باريس تتوسط بين «حزب الله» وإسرائيل لخفض منسوب المواجهة جنوباً

بمبادرة من رئيس الاستخبارات الفرنسية الخارجية

الوساطة الفرنسية وراء خفض منسوب المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل (أ.ف.ب)
الوساطة الفرنسية وراء خفض منسوب المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

باريس تتوسط بين «حزب الله» وإسرائيل لخفض منسوب المواجهة جنوباً

الوساطة الفرنسية وراء خفض منسوب المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل (أ.ف.ب)
الوساطة الفرنسية وراء خفض منسوب المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل (أ.ف.ب)

كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية عن أن خفض منسوب المواجهة في الأيام الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل على امتداد الجبهة الشمالية، بخلاف ما كانت عليه سابقاً، لا يعود إلى رداءة الأحوال الجوية، وإنما إلى تجاوب الطرفين مع الوساطة التي تولاها رئيس الاستخبارات الفرنسية الخارجية، نيكولا ليرنر، خلال زيارته إلى بيروت التي تخللها اجتماعه بمسؤول بارز في الحزب، في سياق اجتماعاته التي عقدها مع مسؤولين لبنانيين، سياسيين وأمنيين، تناولت بشكل أساسي مرحلة ما بعد التوصل إلى هدنة على الجبهة الغزاوية، في حال أن الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية تكللت بالنجاح على أمل أن تنسحب على جنوب لبنان.

وأكدت المصادر الدبلوماسية الأوروبية لـ«الشرق الأوسط» أن مجرد التوافق غير المباشر على خفض منسوب المواجهة في جنوب لبنان، من وجهة نظر باريس، سيدفع باتجاه التهدئة، التي يُفترض أن تبدأ في غزة وتمتد تلقائياً إلى الجبهة الشمالية، ما يعزز تغليب الحلول الدبلوماسية على الحل العسكري، بخلاف التهديدات التي يطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وأركان فريق حربه، على خلفية أن الهدنة الغزاوية لا تنسحب بالضرورة على جنوب لبنان.

خفض المواجهة باب لتطبيق القرار 1701

فالتوافق على خفض منسوب المواجهة، بحسب المصادر الدبلوماسية، يمكن أن يفتح الباب أمام إعطاء الأولوية للحلول السياسية، بتطبيق القرار الدولي 1701، كونه الناظم الوحيد لتحديد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً أن ليرنر تطرق في لقاءاته، سواءً كانت رسمية أو تلك التي عقدها مع مسؤولين بارزين في «حزب الله»، إلى الورقة التي أعدّتها فرنسا وأودعتها لدى الحكومة اللبنانية، التي سجلت ما لديها من ملاحظات عليها، من دون أن تتعاطى بطريقة سلبية مع مضامينها.

ولفتت المصادر إلى أن مجرد التوافق على خفض منسوب التوتر، يعني حكماً أن تل أبيب ستضطر للتعاطي معها إيجابياً، بشكل يؤدي إلى تراجع الحلول العسكرية التي لا يزال نتنياهو وفريق حربه يلوّحون بها.

وقالت إن ليرنر بحث في لقاءاته الرسمية التي شملت، إضافة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قائد الجيش العماد جوزيف عون، ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي، توفير كل أشكال الدعم للمؤسسة العسكرية ليكون في وسعها، إلى جانب القوات الدولية «يونيفيل»، الانتشار في منطقة جنوب الليطاني، على أن يتلازم ذلك مع فتح باب التطوع لتأمين العدد المطلوب من العسكريين لتطبيق القرار 1701.

«حزب الله» سيلتزم بالهدنة الغزاوية

ورأت المصادر الدبلوماسية أن الهدنة الغزاوية ستنسحب على جنوب لبنان، وأن «حزب الله» سيلتزم بها، وهو ليس في وارد التفرُّد، خلال سريانها، بمساندة حركة «حماس» في حربها مع إسرائيل، وهذا ما أبلغه لجهات عربية ودولية لم تنقطع عن التواصل معه. وقالت إن الحزب ليس لديه نية بتوسعة الحرب، وهو يتعاطى بجدية مع النصائح التي أُسديت له بعدم السماح لإسرائيل باستدراجه لتوسعتها، ما يتطلب منه ضبط أدائه في رده على محاولة إسرائيل استدراجه إلى التصعيد رداً على غاراتها الجوية في العمق اللبناني.

