العراق ينأى بنفسه عن ممارسات «الفصائل» ويستنكر قصف قاعدة أميركية

الحكومة دعت إلى «وقف دوامة العنف»

صورة بالقمر الاصطناعي للموقع العسكري الأميركي المعروف باسم «البرج 22» في الركبان بمنطقة الرويشد بالأردن (رويترز)
صورة بالقمر الاصطناعي للموقع العسكري الأميركي المعروف باسم «البرج 22» في الركبان بمنطقة الرويشد بالأردن (رويترز)
TT

العراق ينأى بنفسه عن ممارسات «الفصائل» ويستنكر قصف قاعدة أميركية

صورة بالقمر الاصطناعي للموقع العسكري الأميركي المعروف باسم «البرج 22» في الركبان بمنطقة الرويشد بالأردن (رويترز)
صورة بالقمر الاصطناعي للموقع العسكري الأميركي المعروف باسم «البرج 22» في الركبان بمنطقة الرويشد بالأردن (رويترز)

نأت الحكومة العراقية بنفسها بشأن اعتراف الفصائل العراقية المسلحة بالهجوم على قواعد أميركية، في أعقاب مقتل ثلاثة جنود أميركيين في موقع على الحدود السورية - الأردنية، في وقت وصل وفد أميركي رفيع المستوى إلى بغداد للبحث في القضايا التي تخص فرض عقوبات على شخصيات عراقية.

وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، في بيان رسمي، أن «الحكومة العراقية تستنكر التصعيد المستمرّ، خصوصاً الهجوم الأخير الذي وقع على الحدود السورية - الأردنية، كما تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الخطيرة في المنطقة».

وأضاف، أنه «في الوقت الذي يدعو فيه العراق إلى وقف دوامة العنف، فإنه يؤكد استعداده للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنب المنطقة المزيد من التداعيات، وتحول دون اتساع دائرة الصراع».

وبيّن العوادي، أن «انعكاس ھذه التطورات يھدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين، ويقوض جھود مكافحة الإرھاب والمخدرات، وكذلك يعرّض التجارة والاقتصاد وإمدادات الطاقة للخطر».

في السياق نفسه، عبّرت وزارة الخارجية العراقية، اليوم (الاثنين)، عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأمنية الأخيرة في المنطقة ودعت إلى خفض التصعيد الإقليمي «في ظل الظروف الحرجة الراهنة».وأكدت الخارجية في بيان رفض العراق للتصعيد الأمني في شمال شرق الأردن على الحدود مع سوريا، في إشارة للهجوم الذي وقع أمس على قاعدة عسكرية أميركية على الحدود الأردنية السورية وأسفر عن مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين وإصابة 34 آخرين.ودعت الخارجية العراقية لإفساح المجال للمفاوضات الجارية مع الجانب الأميركي، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية تبذل جهودا حثيثة «للوصول إلى تفاهمات إيجابية تخدم مصلحة العراق والمنطقة».

وبينما لم تُعرف بعد الصيغة التي تقترحها بغداد بشأن قواعد العمل الجديدة، لكنها وطبقاً للمراقبين السياسيين، لا تهدف إلى تحييد عمل الفصائل المسلحة التي بدأت تصعّد عملياتها، خصوصاً بعد إعلان بغداد وواشنطن بدء عمل اللجنة الثنائية الخاصة بتحديد وتنظيم الوجود الأميركي في العراق.

وقُتل ثلاثة من الجيش الأميركي الأحد وأصيب 34 آخرون على الأقل في هجوم بطائرة مسيّرة على قاعدة «البرج 22»، وهي قاعدة للدعم اللوجيستي في الأردن على الحدود مع سوريا والعراق، وفق ما أفاد به الجيش الأميركي.

وأشار الجيش الأميركي إلى أن القاعدة المستهدفة كانت تضم نحو 350 من أفراد الجيش والقوات الجوية.

وأكد مسؤول أميركي، لشبكة «سي إن إن» الإخبارية، إجلاء 8 من الجنود المصابين من الأردن؛ لحاجتهم إلى تدخُّل طبي.

وتبنّت فصائل عراقية تطلق على نفسها «المقاومة الإسلاميّة في العراق» هجماتٍ شُـنّت فجر الأحد بمسيّرات على ثلاث قواعد في سوريا هي التنف والركبان والشدادي. وقالت في وقت لاحق، إنها هاجمت قاعدة حرير في أربيل وقاعدة عين الأسد غرب الأنبار. لكنه ليس من الممكن التثبت مما إذا كانت إحدى تلك الهجمات هي التي تسببت بمقتل الجنود الأميركيين في الأردن، حسب تفسير وكالة الصحافة الفرنسية.

إلى ذلك، أعلنت الفصائل المسلحة، اليوم (الاثنين)، أنها قصفت هدفاً عسكرياً إسرائيلياً بطائرات مسيّرة. وذكر بيان جديد لها، أن «مقاتليها هاجموا فجر اليوم (الاثنين)، بواسطة الطيران المسيّر هدفاً عسكرياً صهيونياً في أراضينا المحتلة في فلسطين».

يأتي تكرار هذه الهجمات في وقت تترقب مختلف الأوساط السياسية في العراق طبيعة ونوعية رد الفعل الأميركي بشأن ما حصل على الحدود السورية - الأردنية، لا سيما بعد تبنيه من قِبل الفصائل المسلحة العراقية؛ الأمر الذي يعد بمثابة أكبر عملية تصعيد منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

القضاء يناقش

على صعيد متصل، بحث رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، يوم الاثنين، مع وزارة الخزانة الأميركية في العقوبات على الأشخاص والشركات العراقية.

وقال بيان لمجلس القضاء الأعلى: إن «رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، استقبل، وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون، بحضور القائم بأعمال بعثة الولايات المتحدة في العراق ديفيد برجر والملحق العدلي في السفارة الأميركية إلين اندريزي والوفد المرافق له».

وأوضح، أن «الطرفين ناقشا الإجراءات القانونية والعقوبات الصادرة من وزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) بخصوص الأشخاص والشركات العراقية».

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في وقت سابق عقوبات على عدد من الأشخاص العراقيين المرتبطين بفصائل مسلحة، إضافة إلى عقوبات على شركة «فلاي بغداد» للطيران.


مقالات ذات صلة

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».