تأجيل الانتخابات المحلية في لبنان يشعل السجالات بين القوى السياسية المسيحية

جعجع: محور الممانعة و«الوطني الحر» وجّها طعنة للديمقراطية

البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة تمديد ولاية المجالس المحلية (الشرق الأوسط)
البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة تمديد ولاية المجالس المحلية (الشرق الأوسط)
TT

تأجيل الانتخابات المحلية في لبنان يشعل السجالات بين القوى السياسية المسيحية

البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة تمديد ولاية المجالس المحلية (الشرق الأوسط)
البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة تمديد ولاية المجالس المحلية (الشرق الأوسط)

أشعل التمديد للمجالس المحلية رسمياً في البرلمان اللبناني، الخميس، السجالات بين القوتين السياسيتين المسيحيتين الأبرز على الساحة اللبنانية، وهما «التيار الوطني الحر» الذي أمّنت كتلته النيابية النصاب القانوني للجلسة، و«القوات اللبنانية» التي اتهم رئيسها سمير جعجع خصميه في محور الممانعة («حزب الله» وحلفاءه) و«التيار الوطني الحر» بـ«توجيه طعنة للديمقراطية في لبنان».

وأقرّ مجلس النواب اللبناني تمديد ولاية المجالس المحلية لمدة عام، بغالبية النواب الحاضرين، وذلك في جلسة تشريعية عامة ترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، وعُقدت وعلى جدول أعمالها بندان فقط، هما اقتراح قانون معجل مكرر لتمديد للبلديات والمخاتير، واقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني، وأُقرّ البندان.

بري يترأس الجلسة التشريعية ويبدو أعضاء الحكومة على مقاعدهم (الشرق الأوسط)

وتمديد ولاية البلديات، يعني تأجيل الانتخابات الخاصة بها، وهو التأجيل الثالث، بعد تأجيلين سابقين، أولهما في عام 2022 لتزامن الانتخابات مع الانتخابات النيابية، والآخر في العام الماضي. وقال مقترح القانون النائب جهاد الصمد إن أسباباً أمنية تحُول دون إجراء الانتخابات في محافظتي الجنوب والنبطية وبعلبك الهرمل، على خلفية الحرب الدائرة مع إسرائيل، ولا يمكن إجراء الانتخابات في لبنان من دون تلك المحافظات.

وتحتاج الجلسة إلى حضور نصف أعضاء البرلمان (65 نائباً)، وقاطعتها كتلة «القوات» و«الكتائب اللبنانية» وجزء من «كتلة التغيير» ونواب آخرون مستقلون ومعارضون، في حين تأمّن النصاب القانوني بمشاركة كتلة «لبنان القوي» التي يرأسها النائب جبران باسيل؛ وهو ما أشعل السجال السياسي مع «القوات اللبنانية» التي ترفض التمديد للبلديات، وتدفع باتجاه إجراء الانتخابات باستثناء المحافظات الثلاث المعرّضة للقصف الإسرائيلي.

مقاعد فارغة في البرلمان إثر مقاطعة نواب «القوات» و«الكتائب» ومستقلين وتغييريين (الشرق الأوسط)

جعجع

ووصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع التمديد بأنه «طعنة من جديد يوجهها محور الممانعة و(التيار الوطني الحر) للديمقراطية في لبنان، ولِـحقّ الناس في اختيار ممثليهم، ولقيام المؤسسات العامة وحسن سير العمل في هذه المؤسسات».

وكتب على منصة «إكس» إن «الحجة الواهية التي ساقها هؤلاء لإقرار التمديد الثالث للمجالس البلدية والاختيارية لا تستقيم، فقد تحججوا بوجود عمليات عسكرية في بعض مناطق الجنوب من أجل تأجيلها في لبنان كله، في حين أن وزارة التربية أقرّت الامتحانات في لبنان كله واستثنت المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، وهذا الاستثناء ليس جديداً، وأبلغ دليل ما حصل في الانتخابات نفسها في عام 1998 لجهة استثناء الجنوب وبعض القرى التي لم تحصل العودة فيها».

وأضاف: «لو سلمنا جدلاً بأن الحكومة ليست جاهزة، وفقاً للحجج التي يسوّقون، لكان الحري بهؤلاء النواب، إن كانوا ضنينين فعلاً بتطبيق الدستور والالتزام باستحقاقاته، توجيه دعوة طارئة إلى مجلس النواب من أجل الطلب من الحكومة أن تكون جاهزة وتحميلها مسؤولية أي تقاعس على هذا المستوى، بدلاً من التحجج زوراً وكذباً بأن الحكومة ليست جاهزة، وبالتالي تهريب تمديد جديد للمجالس البلدية».

