إقليم كردستان: أوضاع معيشية سيئة مع تأخر صرف مرتبات الموظفين

دعوات واسعة لمقاطعة الأعمال في الدوائر الرسمية

مواطنون في ساحة أربيل عاصمة إقليم كردستان (أ.ف.ب)
مواطنون في ساحة أربيل عاصمة إقليم كردستان (أ.ف.ب)
TT

إقليم كردستان: أوضاع معيشية سيئة مع تأخر صرف مرتبات الموظفين

مواطنون في ساحة أربيل عاصمة إقليم كردستان (أ.ف.ب)
مواطنون في ساحة أربيل عاصمة إقليم كردستان (أ.ف.ب)

دخلت أزمة تأخر صرف رواتب موظفي القطاع العام بإقليم كردستان العراق، منعطفاً خطيراً في الأيام الأخيرة من خلال تنامي موجة الإضرابات والاحتجاجات رداً على التأخير، وهي ظاهرة قابلة لمزيد من التعقيد خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة في حال عدم توصل سلطات الإقليم إلى صيغة جدية للحل مع الحكومة الاتحادية في بغداد، وفق المطلعين على خبايا الأزمة في الإقليم.

وفي سياق سلسلة الإضرابات والاحتجاجات المتواصلة منذ أشهر طويلة، أعلن ضباط وموظفو مديرية المرور العامة في السليمانية، الأحد، مقاطعة أعمالهم احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب.

ومنذ بداية العام الدراسي الجديد، قاطع معظم المعلمين والتدريسين الدوام الرسمي في محافظة السليمانية ومنطقة حلبجة ومناطق أخرى في الإقليم، وباتت نداءات متكررة في مناطق واسعة بالإقليم تدعو لمقاطعة الدوام الرسمي.

وتفيد بعض الأنباء الواردة من محافظة أربيل عاصمة الإقليم، في قيام تجار وأصحاب المهن بإغلاق محالهم التجارية في بعض المناطق تضامناً مع الموظفين.

ورغم إعلان الآمال التي علقها الموظفون في الإقليم على إعلان بغداد في 19 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، إرسال مبلغ 618 مليار دينار إلى الإقليم، بيد أن الإجراءات البيروقراطية كما يبدو حالت حتى الآن دون توزيعها للموظفين.

وبدأت مشكلة المرتبات في إقليم كردستان من 9 سنوات نتيجة خلافات مالية سياسية مع بغداد تتعلق باتهامات أهمها اتهام بغداد لكردستان بعدم الإيفاء بحصته النفطية المحددة في قانون الموازنة الاتحادية التي تلزم الإقليم بتسليم 250 ألف برميل من نفطها إلى بغداد.

وطبقاً لإحصاءات رسمية صادرة عن حكومة الإقليم، فقد عمدت السلطات هناك عام 2015 إلى ادخار 4 أشهر من رواتب الموظفين لعجزها عن السداد.

وفي 2016، وزّعت السلطات رواتب الموظفين بنسب استقطاع متفاوتة تتراوح بين ربع إلى نصف الراتب، وفي 2017 وزعت بنفس النظام رواتب الموظفين لمدة 11 شهراً فقط، وتكرر الأمر نفسه في العام التالي.

وشهد 2019 توزيع رواتب الموظفين كاملة ودون استقطاع أو ادخار، وفي 2020 وزعت السلطات 4 رواتب مدخرة فقط بسبب جائحة «كورونا»، وتكرر نظام الادخار في 2021، وتسلم الموظفون خلالها مرتبات 6 أشهر.

وفي 2022، كان العام الوحيد الذي تسلم موظفو الإقليم مرتباتهم بشكل كامل ودون ادخار، وواصلت السلطات توزيع المرتبات بشكل كامل في 2023 قبل أن ينتهي الربع الأخير من العام دون تسلُّم أي مرتب.

وتؤكد بعض المصادر الكردية أن أقل الموظفين أجراً ربما لديه ما لا يقل عن 20 مليون دينار في ذمة سلطات الإقليم، بينما يصل ما بذمة السلطات من ديون لكبار الموظفين إلى نحو 100 مليون دينار (نحو 70 ألف دولار).

وبدوره، يرى الصحافي الكردي المقيم في السليمانية بزروك محمد، أن أزمة رواتب الموظفين في إقليم كردستان «معقدة وسياسية بامتياز أكثر من كونها مالية».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن حكومة الإقليم اضطُرت في عام 2015 إلى استحداث نظام ادخار رواتب موظفيها، بسبب الضائقة المالية، وقطع حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية».

ويعتقد محمد أن «أربيل لن ترضخ للضغوط القسرية تأتي من خارج الحدود بدعم بعض الأطراف السياسية في بغداد»، في إشارة إلى تراجع علاقات أربيل مع طهران.

ويرى أن سلطات الإقليم، ومن دون الاتفاق مع الحكومة الاتحادية لمعالجة الأزمة المستعصية، «ستكون عاجزة عن تجاوز الأزمة، وستواجه صعوبات كبيرة في سعيها لدفع رواتب موظفيها، لا سيما في هذه المرحلة العصيبة التي أعقبت إيقاف تصدير نفط الإقليم منذ مارس (آذار) من العام الماضي».

ويقول الصحافي المقيم في محافظة دهوك، سامان نوح إن «أوضاع السكان سيئة للغاية، خصوصاً مع مرور 45 يوماً على آخر مرتب وصل للموظفين، يبدو أن القاعدة أصبحت أن يتسلم الموظفون مرتباتهم كل 40 – 45 يوماً، وهذا شيء لا يحدث إلا في الإقليم».

ويضيف نوح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة هي أن لا أحد يعرف متى ستصل الأموال من بغداد، والسلطات هنا تقول إن أموال المنافذ والرسوم آخذة في التناقص، رغم أن المؤشرات تقول إنها باقية على حالها».

وخلص إلى أن «أوضاع الناس صعبة للغاية، وحتى مع قيام السلطات باعتقال بعض المسؤولين عن حملات الإضراب والمقاطعة للدوام، تبدو الأمور معقدة، وهناك اليوم دعوات صريحة لتواصل المقاطعة، ومع عدم وصول المرتبات خلال أسبوع أو أسبوعين سيلتحق بالمقاطعين حتى المستمرين في أعمالهم».


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سليمان أوسو رئيس «المجلس الوطني الكردي» (الشرق الأوسط)

مبادرة أميركية فرنسية لاستئناف المباحثات بين الأحزاب الكردية في سوريا

كشفت مصادر كردية أن فرنسا والولايات المتحدة قدمتا مبادرة لاستئناف المباحثات الداخلية بين قطبَي الحركة الكردية في سوريا، لإحياء الحوارات المتعثرة منذ 2020،…

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

العراق يدخل مرحلة «الهبّة الديموغرافية»

يزيد عدد سكان العراق اليوم على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم دون الـ15 عاماً، حسبما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أمس، بعد أول تعداد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)

حصلت «الشرق الأوسط» على النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي سيعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته في وقت لاحق من، مساء اليوم (الثلاثاء)، متضمناً 13 بنداً، هي التالية:

1- «حزب الله» وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تقوم بأي عمل هجومي ضد إسرائيل.

2- إسرائيل، بدورها، لن تنفذ أي عملية عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، بما في ذلك من البر والجو والبحر.

3- تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.

4- يحتفظ الطرفان بحق الدفاع الذاتي ضمن أطر المواثيق الدولية.

5- القوات الأمنية والعسكرية الرسمية للبنان ستكون الجهة المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو استخدام القوات في جنوب لبنان.

6- كل بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بالأسلحة إلى لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.

7- سيتم تفكيك جميع المنشآت غير القانونية المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد المتعلقة بها.

8- سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، وستتم مصادرة أي أسلحة غير قانونية لا تتماشى مع هذه الالتزامات.

9- سيتم تشكيل لجنة مقبولة على إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.

10- ستقوم إسرائيل ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاك محتمل لهذه الالتزامات إلى اللجنة وقوة «اليونيفيل» (القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان).

11- ستنشر لبنان قواتها الأمنية الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود، ونقاط العبور، والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية وفقاً لخطة الانتشار.

12- ستقوم إسرائيل بسحب قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يوماً.

13- ستدفع الولايات المتحدة لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية.