العراق... حظر للتجول وعشرات الموقوفين خلال نزاع عشائري

استعملت فيه أسلحة خفيفة ومتوسطة ومقتل ضابط كبير في الاستخبارات

جنود عراقيون خلال احتفال بتخرجهم من قاعدة عين الأسد في الأنبار غرب العراق يوم 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود عراقيون خلال احتفال بتخرجهم من قاعدة عين الأسد في الأنبار غرب العراق يوم 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

العراق... حظر للتجول وعشرات الموقوفين خلال نزاع عشائري

جنود عراقيون خلال احتفال بتخرجهم من قاعدة عين الأسد في الأنبار غرب العراق يوم 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود عراقيون خلال احتفال بتخرجهم من قاعدة عين الأسد في الأنبار غرب العراق يوم 29 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية العراقية، اليوم (الاثنين)، فرض حظر للتجول في ناحية الإصلاح، التي تبعد نحو 30 كيلو متراً عن مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، وكشفت أن قواتها ألقت القبض على 75 شخصاً على خلفية النزاع بين عشيرتي الرميّض والعمر الذي امتد حتى ساعة متقدمة من ليلة الأحد، واستُعملت فيه أسلحة خفيفة ومتوسطة.

وواصلت القوات الأمنية عمليات المداهمة والتفتيش عن المطلوبين حتى بعد ظهر اليوم، فيما أكدت مصادر أمنية ارتفاع عدد الموقوفين إلى 105.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتفجر فيها نزاع عشائري من هذا النوع، إذ شهدت محافظات عدة (لا سيما ذي قار وميسان والبصرة) مئات النزاعات المماثلة خلال العقدين الأخيرين، ما تسبب في مقتل أو إصابة عشرات الأشخاص. وتشير إحصاءات رسمية إلى وجود أكثر من 7 ملايين قطعة سلاح بين خفيف ومتوسط في أيدي المواطنين العاديين.

وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إنه «رغم التأكيدات المستمرة من وزارة الداخلية على أهمية الابتعاد عن النزاعات العشائرية التي ترتقي إلى مستوى الإرهاب وإدخال الرعب في قلوب المواطنين وإزهاق الأرواح، فإن البعض ما زال يصر على أن تكون لغة السلاح هي السائدة بدل القانون وإنفاذه، وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً».

وفيما لم تقدّم وزارة الداخلية قائمة بأعداد المقتولين أو المصابين من العشيرتين خلال النزاع، فإنها أكدت مقتل مدير الاستخبارات ومكافحة الإرهاب بذي قار، العميد عزيز شلال جهل، بعد تدخل قواته لحل النزاع بين الطرفين.

وكشف بيان الوزارة عن قيام أجهزة حفظ القانون بتنفيذ عمليات واسعة على خلفية النزاع العشائري، بما في ذلك فرض حظر للتجول. كما فرضت قيادة شرطة محافظة ذي قار طوقاً أمنياً حول المنطقة التي حصل فيها النزاع.

عراقيون في مخيم بصحراء السماوة جنوب بغداد يوم الأحد (أ.ف.ب)

وأرسلت وزارة الداخلية من بغداد «تعزيزات من قوات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع لفرض الأمن والقانون في هذه المنطقة، وخلال الساعات الأولى من عمليات المداهمة، تم إلقاء القبض على 75 متهماً من طرفي النزاع، وفق مذكرات قبض قضائية، وضبط العديد من الأسلحة».

كذلك أعلنت الوزارة أنها أرسلت «فريقاً من كبار المحققين للتحقيق في حادث استشهاد العميد (عزيز شلال جهل)، وما زال الواجب مستمراً لحين إلقاء القبض على جميع المتورطين في هذا الفعل الإجرامي». وتوعدت الوزارة، في بيان نعي مدير الاستخبارات، المتورطين في مقتله، قائلة إنهم «لن يفلتوا من العقاب وسيكونون تحت طائلة القانون».

اشتباك القوات مع طرفي النزاع

وفي تطور لاحق، أفادت أنباء من محافظة ذي قار بأن مواجهات وقعت بين القوات الأمنية التي طوقت ناحية الإصلاح، وبين العشيرتين المتنازعتين، ما دفع المحافظ الجديد مرتضى الإبراهيمي إلى رفع دعوى قضائية ضد العشيرتين. وتوجه المحافظ إلى دار القضاء لرفع الدعوى بعد الانتهاء من تشييع جثمان مدير الاستخبارات ومكافحة الإرهاب عزيز شلال جهل.

وقرر مجلس محافظة ذي قار عقد جلسة طارئة (الثلاثاء) بحضور المحافظ وقادة الأجهزة الأمنية لمناقشة الوضع الأمني الأخير في المحافظة.

إلى ذلك، شدد رئيس محكمة استئناف ذي قار القاضي علي عبد الغني العتابي على أن «القضاء ماضٍ بإجراءاته للوصول إلى الجناة ومحاكمتهم وفق القانون، والجهود لا تتوقف ولا تكلّ إلا بمحاكمة القتلة والمتسببين بالقتل وسفك الدماء».

خلفية سياسية للنزاع

وتباينت الأخبار حول الأسباب التي أدت إلى نشوب النزاع بين عشيرتي الرميّض والعمر، لكنها التقت عند نقطة «الأسباب السياسية» المغلّفة بإطار عشائري. وأبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» بأن «النزاع حصل حول منصب قائمقام منطقة الإصلاح، حيث ترغب كل عشيرة بأن يكون المنصب لأحد أبنائها». وأوضحت أن «كل عشيرة مستندة إلى دعم جهة سياسية محددة، وترغب في الحصول على المنصب، ما أدى إلى خصومات طويلة ممتدة من أشهر ووصلت إلى ذروة تفجرها خلال اليومين الأخيرين».


مقالات ذات صلة

القوات العراقية تعلن مقتل نائب والي كركوك في تنظيم «داعش»

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

القوات العراقية تعلن مقتل نائب والي كركوك في تنظيم «داعش»

أعلنت القوات العراقية عن إطلاق عملية عسكرية لإنهاء وجود بقايا خلايا داعش في وادي زغيتون بين محافظتي كركوك وصلاح الدين.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الحكومة تعمل مع الحلفاء في جهد متجدد لتحرير باحثة إسرائيلية - روسية يعتقد أنه تم خطفها في العراق قبل نحو عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)

المشهداني يبدأ أولى خطوات توحيد «البيت السني» ويذكّر «الشيعة» بالتسوية الوطنية

مع أنه انتظر سنة كاملة لكي يصل إلى منصبه، فإن خطوات رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني الأولى بعد توليه المنصب، بدت لافتة للنظر، سواء داخل القوى السنية،…

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان play-circle 01:29

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان (أ.ف.ب)

الحزبان الكرديان ينهيان جولة ثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم

أنهى الحزبان الكرديان الرئيسيان؛ «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، الثلاثاء، الجولة الثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان، دون أن تسفر عن اتفاق جدي ومعلن.

فاضل النشمي (بغداد)

ميقاتي في دمشق… مدشناً العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)
رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)
TT

ميقاتي في دمشق… مدشناً العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)
رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، في أول زيارة رسمية منذ تولي القيادة الجديدة السلطة في سوريا، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأفاد مكتب رئاسة الحكومة بأن ميقاتي سيقوم بزيارة، السبت، إلى سوريا؛ تلبية لدعوة من قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع. وستكون زيارة ميقاتي الأولى لمسؤول لبناني منذ سقوط نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد زيارة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.

وكان ميقاتي قد تحادث هاتفياً مع الشرع، في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، بُعَيد فرض السلطات السورية الجديدة قيوداً على دخول اللبنانيين سوريا، بعد حوادث وقعت بين مسلحين سوريين والجيش اللبناني عند الحدود اللبنانية السورية. وبعدما كان يُسمح للبنانيين بدخول سوريا دون تأشيرة مع جواز السفر أو بطاقة الهوية فقط، منعت الشروط الجديدة الدخول إلا لمن يملك إقامة أو إذناً خاصاً أو لمَن والدته أو زوجته من الجنسية السورية.

وكان الشرع قد أكد أن بلاده لن تمارس بعد الآن «تدخلاً سلبياً» في لبنان، وأنه سيحترم سيادة الدولة المجاورة.

وبسطت سوريا، على مدى ثلاثة عقود، سلطتها سياسياً وعسكرياً على لبنان، حيث تدخلت، خلال الحرب الأهلية التي دارت بين عاميْ 1975 و1990، ونسب إليها اغتيال عدد من الشخصيات السياسية؛ بينهم رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، حيث سحبت قواتها من لبنان، بعد اغتياله عام 2005، تحت ضغط دولي.

زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)

ومن المتوقع أن تفتح زيارة ميقاتي لسوريا مساراً جديداً من العلاقات بين البلدين، وتصحيحاً أو تعديلاً للاتفاقات بينهما، حيث يوجد 42 اتفاقية موقَّعة بين لبنان وسوريا، معظمها، بعد عام 1990، دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ، وإن ما نفذ كان لصالح الدولة السورية. وأبرز هذه الاتفاقيات «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، و«اتفاقية الدفاع والأمن»، و«اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي»، و«اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية».