الراعي يحذر من «إقصاء الموارنة» ويهاجم معطلي انتخاب رئيس للبنان

باسيل يتجه للطعن بقرار تعيين رئيس للأركان

البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (الوكالة الوطنية للإعلام)
البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

الراعي يحذر من «إقصاء الموارنة» ويهاجم معطلي انتخاب رئيس للبنان

البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (الوكالة الوطنية للإعلام)
البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (الوكالة الوطنية للإعلام)

شن البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، هجوماً عنيفاً على معطلي انتخاب رئيس للجمهورية، متحدثاً عن «خلفيّات مشبوهة غير مقبولة ومدانة».

وفي عظته خلال قداس بمناسبة عيد مار مارون شفيع الموارنة في لبنان، عدّ الراعي أنّ «هناك عملية إقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة، بدءاً من عدم انتخاب رئيس للجمهورية وإقفال القصر الجمهوري»، وقال: «لا يحاولنّ أحد تحويل الموارنة من رسل أحرار إلى أتباع ولا جعلهم من دون تاريخ فيما لهم تاريخ خاص بهم لا يُمحى».
وتحدث الراعي عن «انتهاك للدستور عبر بدعة الضرورة التي يعتمدها مجلس النواب ومجلس الوزراء ليجري التعيينات»، سائلاً: «هل أصبحنا في دولة نظامها استبداديّ يحلّ محلّ النظام المعلن في مقدّمة الدستور؟».

رسالة جعجع لبري

من جهته، توجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، برسالة عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قائلاً له: «طبعاً يحقّ لك، دولة الرئيس، وبامتياز أن تدعم مرشحك إلى الرئاسة تبعاً للقواعد الديموقراطية والدستورية، وأن تتمسّك به أيضاً، كما يحقّ لغيرك أن يدعم مرشّحاً إلى الرئاسة ويتمسّك به، إذن، ما الجدوى من طاولة حوار فولكلورية إذا كانت كلّ الحوارات الجانبية والتي امتدّت لأكثر من خمسة عشر شهراً خلت، وما زالت مستمرة، لم تبدِّل في مواقف أي من الفريقين؟».

وشدد جعجع على أن «الحلّ الوحيد في هذه الحالة هو في جلسة انتخاب بدورات متتالية حتى نجاح أحد المرشحين المطروحين».

وكان جعجع التقى السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، وهو أحد سفراء الدول الخمس التي شكلت مجموعة لمساعدة اللبنانيين في ملف الانتخابات الرئاسية. ووصف موسى الاجتماع بـ«الطيب والمهم جداً»، معبراً عن «حرصه على لقاء جعجع لأننا كلجنة خماسية عزمنا القرار على التقاء مختلف القوى السياسية لتبادل الآراء والأفكار بشأن ما يجب القيام به في الفترة المقبلة».

وشدد على أن «اللجنة الخماسية ملتزمة مساعدة لبنان للانتهاء من مسألة الفراغ الرئاسي»، لافتاً إلى أن ما «سمعه من جعجع تأكيد بأنه يسعى أيضاً في هذا الاتجاه ويرغب فيه وسيعمل في الفترة المقبلة على الوصول إلى أمر جيّد يساعد على إنجاز هذا الاستحقاق في أسرع وقت». وأشار السفير المصري إلى أنه «في الفترة المقبلة سيلتقي باقي القوى والكتل السياسية للتداول في السياق نفسه».

باسيل يطعن بالتعيين

وتفاعلت يوم الجمعة الاعتراضات على تعيين حكومة تصريف الأعمال رئيساً لأركان الجيش اللبناني، لاعتبار قسم كبير من المسيحيين أنه لا يجوز إجراء أي تعيينات في ظل شغور سدة الرئاسة. وعدّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أن «يوم ‏8 فبراير (شباط) 2024 (يوم التعيين) هو اليوم الذي نحرت فيه حكومة مستقيلة دستور الطائف»، وقال: «من اقترح على الحكومة المستقيلة تعيين موظف فئة أولى من دون الوزير المعني، هو قد اغتصب صلاحية دستورية تعود لوزير الدفاع. وهو كذلك مسؤول عن أفعاله الجنائية أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. لنرَ إذا كان هناك 26 نائباً، على الأقل، خاصةً من الذين يطالبون بالتغيير وبدولة القانون، مستعدين لتقديم طلب اتهام بحقه».

‏وأشار إلى أنه «من البديهي أيضاً أن يقدّم طعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار كهذا، وبمرسوم كهذا صادر دون توقيع الوزير المعني، ومن الطبيعي أن يُقبل الطعن ويتم وقف تنفيذ القرار فوراً وإلغاؤه، وإلا ما معنى أن يكون هناك دستور وقانون وشورى دولة».

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استند إلى دراسة قانونية أكدت حق مجلس الوزراء بالتعيين، في ظل استنكاف وزير الدفاع عن تسمية مرشح لرئاسة الأركان، وضرورة ملء هذا الشغور. إلا أن الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك أشار إلى أن «إمكانية الطعن بالقرار واردة أمام مجلس شورى الدولة خلال مهلة شهرين من كل صاحب صفة ومصلحة». ورأى أن حكومة الرئيس ميقاتي بقيامها بهذا التعيين قد اقترفت مخالفتين جوهريتين؛ الأولى أنها قامت بعملية تعيين في ظل الشغور الرئاسي من جهة ومن قبل حكومة تصريف أعمال يفترض أن تكون تصرّف الأعمال بالمعنى الضيق.

ويلفت مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المخالفة الثانية هي في تعيين رئيس للأركان بعيداً عن اقتراح وزير الدفاع وهو رأس هرم سلطة الوزارة».



الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
TT

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد، وفق وسائل إعلام فلسطينية.

وتوفيت، أول من أمس (الجمعة)، الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص (20 يوماً)؛ نتيجة البرد الشديد داخل خيمة في منطقة مواصي خان يونس، حسبما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية.

ويكافح كثير من الفلسطينيين منذ 14 شهراً لحماية أنفسهم من الرياح والبرد والأمطار، وسط برد قارس يضرب القطاع. كما أن هناك نقصاً في البطانيات والملابس الدافئة، وقليلاً من الخشب لإشعال النار، كما أن الخيام والأقمشة المشمعة التي تعيش فيها الأسر أصبحت مهترئة بشكل متزايد بعد أشهر من الاستخدام المكثف، وفقاً لعمال الإغاثة والسكان.

وتقول شادية عياده، التي نزحت من مدينة رفح إلى منطقة المواصي الساحلية، إنه ليس لديها سوى بطانية واحدة وزجاجة ماء ساخن لحماية أطفالها الـ8 من الارتعاش داخل خيمتهم الهشّة. وتتابع لوكالة «أسوشييتد برس»: «نشعر بالخوف في كل مرة نعلم فيها من توقعات الطقس أن الأيام الممطرة والعاصفة مقبلة؛ لأن خيامنا ترتفع مع الرياح. نخشى أن يؤدي الطقس العاصف القوي إلى تدمير خيامنا ذات يوم بينما نحن داخلها».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً، تخشى أيادا أن يمرض أطفالها الذين يفتقرون للملابس الدافئة. وقالت إن أطفالها عندما فروا من منزلهم لم يكن لديهم سوى ملابس الصيف. وقد اضطروا إلى اقتراض بعض الملابس من الأقارب والأصدقاء للتدفئة.

مخاوف من انتشار أمراض الشتاء

وتحذِّر الأمم المتحدة من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة قد لا يصمدون في الشتاء. وقالت الأمم المتحدة، في تحديث يوم الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة. كما تخشى الأمم المتحدة من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

وفي هذا الصدد، قالت لويز واتريدغ المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الوكالة كانت تخطط طوال العام لفصل الشتاء في غزة، لكن المساعدات التي تمكَّنت من إدخالها إلى القطاع «ليست كافية حتى للناس». وزَّعت «الأونروا» 6 آلاف خيمة على مدى الأسابيع الأربعة الماضية في شمال غزة، لكنها لم تتمكَّن من نقلها إلى أجزاء أخرى من القطاع، بما في ذلك المناطق التي شهدت اشتداد المعارك.

أحد أحفاد رضا أبو زرادة يجلس على التراب مرتدياً جوارب ممزقة خلال اللعب بالقرب من خيمتهم بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

وتابعت واتريدغ أن نحو 22 ألف خيمة عالقة في الأردن، و600 ألف بطانية و33 شاحنة محملة بالمراتب كانت راكدة في مصر منذ الصيف؛ لأن الوكالة ليست لديها موافقة إسرائيلية أو طريق آمن لإحضارها إلى غزة، ولأنها اضطرت إلى إعطاء الأولوية للمساعدات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها. وقالت إن كثيراً من الفرش والبطانيات تعرضت للتدمير منذ ذلك الحين؛ بسبب الطقس والقوارض.

وقالت ديون وونغ، نائبة مدير برامج المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن «لجنة الإنقاذ الدولية تكافح من أجل جلب ملابس الشتاء للأطفال؛ لأن هناك كثيراً من الموافقات التي يتعيَّن الحصول عليها من السلطات المختصة». وقالت وونغ: «إن قدرة الفلسطينيين على الاستعداد للشتاء محدودة للغاية في الأساس».

أحفاد رضا أبو زرادة يتدفأون على نيران من الورق الكرتون في خيمة في خان يونس (أ.ب)

وقالت وكالة تابعة للحكومة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق شحنات المساعدات إلى غزة، في بيان، إن إسرائيل عملت لأشهر مع المنظمات الدولية لإعداد غزة للشتاء، بما في ذلك تسهيل شحن المدافئ والملابس الدافئة والخيام والبطانيات إلى القطاع، وفق «أسوشييتد برس».

قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني في الحرب في غزة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. كما أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 17 ألف مسلح، دون تقديم أدلة. ويقول المفاوضون إن إسرائيل و«حماس» تتجهان نحو اتفاق وقف إطلاق النار، الذي سيشمل زيادة المساعدات إلى المنطقة.

في الوقت الحالي، فإن الملابس الشتوية المعروضة للبيع في أسواق غزة باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس، كما قال السكان وعمال الإغاثة.

«أخاف أن أستيقظ من النوم»

قالت رضا أبو زرادة، (50 عاماً)، التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها، إن البالغين ينامون مع الأطفال بين أذرعهم لإبقائهم دافئين داخل خيمتهم، وتابعت: «تمشي الفئران علينا في الليل لأننا لا نملك أبواباً والخيام ممزقة. البطانيات لا تدفئنا. نشعر بالصقيع يخرج من الأرض. نستيقظ متجمدين في الصباح». قالت: «أخاف أن أستيقظ ذات يوم لأجد أحد الأطفال متجمداً حتى الموت».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

في ليلة الخميس، حاربت آلام الركبة التي تفاقمت بسبب الطقس البارد لقلي الكوسة على نار مصنوعة من قصاصات الورق والكرتون خارج خيمتهم. كانت تأمل أن تدفئ الوجبةُ الصغيرةُ الأطفالَ قبل النوم.

وفي السياق، يخشى عمر شبيت، النازح من مدينة غزة والذي يقيم مع أطفاله الـ3، أن يؤدي إشعال النار خارج خيمته إلى جعل عائلته هدفاً للطائرات الحربية الإسرائيلية. وقال: «ندخل خيامنا بعد غروب الشمس ولا نخرج لأن الجو بارد جداً وتزداد البرودة بحلول منتصف الليل. ابنتي البالغة من العمر 7 سنوات تكاد تبكي في الليل بسبب البرد».