حرب غزة: جهود مصرية لإحياء مفاوضات «الهدنة» وخفض التصعيد

عقب اتصالات بين شكري ووزراء خارجية أميركا وإيران وإسرائيل

القوات الجوية المصرية تسقط أطناناً من المساعدات الإنسانية والإغاثية على شمال قطاع غزة (المتحدث العسكري)
القوات الجوية المصرية تسقط أطناناً من المساعدات الإنسانية والإغاثية على شمال قطاع غزة (المتحدث العسكري)
TT

حرب غزة: جهود مصرية لإحياء مفاوضات «الهدنة» وخفض التصعيد

القوات الجوية المصرية تسقط أطناناً من المساعدات الإنسانية والإغاثية على شمال قطاع غزة (المتحدث العسكري)
القوات الجوية المصرية تسقط أطناناً من المساعدات الإنسانية والإغاثية على شمال قطاع غزة (المتحدث العسكري)

وسط ترقب عالمي لتداعيات التصعيد الإيراني - الإسرائيلي، تبذل مصر جهوداً «مكثفة» سعياً لمنع اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، بموازاة مساعٍ مستمرة لإحياء المفاوضات الرامية للاتفاق على «هدنة» في قطاع غرة بعد أكثر من 6 أشهر من الحرب.

وأجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مساء الأحد، اتصالات مع نظرائه في الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، كما عقد الاثنين، لقاء مع كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة. وركزت المباحثات المصرية في مجملها على «الدعوة لضبط النفس» مع تأكيد استعداد القاهرة للتعاون مع الشركاء سعياً لنزع فتيل الأزمة».

وعدّ خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، الاتصالات المصرية «جزءاً من مساعٍ عربية لاحتواء الصراع في المنطقة، واستعادة الزخم لجهود الهدنة في غزة».

وخلال اتصالين هاتفيين مع وزيري الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، والإسرائيلي يسرائيل كاتس، مساء الأحد، أكد وزير الخارجية المصري «استعداد بلاده لتكثيف جهودها بالتعاون مع الشركاء من أجل نزع فتيل الأزمة الراهنة، التي باتت تأخذ منحنى تصعيدياً خطيراً، لا سيما لتزامنها مع استمرار أزمة قطاع غزة والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، وتصاعد حدة التوتر في بؤر متعددة بالمنطقة»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد.

وأعرب شكري عن «قلق بلاده البالغ نتيجة استمرار حالة التصعيد العسكري غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل بشكل ينذر بخروج الوضع عن السيطرة وتهديد استقرار المنطقة وتعريض مصالح شعوبها للخطر». وطالب نظيريه الإيراني والإسرائيلي بـ«ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والنأي عن سياسات حافة الهاوية والاستفزازات المتبادلة التي من شأنها أن تزيد من حالة التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط».

وقال المتحدث باسم «الخارجية» المصرية إن «شكري حرص خلال الاتصال مع وزير خارجية إسرائيل، على التأكيد على موقف القاهرة الراسخ المطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وتيسير دخول المساعدات الإنسانية ورفض أي إجراءات تستهدف تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، بما في ذلك القيام بعمليات عسكرية برية في مدينة رفح الفلسطينية».

وأعقب الاتصالات الهاتفية مع عبداللهيان وكاتس، اتصال ثالث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. ولفت المتحدث باسم «الخارجية» المصرية إلى أن المباحثات مع وزراء خارجية إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، «جاءت اتصالاً بما شهدته الساعات الأخيرة من تصعيد عسكري خطير نتيجة إطلاق مسيرات إيرانية هجومية ضد أهداف إسرائيلية».

وقال أبو زيد إن «الوزيرين تبادلا الرؤى والتقييمات حول مسارات التحرك لوقف التصعيد وتجنيب المنطقة مخاطر اتساع رقعة الصراع»، حيث «توافقا على مواصلة التشاور والتنسيق بين البلدين لاحتواء التوتر الجاري، وتعزيز فرص التهدئة ونزع فتيل الأزمات في الشرق الأوسط».

