معارك معقدة في غزة... وخطة للسيطرة على «محور فيلادلفيا»

الأميركيون يساعدون في البحث عن قادة «حماس» والمحتجزين... و«كتائب القسّام» تفقد الاتصال بأسرى

فلسطينية في مستشفى أبو يوسف النجار برفح وهي تحمل جثمان ابنتها التي قُتلت بغارة إسرائيلية اليوم السبت (رويترز)
فلسطينية في مستشفى أبو يوسف النجار برفح وهي تحمل جثمان ابنتها التي قُتلت بغارة إسرائيلية اليوم السبت (رويترز)
TT

معارك معقدة في غزة... وخطة للسيطرة على «محور فيلادلفيا»

فلسطينية في مستشفى أبو يوسف النجار برفح وهي تحمل جثمان ابنتها التي قُتلت بغارة إسرائيلية اليوم السبت (رويترز)
فلسطينية في مستشفى أبو يوسف النجار برفح وهي تحمل جثمان ابنتها التي قُتلت بغارة إسرائيلية اليوم السبت (رويترز)

فيما احتدمت الاشتباكات أكثر في مناطق وسط قطاع غزة وجنوبه، عادت الخطة الإسرائيلية للاستيلاء على محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر إلى الواجهة، مع إعلان مسؤول عسكري إسرائيلي أن بلاده تحتاج إلى السيطرة على الحدود هناك لدوافع أمنية.

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن إسرائيل تنوي إطلاق عملية عسكرية للسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي، الذي يعتبر منطقة عازلة بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، وقد أبلغت مصر بذلك. وسيطرة إسرائيل على هذه المنطقة تعني وضع قوات إسرائيلية على الحدود وإنهاء أي وجود فلسطيني رسمي هناك.

ويوضح تقرير الصحيفة أن إسرائيل تريد السيطرة على المنطقة، لأن ذلك سيشكل «ضربة استراتيجية» لحركة «حماس»، وسيسمح لإسرائيل باستهداف الأنفاق الحدودية، بما يضمن الحد من قدرة «حماس» على تهريب الأسلحة ومنع التسلل من مصر وإليها.

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على وسط قطاع غزة السبت (رويترز)

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع إن بلاده لا تريد أن تكون مسؤولة عن غزة، ولكن بسبب دوافع أمنية فإنها تحتاج إلى السيطرة على حدود القطاع.

ولم يحدد الإسرائيليون موعد العملية، ويعتمد ذلك، بحسب التقرير، على مفاوضات مع عدة جهات.

وكان مسؤولون إسرائيليون، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أعلنوا مرات عدة منذ بداية الحرب أنه يجب السيطرة على الشريط الحدودي مع مصر، وهي خطوة منعتها حتى الآن التوترات التي قد تنشب مع المصريين الذين يرفضون هذه الخطوة، كما نفوا وجود أي تنسيق من أي نوع حول ذلك.

وحتى الآن توغلت إسرائيل في شمال قطاع غزة، وتخوض معارك ضارية في مناطق وسط وجنوب القطاع، لكنها لم تتحرك باتجاه الشريط الحدودي مع مصر.

دبابات إسرائيلية في وسط قطاع غزة السبت (رويترز)

وتصاعدت حدة الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين الفلسطينيين في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، السبت، وقصفت إسرائيل مناطق واسعة هناك، وردّت الفصائل بقصف الغلاف بضربتين صاروخيتين.

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية في غزة لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات في خان يونس جنوب القطاع وفي مناطق الوسط مثل دير البلح والمغازي ضارية وصعبة ومعقدة، وإن التقدم الإسرائيلي بطيء بسبب المقاومة العنيفة وتعقيدات المنطقة.

وأكدت المصادر أن الاشتباكات أعنف بكثير من اشتباكات الشمال، كما أن طبيعة الأرض أكثر تعقيداً.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه يواصل القتال في منطقة خان يونس جنوباً وفي مناطق وسط القطاع.

وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إن الجيش هاجم مسلحين في خان يونس، ودمر فتحات أنفاق وقصف أبنية فيها مقاتلون وذخيرة ومنصات إطلاق قذائف، كما دمر في وسط قطاع غزة، وتحديداً في حي المغراقة، موقعين يحتويان على منصات جاهزة لإطلاق القذائف الصاروخية.

قافلة إسرائيلية خلال تحركها نحو قطاع غزة السبت (رويترز)

في مقابل ذلك، أعلنت «كتائب القسّام» التابعة لـ«حماس» أنها استهدفت 6 دبابات «ميركافا» وناقلة جند وجرافة بقذائف «الياسين 105» وعبوات «شواظ» شرق خان يونس، واستهدفت قوة راجلة بقذيفة «TBG» مضادة للتحصينات شرق المدينة كذلك، وقتلت هناك عدداً من أفرادها، وأجهزت على جنديين بشكل مباشر من مسافة صفر، وفجّرت عبوة مضادة للأفراد في قوة خاصة مكونة من 4 جنود تقدمت صوب عين نفق وأوقعتهم بين قتيل وجريح، كما استهدفت قوة ثانية بعبوة مضادة للأفراد «رعدية»، ودكت تجمعاً لآليات وجنود الاحتلال بقذائف الهاون من العيار الثقيل واستهدفت طائرة مروحية بصاروخ أرض - جو.

ولاحقاً أعلنت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد الإسلامي» أن مقاتليها قصفوا إيرز ومستوطنات غلاف غزة برشقتين صاروخيتين من شمال القطاع.

فلسطينيون يحضّرون الطعام في منزل متضرر نتيجة القصف الإسرائيلي على رفح بجنوب قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

وأقرّ الجيش الإسرائيلي بوقوع مزيد من الخسائر في صفوفه، مشيراً إلى مقتل ضابط احتياط برتبة رائد خلال المعارك وسط قطاع غزة، ليرتفع عدد قتلاه منذ 7 أكتوبر إلى 521. وقال الجيش إن ضابطين أصيبا بجروح خطيرة، بالإضافة إلى جندي آخر خلال اليومين الماضيين في معارك وسط وجنوب قطاع غزة.

وتتركز الاشتباكات في منطقتي الوسط وخان يونس، لأن إسرائيل تعتقد أن قيادة «حماس» موجودة هناك.

وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» تزود إسرائيل بمعلومات عن قادة «حماس» وأماكن احتجاز المحتجزين في غزة. وقامت «سي آي إيه» بتأسيس فرقة عمل جديدة بعد الهجمات التي نفذتها «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، أولويتها «جمع المعلومات الاستخباراتية عن (حماس)».

ويوجد في غزة 136 محتجزاً، بينهم أميركيون، بعدما أطلقت «حماس» سراح العشرات في صفقة تبادل سابقة خلال هذه الحرب.

وكان مقاتلو «حماس» وفصائل أخرى يحتجزون نحو 240 رهينة عادوا بهم إلى غزة أثناء هجوم 7 أكتوبر، و4 آخرين منذ عام 2014. وفي هذا الإطار، أعلنت «القسّام» أنها فقدت الاتصال بخلية مسؤولة عن الأسرى الـ4 في القطاع منذ عام 2014، فيما قد يكون تمهيداً لإعلان مقتلهم.

أثناء ذلك، واصلت إسرائيل قصف مناطق واسعة في غزة في اليوم الـ99 للحرب، وقتلت مزيداً من الفلسطينيين، وخلّفت دماراً أكثر. وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاحتلال ارتكب 13 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، راح ضحيتها 151 شهيداً و248 إصابة.


مقالات ذات صلة

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.