أين سوريا الغائبة عن «يوم القدس» من وحدة الساحات و«الممانعة»؟

تساؤلات حول أسباب غياب النظام السوري عن المناسبة

هل غياب الرئيس السوري بشار الأسد عن فعاليات «يوم القدس» سببه رغبته في تفعيل حضوره العربي؟ (رويترز)
هل غياب الرئيس السوري بشار الأسد عن فعاليات «يوم القدس» سببه رغبته في تفعيل حضوره العربي؟ (رويترز)
TT

أين سوريا الغائبة عن «يوم القدس» من وحدة الساحات و«الممانعة»؟

هل غياب الرئيس السوري بشار الأسد عن فعاليات «يوم القدس» سببه رغبته في تفعيل حضوره العربي؟ (رويترز)
هل غياب الرئيس السوري بشار الأسد عن فعاليات «يوم القدس» سببه رغبته في تفعيل حضوره العربي؟ (رويترز)

غياب النظام في سوريا، أو تغييبه منعاً لإحراجه، عن المشاركة في إحياء «يوم القدس»، الذي تحدّث فيه كل من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، ومسؤول جماعة الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي، وممثل للمقاومة الإسلامية في العراق، طرح أكثر من سؤال حول الأسباب الكامنة وراء عدم مشاركة نظام دمشق في الاحتفال الذي أُريد منه التأكيد على «وحدة الساحات»، خصوصاً أنه تزامن مع الغارة الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من القياديين في «فيلق القدس» على مقربة من مقر السفارة الإيرانية في دمشق.

فاستهداف هؤلاء القادة يكاد يكون الحدث الأبرز الذي أقلق محور الممانعة، وشكّل خرقاً أمنياً لا يستهان به للتدابير الوقائية التي يُفترض أن توفر الحماية للمكان الذي كان يُعقد فيه اجتماع بهذه الأهمية بين رموز أساسية في «فيلق القدس» وبين حركة «الجهاد الإسلامي»، التي يتعامل معها الحليف والخصم على السواء بأنها إحدى أذرع إيران في حركة «المقاومة الإسلامية» في فلسطين المحتلة.

لماذا غاب نظام دمشق عن احتفالات «يوم القدس»؟

ويأتي غياب النظام في سوريا عن المشاركة في هذه المناسبة في ظل تصاعد وتيرة الحرب بين «حماس» وإسرائيل على الجبهة الغزاوية، وبين الأخيرة و«حزب الله» على امتداد الجبهة الشمالية في جنوب لبنان، ما يعزز السؤال عن استثنائه، رغم أنه يُفترض أن يكون في عداد القوى المنضوية في وحدة الساحات التي يتحدث عنها نصر الله باستمرار، ويراهن على دورها في التصدي للاحتلال الإسرائيلي، مع أنه لم يأتِ من قريب أو بعيد على ذكر اسم سوريا في خطابه في إحياء محور الممانعة لـ«يوم القدس».

وفي هذا السياق، تتوقف مصادر في المعارضة أمام تحييد النظام في سوريا نفسه عن المشاركة في هذه المناسبة، وتسأل: هل توخى من غيابه تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بعدم التحاقه بوحدة الساحات وعدم انخراطه ميدانياً في المواجهة الدائرة مع إسرائيل عبر مساندته حركة «حماس»، أسوة بـ«حزب الله»، خصوصاً أن المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا آلت على نفسها عدم التدخل، ولو من باب تنظيم المسيرات الداعمة لحركات المقاومة الإسلامية في غزة.

وتلفت المصادر في المعارضة إلى أن القرار الذي اتخذه النظام في سوريا بتحييد نفسه عن المواجهة لا يعود إلى خلافه مع «حماس» على خلفية دعمها المجموعات التي انتفضت عليه إبان اندلاع الثورة في سوريا، وإنما إلى رغبته بأن ينأى بنفسه عن التدخل، ولو من باب التضامن مع الحركات الإسلامية في تصديها للاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، لعله يستعيد دوره في المنطقة الذي أخذ يتراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

أوراق اعتماد إلى النظام الدولي الجديد

وتؤكد المصادر نفسها أن النظام في سوريا، وإن كان يتهم التحالف الدولي بتدمير سوريا بوقوفه إلى جانب خصومه وتوفير الدعم اللوجستي والمالي لهم من المجموعات الإرهابية أو الأخرى المتشدّدة، فإن مجرد اتباعه سياسة الحياد حيال الحرب الدائرة في غزة، يعني حكماً أنه يود تقديم أوراق اعتماده للانضمام إلى النظام الدولي الجديد في حال تم التوصل إلى تسوية للنزاعات في المنطقة، بعد أن تمكن من استرداد علاقاته بمعظم الدول العربية.