وأكد شكري «حرص مصر على التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة من أجل احتواء الأزمة الراهنة بين إيران وإسرائيل، واستمرار بذل قصارى الجهد من أجل وقف الحرب في قطاع غزة وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية لاحتواء الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع».

وتضطلع مصر إلى جانب الولايات المتحدة وقطر، بدور الوسيط في مفاوضات غير مباشرة تستهدف الاتفاق على «هدنة» في قطاع غزة، يتم خلالها «تبادل الأسرى» بين إسرائيل وحركة «حماس».

وأوضح مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتصالات التي تجريها مصر وعدد من الدول العربية المعنية مثل السعودية، تستهدف في الأساس احتواء التصعيد في المنطقة، إضافة إلى استعادة الزخم للقضية الفلسطينية ولمفاوضات الهدنة في غزة».

وقال إن «هناك رغبة إسرائيلية في توسيع دائرة الصراع في المنطقة والمناورة للهروب من الاستحقاقات المتعلقة بالهدنة وإتمام صفقة تبادل الأسرى»، لافتاً إلى أنه «على مدار الشهور الماضية من مفاوضات باريس 1 و2 ومباحثات القاهرة والدوحة استطاع الوسطاء الاقتراب من إتمام اتفاق الهدنة، لكن التوترات الأخيرة بين إسرائيل وإيران قد تعطل مسار المفاوضات بشكل كبير».

وتابع: «التصعيد الإيراني الإسرائيلي خصم من حجم الاهتمام بالقضية الفلسطينية بعد أن كان الوسطاء استطاعوا حشد الاصطفاف الدولي لضمان وصول المساعدات إلى القطاع وتخفيف معاناة الفلسطينيين».

وبات مصير مفاوضات الهدنة «مجهولاً»، بعدما سلمت حركة «حماس» ردها مساء السبت، للوسطاء، وعدت إسرائيل الرد رفضاً لمقترح واشنطن الذي عرضه مدير المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، في جولة مباحثات استضافتها القاهرة أخيراً.

وتتواصل الجهود من أجل تحقيق التهدئة منذ اجتماع عقد في باريس، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، بحضور رؤساء استخبارات مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى رئيس الوزراء القطري، وصفت نتائجه في حينه بـ«البناءة».

ومن باريس، انتقلت المفاوضات إلى القاهرة والدوحة، وباريس مرة ثانية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لكنها حتى الآن لم تسفر عن اتفاق.

وقال عكاشة: «حجم الاتصالات التي أجرتها الدول المعنية، لا سيما مصر والسعودية، خلال الـ48 ساعة الماضية، يشير إلى مساعٍ حثيثة لاحتواء الصراع والحيلولة دون انزلاق المنطقة في حالة من التوتر».

وأضاف: «منذ بداية الحرب في غزة، أعربت الدول العربية عن خشيتها من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، وأشارت إلى أن هذه الحرب تهدد الاستقرار الإقليمي، وهو ما بدا واضحاً أخيراً مع تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب».

وسبق وحذرت مصر ودول عربية عدة من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، إثر تداعيات الحرب في غزة.

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، إنه «رغم التوتر الجاري في المنطقة، فإنه لا يستطيع أحد الجزم بمستوى التصعيد في المستقبل، والأمر معلق بحجم الرد الإسرائيلي على العملية الإيرانية»، مشيراً إلى أن «الأمور في يد الولايات المتحدة التي يبدو أنها لا تريد تفجير حرب إقليمية».

ولفت إلى أن «التصعيد الإيراني - الإسرائيلي جاء على حساب القضية الفلسطينية وحوّل الأنظار باتجاه طهران بعيداً عن غزة، ليعود التلاحم لحلفاء تل أبيب»، مشيراً إلى أن «جميع الاتصالات الأخيرة تستهدف، إلى جانب منع التصعيد، استعادة الاهتمام بالقضية الأهم وهي الحرب الدائرة في غزة».

شكري يلتقي كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاخ التي تزور القاهرة (الخارجية المصرية)

واستقبل شكري، الاثنين، بالقاهرة، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيغريد كاخ. وتناول اللقاء متابعة مستجدات جهود المنسقة الأممية لتنفيذ المهام الموكلة إليها بموجب قرار مجلس الأمن 2720، لتسهيل وتنسيق ومراقبة عملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفقاً للمتحدث باسم «الخارجية» المصرية.

وجدد شكري التأكيد على «المسؤولية القانونية والإنسانية للأطراف الدولية لضمان تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصِلة بالأوضاع في غزة»، مشدداً على «حتمية التعامل الجدي والعاجل مع الأزمة الإنسانية الطاحنة في القطاع من خلال إقرار الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، فضلاً عن إنفاذ المساعدات بصورة كاملة وآمنة وبشكل مكثف في جميع مناطق غزة، وإزالة العقبات التي تضعها إسرائيل في هذا الشأن، وفتح جميع المعابر البرية بين إسرائيل والقطاع لزيادة تدفق المساعدات».

على صعيد آخر، أدانت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«الحملة المسعورة التي يواصل المستوطنون المتطرفون المُسلحون شنها على مدن وبلدات الضفة الغربية، تحت بصر وحماية السُلطات الإسرائيلية التي تشجع هذه العمليات المشينة»، ما يرسخ «حالة عامة من الإفلات من العقاب والاجتراء المستمر على أرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم».

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي، في إفادة رسمية الاثنين، أن «الجرائم التي يرتكبها الاحتلال يومياً في غزة لا يجب أن تُغطي على ما تشهده الضفة من صعود واضح في وتيرة وخطورة جرائم العنف وإحراق المنازل والأراضي الزراعية وإتلاف الممتلكات، التي يرتكبها المستوطنون المسلحون كل يوم».

وأضاف رشدي أن «فرض عقوبات من بعض الدول على عدد من المستوطنين يُمثل خطوة صغيرة متأخرة وغير كافية لردع الظاهرة المتصاعدة وتوفير الحماية للفلسطينيين المدنيين من الضفة»، مُشدداً على «ضرورة تحرك مجلس الأمن لإنهاء هذا الوضع المخزي، ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب في الضفة».


مقالات ذات صلة

مفوّض شؤون اللاجئين يزور بيروت ويندد بأزمة «مروّعة» يواجهها لبنان

المشرق العربي عائلات لبنانية وسورية تعبر الحدود إلى سوريا على أقدامها بعدما استهدفت غارة إسرائيلية معبر المصنع (أ.ب)

مفوّض شؤون اللاجئين يزور بيروت ويندد بأزمة «مروّعة» يواجهها لبنان

ندّد مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، لدى وصوله إلى بيروت، السبت، بما يواجهه لبنان من «أزمة مروعة»، بعد فرار مئات الآلاف من منازلهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد جانب من زيارة وزير السياحة والآثار المصري والوفد المرافق له لمقر مكتب الأمم المتحدة للسياحة في السعودية (الشرق الأوسط)

وزير السياحة المصري: اتفقنا على مبادرات مع السعودية سنطورها لاحقاً

كشف وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، لـ«الشرق الأوسط» عن أبرز مضامين لقائه الأخير مع وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب.

بندر مسلم (الرياض)
المشرق العربي قوة مشتركة من اليونيفيل والجيش اللبناني في الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

اليونيفيل تُبقي قواتها بمواقعها في جنوب لبنان رغم طلب اسرائيل نقل بعضها

أكدت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) أن قواتها لا تزال في مواقعها رغم تلقيها قبل نحو أسبوع طلبا من اسرائيل لإعادة نقل بعضها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون ينزحون من لبنان إلى سوريا وسط التصعيد في الصراع (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة تثير أزمة العاملات المنزليات المهاجرات «المحتجزات» في لبنان

كشفت الأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، أن بعض العاملات المنزليات المهاجرات في لبنان محتجزات داخل منازل أرباب عملهن الذين فروا من الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي مساعدات وأدوية ومستلزمات طبية مقدمة من منظمة الصحة العالمية تصل إلى مطار بيروت (إ.ب.أ)

الأولى منذ بداية التصعيد الأخير... لبنان يتسلّم شحنة مساعدات طبية من الأمم المتحدة

تسلّم لبنان، اليوم (الجمعة)، شحنة مساعدات طبية من الأمم المتحدة، وصلت جواً إلى مطار بيروت، هي الأولى منذ بداية التصعيد الأخير بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
TT

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)

يخوض كل من «حزب الله» والجيش الإسرائيلي معارك «كرّ وفرّ» في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، حيث يحاول الجيش التوغل داخل الأراضي اللبنانية. ونشر صوراً قال إنها التقطت هناك لجنوده يسيرون في قرية حدودية، فيما أعلن الحزب عن أن مقاتليه يصدون الهجوم الإسرائيلي، ويطلقون الصواريخ والمسيرات باتجاه أهداف في العمق.

وتفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، قواته المنتشرة عند الحدود الشمالية، بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها البرية في جنوب لبنان. وبحسب ما ذكر مكتبه، في بيان، زار قاعدة الفرقة 36 في منطقة الحدود اللبنانية، وهي واحدة من فرقتين تخوضان العملية البرية بشكل أساسي في جنوب لبنان.

ولم يمضِ وقت طويل على الإعلان عن الزيارة، حتى نشر الجيش الإسرائيلي صوراً قال إنها لجنوده داخل بلدات حدودية في لبنان، حيث عثرت على مواقع إطلاق «صواريخ»، وفتحات أنفاق، ومبانٍ عسكرية ووسائل قتالية ودمرتها، كما عثرت على مركبات مسلحة ووسائل قتالية تابعة لـ«قوة الرضوان»، وهي قوة النخبة في الحزب. وانتشر مقطع فيديو يظهر دبابات إسرائيلية على أطراف بلدة يارون، فيما فجّرت قواته مسجداً في البلدة.

جنود إسرائيليون يقاتلون على الحدود مع لبنان ويظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي (رويترز)

وفيما لم يذكر الجيش الإسرائيلي أي معلومات عن اجتياح البلدة، قالت مصادر ميدانية مطلعة على سير المعارك إن الجيش الإسرائيلي لم يجتح البلدة التي تشهد معارك منذ 6 أيام على أطرافها، أسوة ببلدات أخرى مثل مارون الراس وبليدا والعديسة وكفركلا، حيث يصدّ مقاتلو الحزب محاولات التوغل الإسرائيلي.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة تندلع في تلك المنطقة التي تشهد معارك «كرّ وفرّ»، من غير أن تنفي توغلات محدودة على أطراف البلدات. وتوضح أنها «تكون ضمن خطط تكتيكية للإيقاع بالجنود واقتيادهم نحو الكمائن»، نافية أن تكون القوات الإسرائيلية قد أحكمت قبضتها على أي من البلدات الحدودية. ونفت أن يكون خط الدفاع الأول على الحدود قد تعرض لاختراق.

وتمتد المواجهات على مساحة تصل إلى 30 كيلومتراً من يارون غرباً، حتى كفركلا شرقاً، وهو خط ملاصق للشريط الحدودي مع إسرائيل، وتوجد فيه مبانٍ على الجهة اللبنانية تفصلها بضعة أمتار فقط عن الحدود.

وتعد هذه المنازل بالمفهوم العسكري «خاصرة رخوة»، ويمكن التوغل فيها. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في «حزب الله» تأكيدها أن القوات الإسرائيلية دخلت إلى أطراف بعض القرى، لكنها لم تتمكن من التقدم حتى الساعة.

جنود إسرائيليون يظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي وقال إنها في الأراضي اللبنانية (رويترز)

ونقل إعلام «حزب الله» عن ضابط ميداني، قوله إنّ «الثمن الذي يدفعه الجيش الإسرائيلي على مشارف بعض قرى الجنوب الملاصقة للحدود باهظ جداً على صعيد الخسائر البشرية والمادية». وأوضح أنّ «الصور التي نشرها جيش العدو (الإسرائيلي) لجنوده قرب منازل في قرية حدودية في جنوب لبنان صورت في بقعة جغرافية تبعد عشرات الأمتار عن الأراضي المحتلة، حيث كما يعلم الجميع أن بعض الجنوبيين بنوا منازلهم بالقرب من الحدود».

وأفاد إعلام «حزب الله» بأن «المقاومة حافظت على نوعية العمليات التي تتوزع على القصف بصليات صاروخية متعددة المديات والأنواع وكذلك القصف المدفعي والصواريخ الموجهة ضدّ الأفراد والدروع، وتم إدخال العبوات الناسفة إلى الميدان بعد إطلاق العدوّ عمليته البرية»، وذلك على مدى أيام.

وأعلن «حزب الله»، في بيان، أنه «لدى محاولة ‏قوة من جنود العدو الإسرائيلي التسلل باتجاه خلة شعيب في بليدا، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية الأحد بقذائف ‏المدفعية، فأُجبرت على التراجع وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة». كما أعلن عن قصف «تجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة ومحيطها بصلية صاروخية كبيرة»، واستهداف تحرك للجنود قرب المنطقة، فضلاً عن استهداف تجمع آخر في موقع بياض بليدا بقذائف المدفعية.

رجل يقود دراجة نارية قرب موقع استهداف إسرائيلي في منطقة صفير بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وتتبع القوات الإسرائيلية سياسة الأرض المحروقة في القرى الحدودية، بعمق يصل إلى 7 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، حيث نفذت عشرات الضربات الجوية، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل يشمل جميع القرى الواقعة إلى جانب الحدود.

ولم تتوقف مدفعية الجيش الإسرائيلي عن قصف كفركلا وأطراف برج الملوك والخيام، كما أغارت طائراته على الخيام وكفركلا، فضلاً عن استهداف الكورنيش البحري في الغازية. وشنّ سلسلة غارات مستهدفاً بلدة جبشيت، وأطراف بلدتي زفتا وميفدون في قضاء النبطية.

خراب ناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الكورنيش البحري في الغازية بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وأفيد عن تعرض بلدة الناقورة وجبل اللبونة لقصف مدفعي معادٍ، فيما استهدفت غارتان متتاليتان بلدة الخيام قرب منطقة الشاليهات، كما قصفت بلدتي دبين ومرجعيون.

وبعد الظهر، استهدفت غارة من مسيرة إسرائيلية دراجة نارية في بلدة جديدة مرجعيون، ومن ثم عادت ونفّذت غارة ثانية على الناس الذين هرعوا لإسعاف المصاب.

وتزامن التصعيد الجوي في الجنوب، مع تصعيد مماثل في ضاحية بيروت الجنوبية، شهد فجر الأحد ذروته، ونفذ قصفاً وُصف بـ«الأعنف»، وشمل طريق المطار القديم، ومحيط برج البراجنة ومنطقة الليلكي، ومنطقة صفير وحي الأميركان والمريجة والغبيري والشويفات والعمروسية. واستُهدفت الضاحية منذ فجر الأحد بأكثر من 25 غارة، سُمعت أصداؤها في بيروت وغطّت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة.

آثار الدمار الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت السويفات بالضاحية الجنوبية (رويترز)

وعلى طريق المطار، استُهدف مبنى فيه مستودع للمستلزمات الطبية، وقد اندلعت النيران فيه، وسُمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أكسجين بكمية كبيرة. كما استهدفت محطة للمحروقات أيضاً على طريق المطار القديمة. وقد تطايرت شظايا الصواريخ على المنطقة المحيطة بالضاحية. ولم تتمكن فرق الإسعاف والدفاع المدني من الدخول إليها بسبب نشاط الطيران المسير الذي يستهدف كل من يدخل الضاحية.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت محيط موقع آثار بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّه سلسلة غارات خلال الليل على مرافق تخزين أسلحة تابعة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت، كما أعلن مهاجمته وسائل قتالية للحزب في منطقة بيروت.

وفي البقاع، توسعت الغارات بشكل كبير، وطالت محيط موقع آثار مدينة بعلبك في شرق لبنان.