تراجع القصف في جنوب لبنان بشكل مفاجئ بعد أسبوع من التصعيد

«حزب الله» يقول إنه لن ينجرّ إلى ما تختاره له إسرائيل في المواجهة

آلية عسكرية إسرائيلية تسير قرب جدار إسمنتي إسرائيلي في كريات شمونة قرب الحدود مع جنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية إسرائيلية تسير قرب جدار إسمنتي إسرائيلي في كريات شمونة قرب الحدود مع جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تراجع القصف في جنوب لبنان بشكل مفاجئ بعد أسبوع من التصعيد

آلية عسكرية إسرائيلية تسير قرب جدار إسمنتي إسرائيلي في كريات شمونة قرب الحدود مع جنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية إسرائيلية تسير قرب جدار إسمنتي إسرائيلي في كريات شمونة قرب الحدود مع جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تراجعت وتيرة القصف في جنوب لبنان، بشكل مفاجئ، حيث لم يعلن «حزب الله» عن تنفيذ أي عملية عسكرية حتى بعد ظهر الاثنين، حينما أشار إلى استهداف فريق فني، وذلك بعد أسبوع شهد تصعيداً عنيفاً، وانتهى بقصف إسرائيلي لعشرة أهداف في منطقة راشيا الفخار قرب مزارع شبعا، حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي.

وبدا تراجع وتيرة القصف في الجنوب مفاجئاً لسكان المنطقة الذين أكدوا أن المسيرات الإسرائيلية لم تفارق سماء المنطقة في صور وبنت جبيل، لكنهم تحدثوا عن قصف مدفعي متقطع صباح الاثنين. وانسحب المشهد نفسه على منطقة القطاع الشرقي، حيث «لم تفارق المسيّرات سماء المنطقة في مرجعيون وحاصبيا، بينما لم يُسمع صوت قصف بعد الغارات العنيفة التي استهدفت راشيا».

ويأتي الهدوء على الجبهة بالتزامن مع محادثات الرهائن التي عقدت الاثنين في القاهرة، وسط توقعات إسرائيلية بأن يتم تكثيف المفاوضات بشكل ملحوظ في الأيام المقبلة، حسبما أفادت «تايمز أوف إسرائيل».

وسبق للجبهة الجنوبية في لبنان أن هدأت في وقت سابق من الشهر الماضي، بالتزامن مع مفاوضات عقدت في الدوحة سبقت شهر رمضان في محاولة للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، وسرعان ما انفجرت جبهة جنوب لبنان، على خلفية فشل التوصل إلى اتفاق الهدنة في غزة. ويربط «حزب الله» انخراطه في الحرب في لبنان، بجبهة غزة، ويقول إن الجبهة ستتوقف في حال وقف إطلاق النار في غزة.

مزارع إسرائيلي يحرث أرضه في كريات شمونة الاثنين قرب الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

رسائل سياسية

وبعد التصعيد العنيف في الأسبوع الماضي والذي استمر حتى فجر الأحد، دفع الحزب برسالة سياسية يؤكد فيها أنه يتجنب الانجرار إلى معركة واسعة.

وقال رئيس كتلة الحزب البرلمانية (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد، إنّ «العدوّ الإسرائيلي الآن يخبِطُ خَبطَ عشواء، ويُثقل في أذاه، ويشعِرنا بالألم، ويقتل منّا أعزّ أبنائنا، لكن الصّبر في مواجهة هذا العدوّ مع عدم الانجرار إلى حيث الأسلوب الذي يُريده ويختاره لنا في المواجهة هو طريقنا إلى تحقيق النّصر».

وقال رعد: «هدفنا بكلّ بساطة هو الضغط على العدوّ من أجل أن يوقف عدوانه على غزة»، مضيفاً: «ممنوعٌ على العدوّ أن ينتصر، ويجب أن تبقى المقاومة قائمةً وفاعلةً في غزة، لأنّ بقاءها يهوّن على كلّ مقاومةٍ في العالم أن تستمر وتبقى». وتابع: «إذا تمكّن هذا العدوّ من أن يقضي على المقاومة في غزة، فسيتجرأ الطواغيت على أن يُمارسوا الأسلوب نفسه في كلّ مرّة مع كلّ بلدٍ وشعب لإنهاء كلّ مسارٍ للمقاومة في دنيا هذا العالم».

