إسرائيل تتوعد بتغيير وضع انتشار «حزب الله» في جنوب لبنان

استهدفت أكبر المدن الحدودية للمرة الثانية

آثار غارة جوية استهدفت مدينة بنت جبيل السبت (أ.ف.ب)
آثار غارة جوية استهدفت مدينة بنت جبيل السبت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتوعد بتغيير وضع انتشار «حزب الله» في جنوب لبنان

آثار غارة جوية استهدفت مدينة بنت جبيل السبت (أ.ف.ب)
آثار غارة جوية استهدفت مدينة بنت جبيل السبت (أ.ف.ب)

توعّد الجيش الإسرائيلي بتغيير وضع انتشار «حزب الله» في جنوب لبنان، قائلاً على لسان المتحدث باسمه، دانيال هغاري، إنه «لن يكون كما كان عليه قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)» الماضي، في تصعيد بلغ ذروته السبت، باستهداف مدينة جبيل للمرة الثانية خلال أسبوع، فيما أطلق «حزب الله» رشقات صاروخية باتجاه كريات شمونة في الجليل الأعلى، حسبما أفاد الإعلام الإسرائيلي.

وكثّف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية التي استهدفت العمق اللبناني بالطائرات الحربية، مستخدماً قوة نارية ضخمة في المنطقة الحدودية، في مسار تصعيدي تسعى من خلاله تل أبيب لتغيير وضعية الجنوب، وهو ما كشف عنه المتحدث باسم الجيش، دانيال هغاري، الذي قال إن «(حزب الله) يخرق القرار الدولي 1701 ويواصل استخدام اللبنانيين رهائن في قراراته للتضامن وإسناد (دواعش حماس) قتلة الأطفال ومغتصبي النساء».

وقال: «رداً على اعتداءاته، نواصل ضرب مواقع (حزب الله)»، مضيفاً أن انتشار الحزب في جنوب لبنان «لن يكون مثلما كان عليه قبل 7 أكتوبر». وقال في الوقت نفسه إن 80 في المائة من قذائف «حزب الله» الصاروخية التي أطلقت الجمعة «سقطت داخل الأراضي اللبنانية».

وتتوسع الغارات الإسرائيلية تدريجياً إلى المناطق المأهولة في العمق اللبناني، حيث استهدفت بعد ظهر السبت مدينة بنت جبيل، وهي أكبر مدن الجنوب، للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع. وأفادت مصادر ميدانية بأن الغارة على مدينة بنت جبيل استهدفت طريق المدينة، ونفذتها طائرات حربية وليست طائرات مسيرة. وتناقل لبنانيون مشاهد لآثار الغارة، وهي عبارة عن أحجار متناثرة على الطريق العام.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش شن غارات على الأراضي اللبنانية منذ فترة الصباح باستخدام قصف مدفعي، و«استهداف خلايا تخريبية من الجو». وأوضح أن طائرة حربية وأخرى مسيرة «أغارت على 3 خلايا لمخربين داخل الأراضي اللبنانية»، كما «أغار على بنية عملياتية لـ(حزب الله) وقصف بالمدفعية عدة مناطق في لبنان». وأضاف: «خلال اليوم تم رصد إطلاق عدة قذائف من لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية. كما اعترضت الدفاعات الجوية هدفاً جوياً مشبوهاً اجتاز من لبنان إلى المجال الجوي الإسرائيلي».

استهداف أحياء سكنية

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بوقوع 3 غارات إسرائيلية، توزعت بين بلدة كفركلا وتل نحاس في القطاع الشرقي، وهي منطقة مواجهة لمستوطنتي المطلة ومسكاف عام، وطالت إحدى الغارات منزلاً في كفركلا، التي تم تمشيط أحد أحيائها بالرشاشات الثقيلة. كما «استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة بيك آب تابعة لبلدية يارون»، فضلاً عن استهداف محطة إطفاء في البلدة، فيما تعرضت أطراف بلدة عيتا الشعب لقصف مدفعي متقطع طوال فترة بعد الظهر، وقصف مدفعي آخر على أطراف بلدتي بليدا وميس الجبل، وقصف مدفعي على تلة الحمامص جنوب بلدة الخيام، وسُجّلت غارة من مسيرة على بلدة مروحين في القطاع الغربي.

وفي المقابل، لم يتوقف إطلاق النار من داخل الأراضي اللبنانية ضد أهداف إسرائيلية. وأعلن «حزب الله» عن تنفيذ عدة عمليات عسكرية ضد تجمعات لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة راميم بالأسلحة المناسبة، وتجمع آخر في حرج عداثر، فيما نفذ هجوماً جوياً بمسيّرة انقضاضية على موقع الرمثا وحاميته في مزارع شبعا و«أصابت هدفها بدقة»، كما قال الحزب، كما أفيد عن سقوط صواريخ من لبنان في محيط مستعمرة «يفتاح».