وترى المصادر نفسها أن النظام الحالي في سوريا افتقد الدور الذي كان يلعبه الرئيس الراحل حافظ الأسد، من خلال حفاظه على التوازن في علاقاته العربية، وتحديداً مع مصر والمملكة العربية السعودية. وتقول إن سوريا سرعان ما تحولت من لاعب لا يمكن تجاهل دوره في المنطقة، إلى ملعب يتسع للأضداد الذين يوجدون عسكرياً في عدد من المناطق، إضافة إلى أن سوريا تحوّلت إلى ساحة لتصفية الحسابات بين إسرائيل من جهة، وإيران وأذرعها في المنطقة وعلى رأسهم «حزب الله».

الأسد يسعى لتفعيل حضوره العربي

وبكلام آخر، تنظر المعارضة إلى الرئيس بشار الأسد على أنه يتطلع لتفعيل حضوره في المجموعة العربية، وهذا ما يفسر عدم انخراطه في المواجهة على جبهتي غزة وجنوب لبنان، وتقول إن غيابه عن المشاركة في إحياء «يوم القدس» يصب في خانة عدم تعريض علاقاته العربية إلى إشكالات هو في غنى عنها، انطلاقاً من عدم التحاقه، كما يجب، بمحور الممانعة الذي تتزعمه إيران ومن يدور سياسياً في فلكها، وبالتالي، لن يكون جزءاً منه كونه يؤخذ عليه تدخّله في شؤون الدول العربية.

وتؤكد أن الأسد قطع شوطاً على طريق تطبيع العلاقات السورية - العربية، ويرسم لنفسه مسافة عن محور الممانعة، حفاظاً منه على ما حققه حتى الساعة في إعادة تصويب علاقاته بالمجموعة العربية.

لكن عدم انخراط الأسد في محور الممانعة، بالمفهوم العسكري للكلمة، لا يعني، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، أنه يود تمرير رسالة لإسرائيل، وإنما لتأكيد تموضعه تحت السقف العربي في تعاطيه مع الحرب الدائرة في غزة، وصولاً لتأكيد مضيه في رفع منسوب التنسيق مع المجموعة العربية واستكمال عملية التصالح معها، من دون أن يعني ذلك ذهابه بعيداً في إعادة النظر بعلاقاته بـ«حزب الله» وإيران وروسيا، التي وفّرت له كل الدعم للحفاظ على نظامه ومنعه من السقوط في ظل اشتداد المعارك على امتداد الأراضي السورية، وإن كان استمرار الوجود العسكري لطهران والحزب بدأ يشكل عبئاً عليه نظراً لمواصلة إسرائيل استهدافهما.


مقالات ذات صلة

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
TT

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

وقالت الصحة اللبنانية في بيان، اليوم السبت، إن «الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مختلف المناطق اللبنانية تسببت بمقتل 3670 شخصاً وإصابة 15413 آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية»، وفقاً للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

فرق الإنقاذ تبحث تحت أنقاض مبنى مدمر بعد غارات إسرائيلية على منطقة سكنية في حي البسطة بوسط بيروت (إ.ب.أ)

ولفت البيان إلى أن حصيلة الغارات الإسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية أسفرت عن مقتل 25 شخصاً، وإصابة 58 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة خلال الساعات الـ24 الماضية.

يذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي بشن سلسلة واسعة من الغارات لا تزال مستمرة حتى الساعة، استهدفت العديد من المناطق في جنوب لبنان والبقاع شرق لبنان والعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت وجبل لبنان وشمال لبنان.

وبدأ الجيش الإسرائيلي في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عملية عسكرية برية مركزة في جنوب لبنان.

وطالت الغارات الإسرائيلية منازل المواطنين والمنشئات المدنية والصحية والطرقات، ومراكز للجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل».