جعجع: «حزب الله» يصرّ على تعطيل انتخاب رئيس لبناني

الراعي يتحدث عن «استئثار بالسلطة إلى حد التسلط»

الراعي خلال قداس الأحد (صفحة البطريركية المارونية في «فيسبوك»)
الراعي خلال قداس الأحد (صفحة البطريركية المارونية في «فيسبوك»)
TT

جعجع: «حزب الله» يصرّ على تعطيل انتخاب رئيس لبناني

الراعي خلال قداس الأحد (صفحة البطريركية المارونية في «فيسبوك»)
الراعي خلال قداس الأحد (صفحة البطريركية المارونية في «فيسبوك»)

اتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «حزب الله» بالإصرار على تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية «إلا اذا كان الرئيس المقبل من صلب خطه، وهو ما لا يمكن التسليم به»، وسط تحذير البطريرك الماروني بشارة الراعي من أن «تأخير انتخاب الرئيس أدّى إلى فوضى عامة سمحت للمسؤولين بالاستئثار بالسلطة إلى حد التسلط»، وذلك في معرض انتقاد ضمني لتعيينات وقرارات تتخذها الحكومة اللبنانية في ظل الشغور الرئاسي.

ويعاني لبنان من شغور رئاسي من 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وفشلت البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس في ظل غياب العجز عن توافق حول مرشح واحد يُنتخب بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان (86 نائباً) في الدورة الأولى، أو يستطيع تأمين حضور ثلثي أعضاء المجلس في الدورة الثانية التي يُنتخب فيها الرئيس بأكثرية النصف زائد واحد (65 نائباً).

ويدعم «حزب الله» وحليفه رئيس البرلمان نبيه بري وآخرين، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فيما دعم خصوم الحزب الوزير الأسبق جهاد أزعور. ولم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على تأييد أكثرية تنتخبه.

وقال جعجع، خلال استقباله السفير البابوي لدى لبنان المونسنيور باولو بورجيا في معراب (شمال شرقي بيروت)، إن «محور الممانعة ما زال يعطل الاستحقاق الرئاسي»، مؤكداً أن «جهاد أزعور تقدم بوضوح على مرشح (حزب الله) في الجلسة الأخيرة، ولو لم يعطل الحزب وحلفاؤه الجلسة بإطاحة النصاب، لكنا وصلنا إلى انتخاب رئيس الجمهورية». ولفت إلى أن «الفريق السيادي مستعد للبحث في خيار مرشح ثالث، شرط أن يكون شخصية جدية ومستقلة ويستطيع أن يكون رئيساً فعلياً وليس مجرد صورة، لكن (حزب الله) لا يريد حتى هذا الخيار، وما زال متمسكاً بمرشحه، مما يعني أنه يصرُّ على التعطيل إلا إذا كان رئيس الجمهورية المقبل من صلب خطه، وهو ما لا يمكن التسليم به».

كما لفت جعجع إلى «محاذير توريط لبنان في حرب غزة»، موضحاً أن «الحل يكمن في تطبيق القرار 1701 وانسحاب (حزب الله) من المنطقة الحدودية، ليتسلم الجيش اللبناني بالتعاون مع القوة الدولية أمنها وحمايتها بالكامل، كونه القوة الشرعية الوحيدة التي تمثل الدولة اللبنانية».

الراعي

ودفع الفشل الطويل في انتخاب رئيس، الحكومة اللبنانية لاتخاذ قرارات لتسيير أمور الدولة اللبنانية، وتعرضت لانتقادات سياسية ودينية من القوى المسيحية بشكل أساسي، كونها «حكومة تصريف أعمال» وتتخذ قرارات في ظل الشغور الرئاسي.

الراعي خلال قداس الأحد (صفحة البطريركية المارونية في «فيسبوك»)

وانتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته خلال قداس الأحد في بكركي هذا الأمر من دون أن يسمي الحكومة. وقال إن «تأخير انتخاب الرئيس أدّى إلى فوضى عامة سمحت للمسؤولين بالاستئثار بالسلطة إلى حد التسلط فأطاحوا بالأصول، مما يشكل خطراً على الوحدة الوطنية». وتابع الراعي: «التشويهات في الدستور والعيش المشترك ولبنان آخذ في الانهيار والسقف سينهار على الجميع».

وحيا الراعي جهود «اللجنة الخماسية» التي تتألف من ممثلين عن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر لمساعدة لبنان للنهوض من أزمته السياسية. وقال الراعي: «نشكر مساعيها ونأمل التجاوب من القوى السياسية معها».

وتسعى الدول المنضوية في إطار «اللجنة الخماسية بشأن لبنان» إلى فصل مسار الانتخابات الرئاسية عن مسار الحرب في غزة وتداعياتها على لبنان. وقالت مصادر دبلوماسية في بيروت، لـ«الشرق الأوسط» الأربعاء الماضي، إن المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، سيزور لبنان قريباً ممثلاً لـ«اللجنة الخماسية»، ومن المتوقَّع أن يعلن عن قائمة «المعايير» التي استنتجها من إجابات القيادات اللبنانية عن أسئلة مكتوبة كان قد توجه بها إليهم في سبتمبر (أيلول) الماضي.


مقالات ذات صلة

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
TT

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية من تكلفة الصراع الذي احتدم بشدة منذ شهرين حين شنت إسرائيل هجوماً على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

حصيلة القتلى والجرحى

قالت وزارة الصحة اللبنانية إنه حتى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) قُتل 3768، وجُرح 15699 شخصاً على الأقل في لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولا تميز الأرقام بين مقاتلي «حزب الله» والمدنيين. وغالبية الحصيلة وقعت بعد أن شنت إسرائيل هجومها في سبتمبر (أيلول).

ولم يتضح بعد عدد القتلى في صفوف «حزب الله». وكانت الجماعة قد أعلنت عن مقتل نحو 500 من مقاتليها في المعارك حتى اللحظة التي شنت فيها إسرائيل هجومها في سبتمبر، لكنها توقفت عن إعلان ذلك منذئذ.

ويقول معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، إن جماعة «حزب الله» خسرت 2450 فرداً إجمالاً.

وقتلت غارات «حزب الله» 45 مدنياً في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.

وقالت السلطات الإسرائيلية إن 73 جندياً إسرائيلياً على الأقل قُتلوا في شمال إسرائيل، وهضبة الجولان وفي معارك بجنوب لبنان.

الدمار

قال تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تقدَّر بنحو 2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً.

وقال مختبر المدن بيروت التابع للجامعة الأميركية إن الضربات الجوية الإسرائيلية هدمت 262 مبنى على الأقل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها، معقل «حزب الله».

وألحق الجيش الإسرائيلي أيضاً أضراراً واسعة النطاق في قرى وبلدات في سهل البقاع وجنوب لبنان، وهما منطقتان يسيطر عليهما «حزب الله».

وقدَّر تقرير البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار وخسائر تزيد على 1.1 مليار دولار، بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين.

وتقدر السلطات الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالممتلكات في إسرائيل بنحو مليار شيقل (273 مليون دولار) على الأقل، مع تضرر أو تدمير آلاف المنازل والمزارع والشركات.

ووقع القسط الأكبر من الأضرار في إسرائيل في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية التي تعرضت لقصف صاروخي من «حزب الله».

وتقول السلطات الإسرائيلية إن نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل وهضبة الجولان تعرضت للحرق منذ بداية الحرب.

نزوح

قالت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 نوفمبر. وأظهرت بيانات المفوضية أن أكثر من 540 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب.

وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من منازلهم في الشمال.

التأثير الاقتصادي

قدم البنك الدولي في تقرير صدر في 14 نوفمبر تقديراً أولياً للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان بنحو 8.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنحو 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنة بتقديرات النمو قبل الصراع البالغة 0.9 في المائة.

وتكبد قطاع الزراعة خسائر تجاوزت 1.1 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر الماضية بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين، خصوصاً في المناطق الجنوبية. وقال البنك الدولي إن قطاعي السياحة والضيافة، المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني، كانا الأكثر تضرراً بخسائر بلغت 1.1 مليار دولار.

وفي إسرائيل، فاقم الصراع مع «حزب الله» التأثير الاقتصادي للحرب في قطاع غزة؛ ما أدى إلى ضغط على المالية العامة.

وارتفع العجز في الميزانية إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل هذا العام.

وفاقم الصراع الاضطرابات في سلاسل التوريد حتى صعد التضخم إلى 3.5 في المائة متخطياً النطاق المستهدف للبنك المركزي بين واحد وثلاثة في المائة. وأبقى البنك المركزي نتيجة لهذا على أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم فظلت أسعار الرهن العقاري مرتفعة، وتفاقمت الضغوط على الأسر.

وانتعش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثالث إلى حد ما عن الربع الثاني الضعيف لينمو بنحو 3.8 في المائة على أساس سنوي وفقاً ًللتقديرات الأولية للحكومة.