«حرب غزة»: جهود الوساطة المصرية - القطرية تتسارع من أجل الحسم

القاهرة أكدت أنها تستهدف حلاً شاملاً وعادلاً للقضية الفلسطينية

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

«حرب غزة»: جهود الوساطة المصرية - القطرية تتسارع من أجل الحسم

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

تتسارع وتيرة التحركات والاتصالات المصرية من أجل حسم المواقف بشأن «الإطار» الذي طرحته القاهرة لإنهاء الحرب في غزة، وإلى الآن لم تتلقَّ الأخيرة أي ردود رسمية من أي طرف معني، بحسب تأكيدات رسمية.

وفي وقت طفت فيه على السطح مواقف عدة من جانب «حماس»، وجددت أوساط الحركة السياسية تمسكها بموقفها المعلن سابقاً، الذي يقوم على أنه «لا تفاوض بشأن أي صفقة مع إسرائيل من دون وقف كامل وشامل لإطلاق النار»، رجح مراقبون أن يتجه يحيى السنوار قائد «حماس» في غزة إلى قبول الطرح المصري، بينما لا تزال إسرائيل لم تعلن موقفاً واضحاً إلى الآن إزاء الطرح ذاته، أو بشأن مبادرة قطرية منفصلة لتبادل الأسرى.

بينما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إشارته إلى «تقدم طفيف» في المحادثات الجارية بشأن صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و«حماس»، مؤكداً أن «الطريق لا تزال طويلة».

وكانت مصر طرحت ما وُصف بأنه «إطار مقترح»، يتضمن 3 مراحل متتالية ومرتبطة معاً، وتنتهي إلى وقف إطلاق النار.

 

تقريب وجهات النظر

وأكدت مصر، (السبت)، رفضها أي تدخل في الشأن الفلسطيني، وأنها قدمت «إطاراً لمقترح» بشأن وقف الحرب في غزة؛ لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، إلا أنها لم تطرح مبادرة بعد.

وشدد ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية لوكالة «أنباء العالم العربي» أن «ما تم تداوله خلال الفترة الأخيرة غير صحيح... كل ما يتعلق بموضوع القضية الفلسطينية خاص بالشأن الفلسطيني فقط، ولا أحد يستطيع التدخل فيه، وما تردد بأنه سيتم تشكيل حكومة فلسطينية، بتدخل من أطراف خارجية غير الفلسطينيين غير صحيح».

وأوضح رشوان أن مصر طرحت مقترحاً يتضمن 3 مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات الأسرى الذين تحتجزهم «حماس» في مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التوصل لوقف الأعمال القتالية.

وأفاد رشوان بأنه، ووفق هذه الرؤية، تُعلن هدنة إنسانية لمدة 10 أيام تفرِج خلالها حركة «حماس» عن جميع الرهائن المحتجزين لديها من نساء وأطفال ومرضى، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب، يُتّفق عليه، من السجناء الفلسطينيين لديها.

وخلال هذه الفترة سيتوقف إطلاق النار توقفاً كاملاً في قطاع غزة كافة من الجانبين كليهما، كما سيُعاد نشر القوات الإسرائيلية بعيداً عن محيط التجمعات السكنية، وسيُسمح بحرية حركة المواطنين من الجنوب للشمال، وكذلك حركة السيارات والشاحنات، في وقتٍ تلتزم فيه «حماس» بوقف أشكال العمليات كافة تجاه إسرائيل.

ولضمان تنفيذ هذه الرؤية، أكد رشوان أنه يجب على إسرائيل وقف أشكال النشاط الجوي الإسرائيلي جميعها، بما في ذلك المُسيّرات وطائرات الاستطلاع، مع تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، التي تشمل الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات والأغذية، دون استثناء شمال القطاع.

وأضاف رشوان أن مصر «لم تتلقَّ أي ردود بشأن المقترح من جانب الأطراف المعنية حتى الآن»، وأن بلاده موقفها «لم يتغير» ويتلخص بضرورة إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية عبر إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.

وكان هذا الإطار طُرح الأسبوع الماضي على مسؤولين من حركتَي «حماس» و«الجهاد»، خلال زيارات قام بها قادة من الحركتين للقاهرة.

 

حالة من الجدل

وبرزت خلال الساعات الماضية حالة من الجدل حول وجود وفد من حركة «حماس» في القاهرة؛ للتشاور بشأن الطرح المصري، وبينما أشار مسؤول بالحركة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن وفداً «رفيع المستوى» من المكتب السياسي لـ«حماس» توجه (الجمعة) إلى القاهرة لعقد لقاءات مع المسؤولين بمصر ولإبلاغ رد الفصائل الفلسطينية الذي يتضمن جملة من الملاحظات، تواصلت «الشرق الأوسط» مع اثنين من قيادات الحركة المقيمين في قطر، أحدهما عضو في المكتب السياسي للحركة، إلا أنهما رفضا نفي أو تأكيد وجود وفد من «حماس» في القاهرة.

وأرجع الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، والسياسي الفلسطيني هذه الحالة من الغموض في أوساط حركة «حماس» إلى أن القرار في المرحلة الراهنة «ليس بيد القيادات السياسية، وإنما بيد القيادة العسكرية وتحديداً يحيى السنوار الذي يقود العمليات في قطاع غزة».

وأعرب الرقب في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» عن توقعه أن يقبل السنوار الطرح المصري لوقف إطلاق النار، وأن يبلغ القاهرة بموقفه هذا خلال 48 ساعة، واصفاً «الإطار المصري» بأنه «ناضج ومتكامل»، ولفت إلى أن ما طرحته مصر، وفق التسريبات، يتفادى تسمية توقف العمليات في قطاع غزة، سواء بوصفها «هدنة إنسانية» كما تريدها إسرائيل، أو «وقفاً شاملاً لإطلاق النار» كما تصر فصائل المقاومة، وهو ما يخرج الجميع - برأيه - من الحرج.

فلسطينية مع طفليها في سيارة إسعاف نقلتهم عبر معبر رفح إلى مصر... السبت (أ.ب)

ورجح الأكاديمي والسياسي الفلسطيني أن ترفض إسرائيل الطرح المصري؛ لأنه يوقف الحرب ويعيد ترتيب البيت الفلسطيني، وهو ما لا تريده «حكومة الحرب» في تل أبيب؛ لأنه يتعارض مع مصالحها. وأعرب عن أمله في أن تعلن القوى الفلسطينية موافقتها على الطرح المصري؛ لأن ذلك سيمثل كشفاً لحقيقة الموقف الإسرائيلي، وتفادياً لمساعي الإسرائيليين لإظهار الجانب الفلسطيني على أنه منقسم وغير قادر على خوض عملية سياسية لإنهاء الحرب، أو التجاوب مع جهود الوساطة.

وجدد القيادي في حركة «حماس»، الدكتور باسم نعيم، أنه لا تفاوض بشأن أي صفقة مع إسرائيل «دون وقف كامل وشامل لإطلاق النار في غزة»، مشيراً إلى أن كل المقترحات التي تتداولها وسائل الإعلام بشأن إنهاء الحرب في غزة هي حتى الآن مقترحات إسرائيلية.

وأضاف، (السبت)، في تصريحات لوكالة «أنباء العالم العربي»: «موقفنا واضح، والعدو عليه الموافقة على وقف إطلاق نار شامل بدايةً لعملية تتضمن إطلاق سراح الأسرى في مرحلة من المراحل». وشدد: «هذا لن يحدث دون وقف إطلاق نار شامل، يسبقه فتح المعابر وإدخال مساعدات».

وفيما يتعلق بالمقترح المصري لوقف إطلاق النار، أكد نعيم أنه «لا يزال قيد الدراسة، وأنه جارٍ العمل على تجهيز رد مفصل على هذا المقترح؛ لأن هناك معطيات تنظيمية تحتاج لوقت للتشاور مع قيادة الحركة في الداخل والخارج، ومتابعة الظروف الميدانية والأمور المتعلقة بالأسرى وبالمعابر وبمرحلة ما بعد العدوان وإعادة الإعمار». وأكد أن الإسرائيليين هم مَن يتواصلون مع الوسطاء من أجل الوصول إلى صفقة.

 

تقدم طفيف

في المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون في تصريحات نقلها موقع «والا» العبري، (السبت)، إن الوسطاء القطريين نقلوا رسالة لتل أبيب تشير إلى موافقة «حماس» من حيث المبدأ على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن اتفاقٍ جديد للأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

وأوضح المسؤولون أن الرسالة المنقولة تختلف قليلاً عن الطلب الذي عبّر عنه مسؤولو «حماس» بشكل علني في الأسابيع الأخيرة، الذي يشير لضرورة وقف الحرب في غزة، وسحب إسرائيل قواتها بوصفهما شرطاً لاستئناف المفاوضات.

كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إشارته إلى «تقدم طفيف» في المحادثات الجارية بشأن صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و«حماس»، مؤكداً أن «الطريق لا تزال طويلة».

وعدّ السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً أن الطرح المصري بشأن إنهاء الحرب يتضمن تحويل وقف إطلاق النار لمسار سياسي متكامل، مشيراً إلى أن الحاجة باتت ماسة لوقف دائم لإطلاق النار، خصوصاً في ظل الأهداف الإسرائيلية الغامضة من الحرب، والمساعي الأميركية لتحويل القتال إلى عمليات استخباراتية مركزة للوصول إلى أهداف «ذات قيمة عالية» دون إلحاق خسائر كبيرة بالمدنيين.

وأضاف أن الهدف المرحلي الراهن للتحركات المصرية يستهدف دفع الأطراف جميعها إلى «الانخراط الإيجابي» في بلورة الأفكار التي تم طرحها، والبناء عليها من أجل تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم الانتقال لمسار سياسي، مؤكداً انفتاح القاهرة على مختلف الرؤى، والاستعداد لتعديل الطرح المقدم بعد إبداء منظمة التحرير الفلسطينية رأيها بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط.

وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رفضت في بيان لها، عقب اجتماعها، منتصف الأسبوع الماضي، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن دون الإشارة إلى مصر، «ورقة مبادرة تتحدث عن 3 مراحل، بما فيها الحديث عن تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة بعيداً من مسؤولية المنظمة، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».

وفي اليوم التالي، أكد مصدر مصري مسؤول، أن ما يتم تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، هو «مقترح أولي، وستتم بلورة موقف متكامل عقب حصول القاهرة على موافقة الأطراف كافة».


مقالات ذات صلة

واشنطن طلبت من قطر طرد قادة «حماس» بعد رفض أحدث مقترح بشأن الرهائن

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي (أرشيفية - رويترز)

واشنطن طلبت من قطر طرد قادة «حماس» بعد رفض أحدث مقترح بشأن الرهائن

أرسل أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ الأميركي، الجمعة، رسالة لوزارة الخارجية وعدة وكالات حكومية تتضمن تحركات ضد مسؤولي حركة «حماس» الذين يعيشون في قطر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في نيويورك (أ.ف.ب)

بلينكن يبحث مع نظيره الفرنسي أهمية التوصل لحل دبلوماسي في لبنان

قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزير أنتوني بلينكن، بحث مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان وإنهاء الحرب في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مقاتلات «إف-15» وصلت إلى منطقة مسؤولية القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)

الجيش الأميركي يعلن وصول مقاتلات من طراز «إف-15» إلى الشرق الأوسط

أعلن الجيش الأميركي أنّ مقاتلات من طراز «إف-15» وصلت الخميس إلى الشرق الأوسط، وذلك بعد أسبوع على إعلان واشنطن نشر قدرات عسكرية إضافية في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رجل يقف على أنقاض المباني المتضررة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يقصف أكثر من 110 أهداف لـ«حزب الله» و«حماس» ويقتل 60 مسلحاً

 قصفت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 110 أهداف تعود لـ«حزب الله» في لبنان، ولحركة «حماس» في قطاع غزة، خلال الـ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: أغلب المدنيين في جباليا تم إجلاؤهم

تم إخلاء الغالبية العظمى من السكان المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في جباليا شمال قطاع غزة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي هجومه ضد حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب
TT

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

قالت وسائل إعلام رسمية في وقت مبكر اليوم (السبت)، إن عدداً من الجنود السوريين أصيب في «عدوان» إسرائيلي في محيط مدينة السفيرة قرب حلب وإدلب.

وذكرت وسائل الإعلام نقلاً عن مصدر عسكري، أن «عدوانا جوياً استهدف عدداً من المواقع في ريفي حلب وإدلب، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين ووقوع بعض الخسائر المادية».

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، استهدفت غارات إسرائيلية معامل للصناعات العسكرية والبحوث العلمية، التابعة لقوات النظام في مدينة السفيرة، ويوجد فيها عناصر من الحرس الثوري الإيراني ومجموعات موالية لطهران.

وتشن إسرائيل هجمات على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا منذ أعوام، لكنها كثفت هجماتها منذ الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.