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بسقوط عدد من الصواريخ أطلقت من جنوب لبنان في مناطق مفتوحة، قرب كريات شمونا، وتحدثت عن إصابة إسرائيلي بجروح جراء تلك الصواريخ.

«اليونيفيل»: احتمال التصعيد قائم

وسط تصاعد العمليات العسكرية المتبادلة، أشار رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو إلى أن احتمال حدوث تصعيد أكبر في الجنوب يبقى قائماً دائماً، معتبراً في الوقت عينه أن حقيقة احتواء النزاع إلى حد كبير في المناطق القريبة من الخط الأزرق هي علامة على أن الأطراف لا ترغب في التصعيد، ولكن هناك دائماً خطر حدوث سوء تقدير، وتعمل «اليونيفيل» جاهدة لمنع ذلك. وفي حديث إذاعي، أمل لاثارو في أن تتمكن الأطراف في العام الجديد من إيجاد أرضية مشتركة لوضع حد لتبادل إطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي.

ورداً على سؤال حول إمكانية قيام أي تعديل يتعلق بالقرار 1701، أكد أن قوات اليونيفيل «تواصل تنفيذ تفويضها بموجب القرار 1701 وإن كان القرار تحت الضغط، لكنه لا يزال مهماً كما كان دائماً». وأضاف: «نحن نواصل تنفيذه بشكل محايد»، موضحاً أن أي تغييرات على هذا القرار ستأتي من مجلس الأمن، «وحتى ذلك الحين سنواصل عملنا لاستعادة الاستقرار والأمن على طول الخط الأزرق».



تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
TT

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها مصدراً لتهديد جيرانها، واتفقتا على البدء بعملية سياسية تمهد لاستقرار البلاد وتحتضن جميع أبناء الشعب بلا تفرقة على أساس طائفي أو ديني أو عرقي.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك عقد عقب اجتماع وزراء الخارجية والدفاع ورئيسي جهازي المخابرات في كل من تركيا والإدارة السورية بمقر وزارة الخارجية في أنقرة، الأربعاء: «الآن هو الوقت المناسب للتخلص من الإرهاب والأسلحة، وهو الوقت المناسب للسلام والتضامن والتنمية والازدهار ونبذ الصراعات الداخلية في سوريا».

عملية سياسية شاملة

وأضاف فيدان أن الوقت قد حان لعملية سياسية تشمل كل العناصر العرقية والدينية والطائفية في سوريا، لافتاً إلى أنه «لسوء الحظ، لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا سارية المفعول، ومن الممكن للولايات المتحدة أن تمنح إعفاءً جزئياً، ونعلم أن الاتحاد الأوروبي يعمل على هذا الأمر أيضاً، إذا تم رفع العقوبات فإن العملية سوف تتسارع».

فيدان مصافحاً نظيره السوري خلال استقباله بالخارجية التركية في أنقرة (الخارجية التركية)

ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن نظام بشار الأسد استضاف منظمات إرهابية في سوريا لسنوات، وأن سوريا ستزداد قدرة على محاربة المنظمات الإرهابية بعد سقوط هذا النظام.

وذكر فيدان أن الاجتماع مع الجانب السوري تناول تقديم الدعم من جانب تركيا للعمليات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مضيفاً: «لن نوافق على تقسيم سوريا، وقد حان الوقت لتطهيرها وتطهير المنطقة من الإرهاب والأسلحة، وحان الوقت للسلام والتضامن والتنمية والازدهار، ولم يعد هناك مكان للإرهاب في المنطقة».

وأشار فيدان إلى أن تركيا ستعمل على دعم الإدارة السورية في جميع المجالات سواء إعادة الإعمار أو التنمية وتمهيد الظروف المناسبة لعودة اللاجئين وسيعمل البلدان معاً على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة وغيرها من المجالات.

وأعلن أن القنصلية التركية في حلب ستبدأ العمل في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

بدوره، أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية، أسعد الشيباني أن الإدارة الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا أو لأي دولة أخرى من جيرانها، مشيراً إلى حاجة سوريا إلى دعم حقيقي لإعادة إعمارها وتنميتها.

لا لتقسيم سوريا

وقال الشيباني إن الإدارة السورية ستعمل على عودة سوريا إلى دورها الفاعل البارز في المنطقة بما يحقق الأمن والاستقرار وحسن الجوار، ويد سوريا اليوم ممدودة للعالم أجمع وليست جزيرة منقطعة ضمن مشاريع مشبوهة كما أراد لها النظام السابق.

