بغداد تقلب صفحة الغارات وتطالب واشنطن بالعودة إلى حوار الانسحاب

السوداني يكشف عن «معادلة وقف الهجمات» ودعوات لتخفيف عقوبات المصارف

عناصر «الحشد الشعبي» العراقي يزيلون أنقاض غارة أميركية في القائم على الحدود العراقية السورية السبت الماضي (أ.ب)
عناصر «الحشد الشعبي» العراقي يزيلون أنقاض غارة أميركية في القائم على الحدود العراقية السورية السبت الماضي (أ.ب)
TT

بغداد تقلب صفحة الغارات وتطالب واشنطن بالعودة إلى حوار الانسحاب

عناصر «الحشد الشعبي» العراقي يزيلون أنقاض غارة أميركية في القائم على الحدود العراقية السورية السبت الماضي (أ.ب)
عناصر «الحشد الشعبي» العراقي يزيلون أنقاض غارة أميركية في القائم على الحدود العراقية السورية السبت الماضي (أ.ب)

طالب العراق الولايات المتحدة، الأربعاء، بالعودة إلى مفاوضات انسحاب «التحالف الدولي»، بعد سلسلة اتصالات دبلوماسية دشنها اعتذار البيت الأبيض عن عدم تبليغ بغداد بالغارات الجوية (السبت الماضي) قبل وقوعها.

وفي حين كشف رئيس الحكومة محمد شياع السوداني عن «اتفاق على وقف الهجمات المتبادلة بين الفصائل والقوات الأميركية»، تحدث خبير في الشأن العراقي أن بغداد ستواجه صعوبات سياسية في رسم العلاقة مع واشنطن، رغم الاعتراف بأن صفحة الغارات تطوى تدريجياً هذه الأيام.

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أرشيفية - إعلام حكومي)

العودة إلى المفاوضات

طلب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، من الولايات المتحدة، «العودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات في إطار اجتماعات اللجنة العسكرية العليا».

وتلقى حسين، الأربعاء، اتصالاً من نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، بحثا خلاله «أبرز المستجدات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك»، كما تم التطرق إلى «الاعتداءات التي شنتها أميركا على مواقع عسكرية ومدنية في منطقتي عكاشات والقائم»، وفقاً لبيان عراقي.

وطبقا لبيان الخارجية الأربعاء، فإن الوزير حسين جدد لبلينكن الذي يزور الشرق الأوسط حالياً «رفض حكومة العراق لمثل هذه الهجمات وضرورة إيقافها وألا يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة.

قبل ذلك، تحركت المياه الراكدة حينما اعترفت واشنطن على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي بأنها لم تبلغ بغداد بالضربات ضد الفصائل قبل وقوعها.

وقالت مصادر موثوقة، لـ«الشرق الأوسط»، إن اتصالات دبلوماسية بين البلدين أسهمت في تخفيف حدة التوتر، وإنه من المتوقع أن تتحرك عجلة المفاوضات في أقرب فرصة.

وأظهر الطاقم الحكومي العراقي غضباً شديداً في وسائل الإعلام بعدما أعلن البيت الأبيض أنه «نسق مع بغداد بشأن الهجمات» الأخيرة.

عناصر من «الحشد الشعبي» العراقي على هامش تشييع جنازة 16 مقاتلاً قضوا في الغارات الجوية الأميركية (د.ب.أ)

معادلة لوقف الهجمات

في السياق، كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في لقاء تلفزيوني مع قناة «العربية الحدث»، الثلاثاء، عن معادلة بشأن الهجمات المتبادلة بين الفصائل المسلحة والقوات الأميركية.

وقال السوداني: «تم التوصل إلى معادلة أن توقف الفصائل هجماتها مقابل وقف الرد الأميركي».

ورأى السوداني أن «إنهاء مهمة التحالف هدفه نزع كل مبررات الهجمات على مستشاريه»، مشدداً أن «أي هجوم عسكري على أراضي العراق مرفوض من أي جهة كانت».

تخفيف عقوبات المصارف

وبالعودة إلى الاتصال الهاتفي بين الوزير فؤاد حسين وبلينكن، دعت بغداد وزارة الخزانة الأميركية إلى «إعادة النظر في العقوبات المفروضة على 21 مصرفاً عراقياً تساهم في تمويل مفردات السلة الغذائية للأسر من ذوي الدخل المحدود، حسبما أعلنته وزارة الخارجية.

وبدا أن مقاربة واشنطن لفرض العقوبات على تلك المصارف تستند إلى ما تملكه من أدلة بشأن تمويل بعضها للإرهاب أو تهريب العملة وعدم التزامها بنظام المنصة.

لكن السلطات المالية العراقية ترى أن العقوبات لا أساس لها، لأن بعض المصارف الخاصة المشمولة على صلة بإدامة نظام «البطاقة التموينية» المعمول به منذ تسعينات القرن الماضي بعد فرض الحصار على العراق.

وبدأ العمل بنظام البطاقة التموينية (وهي سلة مدعومة تضم سلعاً غذائية أساسية) بعد فرض عقوبات على العراق عام 1990 في أعقاب اجتياح العراق للكويت.

وقال وزير الخارجية العراقي، إن الخزانة الأميركية لم تبين الأسباب التي تبرر معاقبة 7 مصارف عراقية مؤخراً، سبقتها عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً.

ونقلت الوزارة عن حسين قوله، إن «تلك المصارف لها دور مهم وكبير في تمويل نفقات البطاقة التموينية وتوفير السلة الغذائية للعوائل العراقية من ذوي الدخل المحدود»، مطالباً بـ«إعادة النظر بقرار الخزانة الأميركية بشأن الموضوع».

ونوه إلى حرص العراق على بناء علاقات شراكة وتعاون مع الدول الصديقة والعمل المشترك نحو مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية وبما يدعم ترسيخ الاستقرار في المنطقة.

اللواء جي بي فاول أثناء مغادرته مقر الحكومة ببغداد بعد أول جلسة مفاوضات حول الانسحاب الأسبوع الماضي (أ.ب)

مستقبل العلاقات

في السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور إياد العنبر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخيارات أمام صانع القرار السياسي العراقي لإعادة التفاوض مع الأميركيين يمكن أن تبدأ بإنهاء مهام التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، وربما يكون هذا التفاوض هو البداية للانطلاق نحو إعادة هندسة العلاقات بين وواشنطن وبغداد».

لكن الحكومة العراقية ليست لديها رؤية واضحة بشأن الاتجاه الذي يمكن أن تكون فيه العلاقات بين العراق وأميركا، وفقاً للعنبر الذي يسأل: «هل هي علاقة صداقة أم شراكة استراتيجية أو تحالف».

ورأى أن «إشكالية تحديد أي توصيف للعلاقة هي بعض الزعامات السياسية التي تسوق نفسها بأنها معادية للأميركيين وترفض العلاقة معهم بأي شكل كانت؟».

وبشأن موضوع العقوبات على المصارف يرى العنبر أن «الخزانة الأميركية واضحة بشأن هذا الموضوع، إذ تعده مرتبطاً بتهريب الدولار إلى دول تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات، وعجز حكومة بغداد وتحديداً البنك المركزي العراقي عن معالجة هذه المشكلة هو السبب في العقوبات».

وأوضح العنبر أن «حكومة السوداني ممكن أن تنجح في إعادة رسم ملامح العلاقة مع واشنطن إذا تمكنت من إقناعها بنقل العلاقة مع الأميركيين من الجانب الأمني إلى الشراكة الاقتصادية».


مقالات ذات صلة

الإمارات والعراق يؤكدان أهمية إيجاد تسويات سلمية لنزاعات المنطقة

الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ومحمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق (وام)

الإمارات والعراق يؤكدان أهمية إيجاد تسويات سلمية لنزاعات المنطقة

الإمارات والعراق أكدا أهمية إيجاد تسويات سلمية للنزاعات والأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ودعم كل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والازدهار لشعوبها

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
تحليل إخباري السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)

تحليل إخباري العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

رغم تسارع وتيرة الزيارات الدبلوماسية العربية والإقليمية والأجنبية إلى دمشق بعد إطاحة نظام الأسد، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ما زالت الحكومة العراقية «مترددة».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)

السلطات العراقية تراقب محاولات لتسويق «داعش»

بعد أيام من رفع علم تنظيم «داعش» في إحدى قرى محافظة كركوك شمال بغداد، رصدت القوات الأمنية الاثنين في بغداد عبارات تمجد التنظيم الإرهابي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة جنود في اشتباكات بشمال غزة

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة جنود في اشتباكات بشمال غزة

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، مقتل ثلاثة من جنوده في اشتباكات بشمال قطاع غزة، حيث تنفذ قواته عملية تهدف، وفقاً له، لمنع حركة «حماس» من إعادة تنظيم صفوفها.

جنود إسرائيليون يستعدون لدخول قطاع غزة (رويترز)

وقال الجيش إن جنديين يبلغان 21 عاماً وجندياً ثالثاً يبلغ 22 عاماً «سقطوا أثناء القتال» في شمال غزة، ما يرفع خسائره إلى 389 قتيلاً منذ بدئه هجوماً برياً في 27 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في القطاع الفلسطيني المحاصر.