وأكدت المصادر أن الحزب يتعامل بالمثل في رده، باستهدافه مناطق تقع في العمق الإسرائيلي، وقالت إنه يحرص على ضبط أدائه في المواجهة المشتعلة من دون أن يجنح نحو التصعيد العسكري بلا ضوابط، بغية الإبقاء على مجريات المعركة تحت السيطرة، استعداداً للتعاطي لاحقاً مع مرحلة ما بعد التوصل إلى هدنة على الجبهة الغزاوية، وإن كان يسعى من حين لآخر لتمرير الرسائل لإسرائيل بأن المواجهة تبقى محكومة بتوازن الرعب، برغم أنها كانت السباقة في تخطيها في غالب الأحيان قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار 1701 الذي كان وراء وقف العمليات العسكرية، من دون أن يتحول إلى وقف شامل لإطلاق النار.

ويبقى السؤال: إلى متى يستمر خفض منسوب المواجهة في جنوب لبنان؟ وهل الظروف مواتية لتطبيق القرار 1701 الذي لا يزال تنفيذه عالقاً منذ اندلاع حرب تموز يوليو (تموز) 2006؟ وكيف سيتصرف المجتمع الدولي في حال أدت الوساطة إلى فرض هدنة على الجبهة الغزاوية؟ وما مدى استعداد فرنسا للعب دور لتنفيذ القرار 1701، خصوصاً وأنها تشكل رأس حربة في عداد القوات الدولية «يونيفيل» العاملة في جنوب الليطاني؟


مقالات ذات صلة

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يدلي بتصريح عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي في بعبدا (إ.ب.أ)

عون يقود مساعي لتجنب مقاطعة شيعية للحكومة... وبري: الأمور ليست سلبية للغاية

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام إلى بيروت، لبدء المشاورات النيابية لتشكيل حكومةٍ طمأن إلى أنها «ليست للإقصاء».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

توقفت الأوساط السياسية أمام رد فعل «الثنائي الشيعي» على التبدُّل المفاجئ للمزاج النيابي الذي سمّى رئيس «محكمة العدل الدولية» نوّاف سلام رئيساً للحكومة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون خلال اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين في قصر بعبدا (أ.ف.ب)

«خريطة طريق» فرنسية طموحة جداً للبنان

تواكب باريس عن قرب التطورات الإيجابية التي يشهدها لبنان بدءاً بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى.

ميشال أبونجم (باريس)

دويّ انفجارات قوية في محيط مدينة سرمدا شمال إدلب

رسالة تحذيرية مرسومة على جدار مبنى مدمَّر تقول «خطر: ذخائر غير منفجرة» في بلدة تل مناس بريف إدلب الجنوبي (إ.ب.أ)
رسالة تحذيرية مرسومة على جدار مبنى مدمَّر تقول «خطر: ذخائر غير منفجرة» في بلدة تل مناس بريف إدلب الجنوبي (إ.ب.أ)
TT

دويّ انفجارات قوية في محيط مدينة سرمدا شمال إدلب

رسالة تحذيرية مرسومة على جدار مبنى مدمَّر تقول «خطر: ذخائر غير منفجرة» في بلدة تل مناس بريف إدلب الجنوبي (إ.ب.أ)
رسالة تحذيرية مرسومة على جدار مبنى مدمَّر تقول «خطر: ذخائر غير منفجرة» في بلدة تل مناس بريف إدلب الجنوبي (إ.ب.أ)

قالت وسائل إعلام سورية، اليوم الأربعاء، إن دويّ انفجارات قوية سُمع في محيط مدينة سرمدا بشمال إدلب.

وأشارت وسائل الإعلام إلى أن طائرة يرجَّح أنها تابعة للتحالف الدولي استهدفت شخصين على دراجة نارية في محيط سرمدا، دون ذكر مزيد من التفاصيل.