من القوى السياسية «لا تمتلك تصوراً لكيفية التعامل مع هذا الواقع المستجد في مرحلة لاحقة».

وعانى لبنان، في وقت سابق، من فوضى السلاح خلال فترة الحرب اللبنانية (1975 – 1990) ولم ينتهِ الأمر إلا باتفاق سياسي إثر إقرار وثيقة الوفاق الوطني في الطائف في عام 1989، حيث سلمت مختلف الميليشيات أسلحتها للجيش اللبناني، باستثناء «حزب الله» وفصائل مقاومة أخرى أتاح لها القانون الاحتفاظ بالسلاح لمقاومة إسرائيل التي كانت تحتل أجزاء من جنوب لبنان قبل انسحابها منها في عام 2000. وبقي السلاح الثقيل بعدها بيد «حزب الله» فقط، فيما احتفظ أفراد ومناصرون حزبيون بالسلاح الفردي.

عناصر من «حزب الله» يرفعون الأعلام الفلسطينية في احتفال أقامه بمناسبة «يوم القدس العالمي» (رويترز)

مقايضة

ولا يقتصر «القلق» اللبناني على ظاهرة التسلح وشيوع تسليح «فصائل المقاومة» في ظروف الحرب الأخيرة، بل يتعداها إلى المخاوف السياسية في مرحلة لاحقة. ويرفض عضو كتلة «التغيير» النائب إبراهيم منيمنة «تكريس ثقافة قبول السلاح خارج الدولة، والسرديات المتصلة بها» التي تعزز أدبيات أرساها وجود سلاح «حزب الله» خارج الشرعية، مشيراً إلى أن «تراخي القوى الأمنية» أدى إلى شيوع هذا الأمر أخيراً.

ويؤكد منيمنة لـ«الشرق الأوسط» أن حصر السلاح بيد الدولة «موجود بالدستور باللبناني واتفاق الطائف الذي يعد خريطة طريق وطنية»، داعياً إلى «عدم تصوير الموضوع على أنه سيكون مقايضة سياسية مقابل تسليم السلاح». ويقول: «نرفض استثمار السلاح لفرض معادلات سياسية جديدة»، في إشارة إلى تجربة الحرب اللبنانية التي «لم يتخطَ لبنان تداعياتها بعد».

استراتيجية دفاعية

وطُرحت في السابق فكرة مناقشة استراتيجية دفاعية للبنان، وكان «حزب الله» دفع بهذا الاتجاه في السابق، واصطدمت بالتصورات المتباينة لطبيعتها بين الحزب ومعارضيه. وإذ لا ينفي منيمنة أن هناك هاجساً لدى فئة من اللبنانيين من عدوانية إسرائيل والرغبة بحماية لبنان ضمن الاستراتيجية الدفاعية، يشدد على ضرورة العودة إلى طاولة الحوار لمناقشتها. ويشير إلى أن هذه الاستراتيجية «لا يمكن أن تقتصر فقط على السلاح»، شارحاً أن «المستوى العسكري في الحماية هو جزء من مجموعة مستويات يمكن العمل عليها لتوفير الحماية للبنان»، مضيفاً: «في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، يجب أن تُحدّد المقدرات على جميع المستويات، ويجب أن تكون المرجعية هي الشرعية اللبنانية لتنفيذ تلك الاستراتيجية، بحسب ما ينص الدستور». ويضيف: «يجب أن نجلس إلى طاولة ونطرح جميع الخيارات تحت سقف الدولة والمؤسسات الشرعية، ويجب أن تجمع الاستراتيجية جميع العناصر لإقرار سياسة حماية لبنان والدفاع عنه تحت سقف الدولة».

المعالجة بالدستور

ولا يرى نائب رئيس البرلمان السابق إيلي الفرزلي أن الظاهرة جديدة، مذكراً بأنه «في مرحلة الحرب السورية، كان السلاح موجوداً ويتسرب ذهاباً واياباً عبر الحدود السورية لكل الأطراف حين استُخدم لبنان ممراً في ذلك»، لكنه في الوقت نفسه لا ينفي أن ظاهرة امتلاك جميع القوى اللبنانية للسلاح خارج الدولة «تدعو للقلق».

ويقول: «واضح أن علاقة استراتيجية نشأت اليوم بين (حزب الله) وقوى أخرى تقاتل للتخفيف عن الفلسطينيين»، ويؤكد أنه «من الناحية النظرية، لا يستطيع أي طرف القول إنه غير معنيّ بمعالجة ظاهرة انتشار السلاح التي تحتاج معالجتها إلى العودة إلى الدستور اللبناني، وليس التفكير بضربه».


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز) play-circle 00:50

ميقاتي: متمسكون بسيادة لبنان على كل أراضيه براً وبحراً وجواً

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأربعاء، التمسك بسيادة لبنان على كل أراضيه براً وبحراً وجواً

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)

السلطة الفلسطينية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان

رحبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي غارة إسرائيلية تستهدف أحد المعابر عند الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

لبنان: بدء تقييم أوضاع الجسور المتضررة من الهجمات الإسرائيلية في المعابر الحدودية بالشمال

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» بأن وزارة الأشغال العامة والنقل بدأت التحضير لترميم طريق معبر المصنع الحدودي مع سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

طوفان من نار يستبق وقف النار

استبقت إسرائيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين «حزب الله» الذي يبدأ سريانه الرابعة فجر اليوم (الأربعاء) بتوقيت بيروت وتل أبيب (الثانية بتوقت غرينتش.


اللبنانيون يحتفلون بوقف إطلاق النار... ونازحون يعودون إلى الجنوب والبقاع رغم التحذيرات

يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
TT

اللبنانيون يحتفلون بوقف إطلاق النار... ونازحون يعودون إلى الجنوب والبقاع رغم التحذيرات

يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ في الساعة الرابعة من صباح اليوم (الأربعاء) بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش)، نزل آلاف اللبنانيين إلى شوارع في بيروت، احتفالاً.

وسُمع دوي طلقات نارية في أنحاء العاصمة بيروت، بعد سريان وقف إطلاق النار؛ لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك احتفالًا.

أما في النبطية، فأطلق مواطنون مفرقعات نارية، ابتهاجاً بعودتهم إلى الجنوب.

ومع دخول وقف إطلاق النار حيِّز التنفيذ، بدأ أهالي الجنوب والبقاع العودة إلى قراهم. وتشهد الطرق المؤدية إلى هاتين المنطقتين مواكب للسيارات التي تنقل العائلات.

رجل يلوِّح بعلم لبنان في مدينة صيدا بالجنوب بينما يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

وتوجهت مئات السيارات نحو الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، مع انعدام حركة الطيران الحربي والمُسيَّرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، رغم تحذير الجيش الإسرائيلي النازحين من العودة إلى مناطقهم.

امرأة تحمل صورة حسن نصر الله أثناء عودتها إلى الضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ب)

وكان الجيش الإسرائيلي قد وجَّه -فجر الأربعاء، إثر بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بينه وبين «حزب الله»- تحذيراً إلى النازحين من جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم، والاقتراب من مواقعه في هذه المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه في منصة «إكس»: «إنذار عاجل إلى سكان جنوب لبنان: مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيِّز التنفيذ، وبناء على بنوده، يبقى الجيش الإسرائيلي منتشراً في مواقعه داخل جنوب لبنان. يحظر عليكم التوجه نحو القرى التي طالب جيش الدفاع بإخلائها، أو باتجاه قوات جيش الدفاع في المنطقة».