خبراء: رواية إسرائيل للهجوم على عمال الإغاثة تثير تساؤلات قانونية كبيرة

أشخاص يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه عمال الإغاثة من منظمة «وورلد سنترال كيتشن» في دير البلح (أ.ب)
أشخاص يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه عمال الإغاثة من منظمة «وورلد سنترال كيتشن» في دير البلح (أ.ب)
TT

خبراء: رواية إسرائيل للهجوم على عمال الإغاثة تثير تساؤلات قانونية كبيرة

أشخاص يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه عمال الإغاثة من منظمة «وورلد سنترال كيتشن» في دير البلح (أ.ب)
أشخاص يتفقدون الموقع الذي قُتل فيه عمال الإغاثة من منظمة «وورلد سنترال كيتشن» في دير البلح (أ.ب)

قالت مجموعة من الخبراء إن رواية إسرائيل لهجومها على قافلة «المطبخ المركزي العالمي» تثير تساؤلات قانونية كبيرة، حتى لو كانت الغارة نتيجة لسلسلة من الأخطاء، حسب مزاعمها.

وقُتل 7 من العاملين مع منظمة «المطبخ المركزي العالمي»، هم 6 أجانب وفلسطيني، جراء قصف مُسيَّرة طال 3 سيارات كانت تقلهم في دير البلح، في وسط قطاع غزة.

وأقرّ الجيش الإسرائيلي بارتكاب سلسلة «أخطاء فادحة»، قائلاً إنه كان يستهدف «مسلحاً من (حماس)».

إلا أنه -وفقاً لما قاله خبراء قانونيون لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية- فإن هذا الوصف للأحداث «يثير تساؤلات أوسع حول قدرة الجيش الإسرائيلي على تحديد هوية المدنيين، والإجراءات التي يتخذها لحمايتهم، كما يثير مخاوف جديدة حول ما إذا كانت إسرائيل تلتزم بالقانون الدولي في حربها على غزة».

ما نص القانون الدولي في هذا الشأن؟

المبدأ الأول والأساسي للقانون الإنساني الدولي، هو أن المدنيين لا ينبغي أن يكونوا أهدافاً لهجوم عسكري. ويجب أن يكون لدى الجيوش إجراءات معمول بها للتمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية المشروعة.

وقال توم دانينباوم، الأستاذ في «كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية» بجامعة تافتس، والخبير في القانون الإنساني: «في حالة الشك بشأن وضع قافلة أو شخص ما، يجب افتراض أنه مدني. وبالتالي، فإن الهجوم في سياق الشك يعد في حد ذاته انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي».

وقالت جانينا ديل، المديرة في «معهد أكسفورد للأخلاق والقانون والصراع المسلح»، إن عمال الإغاثة ومنشآت الإغاثة يحق لهم الحصول على حماية مشددة؛ لأنهم يساعدون المدنيين المعرضين للخطر.

وأضافت: «هذه السيارات التي تم قصفها كانت مدنية، كما أنها تشارك في مهام المساعدة الإنسانية، مما يعني أنها كانت من المفترض أن تتمتع بحماية خاصة».

وافترض الجنود الإسرائيليون أن بعض سيارات «المطبخ المركزي العالمي» كانت تحمل مسلحين، وفقاً لتفسير الجيش الإسرائيلي، على الرغم من أن هذه السيارات شوهدت وهي تغادر مستودعاً للأغذية وتنضم إلى قافلة المساعدات.

ولم يراجع بعض الضباط الإسرائيليين وثائق الجيش الخاصة بالقافلة، للتأكد من أنها تضم سيارات بالإضافة إلى الشاحنات. ولو فعلوا ذلك لكانوا قد اكتشفوا أن السيارات حصلت على موافقات من الجيش.

وتم وضع علامة على كل سيارة تحمل شعار «المطبخ المركزي العالمي»؛ لكن الجيش قال إن تحقيقاته الأولية وجدت أن لقطات الطائرات المُسيَّرة لم تلتقط شعار المنظمة في الظلام، وأن مشغل المُسيَّرة حدد عن طريق الخطأ أحد عمال الإغاثة على أنه عضو في جماعة مسلحة، وأنه يحمل بندقية، في حين أن العامل كان على الأرجح يحمل حقيبة.

وقال جيمي ماكجولدريك، مسؤول الإغاثة البارز بالأمم المتحدة، إن منظمات الإغاثة حثت الجيش الإسرائيلي على مدى أشهر على فتح قناة مباشرة مع الجنود الإسرائيليين العاملين في غزة، لتجنب سوء الفهم الذي قد يؤدي إلى مشكلات كبيرة.

وبعد الغارة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن إسرائيل ستفتح غرفة عمليات مشتركة بين القيادة الجنوبية للجيش وجماعات الإغاثة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم الجمعة، إن الولايات المتحدة تريد أن ترى «نظاماً أفضل بكثير للتنسيق حتى يتمكن العاملون في المجال الإنساني، والأشخاص الذين يقدمون المساعدات، من القيام بذلك بسلامة وأمان».

وأشار دانينباوم إلى أن جريمة الحرب، بموجب القانون العرفي الدولي، هي شن هجوم مع تجاهل التركيز على ما إذا كانت الأهداف مدنية.

وأضاف: «هذه القواعد مجتمعة، والوصف الإسرائيلي لما حدث في هذه القضية، يشيران بقوة إلى انتهاك للقانون الإنساني الدولي، ويوفران سبباً واضحاً للتحقيق في الحدث باعتباره جريمة حرب».