وأشار إلى أن وزير الداخلية أكد مرات عدة جهوزيته وقدرته على إجراء الانتخابات البلدية، لكن محور الممانعة و«(التيار الوطني الحر) تحديداً»، «أصرّا على عدم جهوزيته»، وفقاً لما قاله جعجع، وسأل: «كيف يعقل أن يؤكد صاحب الشأن جهوزيته، بينما الفريق الممانع ينفي هذا التأكيد؟» وتابع: «السبب بسيط جداً؛ لأنهم لا يريدون انتخابات بلدية ليس لأي سبب من الأسباب التي يتذرعون بها، بل لسبب فعلي وحيد: تجنباً لإظهار ضعفهم الشعبي».

ورأى جعجع أن محور الممانعة و«التيار الوطني الحر»، «حرما اللبنانيين مرة من جديد فرصة انتخاب سلطات محلية جديدة، هذه السلطات التي بقيت تقريباً وحدها مع الناس تحاول معالجة ما استطاعت من مشاكلهم بعد الانهيار والشغور وعدم الاستقرار»، ورأى أن «ما حصل في المجلس النيابي يكشف عن خداع وزيف ادعاءات كل من سعى للتمديد من جديد للمجالس البلدية والاختيارية».

باسيل

لكن باسيل، أكد «أننا لم نتلكأ ولن نتلكأ عن القيام بواجبنا النيابي ونشارك في إعداد وإقرار قانون فعلاً طارئ وعاجل فيه مصلحة عامة». وقال: «في موضوع الانتخابات البلدية كنا أمام خيارين إما الفراغ في المرفق البلدي والاختياري أو أن نذهب إلى انتخابات لن تحصل».

باسيل يتوسط أعضاء من كتلته البرلمانية في مؤتمر صحافي عقب انتهاء الجلسة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «تابعنا الموضوع بتفاصيله وقد زار وفد من (التكتل) وزارة الداخلية، ونحن لا نحمّل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال المسؤولية وحيداً، وتأكدنا أنه على المستوى المالي لم يتم العمل بموضوع السلف المالية كما وأن لوائح الشطب لم توزع بعد إضافة على توزيع الموظفين على الأقلام لم يحصل، فضلاً عن أن الجو العام من الإداري إلى الاستعداد للترشيحات لم يكن جاهزاً، وهذا يعني أننا كنا سنذهب إلى الفراغ، وكل كلام غير ذلك هو هروب من المسؤوليات، ونحن جئنا إلى جلسة لنمنع الفراغ».

وتابع: «إن الوضع المالي للبلديات صعب، وهناك بلديات منهارة مالياً، واقترحنا إدخال إضافات إلى مشروع القانون لتفعيل العمل البلدي في عام التمديد من خلال معالجة الخلل الإداري وإعطاء اعتماد للبلديات، لكن لم يتم السير في هذه الإضافات».

منع الفراغ

وبرر أعضاء في كتلة «لبنان القوي» مشاركة الكتلة في الجلسة، وقال النائب آلان عون: «إننا لا نريد المزايدات، بل الذهاب إلى منع الفراغ والفوضى في المجالس البلدية».

من جهته، توجه النائب غسان عطا الله إلى خصوم «التيار» بالقول: «إذا كنتم فعلاً مقتنعين بجهوزية الدولة لإجراء هذه الانتخابات أين أسماء مرشحيكم؟». وتابع: «خوفاً من أن تكون مواقفكم في الانتخابات البلدية والاختيارية تشبه مواقفكم في النزوح السوري، لن ننتظر 12 عاماً حتى تعرفوا أن قرارنا كان صائباً». وتابع: «كفى مزايدات فارغة وكونوا صريحين مع الناس؛ لأن مزايداتكم في موضوع انتخابات المجالس البلدية والاختيارية بالتحديد ستوصل البلاد إلى مزيد من التحلل ومزيد من الشلل كما مزايداتكم في كل المواضيع الأخرى».


مقالات ذات صلة

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

المشرق العربي نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

نبيه بري يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يتبلغ شيئاً رسمياً» عن إحياء مساعي وقف النار... ومعلومات عن اعتراضه على رقابة بريطانيا وألمانيا على الـ1701.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي نازحون لجأوا إلى دير الأحمر من بعلبك بعد اشتداد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

الشتاء يفاقم معاناة النازحين في لبنان

تتفاقم معاناة النازحين، كلما انخفضت درجات الحرارة، حيث تفتقد غالبية مراكز الإيواء لمستلزمات التدفئة الضروريّة

حنان حمدان
المشرق العربي قرية لبنانية مُدمَّرة كما بدت في صورة من جبل أدير بشمال إسرائيل يوم الاثنين (رويترز)

فصل الشتاء يعوق الحرب في لبنان ولا يوقفها: التأثير الأكبر على المعركة البرية

تتفاوت حدّة المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» اللذين سيكونان أمام تغيرات في الطقس مع بدء فصل الشتاء الذي لا يوقف المعركة إنما يعوقها.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد فوق ضاحية بيروت الجنوبية بعد ضربة إسرائيلية (رويترز) play-circle 00:39

غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية

شن الطيران الحربي الإسرائيلي، الثلاثاء، 13 غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، بعد أن استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي أي وقف لإطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة مركبة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

«صفقة نتنياهو»: السيادة على المستوطنات مقابل إنهاء الحرب

تُعِدّ حكومة نتنياهو خطة استراتيجية لإجهاض حل الدولتين بفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية وقطاع غزة وتعزيز الاستيطان.

نظير مجلي (تل أبيب)

دمشق: «آستانة» ساهمتْ في الحفاظ على وحدة أراضينا... ونتطلع للمزيد

أعضاء من بعثة الأمم المتحدة إلى إدلب السورية تنفيذاً لخطة «التعافي المبكر» التي انطلقت عشية مؤتمر «كوب 29» للتغير المناخي (أ.ف.ب)
أعضاء من بعثة الأمم المتحدة إلى إدلب السورية تنفيذاً لخطة «التعافي المبكر» التي انطلقت عشية مؤتمر «كوب 29» للتغير المناخي (أ.ف.ب)
TT

دمشق: «آستانة» ساهمتْ في الحفاظ على وحدة أراضينا... ونتطلع للمزيد

أعضاء من بعثة الأمم المتحدة إلى إدلب السورية تنفيذاً لخطة «التعافي المبكر» التي انطلقت عشية مؤتمر «كوب 29» للتغير المناخي (أ.ف.ب)
أعضاء من بعثة الأمم المتحدة إلى إدلب السورية تنفيذاً لخطة «التعافي المبكر» التي انطلقت عشية مؤتمر «كوب 29» للتغير المناخي (أ.ف.ب)

قالت دمشق إن نتائج «مسار آستانة» أسهمت في «الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها»، معربةً عن تطلعها إلى المزيد من النتائج في «مجال مكافحة الإرهاب والقضاء عليه»، وفي تحرير أرضها من «الاحتلال الأميركي والتركي»، وفق تعبير رئيس وفد سوريا إلى الاجتماع الدولي الـ22، معاون وزير الخارجية السوري أيمن رعد، في مؤتمر صُحافي عقد الثلاثاء في ختام الاجتماع في العاصمة الكازاخية.

وكان لافتاً تجنب رعد التطرق لمسار التقارب بين دمشق وأنقرة، علماً بأن البيان المشترك الصادر عن روسيا وإيران وتركيا أكد على «استمرار الجهود لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق».

وقال رعد إن «منطقتنا تمر بوضع بالغ الخطورة بسبب عدوان الكيان الصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وما يرتكبه من جرائم همجية وإبادة جماعية، إضافة إلى اعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية واستهدافه المدنيين العزل، وما تشكله هذه الاعتداءات من إرهاب للمواطنين السوريين، وقصفه المناطق السكنية وتدمير المنشآت المدنية، وغيرها من الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

ولفت رعد إلى أنه تم التشديد خلال الاجتماعات على «الآثار الكارثية» الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الدولية على الشعب السوري، مطالباً «بالرفع الفوري وغير المشروط لها»، لأنها تفاقم المعاناة وتعوق العمل الإنساني، وتعرقل الجهود المبذولة لإعادة اللاجئين، كما تم التأكيد على الحاجة إلى تعزيز وتوسيع مشاريع التعافي المبكر، لما لها من أثر مهم على إعادة الاستقرار ومساعدة الشعب السوري على تجاوز المعاناة التي يعيشها.

التعافي المبكر

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان وفد إلى سوريا أكثر من نصف مليون شخص بين 23 سبتمبر (أيلول) الماضي ولغاية بداية الشهر الحالي، منهم 361 ألف لاجئ سوري عائد ونحو 177 ألفاً و864 لبنانياً، معظمهم من النساء والأطفال، إذ فتحت سوريا حدودها وقدمت التسهيلات لاستقبالهم بالتنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري ومنظمات وجهات أهلية، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه كلا البلدين من أوضاع اقتصادية صعبة.

كانت الأمم المتحدة أطلقت مطلع الشهر الحالي «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا لمدة 5 سنوات، وحضت الدول المانحة على تمويل صندوق مخصص لدعم هذه الاستراتيجية، محذرةً من تأثير حالة عدم الاستقرار في سوريا على العالم، وانتعاش تنظيم «داعش» من جديد، وعرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.