عبر الفلسطينيون المكدسون في آخر ملجأ لهم في قطاع غزة عن مخاوفهم المتزايدة اليوم (الأربعاء) من أن إسرائيل ستشن قريبا هجوما تخطط له على مدينة رفح جنوب القطاع بعد اختتام محادثات في القاهرة حول الهدنة من دون تحقيق انفراجة، بحسب «رويترز».
وانتهت المحادثات التي جرت في القاهرة، والتي شاركت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر، من دون أي مؤشر على تحقيق انفراجة أمس (الثلاثاء) ولم يتم الإعلان عن موعد للاجتماع التالي.
ووجه عدم التوصل إلى اتفاق ضربة جديدة لأكثر من مليون فلسطيني متكدسين في رفح على الحدود مع مصر حيث يعيش كثيرون في مخيمات وأماكن إيواء مؤقتة بعد الفرار من القصف الإسرائيلي في أماكن أخرى في غزة.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يريد إخراج المسلحين الفلسطينيين من مخابئهم في رفح وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك منذ هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه لم يقدم تفاصيل عن خطة مقترحة لإجلاء المدنيين.
وقال سعيد جابر، وهو رجل أعمال من غزة يعيش في رفح مع أسرته، لـ«رويترز» عبر تطبيق للتراسل: «الأخبار كانت محبطة، كنا نتأمل يكون في صفقة في القاهرة، هلقيت بلشنا نعد تنازلي لاجتياح الدبابات الإسرائيلية، إن شاء الله ما بيصير طبعا، لكن مين اللي يقدر يمنعهم؟».
وأضاف: «خسرنا بيوتنا وأعمالنا، مش كفاية؟ بيكفي حرب، لسه بدنا عشرات سنين لنعيد بناء غزة ونرجع حياتنا من تاني».
وفي أحدث نداء دولي لإسرائيل لوقف الهجوم على رفح، حذرت منظمة الصحة العالمية من زج النظام الصحي في القطاع ليقترب أكثر من حافة الهاوية.
وقال ريتشارد بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية إن «العمليات العسكرية في هذه المنطقة، هذه المنطقة المكتظة، ستكون بالطبع كارثة لا يمكن تصورها... بل وستزيد من حجم الكارثة الإنسانية إلى ما هو أبعد من الخيال».
وتقول إسرائيل إنها تتخذ خطوات لتقليل الخسائر بين المدنيين إلى أقل مستوى وتتهم مقاتلي حماس بالاندساس بين المدنيين بما في ذلك في المستشفيات والملاجئ، وهو ما تنفيه «حماس».
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي من المتوقع أن تعقد محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأربعاء، إن من شأن أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح أن «يعرض الوضع الإنساني للخطر تماما».
وقالت في بيان صدر في برلين: «لأن الناس في رفح لا يمكن أن يتبخروا ببساطة في الهواء. فهم بحاجة إلى أماكن آمنة وممرات آمنة لتجنب الوقوع في مرمى النيران بشكل أكبر. إنهم بحاجة إلى المزيد من المساعدات الإنسانية. ويحتاجون إلى وقف لإطلاق النار».
قصف خلال الليل
وقال شهود فلسطينيون إن قوات إسرائيلية قصفت مناطق بشرق رفح خلال الليل.
وأوضحت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره «حماس» أن قوات إسرائيلية تواصل عزل المستشفيين الرئيسيين في خان يونس، وإن رصاص القناصة الذي يستهدف مستشفى ناصر بالمدينة قتل وأصاب عددا كبيرا في الأيام القليلة الماضية.
وأشار أحد الأطباء وهو يتحدث في مقطع فيديو من داخل مستشفى ناصر إلى أن المستشفى تحت حصار القوات الإسرائيلية منذ 22 يوما، وأن جرافات تحميها دبابات هدمت البوابة الشمالية للمستشفى.
وقال الدكتور هيثم أحمد في مقطع الفيديو الذي لم يتسن لـ«رويترز» التحقق منه حتى الآن «حالات من الهلع خاصة بعدما استيقظنا صباح اليوم على قصف عنيف وانفجارات عنيفة واشتباكات حادة في المنطقة الشمالية للمستشفى. الأمر مخيف والغذاء قليل».
ورفح متاخمة لحدود مصر، لكن القاهرة أوضحت أنها لن تسمح بنزوح جماعي عبر الحدود.
وذكرت وزارة الصحة في غزة اليوم الأربعاء أن ما لا يقل عن 28576 فلسطينيا قتلوا وأصيب 68291 آخرون في الحملة الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وأضاف بيان الوزارة أنه خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، قتل 103 فلسطينيين وأصيب 145 آخرون.
وهناك اعتقاد بأن كثيرين غيرهم مدفونون تحت أنقاض المباني المدمرة في أنحاء قطاع غزة المكتظ بالسكان، والذي أصبح معظمه في حالة خراب. وتنفد إمدادات الغذاء والماء وغيرها من الضروريات، فيما تنتشر الأمراض.
وتشير إحصائيات إسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 1200 إسرائيلي واحتجاز نحو 250 رهينة في الهجوم الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.
إردوغان في مصر
وأثارت الحرب في غزة مخاوف من توسع الصراع في أنحاء الشرق الأوسط وزادت من التوتر على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء إنه رد على إطلاق صواريخ عبر الحدود من لبنان أدى إلى إصابة سبعة أشخاص في شمال إسرائيل. وقال مصدر أمني في لبنان إن الضربات الإسرائيلية أصابت بالفعل ثلاث بلدات على الأقل في جنوب لبنان لكنه لم يذكر تفاصيل عن وقوع أضرار أو ضحايا. ولم يصدر تعليق فوري من «حزب الله» اللبناني.
ومن المقرر أن يناقش الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الحرب في قطاع غزة خلال أول زيارة له لمصر منذ أكثر من عشر سنوات اليوم.
وبدأ الرئيس التركي زيارته للقاهرة بعد يوم واحد من لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري خلال محادثات جرت أمس الثلاثاء بهدف التوصل لاتفاق هدنة في غزة وحماية المدنيين وإيصال المزيد من المساعدات إلى القطاع، حسبما نقلت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية عن بيان للرئاسة.
وأوضح البيان أنه «تم تأكيد استمرار التشاور والتنسيق المكثف» بشأن القضايا الرئيسية، في إشارة إلى عدم تحقيق أي تقدم.
ولم يحمل البيان أي إشارة إلى إسرائيل. وقالت «رويترز» إن الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة عائدا إلى بلاده. ولم يرد مكتب نتنياهو على طلب للتعليق.
ووصف مصدر مطلع المحادثات بأنها «جيدة» وقال إن الجانبين اتفقا على مواصلة المناقشات، لكنه رفض تحديد مكان وموعد الجولة الجديدة من المحادثات.
وقال مسؤول فلسطيني إن مصر وقطر ستواصلان التحدث مع الطرفين المتحاربين بشكل منفصل.
وأشار المسؤول إلى أنه «لا يوجد أي خيار سوى مواصلة الجهود من أجل وقف هذه الحرب، هذا موقف مشترك من قبل كل من مصر وقطر وتدعمه الولايات المتحدة أيضا»، داعيا إسرائيل إلى تخفيف موقفها.
وتعهدت إسرائيل بمواصلة القتال حتى القضاء على «حماس» وإعادة كل الرهائن. وتقول «حماس» إن إسرائيل يجب أن تلتزم بإنهاء الحرب والانسحاب من غزة.