صواريخ «الحرس الإيراني» وهجمات الفصائل تهيمنان على الفضاء العراقي

وفد برلماني اتحادي يصل أربيل للتحقيق

جانب من آثار قصف «الحرس الثوري» الإيراني منزل رجل أعمال في أربيل (أ.ف.ب)
جانب من آثار قصف «الحرس الثوري» الإيراني منزل رجل أعمال في أربيل (أ.ف.ب)
TT

صواريخ «الحرس الإيراني» وهجمات الفصائل تهيمنان على الفضاء العراقي

جانب من آثار قصف «الحرس الثوري» الإيراني منزل رجل أعمال في أربيل (أ.ف.ب)
جانب من آثار قصف «الحرس الثوري» الإيراني منزل رجل أعمال في أربيل (أ.ف.ب)

ما زالت الصواريخ الأحد عشر الباليستية التي أطلقها «الحرس الثوري» الإيراني، والهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة المرتبطة بطهران تشغل الفضاء العام في العراق، وسط مخاوف من أن تتحول تلك الهجمات إلى حرب مفتوحة على الأراضي العراقية أطرافها الولايات المتحدة من جهة، وإيران وحلفاؤها من جهة أخرى.

ويعمق من تلك المخاوف إصرار الفصائل المرتبطة بـ«محور المقاومة» على «استمرارها في دك معاقل العدو»، كما قالت عقب هجومها الصاروخي، السبت، على قاعدة عين الأسد العسكرية في محافظة الأنبار غرب البلاد.

ولم تكتف الفصائل بإعلان استمرارها في تنفيذ الهجمات، بل شنت منصاتها الإعلامية هجوماً لاذعاً على المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، في إشارة إلى التقاطع الحاد بين المؤسسة العسكرية الرسمية والفصائل المسلحة. وفند يحيى في وقت سابق، مزاعم الفصائل المسلحة التي تحدثت عن وقوع خسائر بين صفوف الجنود الأميركيين خلال قصفها قاعدة عين الأسد، وقال إن «عدداً من الصواريخ سقط قرب مقر (اللواء 29 الفرقة السابعة) التابعة لقيادة عمليات الجزيرة ضمن قاعدة عين الأسد العراقية؛ ما تسبب في إصابة جندي وإحداث أضرارٍ في المقر».

وتتحدى الفصائل المسلحة السلطات العراقية ويحيى رسول، بخصوص أن «قاعدة عين الأسد عراقية وفيها مقرات لِقِطَعِنا العسكرية، إضافة إلى معسكر تدريب عراقي».

وتصر على أنها «قاعدة أميركية». وهذا التقاطع الحاد في الموقفين ينذر بمزيد من التوتر في العلاقة بين الجانبين.

عناصر من الدفاع المدني يزيلون الركام بعد تعرض منزل لصاروخ إيراني في أربيل بإقليم كردستان العراق السبت (أ.ب)

وفي أربيل بإقليم كردستان، ما زالت أصوات الغضب الكردية مسموعة ضد الصواريخ الأحد عشر الإيرانية، وما زالت السلطات في بغداد ترسل الوفود لمعرفة ما جرى.

ورغم التأكيدات الصريحة التي أطلقها مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي من أربيل، وفنّد فيها ادعاءات «الحرس الإيراني» بشأن استهداف «أوكار تجسس لإسرائيل»، وصل، الأحد، وفد من لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية في مجلس النواب الاتحادي إلى مدينة أربيل للشروع في التحقيق بالقصف الصاروخي الإيراني على أربيل، الأسبوع الماضي، وأودى بحياة رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي وصديقه وابنته ومدبرة منزله الفلبينية الأصل.

ووفق الأنباء الواردة من أربيل، فإن وزير الداخلية في الإقليم ريبر أحمد استقبل أعضاء الوفد البرلماني الذي يضم النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبد الله.

وسيتوجه إلى المناطق التي تعرضت للقصف، وسيزور الجرحى للاطلاع على حقيقة ما جرى، وسيقوم بإعداد تقرير مفصل وتقديمه إلى رئاسة البرلمان.

وسبق أن قامت الحكومة الاتحادية بتشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وقد زارت مدينة أربيل عقب الهجوم الإيراني، ونفت المزاعم الإيرانية.

وسبق أن وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، القصف بأنه «عمل عدواني واضح»، مؤكداً عزم حكومته اتخاذ «إجراءات قانونية ودبلوماسية». وليس من الواضح بعد ما إذا كان العراق سيواصل جهوده بتقديم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي ضد إيران كان قد أعلن عنها غداة القصف.

الغضب الكردي ما زال متواصلاً، حيث تظاهر الآلاف، الأحد، في قضاء زاخو بمحافظة دهوك ضد الهجوم الإيراني، وكذلك خرجت تظاهرات منددة في مدينة هامبورغ الألمانية.

وبدوره، شن وزير الخارجية الأسبق والقيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، هوشيار زيباري، السبت، هجوماً لاذعاً على الفصائل المسلحة، واتهمها بمراعاة مصالحها المالية خلال تنفيذها الهجمات المسلحة.

وقال زيباري في تدوينة عبر منصة «إكس» إن «الفصائل الحشدية العراقية تستهدف بكثافة قواعد التحالف العراقي - الدولي في أربيل وحرير في كردستان، وعين الأسد في الأنبار، ولكنها تتفادى استهداف قاعدة فيكتوري في مطار بغداد، لماذا؟». وأضاف: «لأن لديهم مصالح تجارية ومالية ولوجيستية قائمة هناك، ولا يريدون أن تتضرر!».


مقالات ذات صلة

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».