سموتريتش متحدياً بايدن: لن أحول شيقلاً واحداً إلى غزة

الرئيس الأميركي ينهي مكالمة صعبة مع نتنياهو طالبه فيها بإنهاء أزمة أموال السلطة

بايدن مع نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل بعد بدء الحرب بعشرة أيام (د.ب.أ)
بايدن مع نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل بعد بدء الحرب بعشرة أيام (د.ب.أ)
TT

سموتريتش متحدياً بايدن: لن أحول شيقلاً واحداً إلى غزة

بايدن مع نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل بعد بدء الحرب بعشرة أيام (د.ب.أ)
بايدن مع نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل بعد بدء الحرب بعشرة أيام (د.ب.أ)

رفض وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الجمعة، طلب الرئيس الأميركي، جو بايدن، تحويل أموال العوائد الضريبية للسلطة الفلسطينية، مؤكداً أنه لن يفرج عن الأموال ما دام في منصبه بالحكومة.

وكتب سموتريتش على موقع «إكس»: «نكن احتراماً كبيراً للولايات المتحدة، أفضل حليف في العالم. وللرئيس بايدن، وهو صديق حقيقي، لكننا لن نترك مصيرنا أبداً في أيدي الأجانب... طالما أنا وزير المالية لن يذهب شيقل واحد إلى (الإرهابيين) في غزة، وهذا ليس موقفاً متطرفاً، بل هو موقف منقذ للحياة».

كان سموتريتش يعقب على طلب بايدن من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في محادثة وصفت بالصعبة، إيجاد حل لمسألة أموال الضرائب الفلسطينية المجمدة منذ نحو شهرين.

وقال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطلع على فحوى المحادثة إن الجزء المتعلق بموضوع الضرائب كان الأصعب.

حسب موقع «أكسيوس» الأميركي، فإنه في نهاية محادثة، الأسبوع الماضي، استمرت 45 دقيقة، أثار بايدن موضوع العوائد الضريبية، وطلب من نتنياهو قبول الاقتراح الذي قدمته إسرائيل بنفسها للولايات المتحدة قبل بضعة أسابيع، والذي بموجبه سيتم تحويل أموال الضرائب إلى النرويج حتى يتم التوصل إلى ترتيب من شأنه تبديد مخاوف إسرائيل من وصول الأموال إلى «حماس» في قطاع غزة، وهو ترتيب وافقت عليه فعلاً السلطة الفلسطينية، وأبلغت الولايات المتحدة أنها بموجبه ستكون مستعدة لأخذ الجزء من أموال الضرائب الذي لم تجمده إسرائيل.

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أرشيفية - رويترز)

وقال مسؤول أميركي إن نتنياهو فاجأ بايدن عندما تراجع عن الاتفاق الإسرائيلي، وقال إنه لم يعد يعتقد أن العرض النرويجي جيد. وقال نتنياهو لبايدن إنه لا يثق بالنرويج، وشدد على أن السلطة الفلسطينية ينبغي لها ببساطة أن تأخذ الجزء الذي ترغب إسرائيل في تحويله إليها من أموال الضرائب، لكن بايدن ردَّ على نتنياهو بأن الولايات المتحدة تثق بالنرويج، وأن هذا ينبغي أن يكون كافياً لإسرائيل لكي تقبله، ثم أبلغه بأن عليه مواجهة المتطرفين في ائتلافه الحكومي بشأن هذه القضية، مثلما يتعامل هو (بايدن) مع الضغط السياسي من الكونغرس بشأن الحرب في غزة، ثم قال له إنه يتوقع منه إيجاد حل للمسألة، وأنهى الحديث بعبارة: «هذا الحديث انتهى».

وقال مسؤول أميركي لموقع «أكسيوس» إن هذا الجزء من المكالمة كان من «أصعب المحادثات وأكثرها إحباطاً»، و«علامة على التوترات المتزايدة بين بايدن ونتنياهو».

ويجد نتنياهو نفسه بين فكي كماشة؛ ضغوط خارجية من بايدن الذي تخشى إدارته من أن استمرار تجميد تحويل الأموال وإبقاء رجال الأمن والموظفين في الضفة الغربية بدون رواتب قد يؤجج التوترات ويساعد على التصعيد، وتهديدات داخلية من سموتريتش، الذي هدد بالاستقالة ما قد يعرض الحكومة الائتلافية للخطر.

