مخاوف أممية من تكريس الواقع التقسيمي في سوريا

بيدرسن: «كل التطورات تسير في الاتجاه الخاطئ» أمنياً وسياسياً

سوريون يتطاهرون ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإدلب في 15 مارس الحالي (د. ب. أ)
سوريون يتطاهرون ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإدلب في 15 مارس الحالي (د. ب. أ)
TT

مخاوف أممية من تكريس الواقع التقسيمي في سوريا

سوريون يتطاهرون ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإدلب في 15 مارس الحالي (د. ب. أ)
سوريون يتطاهرون ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإدلب في 15 مارس الحالي (د. ب. أ)

أسف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، لعدم إحراز أي تقدُّم يعكس مسار الحرب في هذا البلد، محذراً من أنه بعد 13 عاماً من الواقع المأسوي للسوريين المتخوفين من تكريس الواقع التقسيمي، لا تزال «كل التطورات تسير في الاتجاه الخاطئ» أمنياً وإنسانياً وحقوقياً واقتصادياً وسياسياً.

وكان بيدرسن يقدم إحاطة لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك حول الوضع في سوريا، في الذكرى السنوية الـ13 لبدء الأزمة، إذ أكد أنه «لا توجد طريق عسكرية لإيجاد حلول للتحديات التي لا تُعد ولا تُحصى»، قائلاً: «لن يُتمكن من تحقيق هذه الغاية سوى بالحل السياسي الشامل»، مشيراً إلى «العنف الشديد» على العديد من الجبهات، وامتداده على المستوى الإقليمي. وتطرق إلى أهمية وقف التصعيد في غزة؛ بدءاً من الوقف الفوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية، مشدداً على أن «وقف تصعيد النزاع في سوريا نفسها أمر ملحّ بالقدر ذاته». ودعا إلى «البناء على ترتيبات الهدنة الحالية والسعي إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم (2254)، فضلاً عن حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وتطبيق الإجراءات ضد الجماعات الإرهابية المدرَجة في قائمة مجلس الأمن بشكل حازم وفقاً للقانون الدولي الإنساني».

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث للصحافيين بدمشق في 17 مارس الحالي (أ.ف.ب)

وتحدث بيدرسن مجدداً عن «استمرار ورود تقارير مقلقة عن الاعتقالات التعسفية والاختطاف، فضلاً عن التعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي في أماكن الاحتجاز بعدة أجزاء من سوريا». وقال إن «التقديرات تشير إلى أن أكثر من 100 ألف شخص محتجزون تعسفياً أو مختفون قسرياً أو مفقودون»، آسفاً لـ«عدم وجود أي تقدم في شأن عمليات إطلاق على نطاق واسع، أو توافر معلومات حول مصير المفقودين وأماكن وجودهم، والوصول إلى كل أماكن الاحتجاز». وأوضح أن نصف عدد السكان قبل الحرب لا يزالون يعانون التشرد أو المنفى لأكثر من عقد من الزمن في العديد من الحالات. وقال: «إنهم لا يعودون بعدد كبير، وعندما يُسألون عن السبب، فإنهم يشيرون إلى مخاوف تتعلق بالحماية وسبل العيش، ومن الواضح أنه لا يتم التعامل مع هذه المخاوف بشكل كافٍ». ونقل عن ناشطات في مجال حقوق المرأة أن «المضايقات والتهديدات بالعنف الجسدي تتزايد».

قوة تركية - روسية مشتركة قرب بلدة الدرباسية السورية (أرشيفية - أ. ب)

ولاحظ كذلك أنه بعد مرور 13 عاماً من الحرب «لا يزال المتظاهرون يخرجون إلى الشوارع في بعض المناطق للتعبير عن المظالم التي لم تُعالَج، بما في ذلك هذا الشهر في شمال سوريا ودرعا».

