عقبات مذهبية وعرقية تواجه انتخاب محافظين عراقيين

الأزمات تركزت في كركوك وديالى وصلاح الدين... والسوداني يسعى لتوافق

عقبات مذهبية وعرقية تواجه انتخاب محافظين عراقيين
TT

عقبات مذهبية وعرقية تواجه انتخاب محافظين عراقيين

عقبات مذهبية وعرقية تواجه انتخاب محافظين عراقيين

رغم مرور 3 أشهر تقريباً على إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق، فإن تشكيل الحكومات المحلية وانتخاب محافظ جديد لا يزالان يواجهان عقبات، بعضها مذهبي وعرقي، بمستويات مختلفة في محافظات صلاح الدين، وديالي، وكركوك.

ويسعى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لحسم انتخاب المناصب العالقة عبر لقاءات لترتيب أوضاع المحافظات التي تواجه مشكلات، ويجتمع الأحد مع قيادات سياسية محلية من محافظة كركوك (تضم عرباً، وكرداً، وتركماناً) لتحقيق اختراق في الأزمة عبر إحداث توافق على انتخاب محافظ.

وتعدّ المحافظات الثلاث (صلاح الدين، وديالي، وكركوك) من بين أكثر المناطق العراقية المختلطة والمتوترة عرقياً ومذهبياً على مستويات عدة، بداية من طريقة تمثيل المكونات في المناصب القيادية والإدارية، سواء في العاصمة بغداد لجهة التمثيل البرلماني، أو داخل المحافظة ذاتها عبر عملية توزيع المناصب العليا، ولا سيما المحافظ، ورئيس مجلس المحافظة، وباقي التقسيمات الأمنية والإدارية.

وصحيح أن القوى السياسية في محافظة صلاح الدين (180 كيلومتراً شمال غربي بغداد) حسمت أخيراً الإشكالية الخاصة بانتخاب محافظ جديد، لكن الخلافات السياسية لا تزال تحكم المشهد في كل من محافظتي ديالى (65 كيلومتراً شرق بغداد)، وكركوك (250 كيلومتراً شمال بغداد).

وانتخب مجلس محافظة صلاح الدين، الأحد، النائب السابق في البرلمان العراقي بدر الفحل محافظاً.

وبدأت الأزمة في صلاح الدين، عقب رفض الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد المصادقة على تعيين النائب في البرلمان الاتحادي، أحمد الجبوري المعروف بـ«أبو مازن»، محافظاً لمحافظة صلاح الدين، بعد أن صوّت مجلسها، في 4 فبراير (شباط) الماضي، بالإجماع على إسناد المنصب التنفيذي الأول إليه.

وكان سبب رفض مصادقة رئاسة الجمهورية العراقية على تعيين «أبو مازن» محافظاً لصلاح الدين أنه «محكوم في قضايا جنائية عدّة، وقد تم شموله بالعفو عام 2016، وكذلك لديه قيود جنائية حسب كتاب وزارة الداخلية»، وهو ما أدى إلى تعذر إصدار مرسوم جمهوري بتعيينه، رغم أنه لا يزال عضواً في البرلمان العراقي.

والمحافظ الجديد بدر الفحل، بالإضافة إلى كونه نائباً سابقاً في البرلمان الاتحادي، فإنه قيادي في حزب «الجماهير الوطنية» الذي يتزعمه «أبو مازن» نفسه، وكان هو من أعلن ترشيح الفحل للمنصب.

وفي أول تصريحات له بعد انتخابه، قال الفحل إنه «ينتظر إكمال الإجراءات القانونية الأخرى، وإصدار المرسوم الجمهوري لمباشرة مهامه والبدء بخطة العمل التي أعدت للنهوض بواقع المحافظة».

ويقول النائب السابق في البرلمان العراقي ورئيس حزب «الوطن»، مشعان الجبوري، لـ«الشرق الأوسط»، بشأن ملابسات اختيار بدر الفحل محافظاً، إن «(أبو مازن) كان قد رتّب مع القوى السياسية أن يقدم هو المرشح لمنصب المحافظ». موضحاً أن «مجلس النواب» قدّم مقترحات بمرشحين لمنصب المحافظ، لكن من لهم حق التصويت «لم يقبلوا بهم».

قلق مكوناتي

ومحافظة صلاح الدين ذات أغلبية سنية، لكنها مختلطة عرقياً ومذهبياً في بعض أقضيتها التي تضم عرباً وشيعة وتركماناً، وهو الأمر الذي أدى إلى حصول خلافات على صعيد حسم المناصب الرئيسية فيها، ما عدا منصب المحافظ الذي يبقى محسوماً للسنة، لكن العقدة الرئيسية تكمن في منصب المحافظ في «ديالى، وكركوك».

وفي ديالي المتاخمة للعاصمة بغداد، يبدو الصراع على منصب المحافظ ذا طبيعة مذهبية (بين السنة والشيعة)، على الرغم من وجود أقليات أخرى في المحافظة، مثل الكرد والتركمان في عدد من أقضيتها.

أما في كركوك فإن إشكالية منصب المحافظ ذات طبيعة عرقية، كون الاختلاط في كركوك مبنياً على أساس عرقي (عرب، وكرد، وتركمان) لا مذهبي (سنة، وشيعة، ومسيحيون).

وفي هذا السياق، يسعى رئيس الوزراء العراقي إلى ترتيب أوضاع هذه المحافظات، وفي المقدمة منها كركوك الخاضعة للمادة 140 من الدستور العراقي، وبعد سلسلة لقاءات سابقة بين مكوناتها، فإن السوداني يجتمع الأحد مع قيادات وممثلي محافظة كركوك السياسية من أجل حسم المناصب الإدارية فيها الممثلة للحكومة المحلية.

