بلجيكا تفتح ملفات الانتهاكات بسوريا وتوقف متهماً بجريمة حرب

بعد قضايا شبيهة في ألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد

محاكمة ضابطي استخبارات النظام السابقين إياد الغريب وأنور رسلان في كوبلنز (أرشيفية - أ.ف.ب)
محاكمة ضابطي استخبارات النظام السابقين إياد الغريب وأنور رسلان في كوبلنز (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

بلجيكا تفتح ملفات الانتهاكات بسوريا وتوقف متهماً بجريمة حرب

محاكمة ضابطي استخبارات النظام السابقين إياد الغريب وأنور رسلان في كوبلنز (أرشيفية - أ.ف.ب)
محاكمة ضابطي استخبارات النظام السابقين إياد الغريب وأنور رسلان في كوبلنز (أرشيفية - أ.ف.ب)

انضمَّت بلجيكا لدول أوروبية سبقتها في ملاحقة مرتكبي جرائم حرب في سوريا منذ عام 2011. واعتقلت الشرطة البلجيكية المتهم (حسين أ.) بِناءً على مذكرة توقيف تتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأُودِع السجن بانتظار صدور مذكرة الاتهام التي قد تستغرق عدة أشهر.

والمتهم كان قائداً في ميليشيا تابعة لـ«لجان الدفاع الوطني» في منطقة السلمية القريبة من حماة، وكان مسؤولاً عن اعتقال وتسليم معتقلين ومعتقلات لفروع الأمن العسكري التابعة للجيش السوري في حماة.

وقال المحامي السوري أنور البني، مدير «المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية»، الذي أعد الملف ضد المتهم وسلَّمه للمدعي العام البلجيكي، إن المتهم كان يسلِّم المعتقلين لمراكز وهو يعلم أنهم سيتعرضون للتعذيب. وأشار البني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التهم الموجهة إليه بارتكاب جرائم ضد التعذيب «مهمة لأن التعذيب يُرتكَب بأوامر عليا». وهذا يثبت تورُّط مسؤولين أعلى منه في الجرائم. وأضاف البني أن قضية المتهم المعتقل في بلجيكا مرتبطة بأخرى لمتهم اعتُقِل قبل شهرين في هولندا، وهو كان أيضاً قائداً في ميليشيا لجان الدفاع الوطني، وما زال قيد الاعتقال بانتظار توجيه التهم إليه وبدء محاكمته.

وأوضح البني أن مركزه تمكَّن من جمع أكثر من 10 شهود في قضية المتهم في بلجيكا، وأنهم كلهم من الضحايا الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب.

المحامي السوري أنور البني (أرشيفية)

وكان المتهم قد وصل إلى بلجيكا في لمّ شمل عام 2015، وتقدَّم بطلب للحصول على جنسية بلجيكية، وكان ما زال ينتظر البت بها.

وهذه القضية الأولى في بلجيكا ضد متهمين في جرائم حرب بسوريا، التي يجمعها المركز الذي يديره المحامي السوري البني لجمع قضايا ضد مرتكبي جرائم هربوا من سوريا ولجأوا إلى أوروبا.

وقبل شهرين، كانت السلطات الهولندية قد ألقت القبض على المتهم الثاني في القضية المرتبطة بقضية بلجيكا، في بلدة دروتن بمحافظة خيلدرلاند، للاشتباه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية في سوريا، عندما كان رئيس قسم التحقيق في «قوات الدفاع الوطني» في السلمية بين عامي و2014، ووصل المشتبه به إلى هولندا عام 2021، وحصل على تصريح لجوء مؤقَّت، واستقر قبل عام من اعتقاله في بلدة دروتن.

ويعتمد البني في القضايا التي يجمعها مركزه، ويسلمها للمدعين العامين في أوروبا، على مبدأ الولاية العالمية القضائية الذي تعتمده كثير من الدول الغربية التي تسمح بملاحقة مجرمين على أراضيهم عن جرائم ارتُكِبت خارجها.

وكانت ألمانيا الدولة الأولى التي فتحت دعاوى ضد ضباط سوريين سابقين، وتبعتها فرنسا وهولندا والسويد والآن بلجيكا.

من عمليات التعذيب (فيسبوك)

وقال البني إن هناك قضايا أخرى ستتحرك قريباً في النمسا، إضافة إلى ملفات ضد مرتكبي جرائم آخرين في ألمانيا. وأكد البني أن «الاهتمام القضائي» في أوروبا لم يتغير، رغم تغيُّر المواقف السياسية من النظام السوري، وقال إنه «عندما يكتمل ملف، يعمل عليه المدعون ويتابعونه بالعزيمة نفسها».

والأسبوع الماضي، أصدرت محكمة في هولندا حكماً بالسجن 12 عاماً على مقاتل فلسطيني في سوريا قاتَل إلى جانب قوات الأسد. وأُدين مصطفى أ. بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وكانت أول محكمة أوروبية قد بدأت إجراءات قضائية ضد مجرمي حرب سوريين، محكمة كوبلنز في ألمانيا، عام 2020، بعد أن اعتقل قبل عام من ذلك. وأدين رسلان الذي كان ضابطاً في المخابرات السورية ويرأس وحدة التحقيق في الفرع «251» ذائع الصيت في دمشق.

وشكلت القضية بداية لعدد من القضايا المشابهة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى. وتحرك المحامون السوريون في محاكم أوروبية محلية بعد عجز «المحكمة الجنائية الدولية» عن التحرك، بسبب حاجتها لتفويض من «مجلس الأمن»، وهو ما لم تستطع الحصول عليه، بسبب معارضة روسيا والصين لذلك.


مقالات ذات صلة

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

المشرق العربي فلسطينيون في الضفة الغربية يشيعون أمس جثمان شاب قتلته القوات الإسرائيلية (أ.ب)

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى موجة من العنف والتهديدات المتزايدة من الإسرائيليين الذين يسعون لانتزاع أراضيهم تحت حماية الجيش.

شؤون إقليمية جنود فوق دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ب)

حرب غزة: الدول الداعمة لإسرائيل بالوقود والنفط قد تكون شريكة في جرائم حرب

قد تواجه الدول التي تسهم في دعم إسرائيل عبر تزويدها بالوقود والنفط اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

شؤون إقليمية لقطات من مقاطع الفيديو التي نشرها برام سيتنبريو لإطلاق النار على أنقاض مبنى وهدم مسجد (يوتيوب)

جندي أميركي - إسرائيلي ينشر مقاطع فيديو تُظهر تدمير منازل ومسجد في غزة

نشر جندي أميركي - إسرائيلي مقاطع فيديو عبر الإنترنت تُظهر تفجير منازل ومسجد في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أنور رسلان الضابط السوري السابق في قفص الاتهام في المحكمة الألمانية والضابط الأمني السابق إياد الغريب يغطي وجهه في قفص الاتهام (أرشيفية - أ.ف.ب)

ألمانيا: المحكمة العليا تثبت حكم السجن مدى الحياة بحق الضابط السوري أنور رسلان

ثبتت المحكمة العليا في ألمانيا قرار الحكم الصادر عن محكمة كوبلنز قبل عامين بالسجن مدى الحياة بحق الضابط السوري السابق أنور رسلان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية موظفة في قسم السايبر في الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - حساب الناطق)

برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» معلومات عن آلاف الجنود الإسرائيليين

كشف خبراء سايبر في تقارير نُشرت في ثلاث صحف كبرى عن برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» نشر معلومات شخصية عن جنود في الشبكات الاجتماعية تشكل مصدر تهديد لهم ولعوائلهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حماس» تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية وفاة الرهائن

شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
TT

«حماس» تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية وفاة الرهائن

شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)

حمّل عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» اليوم (الأحد)، إسرائيل والولايات المتحدة، المسؤولية عن وفاة الرهائن المحتجزين لدى الحركة.

وقال الرشق: «من يتحمل مسؤولية موت الأسرى لدى المقاومة هو الاحتلال الذي يصر على مواصلة حرب الإبادة الجماعية والتهرب من الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والإدارة الأميركية بسبب انحيازها ودعمها وشراكتها في هذا العدوان»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الأحد)، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي - الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

واليوم (الأحد)، أكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات وإيدن يروشالمي وهيرش غولدبرغ - بولين وألكسندر لوبانوف وألموج ساروسي وأوري دانينو. وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.