فيدان والشيباني خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

وأضاف: «إننا نؤكد اليوم أكثر من أي وقت مضي ضرورة تآلف الشعب السوري وتوحده وعدم التفاته للدعوات الطائفية أو التي تسعى لتقسيم مجتمعنا، والتي تحاول تغيير هوية سوريا وحاضرها وماضيها، فسوريا لكل السوريين وليست مرتبطة بفئة من الشعب».

وتابع «أننا نفتح صفحة جديدة بين الشعب السوري ومحيطه ونعمل على بناء الصورة الحديثة القائمة على الأسس الحضارية والأخلاقية لبلادنا، ونعمل كذلك على استكمال وحدة الأراضي السورية وجعلها تحت إشراف الحكومة المركزية في دمشق، فسوريا لا يمكن أن تقسم، ولن يقبل شعبها بذلك، وهذا هو المسار الوحيد لصون سوريا واستعادة سيادتها».

وأكد أن العلاقات بين بلاده وتركيا ستشهد في الفترة المقبلة آفاقاً واسعة للتعاون مع تركيا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيز الروابط الشعبية والبناء على الإرث المشترك.

ولفت إلى أن «الأمن والاستقرار والازدهار مرتبطة بشكل مشترك بين بلدينا ونتطلع لأن تكون العلاقات بينهما نموذجاً صادقاً في العلاقات بين الدول يقوم على احترام سيادة الدولتين ووحدة أراضيهما».

وشدد على أن الإدارة السورية الجديدة لن تسمح بأن تستخدم الأراضي السورية منطلقاً لتهديد الأراضي التركية والشعب التركي، و«سنعمل على إزالة هذه التهديدات عبر العديد من الوسائل، ونشكر تركيا على وضع ثقتها في قدرة الإدارة السورية على معالجة هذه التهديدات، خاصة فيما يتعلق بمنطقة شمال شرقي سوريا».

وأضاف: «إننا نعمل الآن على معالجة هذه القضايا بالتفاوض والحوار ونعتقد أننا سنصل إلى نتائج ملموسة في القريب العاجل».

مباحثات تركية سورية

وعقدت بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء مباحثات تركية مع الإدارة السورية، بصيغة 3+3، شارك فيها وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والسوري أسعد الشيباني، والدفاع التركي يشار غولر والسوري مرهف أبو قصرة، ورئيسا جهازي المخابرات التركي إبراهيم كالين والسوري أنس خطاب.

وزراء خارجية ودفاع ورئيسا مخابرات تركيا وسوريا قبل انطلاق مباحثاتهما بمقر الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

وبحث الاجتماع التطورات في سوريا، وبخاصة وضع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والاشتباكات المستمرة بينها وبين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من تركيا في شرق حلب، وموقف الإدارة السورية منها، حيث ترغب تركيا في حلها وإلقاء أسلحتها وخروج عناصرها الأجنبية من سوريا، وانخراط العناصر السورية في الجيش السوري الموحد.

وبحسب ما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تناولت المباحثات أيضاً ملفات التعاون الأمني والتعاون في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار والتنمية، إلى جانب الملف الأمني والتعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية.

كما تناولت المباحثات ملف العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وجهود رفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقالت المصادر إن الجانب التركي أكد مجدداً دعمه للإدارة السورية في مختلف المجالات لإنجاز المرحلة الانتقالية وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا.

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعضاء الوفد السوري بالقصر الرئاسي في أنقرة.

وكان إردوغان استبق المباحثات بإعلان أنها ستركز عل سبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

تحذير لـ«قسد»

وحذر من أن أنقرة لديها القوة والقدرة على سحق كل التنظيمات الإرهابية في سوريا، بمن فيهم مقاتلو تنظيم «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

إردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان، الأربعاء: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري».

وأضاف أن مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وإن لم تلق تلك الوحدات أسلحتها فلن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة.

وتابع: «إذا كانت سوريا والمنطقة تتخلصان من تهديد (داعش)، فإن تركيا هي القوة العظمى التي لديها القدرة على حل هذه القضية».

وقال إردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق تنظيم (داعش) و(الوحدات الكردية)، وجميع التنظيمات الإرهابية في وقت قصير».

وشدد إردوغان على أن تركيا تتابع وتدعم حل كل قضايا الإخوة الأكراد في سوريا، وأن تركيا هي الضامنة لأمن الأكراد.

بدوره، قال وزير الدفاع يشار غولر، رداً على سؤال حول عملية عسكرية تركية محتملة ضد «قسد» في شرق الفرات، إن العمليات والضربات مستمرة، لافتاً إلى تنفيذ عدد كبير من الضربات، الثلاثاء، مضيفاً: «مكافحة الإرهاب مستمرة».