وكان السوداني قد اتفق خلال شهر فبراير الماضي مع القوى السياسية في كركوك على تشكيل «ائتلاف إدارة موحد» يضم القوى الفائزة في الانتخابات الأخيرة، وهو ما يمهّد لتشكيل الحكومة المحلية.


مقالات ذات صلة

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

صوّت مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السوداني وبارزاني خلال اجتماعهما في بغداد (رئاسة إقليم كردستان)

أربيل تفجر قنبلة استفتاء كركوك في وجه بغداد

في حين يواصل رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، اجتماعاته في بغداد مع القادة السياسيين، فإن حكومة الإقليم فجّرت قنبلة موقوتة تتعلق باستفتاء كركوك.

حمزة مصطفى (بغداد)

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

يسعى المفاوضون المجتمِعون، اليوم الأربعاء، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية»، وفقاً لقطر، بعد حرب متواصلة منذ أكثر من 15 شهراً سقط فيها آلاف القتلى.

وقبل أيام قليلة من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة؛ من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجَزين في قطاع غزة.

وفيما يستمر الطرفان في وضع الشروط، حثَّهما الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي، أمس الثلاثاء، على إبداء «المرونة اللازمة» في المفاوضات؛ للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وفق المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية محمد الشناوي.

وقالت قطر، الوسيط الرئيسي إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، إن المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»، وأن العَقبات الأخيرة التي تعترض التوصل إلى اتفاق «جَرَت تسويتها»، دون توضيح ماهيتها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري: «نحن على أمل بأن هذا سيؤدي إلى اتفاق قريباً جداً».

وقال مصدران مقرَّبان من «حماس» إن الحركة ستطلق سراح 33 رهينة في مقابل إفراج إسرائيل عن نحو ألف معتقل فلسطيني، في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وأفاد أحد المصدرين بأن الإفراج عنهم سيجري «على دفعات، بدءاً بالأطفال والنساء»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وأعربت «حماس» عن أملها في أن «تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل».

وأكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر أن إسرائيل تسعى لإطلاق سراح «33 رهينة»، خلال المرحلة الأولى، وأنها مستعدة لإطلاق سراح «المئات» من المعتقلين الفلسطينيين.

«الوقت يداهم»

وقُتل أكثر من 46645 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحرب الإسرائيلية على غزة، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتَعدُّها «الأمم المتحدة» موثوقة. وتُواصل إسرائيل شن غارات جوية على قطاع غزة، حيث قُتل 61 فلسطينياً، على الأقل، خلال أربع وعشرين ساعة حتى صباح أمس الثلاثاء، وفق وزارة الصحة في غزة.

طفل فلسطيني جريح بمستشفى الأقصى عقب غارة إسرائيلية في دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي غزة، تأمل النازحة نادية مصطفى ماضي في التوصل لوقف إطلاق نار. وأكدت: «أنا مستعدة لإعادة بناء حياتي وسط الأنقاض».

ومنذ اندلاع الحرب، لم يجرِ التوصل سوى إلى هدنة واحدة استمرت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، واصطدمت المفاوضات غير المباشرة، التي تجري منذ ذلك الحين، بتصلب الطرفين. إلا أن الضغوط الدولية زادت للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يترافق مع الإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون محتجَزين في قطاع غزة، خصوصاً بعدما وعد دونالد ترمب بتحويل المنطقة إلى «جحيم»، في حال عدم الإفراج عن الرهائن، قبل عودته إلى السلطة.

أطفال وأهالٍ فلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على الغذاء بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

وقالت جيل ديكمان، قريبة الرهينة كارمل غات، خلال تجمُّع، مساء أمس الثلاثاء، في القدس: «الوقت يُداهمنا، والرهائن الأحياء سيموتون في نهاية المطاف. والرهائن الذين قضوا قد يُفقد أثرهم. يجب التحرك الآن».

«منطقة عازلة»

وأفاد مسؤول إسرائيلي بأن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ في «اليوم السادس عشر» على دخول المرحلة الأولى حيز التنفيذ. وأوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن المرحلة الثانية ستتناول «الإفراج عن باقي الأسرى، الجنود الذكور، الرجال في سن الخدمة العسكرية، وجثث الرهائن الذين قُتلوا».

وقال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء: «إننا قريبون من الهدف، لكننا لم نبلغه بعد»، لكنه شدد على أن إسرائيل لن تغادر «غزة ما دام لم يعد جميع الرهائن؛ الأحياء والأموات». كما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه سيُسمح لإسرائيل بالحفاظ على «منطقة عازلة» في قطاع غزة، أثناء تنفيذ المرحلة الأولى. وأفاد مصدر مقرَّب من «حماس» بأن الجيش الإسرائيلي سيبقى على «عمق 800 متر داخل القطاع، في شريط يمتد من رفح جنوباً حتى بيت حانون شمالاً»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويفيد المعلِّقون الإسرائيليون بأن نتنياهو قرر، في النهاية، تجاهل ضغوط وزراء اليمين المتطرف في حكومته المناهضين لوقف إطلاق النار. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، من روما: «ثمة إرادة فعلية من جانبنا للتوصل إلى اتفاق حول الرهائن. في حال نجحنا في ذلك، ستؤيد الاتفاق غالبية في الحكومة».

متظاهر يرفع لافتة خلال احتجاج يدعو لاتخاذ إجراءات لتأمين إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب أمس (أ.ف.ب)

واقترح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال كلمة ألقاها في واشنطن، أمس الثلاثاء، إرسال قوة أمنية دولية إلى قطاع غزة، ووضعه تحت إشراف الأمم المتحدة. ورأى كذلك أن على السلطة الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية المحتلة أن تدير القطاع في المستقبل.