قبل أيام معدودة على زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن، أعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول عبد الله، مساء أمس (الثلاثاء) أن اللجنة العسكرية العليا العراقية ونظيرتها التابعة للتحالف الدولي، اتفقتا على إنشاء شراكة أمنية ثابتة مع الولايات المتحدة.
وقال عبد الله في بيان له إن «اللجنة العسكرية العليا العراقية عقدت في العاصمة بغداد، اجتماعاً مع اللجنة العسكرية العليا للتحالف الدولي في العراق، والمعنيتين بإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق».
وبيّن أنه «جرى خلال الاجتماع، مناقشة أعمال اللجان الفرعية منذ انطلاقها في يناير (كانون الثاني) 2024، وتقييم تهديد عصابات (داعش) الإرهابية والبيئة العملياتية والوضع الأمني الراهن وقدرات القوات الأمنية العراقية».
وأشاد أعضاء اللجنتين العسكريتين، بحسب البيان، بـ«الإنجازات والتضحيات التي قُدّمت في المعارك لهزيمة (داعش)، والجهود المتواصلة لمنع عودة هذه العصابات الإرهابية، فضلاً عن دعم سيادة العراق ووحدته واستقراره».
وأكد الجانبان على «إمكانيات القوات الأمنية العراقية وقدراتها على دحر (داعش)، وأيضاً، على مواصلة اللجان الفرعية أعمالها لعرض التقييمات على اللجنة العسكرية العليا لرفع التوصيات من أجل اتخاذ القرار بصدد الجدول الزمني لانتقال التحالف الدولي في العراق إلى إقامة شراكة أمنية ثنائية بين العراق والولايات المتحدة، تسهم برفع قدرات القوات الأمنية العراقية والعمل على تطويرها؛ مما يعزز استقرار العراق والمنطقة وأمنهما».
إلى ذلك، اتفق كل من رئيس «تحالف قوى الدولة» عمار الحكيم وزعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي على دعم الزيارة، لكن كلاً منهما انطلق من مقاربة مختلفة.
فالخزعلي وخلال خطبة صلاة العيد أكد على ما أسماه عدم التهاون في خروج القوات الأجنبية كافة بما فيها الأميركية من الأراضي العراقية. وقال إن «موضوع خروج القوات الأجنبية، وفي مقدمتها القوات الأميركية مهم أساسي واستراتيجي يجب ألا يحصل تهاون فيه»، عادّاً «هذا الوجود غير قانوني وغير شرعي».
وأضاف: «هناك بعض السياسيين ممن يدافع عن الوجود الأجنبي وهم لا يمثلون إلا أنفسهم»، مردفاً بالقول: «إن موقف رئيس الوزراء و(الإطار التنسيقي) والمقاومة العراقية واضح في عدم الموافقة على بقاء هذا الوجود غير الشرعي وغير القانوني».
خروج القوات الأميركية
وفيما بدا أنها لغة تهديد واضحة، قال الخزعلي مخاطباً القوات الأميركية في العراق إنه «لا مجال لبقاء هذه القوات»، مخاطباً إياها «وإذا لم تتعظوا وتفهموا هذه الرسالة، فحينئذ المسوغ الكامل لمقاومة هذا الوجود غير الشرعي وغير القانوني بالطرق كافة، وفي مقدمتها العمليات العسكرية»، مضيفاً أن «الخروج الأميركي حتمي».
ودعا الخزعلي رئيس الوزراء العراقي إلى ضرورة التأكيد على موضوع حرية تصرف العراق بأمواله من الدولار الأميركي خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن.
وقال الخزعلي إن «موضوع السيادة الاقتصادية، وامتلاك العراق قراره وسيادته بما يخص تصرفه بأمواله من الدولار الأميركي مهم ومعقد».
وأضاف أن «أميركا ليست متفضلة علينا، وهذه أموالنا»، مؤكداً على أهمية «امتلاك العراق حرية التصرف بهذه الأموال وفقاً لمصالحه» عادّاً أن الولايات المتحدة تحاول «استثمار الورقة الاقتصادية للبقاء على الوضع العسكري الحالي لقواتها في العراق، وهذا ما لا نقبله».
«أخطاء بنيوية»
من جهته، دعا زعيم «تيار الحكمة» ورئيس «تحالف قوى الدولة» عمار الحكيم من أسماهم «القيادات الوطنية» إلى عقد اجتماع «مركزي رفيع» من أجل مراجعة التجربة السياسية في البلاد لمعالجة الأخطاء التي شابتها.
وقال الحكيم في خطبة صلاة العيد ببغداد: «إني أدعو القيادة الوطنية إلى اجتماعٍ مركزي رفيع يقوم على استثمار البيئة الإيجابية التي يعيشها البلد حالياً والاستفادة منھا فـي مراجعة التجربة السیاسیة فـي العراق وتقويمها والخروج بنقاط جوهرية ومفصلية تعالج الأخطاء البنيوية التي تتسبب في حالات الانسداد السياسي للبلد»، مضيفاً: «لطالما كانت حالات الانسداد السياسي معطلة ومربكة لمسار بناء الدولة وتطويرها».
وحثّ زعيم «تيار الحكمة»، الحكومة الاتحادية ومجلس النواب إلى اعتماد وثيقة وطنية استراتيجية تنص بوضوح عـلى تحديد الآليات الـتي تحمي المصالح العليا للبلاد، وأبرزھـا «حاكمية الدستور والقضاء».
كما دعا الحكيم إلى «عدم التعامل مـع تلك الآليات بسياقات سیاسیة ھمّھا الربح والخسارة بل يكون التعامل بعقلیة الدولة والحرص على مصالح البلد وحقوق الشعب».
وبشأن هذه الدعوة وفي ظل ردود الفعل المختلفة بعد مرور 21 عاماً على سقوط النظام السابق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق لم يرتق حتى الآن إلى دولة مؤسسات مستقلة يستطيع أن يؤدي دوره في هذا الاتجاه، حيث إن طبيعة الصراع بين مختلف القوى السياسية هو على السلطة لا على بناء الدولة».
ويضيف فيلي: «لم نعد نرى وجود كفاءات مهنية، كما أن تعزيز التجربة الديمقراطية لم يكن موجوداً، بمعنى أن السلطة التشريعية لم تؤدِ دورها كموالاة ومعارضة، بل ازدواجية ملامح وسلوك هذه الكتل بحيث تركب في مركب السلطة، لكنها سرعان ما تترجل بكل قوة حين ترى أن الشارع العراقي ناقم على السلطة؛ وبالتالي كل طرف يريد أن يثبت أنه يقف في صف الشعب بعدم وجود كتلة معارضة».
وأكد فيلي أن «هناك أزمة في طبيعة النظام السياسي تتحملها الطبقة السياسية؛ لأن الطبقة السياسية في العراق لم تتمكن من استقطاب الكفاءات الحقيقية لبناء الدولة؛ فهي نخب حزبية لا نخباً سياسية بحيث نجد أن هناك انقضاضاً على مبادئ التجربة الفيدرالية في العراق وسواها من القضايا المهمة التي ظهرت في غضون هذه الفترة».