تهدئة عسكرية

وانسجمت رسالة التهدئة السياسية، مع التهدئة العسكرية، حيث أعلن «حزب الله» بعد ظهر الاثنين عن تنفيذ عملية عسكرية واحدة، حيث قال إن مقاتليه استهدفوا فريقاً فنياً أثناء قيامه بصيانة التجهيزات الفنية والتجسسية في موقع البغدادي ‏بقذائف المدفعية.

وجاء هذا الإعلان، بعد هدوء ساد المنطقة منذ صباح الاثنين، وتلا غارات جوية ضخمة استهدفت مناطق واسعة قرب مزارع شبعا التي أطلق منها «حزب الله» الأحد صواريخ «بركان» باتجاه مواقع إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي، إن طيرانه الحربي هاجم نحو 10 أهداف لـ«حزب الله»، بينها مستودع لتخزين الوسائل القتالية، ومنصات إطلاق صواريخ، و«بنى تحتية» في راشيا الفخار جنوب لبنان.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أن الجيش الإسرائيلي «قصف المنطقة الواقعة بين راشيا الفخار والفرديس في قضاء حاصبيا»؛ فيما أفادت تقارير لبنانية بأنه جرى استهداف المنطقة بثلاث غارات.

وخلال ساعات النهار، شهدت المنطقة الحدودية قصفاً مدفعياً متقطعاً، حيث تعرضت منطقة الرندة الواقعة بين بلدتي رميش وعيتا الشعب لقصف مدفعي، كما حلق الطيران الإسرائيلي على علو مرتفع فوق مدينة الهرمل، وحلّق بشكل مكثف على مستوى منخفض فوق كسروان والمتن في جبل لبنان.

وإثر القصف المتواصل على المناطق المحاذية للخط الحدودي، قالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن «العدو يتعمد ضرب كل ما يشكّل حياة وأهدافاً مدنية تتحرك، خصوصاً الشارع العام المتاخم للخط الأزرق من الناقورة وحتى بنت جبيل، وهو يسعى لتحقيق منطقة جغرافية عازلة خالية من السكان تشبه ما كان يسمى الشريط الحدودي سابقاً قبل عام 2000».


مقالات ذات صلة

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

المشرق العربي نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

بدأ في لبنان التداول باسم رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد خليفة محتملاً للأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مدرعات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان  (إ.ب.أ)

«حزب الله» يعلن التصدي لـ«محاولة تسلل» إسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية

أعلن «حزب الله»، ليل السبت الأحد، أن قواته تصدت لمحاولة تسلل إسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية، في إطار المواجهات البرية المستمرة بين الطرفين منذ الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
TT

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة، في حين كانت القوات الإسرائيلية تلحق الدمار من حولهم.

وأدى القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى نزوح 1.9 مليون من أصل 2.3 مليون فلسطيني من سكان القطاع، ومقتل أكثر من 41 ألف شخص، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

ومنذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فرت أسرة أبو جراد سبع مرات، وانتقلت من «حياة الطبقة المتوسطة المريحة إلى الخراب»، وفقاً لوصفها.

وقال أبو جراد لوكالة أنباء «أسوشييتد برس»: «حياتنا الآن تختلف تماماً عن حياتنا في منزلنا في بيت حانون بشمال غزة. منزلنا كان مليئاً بالراحة والحب والعاطفة والأمان. كان المكان الذي يجتمع فيه الأحباء حول طاولة المطبخ أو على السطح في أمسيات الصيف وسط رائحة الورود وأزهار الياسمين».

وأضاف: «إن منزلك هو وطنك. كل شيء جيد في حياتنا كان في المنزل، كل شيء، الأسرة، والجيران، وإخوتي الذين كانوا حولي. إننا نفتقد كل ذلك».

قبل الحرب: حياة مريحة

كانت حياة أسرة أبو جراد في بيت حانون هادئة قبل الحرب. فقد كان أبو جراد يخرج كل صباح للعمل سائق تاكسي. وكانت زوجته تقضي معظم يومها في الأعمال المنزلية. وكانت أصغر بناتهما، لانا، قد بدأت الصف الأول الابتدائي، في حين أن هدى، التي تبلغ من العمر 18 عاماً، كانت في سنتها الأولى في الجامعة. أما أكبرهن، بلسم، فقد أنجبت طفلها الأول قبل بدء الحرب مباشرة.

7 أكتوبر: الهجوم

في صباح يوم 7 أكتوبر، سمعت الأسرة أخبار هجوم «حماس» على إسرائيل، الذي قُتل فيه نحو 1200 شخص واختُطف 250.

وأدركت الأسرة حينها أن الرد الإسرائيلي سيكون سريعاً وأن منزلهم، الذي يبعد نحو 2 كيلومتر فقط عن السياج الحدودي مع إسرائيل، سيكون على خط المواجهة.

وبحلول الساعة 9 صباحاً، حزم أبو جراد وزوجته وبناتهما وشقيقته ما في وسعهم وهربوا، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي أحد أوامره الأولى بالإخلاء.

أدى القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى نزوح 1.9 مليون شخص (أ.ب)

7 - 13 أكتوبر: الإقامة مع والدي الزوجة

مثل العديد من الأسر الفلسطينية التي نزحت من منازلها، حاولت أسرة أبو جراد في البداية البقاء بالقرب من البيت. وذهبوا للإقامة مع والدي الزوجة، في بيت لاهيا على بعد كيلومتر واحد.

وقالت الزوجة: «كان المكان مريحاً للغاية، لأكون صادقة. شعرت وكأنني في المنزل. لكننا كنا نعيش في خوف ورعب».

وبالفعل، تعرضت بيت لاهيا لقصف كثيف. على مدار الأيام الستة التي قضوها هناك، فقد قامت إسرائيل بـ9 غارات على البلدة على الأقل، مما أسفر عن مقتل العشرات.

واخترقت الشظايا خزانات المياه في منزل والدي الزوجة. وتحطمت النوافذ بينما تجمعت العائلة في الداخل، الأمر الذي دفع الأسرة للنزوح مرة أخرى.

13- 15 أكتوبر: اللجوء إلى المستشفى

توجهت الأسرة إلى مستشفى القدس للإقامة بها بعد ترك منزل أسرة الزوجة.

وكان المبنى ومحيطه مكتظاً بآلاف الأشخاص. ففي جميع أنحاء شمال غزة، لجأت الأسر إلى المستشفيات، على أمل أن يكونوا في مأمن.

ووجدت الأسرة مساحة صغيرة على الأرض، بالكاد يكفي للنوم ​​وسط الطاقم الطبي المحموم الذي يكافح مع الجرحى.

وقالت الزوجة: «كانت ليلة سوداء وكانت هناك ضربات إسرائيلية متواصلة، ورأينا القتلى والجرحى متناثرين على الأرض».

وفي اليوم التالي لوصولهم، أصابت ضربة إسرائيلية منزلاً على بعد بضع مئات من الأمتار من المستشفى، مما أسفر عن مقتل طبيب بارز وحوالي عشرين فرداً من عائلته، الكثير منهم من الأطفال.

وأمر الجيش الإسرائيلي جميع المدنيين بعد ذلك بمغادرة شمال غزة، مما أدى إلى توجه مئات الآلاف من الأشخاص جنوباً، من بينهم أسرة أبو جراد.

15 أكتوبر - 26 ديسمبر (كانون الأول): مدرسة مكتظة

سارت الأسرة 10 كيلومترات حتى وصلت إلى مدرسة إعدادية للبنات تديرها الأمم المتحدة في مخيم النصيرات للاجئين.

وكان كل فصل دراسي وممر مكتظاً بالعائلات القادمة من الشمال. ووجدت الأسرة مساحة صغيرة في فصل دراسي يضم بالفعل أكثر من 100 امرأة وطفل. وللحفاظ على الخصوصية، انتقل أبو جراد للعيش مع الرجال في خيام بالخارج، في ساحة المدرسة.

كان هذا مكان إقامتهم لأكثر من 10 أسابيع. كانت الزوجة وبناتها ينمن على الأرض، دون مساحة كافية حتى لتمديد أرجلهن. ومع حلول الشتاء، لم يكن هناك ما يكفي من البطانيات.

وقالت الزوجة إن الحمامات كانت أسوأ شيء في الأمر. فلم يكن هناك سوى عدد قليل من المراحيض التي يستخدمها الآلاف من الناس.

وأشارت إلى أن الاستحمام كان بمثابة «معجزة». فقد ظل الناس عاجزين عن الاستحمام لأسابيع. وانتشرت الأمراض الجلدية على نطاق واسع.

ويومياً، كانت البنات يذهبن عند الفجر للانتظار في الطوابير أمام المخابز القليلة الموجودة بالمنطقة، ويعدن بعد الظهر، وفي بعض الأحيان يحملن رغيف خبز واحداً فقط. وفي أحد الأيام، سار أبو جراد وبناته مسافة 5 كيلومترات إلى مدينة دير البلح، بحثاً عن مياه صالحة للشرب.

وقال أبو جراد: «لولا أهل دير البلح الطيبين الذين أشفقوا علينا وأعطونا نصف غالون من المياه، لكنا عدنا بلا شيء».

ومع استمرار الضربات، قررت الأسرة الذهاب إلى أبعد مدى ممكن، فساروا مسافة 20 كيلومتراً إلى رفح، في أقصى جنوب غزة.

26 ديسمبر - 14 مايو (أيار): الحياة في خيمة

ذاقت أسرة أبو جراد طعم العيش في خيمة لأول مرة في رفح، وقد أقامت خيمتها وسط عشرات الآلاف من الخيام على مشارف المدينة.

وقالت الزوجة: «في الشتاء، كان الأمر أشبه بالجحيم، حيث غمرتنا المياه. وكنا ننام على الأرض، لا شيء تحتنا، ولا أغطية».

وأضافت: «لم يكن لدينا المال لشراء الطعام من الأسواق، حيث ارتفعت الأسعار. وأصيبت بناتنا بنزلات البرد والإسهال، ولم تكن هناك صيدلية قريبة لشراء الدواء. وعشنا بالكامل على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة من الدقيق وغيره من المواد الأساسية».

وقال أبو جراد: «كان شراء حبة طماطم أو خيارة أشبه بالحلم».

ومثل كثيرين غيرهم، كانوا يعتقدون أن رفح هي آخر مكان آمن في غزة. ولكنها لم تكن كذلك.

وفي الأسبوع الأول من شهر مايو، أمرت إسرائيل بإخلاء رفح بالكامل. ثم توغلت قواتها في المدينة. واشتد القصف.

وحاولت الأسرة البقاء لأطول فترة ممكنة هناك. ولكن غارة جوية ضربت مكاناً قريباً، فقتلت أربعة من أبناء عم أبو جراد وفتاة صغيرة.

أسرة فلسطينية تحمل أغراضها أثناء النزوح من قطاع غزة (أ.ب)

16 مايو - 16 أغسطس (آب): «منطقة إنسانية»

نزح أكثر من مليون شخص من رفح هرباً من الهجوم الإسرائيلي، وتفرقوا في جنوب ووسط غزة. وملأت الخيام شواطئ المدن والحقول والأراضي الفارغة وساحات المدارس والمقابر وحتى مكبات النفايات.

وتوجهت أسرة أبو جراد إلى المواصي، التي كانت في السابق بلدة ساحلية، بعد أن أعلنت إسرائيل إنها «منطقة إنسانية» ـ رغم قلة المساعدات أو الغذاء أو الماء.

وفي هذا المكان، كانت الأسرة تستخدم أكواماً من العصي لإشعال النار وطهي الطعام، واستخدموا دلواً من الماء للاستحمام من حين لآخر. وكان الصابون باهظ الثمن. وتسللت العناكب الكبيرة والصراصير والحشرات الأخرى إلى الخيمة.

16 - 26 أغسطس: الفرار إلى البحر

أجبرت غارة شنتها إسرائيل على بعد أقل من كيلومتر أسرة أبو جراد على النزوح مرة أخرى. وتوجهت الأسرة نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط، دون أن تعرف أين ستقيم.

لكن، لحسن الحظ، وجدت الأسرة بعض المعارف في إحدى الخيام.

وقال أبو جراد: «باركهم الله، لقد فتحوا خيمتهم لنا وسمحوا لنا بالعيش معهم لمدة 10 أيام».

أواخر أغسطس: لا نهاية في الأفق

عندما عادت الأسر إلى المواصي، وجدت أسرة أبو جراد أن خيمتها قد سُرِقَت وأن طعامها وملابسها اختفت بالكامل.

ومنذ ذلك الحين، تتكرر الأيام دون أي جديد. وتجد الأسرة أن البقاء على قيد الحياة يفقد معناه في صراع يبدو أنه لا نهاية له.

وأصبح العثور على الطعام أكثر صعوبة مع انخفاض الإمدادات التي تدخل غزة إلى أدنى مستوياتها خلال الحرب.

أصبح العثور على الطعام أكثر صعوبة مع انخفاض الإمدادات التي تدخل غزة (أ.ب)

وتحلق الطائرات المسيرة الإسرائيلية فوق رؤوس الأسرة باستمرار، حيث يعيش الجميع في رعب وضغط نفسي مستمر.

وتحلم الأسرة بالعودة إلى منزلها. وقال أبو جراد إنه علم أن منزل شقيقه المجاور دُمر في غارة، وأن منزله تضرر، لكنه لا يعرف حجم الضرر الذي لحق به.