تقدم مهم في مباحثات التهدئة على أساس «صفقة متدرجة»

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: مرونة «حماس» أوصلت إلى إطار اتفاق أولي بهدف «هدنة قبل رمضان»

إسرائيلية تشارك في مسيرة للمطالبة بالإسراع بإطلاق الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (رويترز)
إسرائيلية تشارك في مسيرة للمطالبة بالإسراع بإطلاق الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (رويترز)
TT

تقدم مهم في مباحثات التهدئة على أساس «صفقة متدرجة»

إسرائيلية تشارك في مسيرة للمطالبة بالإسراع بإطلاق الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (رويترز)
إسرائيلية تشارك في مسيرة للمطالبة بالإسراع بإطلاق الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (رويترز)

كشفت مصادر مطلعة على محادثات تبادل الأسرى، التي جرت في باريس الجمعة، ويفترض أن تستكمل في الأيام المقبلة، أن العمل يجري لعقد صفقة «متدرجة» تقوم على تأجيل القضايا محل الخلاف إلى مراحل لاحقة.

دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على شرق رفح السبت (أ.ف.ب)

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الوسطاء تلقوا قبل الاجتماع بإيجابية، استعداد «حماس» لتأجيل الحسم في القضايا المستعصية إلى مرحلتين ثانية وثالثة، مقابل حصولها على ضمانات بشأن ذلك، فقدموا إطاراً لاتفاق جديد يقوم على هدنة تستمر نحو 6 أسابيع في المرحلة الأولى، مقابل إطلاق سراح من 35 إلى 40 محتجزاً لدى «حماس» ومئات الأسرى الفلسطينيين.

وقالت المصادر: «يجري العمل على صفقة شاملة من حيث المبدأ، لكن متدرجة، بحيث يتم دفع اتفاق مرحلة أولى قبل رمضان، على أن تستكمل مباحثات المرحلتين الثانية والثالثة في وقت لاحق، وتشمل القضايا المعقدة، مثل: عدد الأسرى وعودة سكان الشمال وإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي».

وأضافت المصادر: «أبدت (حماس) مرونة في لقاءات جرت بمصر الأسبوع الماضي، وفي مباحثات أخرى مع القطريين، من دون أن تتنازل عن طلباتها، وتقوم على أنه يمكن دفع اتفاق المرحلة الأولى على أن تتم عودة السكان إلى الشمال في المرحلة الثانية، والتفاوض على إنهاء الحرب في المرحلة الثالثة، التي يجب أن تشمل اتفاقاً قبل ذلك على عدد الأسرى الكبار مقابل الجنود».

نازحة فلسطينية في مدرسة لـ«الأونروا» في دير البلح السبت (إ.ب.أ)

وبحسب المصادر، فإن «مرونة (حماس) تهدف إلى دفع اتفاق قبل رمضان، وتجنب اقتحام رفح، وسحب الذرائع التي يسوقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، متذرعاً بأنه لا يستطيع في هذه المرحلة وفي مواجهة المتطرفين بحكومته، الموافقة على وقف شامل لإطلاق النار».

وأوضحت المصادر أن «الفكرة هي الوصول إلى الهدف الرئيسي بوقف هذه الحرب بشكل نهائي، لكن عبر التدرج في الاتفاق، وليس وضعه رزمة واحدة».

وسمحت مرونة «حماس» هذه بفتح طريق من أجل مفاوضات حقيقية، وتم تقديم اقتراح إطار جديد.

وأكد مسؤولون إسرائيليون في أحاديث لوسائل إعلام إسرائيلية مختلفة، أن محادثات باريس، التي جرت الجمعة وانتهت في اليوم نفسه، كانت جيدة، وحصل فيها تقدم كبير وانتهت بوضع خطوط عريضة واستمرت أكثر من المتوقع.

وقال مصدر سياسي إن هناك تقدماً في قضية إطلاق سراح السجناء الأمنيّين الفلسطينيّين، وإنه ستتم قريباً مناقشة الأسماء أيضاً.

وكانت باريس شهدت مباحثات شارك فيها مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، ورئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الموساد الإسرائيلي، ديفيد بارنياع.

صورة لجنود إسرائيليين داخل غزة نُشرت السبت (رويترز)

ووصل مدير المخابرات المصرية إلى باريس بعد لقاء جمعه برئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، بالقاهرة في الأيام القليلة الماضية.

وأكد هنية أن «حماس» تعاملت طوال الوقت «بروح إيجابية ومسؤولية عالية مع الوسطاء من أجل وقف العدوان على شعبنا وإنهاء الحصار الظالم والسماح بتدفق المساعدات والإيواء وإعادة الإعمار».

وعملياً تدور كل المفاوضات الآن حول 4 مطالب لـ«حماس» تعارضها إسرائيل: أولها عودة جميع سكان شمال قطاع غزة إلى منازلهم وإجلاء جميع قوات الجيش الإسرائيلي من غزة، ووقف إطلاق النار (مدته وإذا ما كان شاملاً)، وعدد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، وكذلك زيادة المساعدات الإنسانية.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، أن إسرائيل أبدت مرونة في موضوع إدخال المساعدات وعدد أيام الهدنة، لكنها ترفض شرط إنهاء الحرب وتركت مسألة عودة مواطني غزة من الجنوب إلى الشمال مفتوحة للنقاش.

وترحيل هذه القضايا إلى مراحل لاحقة، سيسمح بدفع اتفاق قبل رمضان.

جنديان إسرائيليان يزوران السبت موقعاً وُضعت فيه العربات التي تضررت خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023 (رويترز)

وأكد موقع «أكسيوس» الأميركي أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد التوصل إلى اتفاق قبل بداية شهر رمضان، أي بعد ما يزيد قليلاً على أسبوعين من الآن.

وسيقوم الوفد الإسرائيلي الذي عاد إلى إسرائيل، السبت، بإحاطة مجلس الوزراء الحربي في وقت لاحق من اليوم نفسه أو الأحد، وإذا وافق مجلس الوزراء على الإطار الجديد، فسيتم عقد اجتماعات للمتابعة الأيام المقبلة.

وثمة اعتقاد في إسرائيل، كما قال مسؤول كبير سابق في مؤسسة الأمن الإسرائيلية، بأن مفتاح الصفقة في الوقت الحالي ليس بيد «حماس» بل بيد قطر، وأن الضغط الذي يمكن أن تمارسه الدوحة على زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وقيادة الحركة في الخارج، أكبر بكثير اليوم من الماضي.

وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إن «الأضرار الجسيمة التي لحقت بقطاع غزة وبنظام حكم (حماس) عززت من اعتماد المنظمة على قطر». ونقل الموقع عن مسؤول أمني سابق قوله: «هنا يأتي دور الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل و«حماس» تتوصلان لاتفاق لوقف النار في غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

إسرائيل و«حماس» تتوصلان لاتفاق لوقف النار في غزة

قال مسؤول مطلع لـ«رويترز»، الأربعاء، إن إسرائيل وحركة «حماس» اتفقتا على وقف القتال في غزة وتبادل للرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية إسرائيلية تمر أمام لوحة تضم صور مخطوفين لدى «حماس» (أ.ب)

نتنياهو يلغي كل برامجه ويتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس»

ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل برامجه المقررة، معلناً أنه يتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس» لوقف النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

تحتل مهمة التشويش على ما يسمى في تل أبيب «أفراح حماس» مكانة رفيعة.

نظير مجلي (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يمرون أمام لوحة إعلانية تعرض صوراً لرهائن إسرائيليين محتجزين لدى «حماس» في غزة مكتوباً عليها «لا تتوقفوا حتى يعود الجميع» (إ.ب.ا)

تحليل إخباري هل تنجح المحطة الـ8 من جهود «هدنة غزة»؟

مرت محاولات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتحرير بعض الرهائن لدى «حماس» مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين، بكثير من المحطات.

هبة القدسي (واشنطن)
تحليل إخباري رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

وسط جهود مكثفة نحو تنفيذ هدنة جديدة في قطاع غزة، تزايد الحديث عن خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، كان أحدثها تصريحات أميركية شملت تفاصيل، بينها وجود أجنبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
TT

بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)

دعت بريطانيا إلى إتمام اتفاق بين إسرائيل و«حماس» يقضي بوقف إطلاق النار بقطاع غزة، وإطلاق الأسرى «في أقرب وقت»، مشددة على دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) في توفير المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل وندعو أن نحصل على أخبار سعيدة في أقرب وقت ممكن. وسواء كان الأمر يتعلق بعائلات الرهائن أو بكثير من الناس الذين يعيشون معاناة عميقة في غزة، يأمل الجميع أن نحقق التقدم الذي كنا ننادي به منذ فترة. ونأمل في المرونة».

ويسعى المفاوضون المجتمِعون، الأربعاء، إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية»، وفقاً لقطر، بعد حرب متواصلة منذ أكثر من 15 شهراً سقط فيها آلاف القتلى.

وقبل أيام قليلة من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة؛ من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجَزين في قطاع غزة.

وتحدّث فولكنر، في تصريحه إلى «الشرق الأوسط»، عن انعكاس الاتفاق على الأزمة الإنسانية في القطاع، قائلاً: «من الملح حقاً إتاحة المساعدات التي يحتاجها سكان غزة، وأن تكون المرافق الطبية التي يحتاجونها قادرة على العمل».

وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر (الشرق الأوسط)

وتابع: «لقد كنا واضحين بشأن مدى أهمية دور (أونروا) الحيوي في توفير تلك المساعدات، ومدى صعوبة الاستغناء عنها». وأضاف: «من الواضح أننا ندرك تماماً المواعيد النهائية التي حددتها الجهات المانحة لشهر يناير، والتزامات إسرائيل بصفتها السلطة القوية في قطاع غزة. ويقع على عاتقها ضمان تقديم المساعدات الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني».

وعبّر فولكنر عن أمله في التوصل إلى وقف إطلاق النار، و«أن نكون في وضع أفضل بحلول نهاية الشهر، وأن يكون هناك دعم إنساني كافٍ للشعب الفلسطيني في غزة، وهو أمر سنناقشه عن كثب مع حلفائنا العرب، وكذلك مع جميع الأطراف الأخرى في المنطقة».

وكان المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، قد أكّد في أوسلو أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدة لسكان الأراضي الفلسطينية، رغم الحظر الإسرائيلي لها الذي يدخل حيز التنفيذ في نهاية هذا الشهر.