نائب عراقي يفجر مفاجأة: قاضي الاتحادية هددني بسبب الصدر

دعوات للتحقيق في صحة مزاعم مشعان الجبوري... و«حياد المحكمة على المحك»

صورة نشرتها المحكمة الاتحادية لإحدى جلساتها في فبراير الماضي (إعلام القضاء)
صورة نشرتها المحكمة الاتحادية لإحدى جلساتها في فبراير الماضي (إعلام القضاء)
TT

نائب عراقي يفجر مفاجأة: قاضي الاتحادية هددني بسبب الصدر

صورة نشرتها المحكمة الاتحادية لإحدى جلساتها في فبراير الماضي (إعلام القضاء)
صورة نشرتها المحكمة الاتحادية لإحدى جلساتها في فبراير الماضي (إعلام القضاء)

فجّر نائب عراقي سابق قنبلة من الوزن الثقيل حين اتهم رئيس المحكمة الاتحادية بتهديده قبيل سحب عضويته، قبل نحو عامين، على خلفية المشاركة في التحالف الثلاثي بين التيار الصدري وأحزاب كردية وسنية.

وقال مشعان الجبوري، وهو سياسي سني، خلال حوار تلفزيوني، مساء الثلاثاء، إنه «تعرض للتهديد من قبل رئيس المحكمة الاتحادية جاسم العميري بإسقاط عضويته من البرلمان، في حال عدم تخليه عن التحالف الذي كان يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر».

النائب السابق مشعان الجبوري

وتشكل تحالف ثلاثي بين الصدر وقوى سنية وكردية عقب انتخابات 2021 البرلمانية، بهدف تشكيل أغلبية سياسية لتشكيل الحكومة.

ورغم أن التحالف الثلاثي انهار بعد جولتين برلمانيتين فاشلتين لانتخاب مرشح التحالف الثلاثي لمنصب رئيس الجمهورية وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد بسبب تشكيل قوى «الإطار التنسيقي»، ومن معها من أحزاب كردية وسنية ما سُمى بـ«الثلث المعطل»؛ لأن منصب رئيس الجمهورية يحتاج إلى أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، لكن تداعياته لا تزال قائمة على مجمل العملية السياسية.

قنبلة مشعان

وقال الجبوري المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل إنه تلقى «رسالة تهديد عقب تشكيل التحالف الثلاثي ومشاركته فيه». وحين سئل عمن أرسل له تلك الرسالة، تابع الجبوري بالقول: «إنه «رئيس المحكمة الاتحادية القاضي جاسم العميري قبل أن يسقط عضويتي».

وبحسب الجبوري، فإن «القاضي العميري كتب في الرسالة: أنت تشارك في تحالف (سياسي) ضد العراق... عليك الانسحاب منه؛ لأننا (القضاء) نملك ما يلغي عضويتك».

وكانت المحكمة الاتحادية ألغت في مايو (أيار) 2022 عضوية مشعان الجبوري في مجلس النواب، بتهمة تزوير شهادته الثانوية «البكالوريا» في سوريا.

أزمة خطيرة

وتزامنت تصريحات الجبوري مع أزمة متصاعدة بين حكومتي بغداد وأربيل؛ إذ تتهم الأخيرة المحكمة الاتحادية بإصدار قرارات مخالفة للدستور «تقوض من صلاحيات إقليم كردستان».

وما إن أطلق الجبوري هذا التصريح حتى انتشرت مثل النار في الهشيم دعواتٌ للتحقيق مع النائب «ليثبت صحة ادعائه من عدمه».

ولفت الجبوري، في توضيح نشره على منصة «إكس»، إلى أن «سؤال مقدمة البرنامج كان مفاجئاً، وجوابه كان عفوياً وصادقاً».

وتابع الجبوري: «ما زلت حريصاً وأتمنى ألا يستفزني أحد لأنني إذا قلت كل ما جرى قد يتسبب ذلك بأزمة لا يمكن توقع حدود تداعياتها (...) سأحاول أن أحتفظ بأسرار كل ما جرى وقيل لي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً».

وفي لقاء سابق، قال الجبوري إن «القاضي العميري أخبره بأنه خطر على العراق بتحالفه مع الصدر في التشكيلة السياسية الثلاثية».

وتابع: «العميري قال متهكماً: هل كنت تعتقد أننا أخرجناك من البرلمان بسبب شهادة مزورة».

وقال السياسي غيث التميمي، في منشور على منصة «إكس»، إن ما قاله الجبوري «هو الكشف الأهم منذ تفكك التحالف الثلاثي وعزل الصدر؛ لأنه يضعنا في صورة الدور السياسي للمحكمة الاتحادية، ويجعلنا نفهم كواليس قراراتها الحالية».

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)

انهيار النظام

وكتب صفاء الأسدي، وهو ناشط مقرب من التيار الصدري، في منشور على منصة «إكس» إن ما قاله الجبوري «سبب كاف لانهيار النظام السياسي القائم على التهديد والوعيد».

وشكك ناشطون مقربون من تحالف «الإطار التنسيقي» الشيعي بتصريحات الجبوري، وصنفوها في إطار «الحملة السياسية ضد المحكمة الاتحادية في صفقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني».

ورداً على ذلك، حاول مشعان الجبوري دفع الشبهة، وقال: «أملك قصوراً وفللاً قبل أن يقام النظام السياسي الجديد» بعد عام 2003.

وأكد الجبوري أنه «لو كان الهدف هو الإساءة للمحكمة الاتحادية أو القضاء لقلت كل ما عندي، وهو ما كان يمكن أن يؤدي إلى فتنة كبيرة وليس لأزمة سياسية فقط».

وأضاف: «بقيت مثل الجمل أصرج على نابي وآثرت الصمت مدفوعاً بالحرص على السلم الأهلي واستقرار النظام السياسي».

وفي سياق ما يمكن أن يترتب على تصريحات النائب، قال الخبير القانوني أمير الدعمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تصريح خطير يطعن بحيادية المحكمة الاتحادية، بأن تكون أهلاً للتقاضي ويجعلها على المحك أمام الرأي العام وبالتالي عليه إثبات ذلك».

وأضاف الدعمي: «في حال ثبوته فإن ذلك يجرح مصداقية المحكمة، وبالتالي قد تذهب الأطراف السياسية إلى هيكلة المحكمة الاتحادية، خصوصاً الجهات التي تعدّ نفسها متضررة من قراراتها»، لكن إثبات عدم صحة كلام الجبوري سيعرضه إلى المساءلة القانونية للطعن بالمحكمة، على ما يقول الدعمي.


مقالات ذات صلة

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

خاص صهر صدام حسين: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.