«الأونروا» تدعو إلى تحقيق بشأن الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في غزة

مدرسة لوكالة «الأونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
مدرسة لوكالة «الأونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا» تدعو إلى تحقيق بشأن الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في غزة

مدرسة لوكالة «الأونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
مدرسة لوكالة «الأونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وجّه المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، الثلاثاء، انتقادات لإسرائيل، داعياً مجلس الأمن الدولي للتحقيق في «التجاهل الصارخ» لعمليات الأمم المتحدة في غزة، بعد مقتل مئات من موظفيها وتدمير مبانيها.

وتأتي تصريحات لازاريني غداة صدور تقرير للجنة مستقلة كلّفتها الأمم المتحدة إجراء تقييم لأداء الوكالة. وأشار التقرير إلى أنّ إسرائيل لم تقدّم دليلاً يدعم اتّهاماتها لموظفين في «الأونروا» بأنهم على صلة بمنظمات إرهابية.

لكنّ التقرير خلص إلى أنّ الوكالة تعاني من «مشكلات تتّصل بالحيادية»؛ خصوصاً على صعيد استخدام موظفيها لشبكات التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من إقراره بما خلص إليه التقرير، قال لازاريني في تصريح لصحافيين، إن الاتّهامات للوكالة «مدفوعة في المقام الأول بهدف، هو تجريد الفلسطينيين من وضع اللاجئ، وهذا هو السبب في وجود ضغوط اليوم من أجل عدم وجود (الأونروا)» في غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية.

وأنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة «الأونروا» في 1949 لمساعدة فلسطينيين خسروا منازلهم في الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948، وكذلك أحفادهم. وحالياً تقدّم الوكالة خدمات لنحو 5.9 مليون لاجئ مسجّل.

وقال لازاريني إنه خلال اجتماع عقد مؤخراً مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، دعا أعضاء مجلس الأمن إلى «إجراء تحقيق مستقل ومساءلة عن التجاهل الصارخ لمباني الأمم المتحدة وموظفي الأمم المتحدة وعمليات الأمم المتحدة في قطاع غزة».

ومنذ اندلاع الحرب وحتى الثلاثاء، قُتل 180 من موظفي «الأونروا»، وتضرّر أو دُمّر 160 من مبانيها، و«قتل 400 شخص على الأقل أثناء سعيهم للحماية التي يوفّرها علم الأمم المتحدة»، وفق لازاريني.

وقال المفوض العام لـ«الأونروا» إن مباني الوكالة التي تم إخلاؤها استُخدمت لأغراض عسكرية من جانب الجيش الإسرائيلي أو «حماس» والفصائل المسلحة الأخرى، في حين تم اعتقال موظفين تابعين للوكالة وتعذيبهم.

وقال لازاريني: «هنا تكمن أهمية إجراء تحقيق ومساءلة» تجنّباً لتكريس معايير أكثر تدنّياً في أي نزاعات مستقبلية.

وتتّهم إسرائيل الوكالة الأممية البالغ عدد موظفيها أكثر من 30 ألف شخص في المنطقة (غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا) بأنّها توظّف «أكثر من 400 إرهابي» في غزة، من بينهم 12 موظّفاً تؤكّد الدولة العبرية أنّهم متورّطون بشكل مباشر في الهجوم الذي شنّته «حماس» على أراضيها.

واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم من «حماس» على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) أسفر عن مقتل 1170 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. واحتُجز وقت الهجوم أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعّدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس»، وتشنّ عمليات قصف وهجوم بري واسع على قطاع غزة، خلَّف حتى الآن 34183 قتيلاً وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

ودفعت الاتّهامات الإسرائيلية لـ«الأونروا» بعدد من كبار الدول المانحة إلى تجميد تمويلها للوكالة الأممية في يناير (كانون الثاني).

مبنى تابع لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في غزة (د.ب.أ)

وبلغ عدد الجهات المانحة التي جمّدت تمويلها لـ«الأونروا» نحو 15 جهة مانحة، في مقدّمها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؛ لكن منذ ذلك الحين استأنف عدد من هذه الجهات المانحة تمويل «الأونروا»، ومن بينها الدول الإسكندنافية واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا.

والثلاثاء، دعا الاتّحاد الأوروبي جميع المانحين إلى استئناف تمويلهم لـ«الأونروا».

بالمقابل، شدّد البيت الأبيض الثلاثاء على وجوب إحراز «تقدّم حقيقي» قبل استئناف التمويل الأميركي المعلّق أساساً لغاية مارس (آذار) 2025، بسبب قانون الميزانية الذي صدر في مارس، وحظر أي تمويل لـ«الأونروا» من قبل الولايات المتحدة لمدة عام.

والثلاثاء، أعرب لازاريني عن أسفه لأنّ مجموع الأموال التي حُرمت منها «الأونروا» بسبب قرارات التجميد هذه بلغ 450 مليون دولار، في وقت يعاني فيه سكّان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من كارثة إنسانية، ويحتاجون إلى مساعدات طارئة.

وقال: «آمل أنه مع تقرير (كولونا) والإجراءات التي سننفّذها، سيكون لدى المجموعة الأخيرة من المانحين ما يكفي من الثقة للعودة كشركاء للوكالة».

وأضاف أنّ الوكالة قادرة على الصمود مالياً «حتى نهاية يونيو (حزيران)»؛ مشيراً إلى أنّها تعمل «في الوقت الراهن على أساس يومي» بعدما نجحت في جمع «100 مليون دولار» من التبرعات الخاصة، معتبراً هذه التبرعات «دليلاً استثنائياً على التضامن الميداني».

والثلاثاء، أعلن «البنتاغون» أنّ الولايات المتّحدة ستباشر «قريباً جداً» بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة بهدف تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

ماكرون يعبر عن «سخطه» بعد العثور على جثث الرهائن ويدعو لإنهاء حرب غزة

أوروبا محتجون يحملون توابيت بعد انتشال جثث رهائن من قطاع غزة خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب (ا.ف.ب)

ماكرون يعبر عن «سخطه» بعد العثور على جثث الرهائن ويدعو لإنهاء حرب غزة

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء (الأحد)، عن «سخطه» بعد العثور على جثث «الرهائن الستة الذين قتلتهم حماس في غزة»، داعياً إلى «إنهاء الحرب».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (رويترز)

سموتريتش يدعو النائب العام الإسرائيلي لمنع الإضراب العام غداً

طلب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من النائب العام تقديم طلب عاجل للمحاكم لمنع الإضراب المقرر غداً الاثنين، الذي يهدف إلى الضغط على حكومة نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

الديمقراطيون في أميركا يحثّون على التوصل لهدنة في غزة

جدّد عدد من المشرّعين من الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة، الأحد، دعواتهم لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» بعد مقتل 6 رهائن في نفق بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة الضوء على ظروف احتجازهم وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
TT

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

قال وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، إن سوريا ودول محور المقاومة في «القارب نفسه» وعلى «الجبهة نفسها» يقاتلون إسرائيل، وإن «التعاون المشترك» سيجعلهم أقوى في مواجهة «المحور المتغطرس»، وفق ما أفادت به وسائل إعلام إيرانية قالت إن وزير الدفاع السوري هنأ، في اتصال هاتفي اليوم الأحد، نظيره الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، بتعيينه وزيراً للدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية.

وفي حين لم تشر وسائل الإعلام السورية الرسمية إلى خبر الاتصال بين الوزيرين حتى إعداد هذا التقرير، فقد أفادت وكالة «مهر» الإيرانية بأن الوزير الإيراني أكد دعم بلاده «إرساء الأمن واحترام وحدة الأراضي السورية»، مشيراً إلى القواسم المشتركة بين البلدين، لا سيما دعم سوريا محور المقاومة، لافتاً إلى أنه «يجب تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين؛ بما في ذلك نتائج زيارتكم إلى طهران».

