نائب البرهان يدعو قواته لتحرير وسط السودان

معارك بين الجيش و«الدعم السريع» في غرب ولاية كردفان

الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولايات مختلفة (أ.ف.ب)
الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولايات مختلفة (أ.ف.ب)
TT

نائب البرهان يدعو قواته لتحرير وسط السودان

الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولايات مختلفة (أ.ف.ب)
الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولايات مختلفة (أ.ف.ب)

تضاربت الأنباء بشأن حصيلة القتلى، جرّاء المعارك الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، ونزح غالبية السكان إلى مناطق آمنة، في حين دعا نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، قواته للتقدم وتحرير مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة بوسط البلاد.

وقالت نقابة أطباء السودان إن الإحصائيات الأولية للضحايا بلغت 10 قتلى، وأكثر من 16 مصاباً، كما تعرضت بعض الأحياء السكنية لقصف جوي خلّف ضحايا آخرين جارٍ حصرهم في ظل رداءة الاتصال والفشل في إسعافهم.

وأفادت النقابة بأن المستشفى الحكومي العام وجميع المرافق الصحية الخاصة خرجت عن الخدمة، وتُواجه الكوادر الطبية صعوبات في إسعاف المصابين إلى المدن المجاورة، ما يُعرّضهم لمخاطر الاعتداء والقصف.

 

محتجّون من قبيلة «الهوسا» في مدينة الأُبَيض حاضرة إقليم كردفان يوليو 2022 (أ.ف.ب)

ممرات إنسانية

وطالبت النقابة الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال الذي يُعرّض المدنيين للخطر، كما حثّت المنظمات الإنسانية بالضغط على الأطراف المتقاتلة لفتح ممرات إنسانية آمنة للمصابين والكوادر الطبية؛ لتقديم العلاج اللازم.

وقالت «محامو الطوارئ»؛ وهي منظمة حقوقية مستقلة تقوم برصد الانتهاكات وإحصاء الضحايا المدنيين، إن المعارك التي جَرَت بين الجيش و«الدعم السريع» بالأسلحة الثقيلة والقصف الجوي، أسفرت عن مقتل أكثر من 23 مدنياً، وأُصيب نحو 30 آخرين، ونزوح أعداد كبيرة من المدنيين إلى مناطق أخرى أكثر أماناً.

وأدان النشطاء القانونيون، في بيان على موقع «فيسبوك»، مواصلة «قوات الدعم السريع» توسيع نطاق الحرب بالهجوم على المدن الآمنة والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ضد المدنيين.

ونوّه البيان بأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وترتقي للمساءلة الجنائية وفق القانون الدولي الإنساني والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني (إكس)

انقطاع الاتصالات

وقالت مصادر محلية، لــ«الشرق الأوسط»، إنه حدث انقطاع كامل للاتصالات الهاتفية وشبكة الإنترنت عن المدينة. وأضافت أن أعداداً كبيرة من السكان الفارّين وصلوا إلى عاصمة الولاية المجاورة، يجرى الترتيب لإيواء النازحين في مقرّات المدارس وتوفير المعونات الإنسانية الضرورية لهم.

ولم تصدر إحصائيات رسمية من طرفي الصراع؛ الجيش و«الدعم السريع» عن أعداد الضحايا، على الرغم من المعارك المستمرة بينهما، لليوم الخامس على التوالي. ووفق المصادر نفسها، هناك أعداد كبيرة من المفقودين، من بينهم أُسرٌ بالكامل تعثّر التواصل معهم بسبب انقطاع الاتصالات.

وقال سكان في المدينة، لــ«الشرق الأوسط»، إن الطيران الحربي شنّ هجمات عنيفة ومتتالية مستهدفاً «قوات الدعم السريع» التي تتحصن في الأحياء السكنية. وتشهد مدينة بابنوسة، التي تضم أكبر الحاميات العسكرية للجيش السوداني في غرب البلاد، خلال الأيام الماضية معارك طاحنة مع «الدعم السريع» التي توعّد قادتها بالاستيلاء عليها.

وفي موازاة ذلك وجه نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، قواته بولاية النيل الأزرق في جنوب شرقي البلاد، بالتقدم وتحرير مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ودعا عقار، لدى مخاطبته قوات الفرقة الرابعة بمدينة الدمازين، قائد القوات بالتقدم إلى ود مدني باعتبارها خط الدفاع الأول عن المنطقة، مؤكداً التزامه بتوفير كل ما يحتاجون إليه.


مقالات ذات صلة

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا 
أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية»

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى «ساحة نزال لفظي عنيف» في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) التي أنهت حكم البشير بعد 30 عاماً في السلطة.

أحمد يونس (كمبالا)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».