سيارة عمال الإغاثة التي قصفتها إسرائيل في دير البلح يوم 2 أبريل الحالي (رويترز)

تساؤلات حول البروتوكول العسكري

قالت ديل إن وصف الجيش الإسرائيلي لكيفية انتهاك قواته للبروتوكولات يثير مخاوف أوسع بشأن الإجراءات التي يستخدمها الجيش لتحديد الأهداف العسكرية، والسماح بالهجمات.

وأضافت: «إذا كانت لديك مركبة مساعدات إنسانية تحمل علامة أو شعاراً واضحاً، فهذا يعني أنها مصنفة على أنها آمنة، وإذا كنت ما زلت تخطئ في تصنيف تلك المركبة على أنها هدف عسكري، فمن الطبيعي للغاية استنتاج أن بروتوكولاتك واستراتيجياتك في الهجوم غير سليمة، وأن إجراءات الجيش الإسرائيلي للتحقق من الهدف غير كافية».

وقال كريستوفر لوكيير، الأمين العام لمنظمة «أطباء بلا حدود» إن «هذا النمط من الهجمات إما مقصود وإما مؤشر على تهور وعدم كفاءة الجيش الإسرائيلي».

وأضاف: «يتعلق الأمر بشكل كبير بضمان الإفلات من العقاب، والتجاهل التام لقوانين الحرب. ومن ثم، ينبغي أن تواجه هذه الأخطاء بالمساءلة القانونية».

ووفقاً لماكجولدريك، فقد قُتل ما لا يقل عن 196 من عمال الإغاثة في غزة، في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى أواخر مارس (آذار) 2024.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

المشرق العربي جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

رفض الجيش الإسرائيلي ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة نقلاً عن جنود يخدمون في غزة، عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم بغزة.

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزّعته وكالة «الأونروا» في دير البلح بقطاع غزة (رويترز)

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

قالت السويد إنها ستتوقف عن تمويل وكالة «الأونروا»، وستزيد بدلاً من ذلك إجمالي المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات أخرى.

خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.


الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)
جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)
TT

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)
جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

رفض الجيش الإسرائيلي بشدة، الجمعة، ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة، نقلاً عن جنود يخدمون في غزة، عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم في القطاع.

ونقلت صحيفة «هآرتس» اليسارية التي واجهت انتقادات شديدة من الحكومة اليمينية، في تقرير عن جنود وضباط قولهم إن القادة مُنحوا سلطة تقديرية غير مسبوقة للعمل في قطاع غزة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وورد في الشهادات أن «القادة أمروا أو سمحوا بقتل نساء وأطفال ورجال عزل في ممر نتساريم»، وهو شريط يبلغ عرضه سبعة كيلومترات يمتد من حدود غزة مع إسرائيل وصولاً إلى شاطئ البحر، وقد حولت إسرائيل الممر إلى منطقة عسكرية.

ونقل التقرير عن ضابط قوله إن إحدى الحوادث أعلن إثرها مسؤول عسكري عن مقتل 200 مسلح، بينما «تم تأكيد مقتل 10 نشطاء فقط معروفين بانتمائهم لـ(حماس)».

وقال جنود لصحيفة «هآرتس» إنهم تلقوا أوامر بفتح النار على «أي شخص يدخل» نتساريم.

ونقل جندي عن قائد كتيبة قوله: «أي شخص يتجاوز الخط هو إرهابي، لا استثناءات، ولا مدنيون. الجميع إرهابيون».

كما وصف الجنود كيف حصل قادة الفرق على «صلاحيات موسعة» تسمح لهم بقصف المباني أو شن غارات جوية كانت تتطلب في السابق موافقة من أعلى مستويات الجيش.

ولم يتسن التحقق من التصريحات الواردة في تقرير «هآرتس» بشكل مستقل. من جهته، رفض الجيش هذه الاتهامات في بيان أرسله لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الجيش إن «جميع الأنشطة والعمليات التي تقوم بها القوات في قطاع غزة، بما في ذلك في ممر نتساريم، تتم وفقاً لإجراءات قتالية منظمة وخطط وأوامر عملياتية معتمدة من أعلى الرتب».

وأضاف أن «جميع الضربات في منطقة (نتساريم) تتم وفقاً للإجراءات والبروتوكولات الإلزامية، بما في ذلك الأهداف التي يتم ضربها في إطار زمني عاجل بسبب الظروف العملياتية حينما تواجه القوات البرية تهديدات فورية».

وأكد أن «الحوادث التي تثير مخاوف بشأن الخروج عن أوامر جيش الدفاع الإسرائيلي أو المعايير الأخلاقية يتم فحصها ومعالجتها بدقة».

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الجنود الإسرائيليين تحدثوا إليها؛ لأن «الشعب يحتاج إلى معرفة كيف تبدو هذه الحرب في الواقع، وما هي الأعمال الخطيرة التي يرتكبها بعض القادة والجنود داخل غزة»، مؤكدين «أنهم بحاجة إلى معرفة المشاهد غير الإنسانية التي نعيشها».

واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأسفر الهجوم عن مقتل 1208 أشخاص، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتشمل هذه الحصيلة مَن لقوا حتفهم أو قُتِلوا في الأسر.

وتردّ إسرائيل مذّاك بقصف مدمّر وعمليات برّية في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 45 ألف شخص على الأقل.

وعدّت حركة «حماس»، التي تم اتهامها أيضاً بعمليات قتل عشوائي للإسرائيليين ومدنيين آخرين في هجوم العام الماضي، في بيان، أن تقرير «هآرتس» «دليل جديد على جرائم حرب غير مسبوقة، وعمليات تطهير عرقي مكتملة الأركان».