أمطار العراق تنعش آمال الزراعة... وصيف بلا عطش

الأمم المتحدة تدعم الحكومة في «عام المياه من أجل السلام»... وتحذيرات من «تداعيات اجتماعية خطيرة»

توقعات بموسم مياه وفير بعد موجة أمطار غزيرة في العراق (رويترز)
توقعات بموسم مياه وفير بعد موجة أمطار غزيرة في العراق (رويترز)
TT

أمطار العراق تنعش آمال الزراعة... وصيف بلا عطش

توقعات بموسم مياه وفير بعد موجة أمطار غزيرة في العراق (رويترز)
توقعات بموسم مياه وفير بعد موجة أمطار غزيرة في العراق (رويترز)

أنعشت الأمطار الغزيرة، التي هطلت مطلع فصل الشتاء وما زالت متواصلة حتى الآن في مختلف مناطق العراق، الآمال بموسم زراعي وفير، وصيف خالٍ من العطش، بعد 3 مواسم شديدة الجفاف تسببت في تراجع الإنتاج الزراعي خصوصاً في محصولي الحنطة والشعير إلى أكثر من النصف، إلى جانب جفاف مناطق واسعة من الأهوار جنوب البلاد؛ ما دفع كثيراً من سكانها للهجرة إلى مراكز المدن بحثاً عن فرص عمل جديدة.

وسلطت الأمم المتحدة، السبت، الضوء على التحديات المائية والمناخية التي تواجه العراق في اليوم العالمي للمياه، وحذرت من أن يؤدي الجفاف إلى «خلق توترات مجتمعية وإعاقة التنمية».

ومع بوادر الربيع، شهدت البلاد موجة سيول وأمطار غزيرة خلال الأسبوع الأخير تسببت في بعض المحافظات، خصوصاً في دهول بإقليم كردستان، بخسائر غير قليلة في الممتلكات إلى جانب وفاة شخصين، وأطلقت في البرلمان دعوات لتعويض السكان المتضررين.

عراقيون يحاولون دفع مياه الأمطار التي زحفت نحو منازلهم في مدينة دهوك (أ.ف.ب)

خزين مائي

ومع ذلك، تقول وزارة الموارد المائية إنها نجحت في استيعاب موجهات المطر والسيول الشديدة، وتحويل مجاريها إلى السدود والبحيرات لزيادة خزينها المائي الذي عانى من تراجع خطير خلال السنوات الماضية.

وقال وزير الموارد المائية عون ذاب عبد الله، في تصريحات صحافية، إن «الأمطار الأخيرة حققت رية كاملة لكل المزروعات في عموم البلاد، وهذا مؤشر جيد، ويعني أننا غير مضطرين لإطلاق كميات كبيرة من الخزانات والسدود».

وأكد عبد الله بدء وزارته بتقليص إطلاقاتها للحفاظ على الخزين المائي المتاح لمواجهة موسم الصيف المقبل.

وأعلنت وزارة الموارد، في وقت سابق، ارتفاع الخزين المائي إلى نحو 10 في المائة خلال فترة وجيزة جداً قياساً بالمواسم الماضية، وتوقعت أن يزداد إلى نحو 15 مليار متر مكعب، مع توقع تواصل هطول الأمطار في الأيام المقبلة وصولاً إلى موسم ذوبان الثلوج في المرتفعات الجبلية شمال البلاد.

صورة جوية لجرف نهر الفرات في إحدى مناطق النجف (رويترز)

وتبشر معظم التصريحات الصادرة عن وزارة الموارد المائية، بصيف خالٍ من العطش بالنظر لزيادة الخزين المائي.

وتوقع المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي أن يشهد العراق موسماً زراعياً هو الأكثر وفرة في تاريخه من خلال زراعة أكثر من 6 ملايين دونم.

وقال الخزاعي لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الوقائع تشير إلى أننا سنصل هذا المستوى من الزراعة، وسنكون قادرين على الاكتفاء ذاتياً من محصول الحنطة الاستراتيجي».

وأضاف أن «أسباباً مجتمعة ساعدت في هذا المستوى من الزراعة، منها الوفرة المائية والدعم الحكومي غير المحدود للقطاع الزراعي، وإدخال الميكنة الحديثة في زراعة نحو 4 ملايين دونم جديدة في مناطق صحراوية».

وأحد مظاهر دعم الزراعة في العراق، والكلام للخزاعي، قيام الحكومة بشراء الطن الواحد من الحنطة بسعر 850 ألف دينار عراقي (نحو 600 دولار)، بينما لا يتجاوز سعر الطن من الحنطة الأسترالية نحو 350 دولاراً.

المياه من أجل السلام

من جهتها، سلطت الأمم المتحدة في العراق، الضوء على التحديات المائية ودعت إلى التعاون في اليوم العالمي الذي وضعته تحت عنوان «عام المياه من أجل السلام»

ولفت فريق الأمم المتحدة في العراق، السبت، الانتباه إلى قضايا المياه الملحة التي تواجهها البلاد، ودعا في بيان إلى تعزيز التعاون لمواجهة هذه التحديات.

ورأى أن «شح المياه وتلوثها وعدم تكافؤ فرص الوصول إليها» يمكن أن يؤدي إلى خلق توترات مجتمعية وإعاقة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف الفريق في بيان صحافي مفصل، أن «العراق يقع في منطقة تعاني مسبقاً من الإجهاد المائي، ويواجه مجموعة من التحديات بسبب ذلك. ويجري تقاسم الموارد المائية في البلاد مع البلدان المجاورة، ما يجعل إدارة المياه العابرة للحدود أمراً بالغ الأهمية لتعزيز التعاون والحفاظ على السلام».

ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية «الظالمة» التي تنتهجها تركيا وإيران حياله من خلال قيام الدولتين في الحيلولة دون حصوله على حصص المائية عبر قيامهما بإنشاء السدود على منابع نهري دجلة والفرات وحرف مسار الأنهار التي تصب في أراضيه.

موجة الأمطار وصلت إلى أقصى الجنوب في البصرة (أ.ف.ب)

ونقل البيان الأممي عن نائب الممثل الخاص للأمين العام والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق غلام إسحق زى، القول، إن «تأثير التغير المناخي يزيد من تعقيد الوضع المائي في العراق - حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم أزمة شح المياه، ما يقلل الإنتاجية الزراعية، ويعرض الأمن الغذائي والصحة العامة للخطر».

وأضاف أن «تدهور نوعية المياه بسبب التلوث، وعدم كفاية ممارسات إدارة النفايات يشكلان تهديداً كبيراً لرفاهية الإنسان والسلامة البيئية؛ ولهذا السبب تواصل الأمم المتحدة العمل جنباً إلى جنب مع الحكومة العراقية وشركائها للتخفيف من شدة هذه الأزمة».

ويشير البيان إلى تعاون فريق الأمم المتحدة في العراق مع الحكومة العراقية لمواجهة أزمتي ندرة المياه وتلوثها المتناميتين.

تأهيل محطات

وقامت منظمات الأمم المتحدة، وفق البيان، بإعادة تأهيل 7 محطات رئيسية لمعالجة المياه في جنوب البلاد، ما «أدى إلى تحسن كبير في إمكانية حصول المجتمعات المحلية المحيطة على المياه الصالحة للشرب».

وتابع أنه «في أهوار الحويزة، تعمل الأمم المتحدة مع الإدارة المحلية على تمكين المجتمعات المتضررة من الأزمة، وتعزيز وصول المياه النظيفة إليهم من خلال أنظمة تنقية المياه بالطاقة الشمسية الكهروضوئية، ممكناً بذلك نحو 960.000 فرد من الحصول على مياه الشرب النظيفة».

وخلص البيان الأممي إلى القول، إن فريق الأمم المتحدة القطري «مستمر في دعم قطاع المياه في العراق بهدف معالجة أزمة ندرة المياه وتحقيق نتائج مؤثرة للأطفال وأسرهم من خلال تعزيز الأنظمة من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن أطر إدارة المياه وإدارة الموارد العادلة والشاملة؛ والقضاء على تلوث المياه، وتعزيز الأسواق المحلية لزيادة الوصول إلى مرافق المياه النظيفة والصرف الصحي العادلة والقادرة على الصمود في وجه التغير المناخي في المجتمعات المحلية والمدارس والمرافق الصحية».

يشار إلى أن الأمم المتحدة وبقية دول العالم تحتفل سنوياً في 22 مارس (آذار)، باليوم العالمي للمياه، وهو بمثابة «فرصة لرفع مستوى الوعي حول أهمية المياه العذبة، والدعوة إلى الإدارة المستدامة للموارد المائية» طبقاً للمنظمة الأممية.