الواقع التقسيمي

وقال المبعوث الأممي إن «السوريين ينقسمون عبر مناطق السيطرة حيث تنشط 6 جيوش أجنبية، علاوةً على عدد كبير من الجهات المسلحة بالإضافة إلى الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن... كلما طال أمد هذا الوضع الراهن، أخشى أن تنجرف المناطق المختلفة إلى مزيد من التباعد، مما يؤدي إلى تعميق التحديات التي تواجه استعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها». وتكلم عن «قلق عميق بين السوريين بشأن تأثير تقسيم سوريا تحت سلطات مختلفة لمدة جيل كامل تقريباً»، مضيفاً: «إننا نسمع مطالب قوية بوقف الأعمال العدائية وتوفير الحماية للمدنيين وتحقيق الاستقرار وتوفير سبل العيش وفرص التعليم». ورأى أن «المستقبل السياسي لسوريا هو الذي يقرره السوريون»، لكن الخروج من الأزمة «يحتاج أيضاً إلى مساهمات الجهات الدولية الفاعلة التي تلعب دوراً كبيراً في سوريا اليوم، وتنازلات من كل اللاعبين السوريين والدوليين».

عربة عسكرية أميركية قرب مدينة القامشلي (أرشيفية - أ. ب)

وشدد بيدرسون على الحاجة إلى «محادثات تحضيرية لليوم الذي يصير فيه كل هؤلاء اللاعبين الرئيسيين على استعداد للعمل على التوصل إلى تسوية شاملة، عبر مجموعة كاملة من المسارات المترابطة»، عادّاً أن «السنوات الأخيرة من الدبلوماسية تظهر أنه لا يمكن لأي جهة فاعلة أو مجموعة من الجهات الفاعلة أن تقترب بمفردها من حل هذه الأزمة». ولذلك «كلما سارع جميع اللاعبين إلى قبول ذلك وأصبحوا مستعدين للجلوس إلى الطاولة، كان ذلك أفضل للشعب السوري المتعب الذي طالت معاناته».

ملايين المحتاجين

وكذلك استمع أعضاء المجلس إلى إفادة من مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية نائبة منسق المعونة الطارئة، جويس مسويا، التي قالت إنه «لا يزال أكثر من 7 ملايين شخص نازحين من منازلهم» في سوريا، بينما «يحتاج أكثر من نصف السكان (ما يقرب من 13 مليون شخص) إلى المساعدات الغذائية». وأشارت إلى ارتفاع «معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة بمقدار 3 أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية. ولفتت إلى أنه بالنسبة لـ4.2 مليون شخص محتاج في شمال غربي سوريا «تستمر الاستجابة عبر الحدود من تركيا في لعب دور لا غنى عنه» في تقديم «الإغاثة المنقذة للحياة، وتوفير الحماية الأساسية، والخدمات الصحية والتعليمية، وإجراء بعثات تقييم ومراقبة منتظمة إلى إدلب وشمال حلب».


مقالات ذات صلة

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يبحثون وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية أصابت مدرسة تديرها الأمم المتحدة لجأ إليها الناس في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: واشنطن شريك مباشر بحرب الإبادة في غزة

أكدت حركة «حماس» أن واشنطن «شريك مباشر بحرب الإبادة» في غزة بعد «الفيتو» بمجلس الأمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)
أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)
TT

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)
أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

يُتوقع أن يدعو رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، خلال الأيام القليلة المقبلة، الكتل السياسية الفائزة إلى عقد أول جلسة للبرلمان بعد إعلان «مفوضية الانتخابات» المصادقة على نتائج انتخابات إقليم كردستان التي جرت في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وطبقاً للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعيّن على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدعُ الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج.

ويترأس العضو الأكبر سناً جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.

وحصل «الحزب الديمقراطي» على 39 من أصل 100 مقعد في برلمان الإقليم بدورته السادسة، في حين حصل غريمه التقليدي «الاتحاد الوطني» على 23 مقعداً، كما حصل «الجيل الجديد» على 15 مقعداً، و«الاتحاد الإسلامي» على سبعة مقاعد، وأحزاب صغيرة على بقية المقاعد.

ومع أن الجلسة الأولى للبرلمان يُتوقع أن تنعقد بانسيابية وسهولة طبقاً للوائح والإجراءات القانونية، فإن معظم الترجيحات تتحدث عن «شتاء قاسٍ» ينتظر الإقليم بالنسبة إلى عملية الاتفاق على تشكيل الحكومة، بالنظر إلى الانقسامات القائمة بين قواه السياسية.

مسرور بارزاني يتحدث على هامش معرض تجاري في أربيل (حكومة إقليم كردستان)

ويتحدث حزب الاتحاد الوطني عن «تقديرات متشائمة» بشأن تشكيل الحكومة قد تمتد إلى نهاية العام المقبل.

ويتوقع القيادي في حزب الاتحاد، غياث السورجي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تبقى قضية تشكيل الحكومة حتى موعد الانتخابات الاتحادية العامة نهاية عام 2025، وبعد ذلك يتم الاتفاق على مناقشة مسألة المناصب في الإقليم وفي بغداد بيننا وبين الحزب الديمقراطي».

وخلال السنوات الماضية غالباً ما تم الاتفاق بين الحزبين على أن يحصل حزب الاتحاد الوطني على منصب رئيس جمهورية العراق، في حين يحصل «الديمقراطي» على رئاسة الإقليم ورئاسة وزرائه.

وأضاف السورجي: «أتوقع تأخّر تشكيل الحكومة؛ لأن لدينا شروطاً من أجل المشاركة فيها. قادة (الديمقراطي) يقولون إن الجميع سيشارك وفق استحقاقه الانتخابي، وهذا لن نقبل به. نريد أن نشارك في حكومة لنا فيها دور حقيقي برسم السياسات. لن نشارك وفق مبدأ الاستحقاق، إنما وفق دور حقيقي».

ويؤكد أن «جميع الأحزاب الفائزة أعلنت رسمياً عدم المشاركة في الحكومة، وبعضها انسحب من البرلمان، والأمر سيبقى محصوراً بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد في مسألة تشكيل الحكومة».

وكشف السورجي عن أن «(الديمقراطي) بدأ (الاثنين) زيارة الأحزاب الفائزة؛ للمناقشة حول تشكيل الحكومة، ونحن في (الاتحاد) شكّلنا لجنة، وسنتفاوض خلال الأيام المقبلة مع جميع الأحزاب».

وعن المناصب الحكومية التي يمكن أن يحصل عليها «الاتحاد الوطني» في حال مشاركته في الحكومة، قال السورجي: «حتى هذه اللحظة لم نناقش المناصب، لكننا نريد الحصول على أحد المنصبين؛ رئاسة الإقليم، أو رئاسة الوزراء، وبخلافه لن نتنازل عن شرطنا، وهناك شروط أخرى».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقاء في بغداد (أرشيفية - رئاسة الوزراء)

بدوره، يقلّل كفاح محمود المستشار الإعلامي لزعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، من أهمية «التوقعات المتشائمة» التي يتحدث عنها حزب الاتحاد، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ومهما كانت الخلافات السياسية بين (الديمقراطي) و(الاتحاد)، فإن نهاية التنافس هي حكومة ائتلافية بينهما؛ لأن الواقع على الأرض مع الاستحقاقات الانتخابية سيرسم خريطة الحكومة القادمة حتى وإن تأخرت لعدة أشهر».

ويتوقع محمود، أن تركز الحكومة المقبلة على «قضية الخدمات والمشروعات الصناعية الزراعية، خصوصاً أن حكومة مسرور بارزاني الحالية أرست أسس بنية تحتية لصناعة الغذاء وملحقاته الأساسية التي تتعلق بالزراعة والمياه خصوصاً السدود ومشروعات البرك المائية التي تستثمر مياه الأمطار الغزيرة في كردستان، وما يتعلق ببعض الصناعات التحويلية التي تحتاج إلى حكومة تكنوقراط تلبي الحاجة الماسة للمواطن والإقليم».

ويرجح محمود أن «يحصل رئيس الوزراء الحالي (المنتهية ولايته) على ولاية جديدة في الحكومة المقبلة».

وأدلى عضو الحزب الديمقراطي عبد السلام برواري، بتصريحات إلى «شبكة رووداو» الإعلامية، الاثنين، قال فيها، إن «(الاتحاد الوطني) عادة ما يمارس هذه الأساليب ويرفع من سقف مطالبه، وفي النهاية نحن نعرف وهم يعرفون وكذلك الناس تعرف، أنه يجب أن تتشكل الحكومة بالاتفاق ما بين (الديمقراطي) و(الاتحاد الوطني)».

وأضاف أن «هذا هو الواقع، سواء كان مُرّاً أم حلواً، يعجبني أو لا يعجبك، هذا هو الواقع في إقليم كردستان... لا تتشكل حكومة دون البارتي (الديمقراطي) واليكتي (الاتحاد)».