كيف يدعم «تحرير المحتجزين الإسرائيليين» موقف نتنياهو في رفح؟

موقع الاحتجاز كان محدداً منذ أسابيع... ورئيس الوزراء الإسرائيلي اختار التوقيت بعناية

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي للمحتجزين المحررين لدى لقائهما أسرتيهما في مركز طبي بإسرائيل
صورة وزعها الجيش الإسرائيلي للمحتجزين المحررين لدى لقائهما أسرتيهما في مركز طبي بإسرائيل
TT

كيف يدعم «تحرير المحتجزين الإسرائيليين» موقف نتنياهو في رفح؟

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي للمحتجزين المحررين لدى لقائهما أسرتيهما في مركز طبي بإسرائيل
صورة وزعها الجيش الإسرائيلي للمحتجزين المحررين لدى لقائهما أسرتيهما في مركز طبي بإسرائيل

استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، العملية الناجحة التي نفذتها قواته لـ«تحرير محتجزين» من مواطنيه، من مخيم الشابورة في قلب مدينة رفح (أقصى جنوب قطاع غزة) لتعضيد مساعيه الرامية لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في المدينة، وذلك على الرغم من الدعوات الدولية والإقليمية الرافضة لتوجهه. وعدَّ نتنياهو أن «الضغط العسكري وحده هو الذي سيؤدي إلى الإفراج عن جميع المختطفين».

وتعهد نتنياهو بعد العملية التي سُميت «اليد الذهبية»، ووُصفت في إسرائيل بأنها «دراماتيكية وبطولية ومعقدة»، بمواصلة القتال في القطاع حتى «تحقيق النصر المطلق»؛ مضيفاً: «استمرار الضغط العسكري فقط، حتى تحقيق النصر المطلق، سيؤدي إلى الإفراج عن جميع مختطفينا، ولن نفوِّت أي فرصة لإعادتهم إلى ديارهم».

وأخبر نتنياهو رئيس الوزراء الهولندي مارك روته الذي التقاه في مكتبه بالقدس (الاثنين) بأن «إسرائيل ماضية نحو رفح». وأضاف: «لن نترك كتائب الإرهاب في رفح على حالها».

وإصرار نتنياهو على هجوم ضد رفح رغم التحذيرات من «نتائج كارثية» ليس جديداً؛ لكنه أصبح «مُبرراً» من وجهة نظره بعد «تحرير» محتجزين من هناك.

وبدا واضحاً أن إسرائيل لم تختر توقيت العملية عبثاً، بعدما اتضح أن المعلومات بشأن المكان الذي يُحتجز فيه المُسنَّان الإسرائيليان سيمون مرمان (61 عاماً) ونوبرتو لويس هار (70 عاماً)، كانت معروفة منذ أسابيع. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن تحريرهما «كان يمكن أن يتم في وقت سابق؛ لكن الظروف لم تكن ناضجة».

واختار نتنياهو توقيت العملية للرد على الاتهامات الدولية والإقليمية والفلسطينية له، بالعمل على «إطالة أمد الحرب متوغلاً في رفح»، والمطالبات الواسعة له بإلغاء العملية التي من شأنها أن تنتهي بـ«بحر دم» مع وجود مليون و400 ألف فلسطيني في مدينة لا تزيد مساحتها على 64 كيلومتراً مربعاً.

وأعطى نجاح العملية دفعة لنتنياهو ومؤيدي الهجوم على رفح في إسرائيل؛ إذ خرج وزير الدفاع، يوآف غالانت، ليؤكد أن قواته «ستستمر في الوفاء بالتزامها بإعادة المختطفين بكل الأشكال الممكنة»، وقال الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، إن «ما حصل كان دفعة للجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) من أجل المضي حتى إعادة جميع المختطفين».

كما اعتبر وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش أنه بهذه الطريقة فقط «سنعيد المزيد والمزيد من شعبنا إلى وطنهم، وبهذه الطريقة فقط سنتمكن من استعادة الأمن لجميع مواطني إسرائيل».

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قال لنتنياهو (الأحد) قبل العملية، إنه «لا ينبغي على إسرائيل المضي قدماً في حملتها العسكرية في مدينة رفح الحدودية المكتظة بالسكان، دون خطة (موثوقة) لحماية المدنيين».

وحسب تقارير إسرائيلية: «لم يبلغ نتنياهو بايدن بالعملية؛ لكن تمت إحاطة الأميركيين بعد أن تمت بنجاح».

توتر مع مصر

وجاءت تحذيرات بايدن لنتنياهو في خضم رفض متزايد عالمياً للعملية المرتقبة في رفح، والتي سببت إلى حد كبير توتراً مع مصر. وأفادت تقارير عبرية بأن مسؤولين أمنيين إسرائيليين كانوا يعملون على مدار الساعة (الأحد) على «تهدئة المخاوف المصرية بشأن هجوم عسكري إسرائيلي وشيك على رفح».

وذكرت أخبار «القناة 12» الإسرائيلية مساء الأحد، أن «مسؤولين رفيعين من (الموساد) وجهاز (الشاباك) والجيش الإسرائيلي أجروا اتصالات مع نظرائهم المصريين، لتهدئة مخاوفهم بعد أن قال نتنياهو إن إرسال قوات إلى رفح ضروري للانتصار في الحرب المستمرة منذ 4 أشهر ضد (حماس)».

وأضافت القناة العبرية أن «المسؤولين الأمنيين أبلغوا نظراءهم المصريين أن إسرائيل لن تقوم بأي تحركات أحادية، وأنهم سيعملون بالتنسيق مع القاهرة».

جرحى من الأطفال الفلسطينيين في أحد مستشفيات مدينة رفح بقطاع غزة

ورفضت مصر دعاوى إسرائيل من أجل هجوم على رفح، وأفادت تقارير بأن «القاهرة حركت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة في شمال شرقي سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، ضمن سلسلة من الإجراءات لتعزيز الأمن على حدودها مع غزة».

ويتردد في إسرائيل، نقلاً عن تقارير وسائل إعلام دولية، أن «مصر هددت بتعليق معاهدة السلام مع إسرائيل، إذا أرسلت قوات إلى رفح؛ حيث تخشى القاهرة أن يؤدي القتال إلى إغلاق طريق إمداد المساعدات الرئيسية للقطاع المحاصر، وسيطرة إسرائيلية طويلة على محور فيلادلفيا، ونزوج مئات آلاف الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية».

آفاق المواجهة

وضمن محاولات إسرائيل تخفيف مخاوف العالم، قال نتنياهو إنه «سيُخلي أولاً آلاف المدنيين من رفح قبل الهجوم المرتقب». وكشفت عملية تخليص المحتجزين آفاق المواجهة بين الطرفين، وأظهرت إلى أي مدى يمكن أن يسبب الهجوم الكبير خسائر فادحة في الأرواح إذا كان هجوماً صغيراً قد أودى بحياة نحو 100 فلسطيني.

وكانت هذه ثاني عملية ناجحة من هذا النوع منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والعملية الأولى كانت عملية لإنقاذ المجندة أوري مغيديش في أواخر أكتوبر. وفي أوائل ديسمبر (كانون الأول)، حاول الجيش الإسرائيلي إنقاذ رهينة أخرى؛ لكنه قُتل.

وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن العملية المشتركة التي نفَّذتها قوات من وحدة النخبة «يمام» لمكافحة الإرهاب في الشرطة، وجهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، بدأت نحو الساعة الواحدة فجراً في رفح، في منطقة لم تدخلها القوات الإسرائيلية قبل ذلك.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إن القوات اقتحمت الشقة في الساعة 1:49 فجراً، وقتلت المسلحين الثلاثة الذي حرسوا الرهائن، قبل أن يندلع قتال في كثير من المباني المجاورة، مع تنفيذ غارات جوية مكثفة ضد مقاتلي «حماس» في منطقة عملية الإنقاذ في الساعة 1:50 فجراً.

وظهرت 5 مبانٍ مدمرة بشكل كامل في محيط المبنى المستهدف من بين أهداف أخرى واسعة لـ«حماس» تم استهدافها لتعطيل الاتصالات، ومنع وصول أي قوات مساندة.

وحسب معطيات الجيش الإسرائيلي، فإن العملية لم تستمر أكثر من ساعة واحدة، وبدأت بهجوم مباغت على الطابق الثاني في بناية كان يُحتجز فيها الإسرائيليان.


مقالات ذات صلة

نتنياهو للإيرانيين: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كرياه العسكرية في تل أبيب بإسرائيل في 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

نتنياهو للإيرانيين: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، في رسالة مباشرة للإيرانيين، إن نظام المرشد الإيراني علي خامنئي يخشى الشعب الإيراني أكثر من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة مركبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

ترمب يراهن على اتخاذ نتنياهو « قرارات جريئة» تنهي الحرب

تؤكد أوساط سياسية في تل أبيب أن الرسالة الأساسية التي ستسمعها إسرائيل من إدارة ترمب المقبلة تحمل مطلباً جازماً بإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

هل يحقق ترمب حلم الضم الإسرائيلي؟

انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل بعد تولي دونالد ترمب منصبه.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة مركبة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

«صفقة نتنياهو»: السيادة على المستوطنات مقابل إنهاء الحرب

تُعِدّ حكومة نتنياهو خطة استراتيجية لإجهاض حل الدولتين بفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية وقطاع غزة وتعزيز الاستيطان.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي (أ.ب)

المدعية العامة تهدد بإقالة بن غفير لتدخله في عمل الشرطة

تعتزم المدعية العامة غالي بهاراف ميارا مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بإقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ما لم يتوقف عن تدخله المتكرر في شؤون الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً دامياً على وطنه لبنان في حربها مع «حزب الله»، تساءل الفنان شربل صموئيل عون عن دور الفن ومكانته في بلد يجتاحه الصراع.

وقال عون، وهو رسام ونحات يمزج بين فنون متعددة ويبلغ من العمر 45 عاماً: «الفن هل بيظل إله محل في هيك أزمة؟»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يحمل قطعة فنية غير مكتملة بورشته في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وتاريخياً، لعب لبنان دوراً محورياً في المشهد الفني بالعالم العربي وكان بمثابة مركز نابض بالحياة للفنون البصرية والموسيقى والمسرح ويمزج بين المؤثرات التقليدية والمعاصرة.

والآن يعبّر الفنانون اللبنانيون في أعمالهم عن الإحباط واليأس الذي يشعرون به منذ الهجوم الإسرائيلي على وطنهم قبل عام والذي أسفر عن مقتل أكثر من 3200 شخص، معظمهم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعكس أعمال عون بشكل مباشر الأزمات المتتالية التي يمر بها لبنان. فقد بدأ في عام 2013 جمع التراب من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان لرسم سلسلة من اللوحات متعددة الطبقات قبل أن ينتقل إلى استكشاف وسائل أخرى.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يعمل على قطعة فنية باستخدام الغبار المخلوط بالراتنج في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

ويقول الفنان عون إن الظلام واليأس الناجمين عن الحرب والركام الذي خلَّفته حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت أحييا رغبته في العمل بالتراب.

وقال: «يا بتوقفي كل شيء، يا إنه بالشيء إللي باقيلك فيه معنى شوي بتكفي».

وتم إلغاء معرضين له بسبب الحرب. وبينما كان يعيش في السابق على الدخل الذي يجنيه من فنه، يعتمد الآن على بيع العسل من منحل أسسه في البداية مشروعاً لصنع أعمال فنية من شمع العسل.

وقال: «لم يعد بإمكاني الاعتماد على سوق الفن».

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يرتدي بدلة تربية النحل أثناء حضوره مقابلة مع وكالة «رويترز» في بلدة الفنار بلبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وأُغلقت صالات العرض في مختلف أنحاء بيروت خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال أصحابها لوكالة «رويترز» إنه لا يوجد طلب على شراء الأعمال الفنية في هذا التوقيت. ونقل متحف سرسق الشهير في لبنان، وهو متحف للفن الحديث، معروضاته إلى مخزن تحت الأرض.

المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض تحمل غيتارها بالاستوديو الخاص بها في مزرعة يشوع - لبنان 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

وعانت المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض من التأثير النفسي للصراع الذي جعل من الصعب عليها أداء عروضها منذ أشهر عدة.

وقالت: «هذا الشيء عمل شوي (حدودا) للإبداع تبعي، وبالتالي (انغلقت) شوي على حالي، ما بقى فيني أعطي غيري ولا أعطي حالي كمان».

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

ووجهت طاقتها في المقابل إلى كتابة الأغاني. وعادت مجدداً لتأدية عروض في الفترة الماضية بالغناء للأطفال النازحين واللاجئين في لبنان خلال حفل خيري أقيم في شمال بيروت.

وأضافت: «بتخيل أحلى شعور كان برجع أحسه بعد فترة طويلة إني أشوفهم كلهم مبسوطين... وعم بيغيروا جو وينبسطوا من بعد فترة صعبة أكيد»، خصوصاً لمن اعتادوا على سماع صوت القصف بدلاً من الموسيقى.