اللجنة الاقتصادية المشتركة السورية - الإيرانية في دمشق خلال أبريل الماضي (سانا)

يُذكر أن وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، زار طهران في مارس (آذار) الماضي في ظل ازدياد احتمالات توسع الحرب مع إسرائيل وتصعيد الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية التي تستهدف القوات الموالية لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله».

وعلق الوزير الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، على نتائج الزيارة الماضية من وزير الدفاع السوري إلى طهران، بالقول: «سوف يتوسع التعاون بسرعة أكبر».

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

كما عبر الوزير الإيراني عن أسفه لعدم رؤية بلاده «أي رد فعل مناسب من المجتمع الدولي تجاه جرائم الكيان الصهيوني»، مشدداً على أنه يجب أن يستمر التعاون بين إيران وسوريا، وأن هذا «التعاون سيؤدي حتماً إلى هزيمة الكيان الصهيوني».

ونقلت «مهر» عن وزير الدفاع السوري تطلعه إلى استمرارية العلاقات بإيران، وبذل القوات المسلحة في البلدين «مزيداً من الجهود بما يتماشى مع أهداف البلدين». وقال: «نحن معكم، وعلى الجبهة نفسها. إن أمن البلدين واحد»، وإن «محور المقاومة في القارب نفسه، ويقاتلون كيان الاحتلال الذي ارتكب كثيراً من الجرائم ضد الإنسانية في غزة وسوريا واليمن». وشدد على أن التعاون المشترك «سيجعلنا أقوى في مواجهة هذا المحور المتغطرس» متمنياً تطوير هذا التعاون والاتفاقيات، والاستمرار على «هذا المنوال في مواجهة قوى الشر» وفق «مهر».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

الاتصال الهاتفي بين وزيرَي الدفاع الإيراني والسوري، جاء بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن «موسكو مهتمة بتطبيع العلاقات بين النظام السوري وتركيا»، مؤكّداً أنّ «اجتماعاً جديداً سيُعقد في المستقبل القريب».

ورأت مصادر متابعة في دمشق أن «طهران، ومع كل تطور إيجابي تحققه موسكو فيما يخص ملف التقارب السوري ـ التركي، تبعث برسائل تؤكد نفوذها في سوريا، وتذكّر الجانب السوري بـ(وجوب تنفيذ الاتفاقيات المشتركة وتسديد الديون المستحقة عليه)، في نوع من الضغوط على دمشق حتى لا تمضي في ملف التقارب بعيداً عن المصالح الإيرانية».

منطقة البوكمال نقطة استراتيجية للمسلّحين المُوالين لإيران شرق سوريا (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن ضغوطاً قوية تمارَس على دمشق من الحليفين: الروسي؛ للدفع باتجاه التقارب مع تركيا، والإيراني؛ للتريث واستثمار هذا الملف في إعادة صياغة التوازنات في المنطقة؛ لا سيما مع الجانب الأميركي.

ورجحت المصادر تصدير دمشق موقفين لحليفيها: الأول إظهار التجاوب مع مساعي موسكو وبث رسائل إيجابية تجاه التقارب مع تركيا، والموقف الثاني يهادن الضغوط الإيرانية ويظهر التمسك بثبات الموقف من «محور المقاومة» والالتزام بسياساته، وإظهار التريث تجاه التقارب مع تركيا.

ولفتت المصادر إلى ما سبق أن تناولته وسائل إعلام عربية عن «زيارة سرية من رئيس الأركان السوري، العماد عبد الكريم محمود إبراهيم، إلى إيران دون إبلاغ الرئيس بشار الأسد، وذلك في الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الماضي. ورغم خطورة تلك المعلومات، فإنه لم يصدر رد فعل من دمشق؛ بل جرى تجاهلها تماماً. وهذا يضعنا أمام احتمالين: إما وجود انقسام داخل القيادة في سوريا، وإما هي (عملية توزيع أدوار، وتصدير مواقف عدة للتحايل على ضغوط الحليفين)».

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً