إسرائيل تختبر «جيوباً إنسانية» لإدارة غزة في المستقبل

فلسطينيون يسيرون بالقرب من مبنى مدمر للجامعة الإسلامية في أعقاب العملية البرية الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة... 10 فبراير 2024 (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بالقرب من مبنى مدمر للجامعة الإسلامية في أعقاب العملية البرية الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة... 10 فبراير 2024 (رويترز)
TT

إسرائيل تختبر «جيوباً إنسانية» لإدارة غزة في المستقبل

فلسطينيون يسيرون بالقرب من مبنى مدمر للجامعة الإسلامية في أعقاب العملية البرية الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة... 10 فبراير 2024 (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بالقرب من مبنى مدمر للجامعة الإسلامية في أعقاب العملية البرية الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة... 10 فبراير 2024 (رويترز)

قال مسؤول إسرائيلي كبير، اليوم الخميس، إن إسرائيل تسعى إلى تعيين فلسطينيين لا ينتمون إلى حركة «حماس» لإدارة الشؤون المدنية في مناطق بقطاع غزة يتم تحديدها لتكون أرض اختبار لإدارة القطاع بعد الحرب، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

لكن «حماس» قالت إن الخطة، التي صرح المسؤول الإسرائيلي بأنها ستستبعد أيضا أي موظف مدرج على قوائم الرواتب لدى السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا، ستكون إعادة احتلال إسرائيلي لغزة، وإنها محكوم عليها بالفشل.

وقال المسؤول الإسرائيلي إن «الجيوب الإنسانية» المزمعة ستطلق في المناطق التي تم طرد «حماس» منها في القطاع، لكن نجاحها في نهاية المطاف سيتوقف على تحقيق إسرائيل هدف تدمير «حماس» في القطاع الساحلي الصغير الذي تسيطر عليه الحركة.

وقال المسؤول لوكالة «رويترز» شرط عدم الكشف عن هويته: «نبحث عن الأشخاص المناسبين للارتقاء إلى مستوى المسؤولية... لكن من الواضح أن هذا سيستغرق وقتا، إذ لن يتقدم أحد إذا اعتقد أن (حماس) ستطلق النار على رأسه».

وأضاف المسؤول أن الخطة «قد تتحقق بمجرد تدمير (حماس) وانتهاء خطرها على إسرائيل أو سكان غزة».

وذكرت «القناة 12» التلفزيونية الإسرائيلية أن حي الزيتون شمال مدينة غزة مرشح لتنفيذ الخطة، التي بموجبها سيقوم التجار المحليون وقادة المجتمع المدني بتوزيع المساعدات الإنسانية.

وأضافت أن الجيش الإسرائيلي سيوفر الأمن حول حي الزيتون، ووصفت التوغلات المتجددة للقوات هناك هذا الأسبوع بأنها تهدف إلى القضاء على فلول معقل لـ«حماس» تعرض لضربة شديدة في المراحل الأولى من الحرب.

ولم يرد تأكيد رسمي لتقرير «القناة 12».

«نوع من العبث والتخبط»

ردا على سؤال حول تعليقات المسؤول الإسرائيلي وتقرير «القناة 12» قال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لـ«حماس» في الخارج إن مثل هذه الخطة ستكون إعادة احتلال من إسرائيل لقطاع غزة الذي سحبت منه قواتها ومستوطنيها في عام 2005. وتقول إسرائيل إنها ستحتفظ بسيطرة أمنية لأجل غير مسمى على غزة بعد الحرب، لكنها تنفي أن يكون ذلك من قبيل إعادة الاحتلال.

وقال أبو زهري لـ«رويترز»: «نحن واثقون أن هذا المشروع هو نوع من العبث والتخبط، ولن ينجح بأي حال من الأحوال».

وأوضح المسؤول الإسرائيلي أيضا أن السلطة الفلسطينية، التي تمارس سلطة محدودة في الضفة الغربية، سيتم منعها أيضا من أن تكون شريكا في «الجيوب الإنسانية» بسبب عدم إدانتها لهجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول إسرائيل إن المسلحين قتلوا 1200 شخص واحتجزوا 253 رهينة في هذا الهجوم، ما أدى إلى هجوم بري وجوي إسرائيلي على غزة تقول سلطات الصحة في غزة إنه أسفر عن مقتل ما يقرب من 30 ألف شخص.

وقال المسؤول الإسرائيلي: «كل من شارك، أو حتى لم يعلن إدانة (هجوم) السابع من أكتوبر مستبعد».

وأبدى واصل أبو يوسف، المسؤول الكبير في «منظمة التحرير الفلسطينية» التي تنتمي إليها السلطة الفلسطينية، رفضه للخطة الإسرائيلية اليوم الخميس.

وقال لـ«رويترز»: «كل ما تقوم به إسرائيل لتغيير المعالم الجغرافية والديموغرافية في غزة لن تنجح فيه، والحديث عن إدارة محلية هنا أو هناك محاولات إسرائيلية بائسة لن تؤدي إلى شيء، والشعب الفلسطيني الذي صمد أمام آلة الحرب الإسرائيلية على مدار 140 يوما حتى الآن لن يقبل إلا بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف».

ودعت الولايات المتحدة إلى «إعادة تنشيط» السلطة الفلسطينية لتحكم غزة بعد الحرب. لكن إسرائيل لم تتقبل الفكرة، مشيرة إلى أن السلطة الفلسطينية تقدم تعويضات للمسلحين المسجونين.

ومع ذلك، قال المسؤول إن إسرائيل ستكون مستعدة للنظر في ضم شركاء إلى «الجيوب الإنسانية» ممن لهم صلات سابقة بحركة «فتح» التي تهيمن على السلطة الفلسطينية.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخطط لرد «جاد» على الهجوم الباليستي الإيراني

شؤون إقليمية تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)

إسرائيل تخطط لرد «جاد» على الهجوم الباليستي الإيراني

أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» بأن الجيش الإسرائيلي يخطط للرد على الهجوم الإيراني بالصواريخ الباليستية، محذّراً من أن الرد «سيكون جادّاً ومهمّاً».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المسؤولون الأميركيون أكدوا دعمهم لرد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني لكنهم عبروا عن مخاوفهم من اشتعال حريق إقليمي واسع النطاق (رويترز)

«لا ضمانات» إسرائيلية لأميركا بعدم استهداف البرنامج النووي الإيراني

نقلت شبكة «سي إن إن» للتلفزيون عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية أن إسرائيل «لم تقدم ضمانات» لواشنطن بأنها لن تستهدف المنشآت النووية في إيران.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (د.ب.أ)

لبنان يعيش «أشد حملة جوية» خارج غزة خلال العقدين الماضيين

يعتبر القصف، الذي تقول إسرائيل إنه يستهدف معاقل «حزب الله» في البلاد، «أكثر حملةٍ جويةٍ كثافةً» في العالم خارج غزة في العقدين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم (السبت) أن الوزير عباس عراقجي وصل إلى العاصمة السورية دمشق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد وسط القصف الإسرائيلي المستمر على جنوب لبنان (رويترز)

لبنان يخشى «غزة ثانية»

أعرب وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري عن خشيته من تحوّل بلاده إلى «غزة ثانية» في ظل تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية ضد «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الوافدون من لبنان إلى سوريا... معاناة عبر الحدود

هارب من الحرب بلبنان يحمل متاعه لاجتياز طريق معبر المصنع بعد استهدافه بغارة إسرائيلية الجمعة (أ.ب)
هارب من الحرب بلبنان يحمل متاعه لاجتياز طريق معبر المصنع بعد استهدافه بغارة إسرائيلية الجمعة (أ.ب)
TT

الوافدون من لبنان إلى سوريا... معاناة عبر الحدود

هارب من الحرب بلبنان يحمل متاعه لاجتياز طريق معبر المصنع بعد استهدافه بغارة إسرائيلية الجمعة (أ.ب)
هارب من الحرب بلبنان يحمل متاعه لاجتياز طريق معبر المصنع بعد استهدافه بغارة إسرائيلية الجمعة (أ.ب)

لم تحدّ الغارات الإسرائيلية على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان منذ بدء الضربات الإسرائيلية لـ«حزب الله» في لبنان، من تدفق الوافدين اليومي من لبنان إلى سوريا، ليتجاوز العدد الإجمالي للوافدين منذ 24 سبتمبر (أيلول) 78500 وافد لبناني، بينما تجاوز عدد العائدين السوريين نحو 219400 عائد، وفق أرقام إدارة الهجرة والجوازات السورية.

وأوضحت عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشـق، آلاء الشيخ، لوكالة «سانا» الرسمية، أن «دخول الوافدين من لبنان عبر معبر جديدة يابوس استمر سيراً على الأقدام، بعد استهداف طيران الاحتلال الإسرائيلي للطريق الدولي قرب معبر المصنع، فجر الجمعة، وخروج الطريق عن الخدمة؛ حيث عبر يوم الجمعة نقطة جديدة يابوس نحو 2700 وافد لبناني، ونحو 6 آلاف عائد سوري».

وصلت مئات العائلات إلى شمال غربي سوريا بحثاً عن ملجأ عبر معبر عون الدادات الواقع بين مدينتي جرابلس ومنبج (فيسبوك)

سائق تاكسي على خط دمشق- بيروت، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن أغلب الوافدين من النساء والأطفال كانوا يحملون ما قل من حاجياتهم، ويعبرون الحفرة العميقة التي خلفها القصف، لافتاً إلى أن العمل في مكاتب ختم الجوازات لم يتوقف على جانبي الحدود، كما لم تتوقف الحركة من دمشق إلى بيروت؛ حيث يتم التنسيق بين مكاتب السفريات، وتقوم السيارات السورية بإيصال المسافرين إلى نقطة الحدود السورية ليعبروا سيراً على الأقدام نحو النقطة اللبنانية، ثم يستقلون سيارات لبنانية لإكمال الطريق إلى وجهتهم في لبنان. وأكد السائق أن الضربات الإسرائيلية قد لا توقف حركة العبور بين جانبي الحدود؛ لكنها تجعلها أخطر وأكثر كلفة.

واستهدف الطيران الإسرائيلي ليل الجمعة مبنى في بلدة الجمالية، شمالي بعلبك، لجهة الطريق الدولية. ما أدى إلى قطع الطريق الدولي رياق- بعلبك الذي يصل الأراضي السورية بريف حمص الغربي، والذي يعد من 3 طرق دولية تصل بين لبنان وسوريا.

طفل ينظر من شباك حافلة أقلته مع عائلته إلى ريف إدلب شمال غربي سوريا الجمعة (إ.ب.أ)

واستهدف القصف إسرائيلي الأسبوع الماضي أكثر من مرة معبر مطربا الحدودي الذي يصل بين منطقة القصير بريف حمص الغربي ومنطقة الهرمل اللبنانية. كما قصفت إسرائيل معبر كفر يابوس وعدة معابر غير شرعية أخرى، في المناطق الوعرة بمنطقة الزبداني بريف دمشق، بينما تواصل المُسيَّرات الإسرائيلية مراقبة الحدود السورية- اللبنانية بشكل مستمر، في محاولة لتضييق الخناق على «حزب الله» اللبناني، ومنعه من نقل السلاح من سوريا إلى لبنان؛ حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي رأى أن «هذه الرقابة المشددة هي جزء من استراتيجية إسرائيلية تتبعها بهدف محاولة شل حركة عمليات نقل السلاح للحزب؛ خصوصاً في ظل تصاعد التوترات على الأراضي اللبنانية».

ويواجه الوافدون مخاطر كثيرة في ظل الاستهداف الإسرائيلي للمعابر، أبرزها الانتظار لساعات طويلة، قد تصل إلى أيام عند المعابر لعدم توفر وسائل نقل تقلهم إلى وجهتهم في الداخل السوري، و«معاناتهم لا تنتهي عند الحدود»، حسب المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، رولا أمين، التي أشارت في مؤتمر صحافي عقد في جنيف إلى أن معظم الوافدين من لبنان هم سوريون ولبنانيون، ونحو 1450 من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين وبعض المهاجرين، لافتة إلى أن 60 في المائة من الوافدين هم من الأطفال والمراهقين، وهناك أطفال وصلوا بمفردهم. وكثير من العائدين السوريين ليس بحوزتهم أي موارد لتلبية احتياجاتهم الأساسية، كما أفادت رولا أمين بتوجه غالبية الوافدين الجدد إلى مدنهم وقراهم الأصلية للالتحاق بأقاربهم، بينما يحتاج البعض إلى مكان للإقامة. وتستضيف مراكز الإيواء في ريف دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص وحماة الآن الوافدين السوريين واللبنانيين.

سوريون وصلوا بعد رحلة دامت 5 أيام إلى ريف إدلب شمال غربي سوريا الجمعة (أ.ف.ب)

وتعاني المفوضية من نقص حاد في التمويل؛ سواء في لبنان أو في سوريا؛ حيث تحتاج المفوضية إلى 111 مليون دولار لتقديم مساعدات في لبنان من أصل 425.7 مليون دولار يحتاجها لبنان لتقديم المساعدة الحيوية لأكثر من مليون شخص نزحوا من بيوتهم. بينما حصلت المفوضية على 27 في المائة من احتياجها لتقديم مساعدات في سوريا البالغ 460 مليون دولار.

ومنذ 24 سبتمبر وصل إلى العراق أكثر 5 آلاف وافد لبناني، منهم أكثر من 500 عبروا الحدود السورية- العراقية عن طريق معبر القائم الحدودي.

وبينما قدمت الحكومتان السورية والعراقية تسهيلات وخدمات للوافدين، عبر المعابر الرسمية، يعاني من سلك طرقاً غير شرعية لا سيما العائدين السوريين من صعوبات كثيرة؛ حيث علق نحو 2400 عائد في معبر عون الدادات الذي يربط مناطق سيطرة «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، في شمال سوريا، مع مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بانتظار السماح لهم بالعبور إلى مناطق سيطرة المعارضة، في ظل غياب المواد الإغاثية الأساسية.