مقالات ذات صلة

العراق يرفض «تخوين الأشقاء» في حرب غزة ولبنان

المشرق العربي الحكومة العراقية تحاول كبح الفصائل المسلحة عن حرب لبنان (إعلام حكومي)

العراق يرفض «تخوين الأشقاء» في حرب غزة ولبنان

شددت الحكومة العراقية على أنها تحتكر القرار والموقف السياسي بشأن التصعيد في لبنان وغزة، وقالت إنها ترفض «خطاب التخوين والإساءة» الموجّه إلى دول شقيقة وصديقة.

حمزة مصطفى (بغداد) فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة إطلاق سابق لطائرة مسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

فصائل عراقية تتبنى هجمات بصواريخ «الأرقب» ضد أهداف إسرائيلية

تبنت «المقاومة الإسلامية في العراق» 5 هجمات منفصلة بصواريخ «الأرقب» ضد أهداف في وسط إسرائيل وشمالها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

حضّ رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، دولاً أوروبية على الضغط باتجاه خفض التصعيد في المنطقة، والعمل على تجنيب العراق أي ضربة إسرائيلية رداً على مقتل.

فاضل النشمي (بغداد) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

هذه المرة الأولى التي يعلن فيها جهاز أمني رفيع عن المستوى الذي وصل إليه انتشار المخدرات في البلاد عبر زراعتها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مظاهرة في بغداد ترفع العلم اللبناني وصورة حسن نصر الله (رويترز)

«الإطار الشيعي» يسعى للنأي بالعراق عن «الحرب» بين إيران وإسرائيل

تنشغل الأوساط السياسية والشعبية منذ نحو أسبوعين بالحرب وتداعياتها، وتَراجع إلى الوراء الاهتمام بمعظم القضايا الخلافية الكبيرة التي تفجرت خلال الشهرين الماضيين.

فاضل النشمي (بغداد)

«الصحة العالمية» تحذر من تفشٍّ محتمَل للأمراض في لبنان

أشخاص في ممر «مستشفى بيروت الحكومي» وسط  الحرب المستمرة (رويترز)
أشخاص في ممر «مستشفى بيروت الحكومي» وسط الحرب المستمرة (رويترز)
TT

«الصحة العالمية» تحذر من تفشٍّ محتمَل للأمراض في لبنان

أشخاص في ممر «مستشفى بيروت الحكومي» وسط  الحرب المستمرة (رويترز)
أشخاص في ممر «مستشفى بيروت الحكومي» وسط الحرب المستمرة (رويترز)

حذر مسؤول في «منظمة الصحة العالمية» ببيروت، اليوم (الثلاثاء)، من خطر تفشي الأمراض في لبنان بسبب ظروف التكدس بملاجئ النازحين وإغلاق المستشفيات مع فرار المسعفين من الهجوم الإسرائيلي.

وبدأت القوات الإسرائيلية عمليات برية في جنوب غربي لبنان؛ مما أدى إلى تصعيد الصراع المستمر منذ عام مع «حزب الله»، الذي أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص في الأسبوعين الماضيين، وتسبب في نزوح جماعي.

وقال إيان كلارك، المسؤول في «منظمة الصحة العالمية» في لبنان، خلال مؤتمر صحافي في جنيف عبر رابط فيديو من بيروت: «نواجه وضعاً يزيد فيه بشدة احتمال تفشي أمراض، مثل الإسهال المائي الحاد، والتهاب الكبد (أ)، وعدد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات».

وأضاف كلارك أن «منظمة الصحة»، التابعة للأمم المتحدة، حذرت بالفعل بأن «النظام مثقل الكاهل، وأن هناك حتى الآن 5 مستشفيات في لبنان صارت خارج الخدمة، و4 مستشفيات أخرى تعمل دون الكفاءة، نتيجة للأعمال القتالية».

وقال إن المستشفيات أُغلقت لأن المسعفين إما فروا من القتال وإما طلبت منهم السلطات الإخلاء.

وفي المؤتمر نفسه، عبر مسؤول في «برنامج الأغذية العالمي»، اليوم، عن القلق إزاء قدرة لبنان على توفير غذائه لنفسه، وقال إن آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية في جنوب البلاد احترقت أو هُجّر مزارعوها وسط تصاعد الأعمال القتالية.

وقال ماثيو هولينجورث، مدير «برنامج الأغذية العالمي» في لبنان: «من ناحية الزراعة وإنتاج الغذاء، هناك قلق غير عادي بشأن قدرة لبنان على الاستمرار في إطعام نفسه»، مضيفاً أنه «لن تُحصد المحاصيل، وسيصيب العفن الإنتاج في الحقول».