جدل عراقي حول تصريحات رغد صدام حسين

واصلت نشر أجزاء من مذكرات والدها... وجدل عراقي عن التوقيت ومستقبلها السياسي

رغد صدام حسين (صورة من حسابها في «إكس»)
رغد صدام حسين (صورة من حسابها في «إكس»)
TT

جدل عراقي حول تصريحات رغد صدام حسين

رغد صدام حسين (صورة من حسابها في «إكس»)
رغد صدام حسين (صورة من حسابها في «إكس»)

سيطرت 3 أحداث على اهتمام العراقيين، اليومين الماضيين، رغم الانشغال الروتيني بتأمين المعيشة والكهرباء وفرص العمل؛ اغتيال «البلوغر» أم فهد، وتشريع قانون مكافحة البغاء، وأخيراً مذكرات صدام حسين والتصريحات التي أدلت بها ابنته رغد لقناة «العربية».

وانقسم العراقيون بشأن تقدير الظهور الأخير لابنة رئيس النظام العراقي السابق، وفي حين فسر كثيرون أنها محاولة تمهد لدور سياسي، قلل آخرون من أهمية تصريحاتها ومذكرات والدها.

وقال الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، على منصة «إكس»، إنه توقع أن «يقرأ خفايا مثيرة لحقبة دامية دامت لأكثر من ثلاثة عقودٍ»، لكنه قال: «كالعادة، لم أقرأ إلا أبيات شعر حماسية ركيكة جداً».

وأعلنت رغد عن بدء نشر بعض من مذكرات والدها التي كتبها في أثناء فترة احتجازه من قبل القوات الأميركية.

رغد صدام حسين (أرشيفية - رويترز)

مستقبل رغد

وأثار الخبر الذي يأتي بعد نحو 18 عاماً من وفاة صدام (أُعدم في ديسمبر «كانون الأول» 2006)، اهتماماً وتفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتبت رغد صدام، في منشور عبر حسابها الرسمي على منصة «إكس» تخاطب والدها: «اليوم قررتُ أن أبدأ في نشر جزء صغير من مذكراتك بطريقتي؛ لأن دور النشر لديها (محاذير من نشرها) وسيكون اليوم مهماً لكثير من محبيك وحتى لغيرهم».

وكان صدام حسين قد جرى تقديمه للمحاكمة في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، بتهم متعددة، بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، انتهت محاكمته وحُكم عليه بالإعدام شنقاً.

وكتب مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي أن رغد تحاول في هذا التوقيت التمهيد لدور سياسي ما في العراق، أو التأثير على مسار الأحداث.

في المقابل، فإن ناشطين سياسيين قللوا من أهمية هذا السيناريو، وأشار بعضهم إلى أن رغد صدام حسين ممنوعة من دخول العراق.

وقالت رغد في مقابلة بثتها «قناة العربية»، أول من أمس، إن «كل ما يشغلها الآن هو العراق أولاً وآخراً»، وأشارت إلى أن «المواطن العراقي كان يعيش بعزة وسط أقرانه العرب، أما الآن فكل شخص يقيم الأمور كما يشاء».

اجتثاث

وفي سياق ما يبدو أنها محاولة تسويق من قبل ابنة صدام حسين الكبرى رغد، وهي الوحيدة المتصدية حالياً لإرثه، فإن المعادلات السياسية في العراق لا تزال بعيدة عن إمكانية قبولها أو إعادة تسويقها.

وطبقاً لقوانين العدالة الانتقالية في البلاد، وفي المقدمة منها قانون «المساءلة والعدالة» البديل لاجتثاث البعث، لا توجد أي مؤشرات على تحويله إلى ملف قضائي بدلاً من الملف السياسي الذي يلاحق كل من يراد التصدي له تحت ذريعة الانتماء للبعث.

وكانت آخر عملية اجتثاث، هي التي تعرض لها النائب شعلان الكريم الذي تم حرمانه من الفوز برئاسة مجلس النواب بذريعة إقامته مجلس عزاء للرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2006 بعد أيام قليلة من إعدامه.

ويعاقب القانون في العراق «كل من ينتمي إلى حزب البعث أو يمجّده أو يروّج له» بالسجن 15 عاماً، وأحكام أخرى، بالاستناد إلى قانون حظر حزب البعث الذي تم إقراره في عام 2016.

وبعد يومين صاخبين، كان العراقيون منشغلين بالجدل الذي رافق اغتيال نجمة «تيك توك» المعروفة باسم «أم فهد»، وقبل ذلك قانون مثير للجدل بشأن «مكافحة البغاء»، تحولت تصريحات نجلة صدام حسين إلى «تريند» وجدل حول ما يعنيه توقيت نشرها للمذكرات.

«تريند» رغد

وقال الباحث في مجال الإعلام، زيد الحلي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «بصرف النظر عن انشغالات الرأي العام بكل هذه القصص لكن لكل حالة ميدان الاهتمام بها حتى لو بدت في المجال العام موحدة».

وأوضح الأكاديمي وأستاذ الفلسفة، طه جزاع، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الأحداث منفصلة عن بعضها ومن ثم فإن وضعها في نسق إعلامي واحد كما لو كانت تبدو مع بعضها لا يبدو منصفاً لجهة التعامل مع وقائع لكل واحدة ميدانها العام، حتى لو شغلت الرأي العام لفترة».

وقال الإعلامي عبد الهادي مهودر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «حادثة مقتل أم فهد أصبحت قضية رأي عام لبعدها الأمني والاجتماعي وبسبب ما يشاع من نفوذ وسطوة مالية وعلاقات واسعة وتحكم».

وأضاف: «لكن المذكرات أو اليوميات تكاد تكون نخبوية ولا تفرض نفسها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى لو كانت لصدام حسين».

وأشار الأكاديمي جعفر الونان الرئيس السابق لمجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ذائقة الإعلام الإلكتروني تختلف عن الإعلام التقليدي وحتى التعاطي معه»، وقال: «نعيش هذه الأيام أحداث اللحظة... حدث يُميت حدثاً».

وقال علاء الحطاب، العضو السابق في مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مذكرات صدام حسين كانت ولا تزال مثار جدل بين العراقيين، إذ يرى من يصفون أنفسهم بالضحايا، أنها استذكار بطولات غير حقيقية مقارنة بالفترة التي عاشوها خلال الحرب العراقية الإيرانية وبعد غزو الكويت وما تبعهما من حصار اقتصادي، وآخرون يرون العكس تماماً».


مقالات ذات صلة

السعودية والعراق يعززان التعاون العسكري

الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله ثابت العباسي وزير الدفاع العراقي في الرياض (وزارة الدفاع السعودية)

السعودية والعراق يعززان التعاون العسكري

أبرمت السعودية والعراق، الاثنين، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري، وذلك خلال استقبال الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي، نظيره العراقي ثابت العباسي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وصل وزير الداخلية العراقي إلى طهران، وسط تكهنات بأنه يحمل رسالة خاصة، لبحث «عدم زج العراق في الصراع الإسرائيلي مع غزة ولبنان»، وفقاً لمصادر مطلعة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

حدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، 7 عوامل لتحقيق «استقرار العراق»، خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي السيستاني خلال استقبله اليوم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق معه (واع)

السيستاني: يجب منع التدخلات الخارجية في العراق وحصر السلاح بيد الدولة

قال المرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني، اليوم الاثنين، إنه يجب منع التدخلات الخارجية بمختلف صورها وحصر السلاح في يد الدولة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «كتائب حزب الله» العراقية سبق أن هددت بزيادة هجماتها مع قرب الانتخابات الأميركية (إكس)

قلق عراقي بعد تحديد إسرائيل «بنك أهداف»

تسود حالة من القلق في الأوساط الرسمية والشعبية العراقية بشأن طبيعة «بنك الأهداف» الذي أفادت تقارير إسرائيلية بأن تل أبيب حددته رداً على هجمات الفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)

تل أبيب من أكبر منتجي ومصدّري الطائرات المُسيَّرة

مُسيّرة إسرائيلية من نوع «هيرمز 900» أسقطها «حزب الله» بصاروخ دفاع جوي في يونيو (حزيران) الماضي (متداول)
مُسيّرة إسرائيلية من نوع «هيرمز 900» أسقطها «حزب الله» بصاروخ دفاع جوي في يونيو (حزيران) الماضي (متداول)
TT

تل أبيب من أكبر منتجي ومصدّري الطائرات المُسيَّرة

مُسيّرة إسرائيلية من نوع «هيرمز 900» أسقطها «حزب الله» بصاروخ دفاع جوي في يونيو (حزيران) الماضي (متداول)
مُسيّرة إسرائيلية من نوع «هيرمز 900» أسقطها «حزب الله» بصاروخ دفاع جوي في يونيو (حزيران) الماضي (متداول)

تُعدّ إسرائيل من أبرز الدول التي تعتمد على المسيرات بشكل كبير في عملياتها العسكرية، انطلاقاً من استخدامها لجمع المعلومات الاستخبارية والمراقبة والاستطلاع، وصولاً إلى الاعتماد عليها لقصف أهداف معينة، وتنفيذ عمليات اغتيال.

وأثبتت حرب غزة كما حرب لبنان اليوم، أن تل أبيب تمتلك تكنولوجيا متطورة جداً في هذا المجال، إضافة إلى أنها من أكبر منتجي ومصدري الطائرات المُسيَّرة، إذ شكلت المسيرات، بحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية، 25 في المائة من إجمالي صادرات إسرائيل من السلاح عام 2022.

وبالرغم من أن القرار الدولي 1701 يمنع على إسرائيل خرق الأجواء اللبنانية، فإن أهل الجنوب بشكل خاص، تآلفوا مع هدير طائرات «MK» الإسرائيلية، نظراً لوجودها بشكل دائم في أجوائهم.

ومع قرار تل أبيب توسعة الحرب على لبنان، باتت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تحلق 24 ساعة في اليوم فوق معظم المناطق اللبنانية، وهي باتت تشكل مصدر قلق كبيراً للمدنيين الذين يخشون عند تكثيف حركتها وتحليقها على ارتفاعات متدنية من أن تكون في طور الاستعداد لتنفيذ عملية هجومية أو عملية اغتيال.

أبرز المسيرات الإسرائيلية

وبحسب المعلومات، تمتلك إسرائيل 6 أسراب من الطائرات من دون طيار، نحو 10 أنواع منها تتوزع بين استطلاعية مخصصة لجمع المعلومات وهجومية. كذلك تمتلك نحو 8 أنواع من الطائرات الانتحارية.

وتشكل هذه الطائرات العمود الفقري للعمليات العسكرية، بحيث لا يتم تنفيذ أي عملية دون مشاركة أكثر من طائرة مسيرة للتحضير للمهمة وتنفيذها.

وأبرز هذه الطائرات: «هيرمس 450»، و«هيرمس 900»، و«إيتان»، و«غولف ستريم 550 ج»، و«هيرون»، و«أوربيتر»، و«سباي لايت»، و«سكاي سترايكر» الانتحارية، و«هاربي» الانتحارية أيضاً وغيرها.

«إنفوغراف» يظهر أنواع المسيرات الإسرائيلية (إعداد «الشرق الأوسط»)

صناعة متقدمة جداً

ويتحدث رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي، عن «صناعة عسكرية متقدمة جداً، مرتبطة بالطائرات المسيرة، تتقنها إسرائيل التي تمتلك أكبر شركة لتصنيع مسيرات متطورة، وهي تُعدّ من تلك التي تطير على مستويات متوسطة وعالية، وتقوم بمهام رصد وتجسس واستطلاع، كما تحمل صواريخ دقيقة».

ويشير قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المسيرات أحجام، وتستخدم بحسب العملية المرصودة لها، وتل أبيب تُصنّع جميع الأحجام»، موضحاً أن «هناك مسيرات تنفذ مهام صغيرة تحملها فرق المشاة وتستخدمها للاستطلاع داخل المناطق، حيث تنفذ عمليات ميدانية، كما أن هناك المسيرات الصغيرة جداً بحجم الذبابة، استخدمت في غزة، وهي تدخل في الأنفاق والمنازل لتحديد مواقع الأهداف. كذلك هناك المسيرات الانتحارية، التي تملك تل أبيب تشكيلة واسعة منها، تقوم باستهدافات داخل أراضي الخصم».

معركة مسيرات

من جهته، قال رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، إن المعركة الحالية التي تخوضها إسرائيل هي إلى حد بعيد «معركة مسيرات»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها «تمتلك عدداً كبيراً من المسيرات، منها التي تقوم بعمليات اغتيال، ومنها المخصصة للاستكشاف، ومنها الـ(mk) التي تجوب الأجواء اللبنانية باستمرار على مدار 24 ساعة في اليوم، كما طائرات (هيرمس 450) و(900)».

ويشير جابر إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تزود إسرائيل بمسيرات متطورة»، موضحاً أن «المسيرة في نهاية المطاف لا تستطيع أن تتصدى لمسيرة، ولذلك نرى (حزب الله) لا يستطيع التصدي لمسيرات إسرائيل، تماماً كما أن الأخيرة لا تستطيع دائماً التصدي لمسيرات (حزب الله)».

«إنفوغراف» يوضح أبرز المسيرات الإسرائيلية العاملة على جبهة جنوب لبنان (إعداد «الشرق الأوسط»)

«هيرون» الأكبر

وبحسب محمد سليمان، مدير برنامج التقنيات الاستراتيجية والأمن السيبراني في «مؤسسة الشرق الأوسط»، فإن إسرائيل تتصدر دول الشرق الأوسط في تصنيع المسيرات، لافتاً في حديث سابق مع «بي بي سي»، إلى أنها «أول دولة استخدمت المسيرات في حرب لبنان بالثمانينات من القرن الماضي، وبالطبع كان اعتمادها على الولايات المتحدة الأميركية تكنولوجياً، لكنها طورت وأنتجت أجيالاً من الطائرات المسيرة».

وتُعدّ المسيرات الإسرائيلية من نوع «هيرون» (معروفة أيضاً باسم «إيتان») أكبر المسيرات الإسرائيلية وأكثرها تطوراً، بحيث تستطيع البقاء في الجو لمدة 36 ساعة متواصلة، وحمل 1000 كيلوغرام من الصواريخ المتفجرة.

ونفذت المسيرات الإسرائيلية الهجومية عمليات دقيقة جداً سواء في غزة أو في لبنان، أدت لاغتيال عدد كبير من عناصر وقيادات «حماس» و«حزب الله».