وجه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حكومته لإصدار مشروع قانون عفو عام في البلاد والبدء بإجراءاته الدستورية.
جاء التوجيه الملكي بعد شهر تقريباً من عمر آخر الدورات التشريعية البرلمانية التي تختتم في 11 أبريل (نيسان) المقبل، وهي الدورة العادية الرابعة والأخيرة من عمر مجلس النواب الحالي دستورياً.
وعلى الرغم من ارتباط المدد الدستورية بتوقيت رفع الدورة العادية المنعقدة حالياً، وقرب انتهاء عمر مجلس النواب الحالي، فإن الدستور يمنح الصلاحيات لدعوة مجلس النواب للانعقاد في دورة استثنائية لمناقشة تشريعات محصورة بجدول الأعمال المحدد بنص الإرادة الملكية.
وبحسب البيان الصحافي الصادر عن الديوان الملكي، الأربعاء، الذي وصلت إلى «الشرق الأوسط» نسخة منه، فقد «وجه الملك عبد الله الثاني، الحكومة إلى إعداد مشروع قانون للعفو العام والسير بإجراءاته الدستورية». ليضيف البيان أن «التوجيهات الملكية جاءت، بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي الملك سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش».
وبينما شدد عبد الله الثاني على «أهمية أن يراعي مشروع القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية»، وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون، وألا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي، رجحت مصادر حكومية أن يُحال مشروع قانون العفو العام إلى مجلس النواب مطلع الأسبوع المقبل.
وتوقع رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب المحامي غازي ذنيبات أن تنتهي مراحل إقرار مشروع قانون العفو العام قبل عطلة عيد الفطر التي تبدأ في 9 أبريل المقبل، الأمر الذي سيسهم في تحقيق الهدف من العفو العام لجهة تخفيف جانب مهم من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين.
وبين ذنيبات، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مجلس النواب سيبذل جهده لتسريع عبور القانون من مراحله الدستورية من خلال التعاون مع الحكومة ومجلس الأعيان، وذلك في سبيل تحقيق الهدف من العفو العام في التخفيف عن المواطنين، وتحقيق جانب من المطالب الشعبية التي تنادي بإصدار العفو العام.
الشأن الداخلي
العاهل الأردني أعرب، بحسب البيان الصحافي، عن «أمله في أن يسهم مشروع القانون في التخفيف من الأعباء على المواطنين»، بينما صرح خالد الكلالدة لـ«الشرق الأوسط»، بأن توقيت التوجيه الملكي بإصدار عفو عام جاء في سياق السعي للتخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، في ظل تأثر المملكة اقتصادياً بالأزمات المتلاحقة المقبلة من الجوار أو الإقليم.
ولفت الكلالدة إلى أن التوجيه الملكي جاء حاملاً «دلالات سياسية» تُفيد بأهمية الانتباه للشأن الداخلي والظروف التي يعاني منها المواطن، في وقت يجب فيه الموازاة بين انشغالنا بمتابعة العدوان على غزة وتداعيات الكارثة الإنسانية بحق الأشقاء، والبحث عن تأمين الحاجات المُلحة التي تثقل كاهل المواطن وتؤدي إلى مصاعب حياتية يومية بدأت تتراكم.
كما طالب الكلالدة بالعمل على تنفيذ التوجيه الملكي بخصوص عدم التعدي على حقوق المواطنين، وأنه مطلوب من الحكومة العمل على استثناء الأفعال الجرمية المتكررة التي تتعدى على حياة وحقوق المواطن في مشروع قانون العفو العام، مشيراً إلى أهمية أن يُغلق العفو العام ملفات القضايا ذات الطابع المطلبي أو ما اتفق على تسميته «مطالب الحراكيين»، أو النشطاء المعتقلين على خلفية تلك القضايا.
وكان آخر قانون للعفو العام قد صدر في عام 2019، وفي حال إقرار مشروع القانون الحالي سيكون هو الرابع منذ تسلم الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية في 7 فبراير (شباط) من عام 1999.
ويُسقط قانون العفو العام «الصفة الجرمية كلياً» عن أصحاب القضايا التي سيشملها العفو، على أن مشاريع قوانين العفو العام لا تشمل حسب العرف، القضايا المحكوم فيها أمام محكمة أمن الدولة (محكمة عسكرية)، مثل الإرهاب والتجسس والجرائم الاقتصادية.
ومنذ بداية أزمة وباء فيروس «كورونا» مطلع عام 2020 والتداعيات الاقتصادية المصاحبة، تكررت مطالب الشارع بإصدار عفو عام من أجل التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية المتراكمة، في حين ظل مطلب العفو العام يتردد في شعارات نشطاء وحراكيين نفذوا اعتصامات أمام مبنى مجلس النواب في منطقة العبدلي وسط العاصمة.