خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في مقر إقامته بواشنطن، اضطر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى أن يُكرر الإجابة خمس مرات عن سؤال يُطرَح عليه كل مرة بصيغة مختلفة من ممثلي الصحافة ووكالات الأنباء العالمية في العاصمة الأميركية. السؤال المتكرر يتعلق بما إذا كان في العراق وجود قتالي أميركي أو أجنبي، وجاء بهذه الأشكال: هل بحث (مع المسؤولين الأميركيين) ملف الوجود الأجنبي العسكري في العراق؟ كيف يتعامل العراق مع ملف التحالف الدولي على أرضه؟ متى تنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق؟ ما طبيعة التحالف عندما تصبح العلاقة ثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين البلدين عام 2008؟ حين جاء دور «الشرق الأوسط» كان سؤالها الآتي: هل تعطوننا إجابة تكون خاتمة الأجوبة عن هذا السؤال المتكرر؟ فكان رده ابتسامة. هل نستطيع أن ننسب إليك هذا الجواب: لا توجد قوات قتالية في العراق لكي تنسحب؟ قال السوداني وقد اتسعت ابتسامته: «أنا أوقّع على هذا الجواب». عندها أسدل الستار على هذا السؤال الذي تكرر خمس مرات خلال المؤتمر الصحافي.
3 نقاط خلافية
خلال اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع الرئيس الأميركي جو بايدن، كان هناك اتفاق حدده بروتوكول الطرفين أن كلاً منهما يتحدث لمدة ثلاث دقائق قبل أن تبدأ المباحثات الرسمية بينهما، التي استمرت لمدة ساعة مثلما هو مقرر لها. وبينما كان بايدن، الذي وضع كالعادة رجلاً على رجل خلال اللقاء، يقرأ في ورقة مكتوبة ما سيقوله في دقائقه الثلاث، كان السوداني يجلس مسترخياً بآداب المجالس الشرقية، ثم ارتجل كلامه في ثلاث دقائق. لكنه حمّلها نقاطاً خلافية مع واشنطن، وتوضيحاً ورؤية بدلالة.
ملف التحالف
ولم يكن متوقعاً أن يطرح رئيس الوزراء العراقي ملف التحالف الدولي في العراق وإنهاء مهمته أمام بايدن على أنه نقطة أساسية في المباحثات، بينما كان يمكنه تركها للمباحثات الرسمية بين الوفدين الرسميين الأميركي والعراقي. فعلى صعيد هذه النقطة وقضية العودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي، فقد بُحثت في جلسة مطولة بين الوفد الذي رأسه من الجانب العراقي نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد تميم، ومن الجانب الأميركي وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
مع ذلك فقد وضعها السوداني ضمن جدول أولوياته لأنه يواجه ضغوطاً في داخل العراق لحسم هذا الملف لكي تنزع آخر الذرائع من الكثير من الأطراف والفصائل المسلحة التي تستهدف المصالح الأميركية في العراق تحت ذريعة الاحتلال.
غزة وضحاياها
النقطة الثانية، وهي نقطة خلاف رئيسية وكان السوداني صريحاً فيها وهي الموقف مما يجري في غزة بعد «طوفان الأقصى». ففي الوقت الذي شاطر السوداني بايدن الرؤية في عدم توسيع نطاق الصراع في المنطقة مع استعداد العراق للعب دور في هذا المجال انطلاقاً من علاقته مع إيران، شنَّ السوداني هجوماً عنيفاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن حكومته ترتكب مجازر جماعية ضد العزَّل من الفلسطينيين نساءً وأطفالاً وشيوخاً.
أما النقطة الثالثة التي مرَّرها السوداني بطريقة تمثل افتراقاً تاماً عن الموقف الأميركي فكانت ضحايا الحرب من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. ففي الوقت الذي تساند واشنطن كل ما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية وتدافع عن القتلى الإسرائيليين، فإن السوداني رأى أن ضحايا الحرب الجارية في غزة هم الأبرياء من الفلسطينيين فقط.