لبنان: تفاصيل مبادرة «الاعتدال» تهدد بالإطاحة بها

تصورات متناقضة لجلستي التشاور والانتخاب


خلال زيارة قام بها سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري لكتلة «الاعتدال الوطني» النيابية في وقت سابق (الشرق الأوسط)
خلال زيارة قام بها سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري لكتلة «الاعتدال الوطني» النيابية في وقت سابق (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: تفاصيل مبادرة «الاعتدال» تهدد بالإطاحة بها


خلال زيارة قام بها سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري لكتلة «الاعتدال الوطني» النيابية في وقت سابق (الشرق الأوسط)
خلال زيارة قام بها سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري لكتلة «الاعتدال الوطني» النيابية في وقت سابق (الشرق الأوسط)

باتت الإيجابية التي أحاطت بمبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» المتعلقة بالانتخابات الرئاسية اللبنانية المعطلة منذ نهاية عام 2022، عند إطلاقها تتلاشى مع مرور الأيام والدخول في تفاصيلها وآلياتها التنفيذية. فرغم إعراب معظم القوى والكتل عن ترحيبها بهذا الحراك المستجد وبالطروحات التي يحملها فإن الانتقال إلى المراحل اللاحقة من المبادرة قد يكون دونه عقبات كثيرة.

وتقوم هذه المبادرة التي بدأ نواب تكتل «الاعتدال» بالترويج لها منذ أكثر من 10 أيام على مرحلتين أساسيتين، تلحظ الأولى تداعي ممثلي الكتل النيابية لجلسة تشاورية يتم خلالها محاولة التفاهم على اسم رئيس أو على عدد محدود من الأسماء من ثم الطلب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدعوة لجلسة انتخاب مع تعهد كل القوى بعدم تعطيل نصابها. بينما تلحظ المرحلة الثانية مشاركة كل من تمثلوا بالجلسة التشاورية بالجلسة الرئاسية فيكون عدد الحاضرين أقله 86 نائباً، بمحاولة لانتخاب رئيس.

وينهي نواب «الاعتدال»، مطلع الأسبوع المقبل، اجتماعاتهم مع ممثلي الكتل، وهم يلتقون ممثلاً عن «حزب الله»، الاثنين، على أن يعودوا للقاء، بحسب معلومات «الشرق الأوسط»، الرئيس بري، الثلاثاء، للبحث بالخطوات اللاحقة وبالتحديد بـ«التداعي» للاجتماع التشاوري.

ويبدو أن هناك أكثر من إشكالية في مقاربة هذا الاجتماع، فبينما يصر حزب «القوات» على فكرة «تداعي» النواب وعدم توجيه دعوات رسمية وعلى عدم وجود رئيس للجلسة ما يجعلها أقرب لجلسة حوار ترفضها معراب، يتمسك بري بآليات معينة عبّر عنها معاونه السياسي النائب علي حسن خليل بقوله: «الحوار يكون بدعوة واضحة وبمعايير معيّنة وعبر مشاركة رؤساء الكتل وعبر طاولة مستديرة في المجلس النيابي وهي جاهزة. والحوار لا يكون مفتوحاً بل يجب أن يترأسه أحد».

بالمقابل، تقول مصادر «القوات»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكتل ووفق طرح (الاعتدال) تتداعى لجلسة تشاور تكون ليوم واحد فقط بحيث لا يكون هناك رئيس للجلسة ولا جدول أعمال. ومن يشارك فيها يفترض أن يكون التزم مسبقاً بمطالبة الرئيس بري بالدعوة لعقد جلسة مفتوحة بدورات متتالية وبعدم فرط النصاب»، لافتة إلى أنها وبعكس ما يتم الترويج له لا تُطالب بسحب ترشيح أي مرشح، «فإذا تم التفاهم على مرشح خلال جلسة التشاور سيكون ذلك ممتازاً وفي حال لم يحصل اتفاق يذهب كل فريق بمرشحه إلى جلسة الانتخاب لتحسم الآلية الدستورية النتيجة. أما الحديث عن جلسات مفتوحة لا دورات متتالية والاستمرار بالعمل التشريعي ورفض التداعي لجلسة التشاور والإصرار على الحوار فأمور مرفوضة».

ويُصر نواب «الاعتدال» على إشاعة أجواء إيجابية. ويقول النائب سجيع عطية لـ«الشرق الأوسط»: «الأجواء جيدة والأمور تسير بشكل هادئ ووفق الترتيب المنسق مع الرئيس برّي».

وقد انفرد حزب «الكتائب اللبنانية» بانتقاد مبادرة «الاعتدال» علناً. واستغرب رئيسه النائب سامي الجميل مؤخراً: «قبول البعض بمبادرات شبيهة بمبادرة بري لا ضمانات من خلالها لعقد جلسات مفتوحة»، وقال: «لم نرَ أي التزام من قبل الفريق الآخر على عقد جلسات متتالية كما لم ينسحب مرشح (8 آذار) من السباق الرئاسي وبالتالي لا نزال عند نقطة الصفر».

وقالت مصادر مقربة من الحزب لـ«الشرق الأوسط» إن «الكتائب» ممتعض من مسارعة حزب «القوات» لإعلان قبوله بالمبادرة قبل بحثها بين قوى المعارضة وإصدار موقف موحد بشأنها. ولا تبدو النائبة في قوى «التغيير» بولا يعقوبيان بدورها مقتنعة بنجاح هذه المبادرة بتحقيق الخرق الرئاسي المنشود. وهي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن تمنينا لنواب (الاعتدال) التوفيق وشكرناهم على المبادرة ولكن الموضوع الرئاسي خارجي بشكل كامل وينتظر اتفاقات كبيرة إقليمية ودولية ولا ينتظر النية الطيبة لدى بعض الزملاء»، مضيفة: «واضح أن (الثنائي الشيعي) متمسك بمرشحه، كما أن الليونة التي يحاول أن يُظهرها الرئيس بري تأتي مع ازدياد الحديث عن ضغوط كبيرة وتهديدات بعقوبات بحق معرقلي الانتخابات الرئاسية. هم يوحون بأنهم يتجاوبون مع المبادرات ويحاولون إيجاد حل للأزمة الرئاسية... لكن حقيقة الأمر أن الأرضية لم تجهز خارجياً لانتخاب رئيس للبنان وهي مرتبطة بتسوية إقليمية كبيرة لم تتبلور ملامحها بعد».



العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.