إيران تسعى إلى ضبط معابر خط الإمداد في سوريا «خشية الخروق الأمنية»

منح قياديي «الحرس الثوري» في دير الزور إجازة أسبوع «خشية الرد على الرد» من إسرائيل، وسعي إيراني لضبط معابر خط الإمداد

جندي عراقي بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر البوكمال (رويترز)
جندي عراقي بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر البوكمال (رويترز)
TT

إيران تسعى إلى ضبط معابر خط الإمداد في سوريا «خشية الخروق الأمنية»

جندي عراقي بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر البوكمال (رويترز)
جندي عراقي بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر البوكمال (رويترز)

وسط حالة التأهب والاستنفار الكامل للميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني منذ مطلع الشهر الحالي بعد توجيه إسرائيل ضربة للقنصلية الإيرانية والرد الإيراني عليها، شهدت المناطق الحدودية السورية التي تسيطر عليها إيران والحواجز القائمة على طرق التهريب مواجهات بين الميليشيات التابعة لإيران والأخرى الرديفة للقوات الحكومية التابعة لروسيا المسيطرة على الأرض، دخلت الفرقة الرابعة التابعة للقوات الحكومية فيها حيناً لاحتواء المواجهة وحيناً كطرف مدعوم من إيران.

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات التابعة لإيران في محافظة دير الزور في حالة تأهب أمني؛ تحسباً لأي ضربة إسرائيلية «رداً على الرد». ورفعت إيران من مستوى التأهب خشية الخروق الأمنية التي ساهمت في تحقيق سلسلة الاستهدافات الإسرائيلية إصابات موجعة لإيران؛ لذا هناك «مساعٍ لسد أي ثغرة محتملة، لا سيما على طرق الإمداد البري»، بحسب المصادر التي قالت إن عناصر القوات الحكومية السورية تشكل نقطة ضعف أمنية لإيران؛ لأن أغلب عناصرها غايته تحقيق مكاسب مالية، مع استئثار المسؤولين على الحواجز بالحصة الأكبر من المكاسب ضمن «اتفاق تحاصص يخضع لسلطة القوة المسيطرة في كل منطقة. ما يزيد حدة التنافس على المكاسب، وبالتالي ارتفاع خروق التهديد الأمني».

الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وكانت الفرقة الرابعة (يقودها ماهر الأسد)، قد أجرت تغييرات عسكرية على طريق دمشق - بيروت خلال الأسبوعين الماضيين طالت بعض الضباط على حواجزها، خاصة المنتشرة على طريق دمشق – بيروت، وعلى طريق دمشق – حمص – حماة؛، إذ عزلت ضباطاً وعناصر وعيّنت آخرين بدلاً عنهم، بالإضافة إلى تخفيض صلاحيات البعض، وفقاً لمصادر تحدثت لموقع «صوت العاصمة»، أفادت بأن التغييرات جرت «بعد خلافات سابقة بين ضباط الفرقة الرابعة». وأن «الشرطة العسكرية التابعة للفرقة، اعتقلت الضابط قريش المسؤول عن الحاجز المعروف باسمه قرب جديدة يابوس بريف دمشق، وأحالته إلى التحقيق رفقة عدد من العناصر وزجتهم في السجن، وسلمت الحاجز لضابط جديد».

المصادر لفتت إلى خلافات سابقة نشبت بين قريش الذي يتولى أكبر حاجز على أوتوستراد دمشق – بيروت، والعقيد بسيم؛ بسبّب تهريب البضائع من الأراضي اللبنانية إلى الأسواق السورية. وأصدّرت الفرقة الرابعة قراراً يقضي بتسليم العقيد بسيم كافة المناطق الحدودية مع لبنان ابتداءً من منطقة الديماس وصولاً إلى يعفور والصبورة (قريباً من الحدود اللبنانية غرباً).

في الأثناء، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الثلاثاء)، بأن حالة من التوتر والاستنفار تسود بين الميليشيات الموالية لإيران ضمن مناطق سيطرتها في سوريا بدءاً من قرب الجولان السورية المحتلة وريف دمشق الغربي والجنوبي الغربي، وصولاً إلى دير الزور وريفها حتى الحدود السورية – العراقية، ومناطق أخرى، بعد الرد الإيراني عبر المسيّرات والصواريخ على إسرائيل.

ونقل «المرصد» عن مصادره بأن قيادة ميليشيا «الحرس الثوري» الإيراني منحت إجازة أسبوع للقياديين والإداريين كافة ضمن المقار والمواقع العسكرية التابعة لها في مدينة الزور وأريافها، كما منحت إجازة للمسؤولين عن المراكز الثقافية الإيرانية المنتشرة في كل من مدينة دير الزور، ومدينتي البوكمال والميادين وبلدة حطلة؛ تخوفاً من قصف إسرائيلي.

وتشير المعلومات الواردة من شرق سوريا إلى منع دوريات تتبع «الحرس الثوري» الإيراني بقيادة حاج مرتضى العسكري، إقامة عناصر «لواء القدس» الفلسطيني المدعوم من روسيا، حاجزاً في ريف مدينة البوكمال عند الحدود مع العراق والتي تخضع للنفوذ الإيراني. وبحسب موقع «صدى الشرقية»، منعت المجموعة الإيرانية عناصر اللواء الفلسطيني من إنشاء حاجز وصادرت سلاحهم؛ بحجة أنهم «لا يمتلكون تصريحاً رسمياً لإنشاء الحاجز من قبل قيادة (الحرس الثوري) الإيراني في البوكمال».

وبحسب الموقع، تدخلت الفرقة الرابعة لفض النزاع بين الطرفين بعد تعهد «لواء القدس» بعدم إقامة أي حاجز. مع الإشارة إلى أن «الحرس الثوري» الإيراني كان قد سمح بدخول وفد روسي للبوكمال تحت إشرافه لثلاث مرات خلال أسبوعين متتاليين.

صورة أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور (المرصد السوري)

وكانت مصادر إعلامية محلية، قد ذكرت الأحد، أن دوريات مشتركة تتبع الأمن العسكري والفرقة الرابعة وميليشيا الدفاع الوطني، أغلقت طريق التهريب ونقطة التمركز قرب جسر حسرات بريف البوكمال شرق دير الزور. وردت المصادر سبب إغلاق المعبر إلى صعوبات مالية تتعلق بعائدات التهريب.

اللافت للانتباه أن التغييرات السابقة، تأتي وسط تصاعد التوتر شرق دير الزور بين الميليشيات التابعة لإيران والميليشيات السورية المدعومة من روسيا، وتدخل الفرقة الرابعة إلى جانب الميليشيات المدعومة من إيران على خلفية تقاسم عائدات طرق التهريب.

وقالت مصادر أهلية أإن الاشتباكات في مدينة البوكمال على الحدود السورية - العراقية، بريف دير الزور الشرقي، تجددت بين ميليشيا الدفاع الوطني الرديفة للقوات الحكومية والمدعومة من روسيا، بمواجهة الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري والمدعومة من إيران. وبحسب نشطاء في المنطقة، فإن إيران تسعى إلى فرض هيمنتها الكاملة على خطوط التهريب في مناطق نفوذها شرق دير الزور واستبعاد الميليشيات المدعومة من روسيا.

وسبق لصحيفة «نيويورك تايمز» أن نقلت عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإيرانيين، أن «طهران تدير طرق تهريب سرية عبر الشرق الأوسط»، وأن الكثير «من الأسلحة المهربة إلى الضفة الغربية تنتقل من إيران، عبر العراق وسوريا ولبنان والأردن وإسرائيل».

يشار إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت قبل أسبوع من الهجوم الإيراني على إسرائيل بين مجموعات من «الدفاع الوطني» في ريف دير الزور الغربي، من جهة، وعناصر من «الفرقة الرابعة» ولواء الباقر من جهة أخرى، لدى محاولة لواء الباقر السيطرة على معبر بلدة عياش، في ظل حالة من الفلتان الأمني وانتشار لمختلف أنواع السلاح.

وأفاد تقرير لـ«المرصد السوري» بعقد اجتماع في قرية الخريطة ضم كلاً من المدعو إبراهيم الهفل، شيخ قبيلة العكيدات ونواف راغب البشير، قائد لواء الباقر، وعبد الله شلال العبد الله، أحد وجهاء عشيرة البوسرايا، في منزل الأخير، ضمن مناطق سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الغربي. وطلب وجيه من عشيرة البوسرايا ضم أبناء العشيرة إلى فصيل «جيش العشائر» الذي يتزعمه «ليث البشير»؛ بهدف زيادة القوة العسكرية ضمن الميليشيا وتكثيف السيطرة على معابر التهريب، و«لإرسال المزيد من الخلايا لمناطق سيطرة (قسد)، قوات سوريا الديمقراطية (أكراد). إلا أن الطلب قوبل بالرفض من قبل شيخ عشيرة البوسرايا مهنا الفياض» بحسب «المرصد».


مقالات ذات صلة

رسوّ ناقلة نفط احتجزتها إيران بالقرب من ساحل الإمارات

شؤون إقليمية تُظهر صورة القمر الصناعي "بلانت لبس" ناقلة "أدفانتدج سويت" قبالة ميناء بندر عباس 6 مايو 2023 (أ.ب)

رسوّ ناقلة نفط احتجزتها إيران بالقرب من ساحل الإمارات

أظهرت بيانات تتبّع السفن، الاثنين، أن ناقلة نفط استأجرتها شركة «شيفرون»، واحتجزتها إيران قبل أكثر من عام، رست بالقرب من ميناء خورفكان بدولة الإمارات.

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي فراس الجهام

إيران تعزز أذرعها في سوريا عبر انتخابات مجلس الشعب

هل تستفيد إيران فعلاً من دعم مرشحين في انتخابات برلمانية لا يعدّها كثيرون جادة أو شفافة، أم إنها بحاجة إلى «وجوه سورية» واجهةً محليةً لها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يتوسط قادة «الحرس الثوري» على هامش لقاء الأحد (إكس)

بزشكيان يلتقي قادة «الحرس الثوري»... وظريف يحدد آليات تسمية الوزراء

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان، التقى 10 من كبار قادة «الحرس الثوري» والأجهزة التابعة له، في سياق مشاورات تسبق تشكيل حكومته.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية عناصر من البحرية الإيرانية أثناء الإنزال على الناقلة «أدفانتج سويت» أبريل العام الماضي (أ.ف.ب)

إيران تحرر ناقلة نفط إلى المياه الدولية بعد عام من الاحتجاز

أظهرت بيانات تتبع أن ناقلة نفط استأجرتها شركة «شيفرون» واحتجزتها إيران منذ أكثر من عام تتجه نحو ميناء صحار في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي خارج مقر رئيس الوزراء في 10 داونينغ ستريت وسط لندن اليوم (رويترز)

بريطانيا تدرس تقييد «الحرس الثوري» بدلاً من تصنيفه إرهابياً

كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن وزير الخارجية الجديد، ديفيد لامي، يدرس تعديلاً قانونياً لفرض قيود على «الحرس الثوري» الإيراني، بدلاً من تصنيفه إرهابياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في منطقة النبطية، في جنوب لبنان، بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص، هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه في استهداف منزلهم في بنت جبيل.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيرة إسرائيلية شنت غارة بصاروخ موجه مستهدفة دراجة نارية على طريق النبطية - الخردلي، كان يستقلها شخصان، وعندما حاول عدد من المواطنين الاقتراب منها تعرضت لغارة ثانية وبصاروخ موجه أدى إلى وقوع إصابات مؤكدة براكبيها»، وأفادت وسائل إعلام لبنانية في وقت لاحق بوفاة الشخصين وهما من الجنسية السورية، من دون أن يجري الإعلان عن هويتهما.

وكان جنوب لبنان قد شهد تصعيداً في المواجهات ليلاً، بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، إثر مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في بنت جبيل، بعد ساعات على اغتيال إسرائيل، رجل أعمال سوري مقرّب من الرئيس السوري بشار الأسد، ويخضع لعقوبات أميركية وأوروبية، بعد ظهر الاثنين جراء ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في منطقة حدودية قريبة من لبنان، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن «مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة كان تقل براء القاطرجي عند الحدود اللبنانية - السورية ما أدى إلى مقتله مع شخص آخر كان برفقته».

وكان القاطرجي، وهو رجل أعمال مقرب من الأسد، وفق «المرصد» «مسؤولاً في العامين الأخيرين عن تمويل فصيل المقاومة السورية لتحرير الجولان» الذي أسسه «حزب الله» اللبناني، وترأسه القيادي في الحزب سمير القنطار قبل مقتله في قصف إسرائيلي قرب دمشق نهاية عام 2015. ويتولى الفصيل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل من جنوب سوريا.

ومساء الاثنين، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بارتكاب «العدو الإسرائيلي مجزرة في حق المدنيين في مدينة بنت جبيل قُتل خلالها شقيقان من آل داغر (شقيق وشقيقته)، بينما أصيبت شقيقتهما الأخرى بجروح خطرة عندما استهدفت المقاتلات الحربية منزلهم بغارة وعلى دفعتين فدمرته في حي العويني في المدينة»، قبل أن يعلن عن مقتل الأخت الثانية. ولاحقاً، أعلن «حزب الله» مقتل «المجاهد عامر جميل داغر»، مشيراً إلى أنّه من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنّ مقاتلات تابعة لسلاح الجو «أغارت على مستودع أسلحة في منطقة بنت جبيل، بالإضافة إلى مبنى عسكري تابع لمنظمة (حزب الله) الإرهابية في منطقة كفركلا بجنوب لبنان».

وردّاً على الغارة التي استهدفت بنت جبيل، أطلق «حزب الله» صواريخ باتجاه مستعمرة كريات شمونة. وقال الحزب في بيان إنّه «ردّاً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة خصوصاً المجزرة المروّعة التي أقدم عليها العدو في مدينة بنت جبيل»، فإنّ مقاتلي الحزب قصفوا بلدة كريات شمونة شمال إسرائيل «بعشرات الصواريخ».

وكان مدنيان قد قُتلا السبت بعد غارة إسرائيلية على قرية دير ميماس في جنوب لبنان، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية»، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عنصرين من «حزب الله» في المنطقة.

وردّاً على غارة السبت، أعلن «حزب الله» أنّه قصف شمال إسرائيل بعشرات صواريخ «الكاتيوشا»، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ 4 جنود أصيبوا، أحدهم بجروح خطرة.