بايدن ونتنياهو في تل أبيب يوم 18 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

كان سموتريتش وجه «إنذاراً نهائياً» لنتنياهو، عدة مرات، مهدداً بالاستقالة من الحكومة إذا تم تحويل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية.

وفجرت أموال العوائد الضريبية خلافاً حاداً بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بعد حوالي شهر من بدء الحرب على قطاع غزة، بعدما قررت الحكومة الإسرائيلية اقتطاع الأموال التي تخصصها السلطة لقطاع غزة من المبلغ العام المستحق للسلطة، واشتراطها عدم تحويل أي مبالغ للقطاع، وقررت السلطة عدم تسلم هذه الأموال.

وجاءت الخطوة التي وقف خلفها سموتريتش، في وقت تعاني فيه السلطة أصلاً من أزمة مالية، وتدفع فيه رواتب منقوصة لموظفيها في القطاعين المدني والعسكري منذ عامين، بسبب اقتطاع إسرائيل حوالي 50 مليون دولار من العوائد الضريبية «المقاصة» تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة، وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - أ.ب)

وفاقم القرار الإسرائيلي من الأزمة وأشعل المخاوف من خلق فوضى، وهي مسألة كانت محل نقاش وخلاف حاد في إسرائيل نفسها ومع الولايات المتحدة.

كان خلاف دب في إسرائيل نفسها حول مسألة تحويل الأموال للسلطة، بعدما كان سموتريتش قرر عدم تحويل الأموال للسلطة، وعارضه وزير الدفاع يوآف غالانت، مطالباً بتحويلها على الفور قائلاً: «دولة إسرائيل حريصة على الحفاظ على الاستقرار، وبناءً عليه فإنه يتعين تحويل هذه الأموال على الفور حتى يتسنى استخدامها من قبل قطاعات السلطة الفلسطينية التي تتعامل مع منع الإرهاب».

أضاف غالانت: «أعتقد أنه من المناسب فقط الالتزام بقرار مجلس الوزراء الذي تم اتخاذه قبل عدة أيام».

ورد سموتريتش، بالقول إن غالانت يرتكب «خطأ فادحاً» بالمطالبة بالإفراج عن الأموال.

وبموجب اتفاق أوسلو، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية، ويثير هذا الترتيب خلافات مستمرة.

وخلال كل الضغوط السابقة، أصر سموتريتش على اقتطاع الأموال التي تخصصها السلطة لقطاع غزة (رواتب، مساعدات، نفقات لوزارة الصحة والعلاجات، أثمان كهرباء) وتقدر بحوالي 140 مليون دولار شهرياً.

وتقول السلطة إن الخضوع لهذا الابتزاز يعني الموافقة عن التخلي عن قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

القوات الإسرائيلية تتوغل في جنوب غزة... ومزيد من النزوح

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

القوات الإسرائيلية تتوغل في جنوب غزة... ومزيد من النزوح

توغلت دبابات إسرائيلية في مناطق أكثر عمقاً بجنوب قطاع غزة، الأحد، مع احتدام القتال ضد مقاتلي حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)

إدانة لبنانية لاستهداف المدنيين... وواشنطن تسعى للجم التهديد الإسرائيلي

أجمعت الأطراف اللبنانية على إدانة استهداف مدنيين في بلدة مجدل شمس، كما نفى «حزب الله» علاقته بالحادث، بينما تكثفت الاتصالات الدولية لمنع الانزلاق إلى حرب موسعة.

محمد شقير (بيروت)
الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (أ.ف.ب)

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)

أزمات طاحنة تعصف بلبنان قد تتفاقم إذا اندلعت حرب مع إسرائيل

يدور الصراع بين «حزب الله» وإسرائيل في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات مالية وسياسية طاحنة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي في طوكيو (أ.ف.ب)

بلينكن: كل المؤشرات تدل على أن «حزب الله» أطلق الصاروخ على الجولان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن وقف إطلاق النار في غزة سيكون فرصة لجلب الهدوء الدائم إلى الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

أزمات طاحنة تعصف بلبنان قد تتفاقم إذا اندلعت حرب مع إسرائيل

صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
TT

أزمات طاحنة تعصف بلبنان قد تتفاقم إذا اندلعت حرب مع إسرائيل

صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)

يدور الصراع بين جماعة «حزب الله» وإسرائيل في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات مالية وسياسية طاحنة، مما يزيد حجم المخاطر بالنسبة إلى بلد يعيش أوضاعاً صعبة، إذا تصاعدت حدة الأعمال القتالية وتحولت إلى حرب شاملة.

ويتبادل «حزب الله» إطلاق النار مع إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، وازدادت احتمالات التصعيد بعد أن هددت إسرائيل بضرب جماعة «حزب الله» بقوة، إذ تتهمها بالتسبب في مقتل 12 طفلاً وصبياً في هجوم صاروخي على ملعب كرة قدم في هضبة الجولان المحتلة. وينفي «حزب الله» مسؤوليته عن الهجوم.

ورغم احتواء الصراع نسبياً حتى الآن، فإنه يُلقي بثقله على بلد تثقل كاهله الأزمات الداخلية منذ خمس سنوات. وأجبر الصراع نحو 95 ألف شخص على الفرار من جنوب لبنان، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وفيما يلي نظرة عامة على المشكلات التي تواجه لبنان:

* انهيار اقتصادي

لا يزال لبنان يعاني تبعات انهيار مالي كارثي ضرب البلاد في 2019.

ونجم هذا الانهيار عن ارتفاع معدلات الإنفاق، وهو ما أدى إلى غرق العملة المحلية وإفقار قطاع كبير من السكان وإصابة البنوك بالشلل، وترتب على ذلك أكبر موجة هجرة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ووصف البنك الدولي حالة الانهيار هذه بأنها واحدة من أشد فترات الكساد في العصر الحديث. وانخفضت قيمة إجمالي الناتج المحلي للبنان من 55 مليار دولار في 2018 إلى 31.7 مليار دولار في 2020. ولم تنفّذ الحكومة الإصلاحات اللازمة للتعافي حتى الآن.

وأصدر البنك الدولي تقريراً في مايو (أيار)، أوضح فيه استمرار تأثر لبنان بالأزمة، وخلص فيه إلى أن معدل الفقر زاد بأكثر من ثلاثة أمثال في البلاد خلال العقد المنصرم ليصل إلى 44 في المائة من السكان.

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

وجاء في التقرير أيضاً أن واحداً من كل ثلاثة لبنانيين وقع في براثن الفقر في 2022 في خمس محافظات شملتها الدراسة، من بينها بيروت. وبينما تقدم مطاعم بيروت الجديدة خدماتها للأغنياء، قال تقرير البنك الدولي إن ثلاثاً من كل خمس أسر خفضت إنفاقها على الغذاء.

وقال صندوق النقد الدولي في مايو إن عدم اتخاذ إجراءات بخصوص الإصلاحات الاقتصادية الضرورية ما زال يُلحق خسائر فادحة بالاقتصاد والسكان. وأضاف أن النظام المصرفي يفتقر إلى استراتيجية ذات مصداقية وقابلة للتطبيق مالياً.

* توتر سياسي

ليس للبنان رئيس أو حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة منذ انتهاء ولاية ميشال عون، الرئاسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مما ترك فراغاً غير مسبوق.

وتتولى حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، مهام تصريف الأعمال منذ ذلك الحين. ويتعين على الفصائل اللبنانية المنقسمة بشدة التوصل إلى اتفاق من أجل شغل منصب الرئاسة وتشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة. ولم تُحل مثل هذه الأزمات السابقة إلا من خلال الوساطة الأجنبية، ولكن لم تظهر أي علامة على التدخل الفعال هذه المرة، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

رجل يقف بالقرب من بوابة متضررة حول ملعب لكرة القدم بعد غارة من لبنان على قرية مجدل شمس بمنطقة الجولان التي ضمتها إسرائيل (أ.ف.ب)

* أزمة اللاجئين السوريين

بعد مرور 13 عاماً على اندلاع الصراع السوري، لا يزال لبنان موطناً لأكبر عدد من اللاجئين نسبةً إلى عدد السكان في العالم، إذ يعيش على أراضيه نحو 1.5 مليون سوري نصفهم لاجئون مسجلون رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويبلغ عدد السكان اللبنانيين نحو أربعة ملايين.

لاجئة سورية تحتضن ابنتها بعد غارة إسرائيلية أدت إلى إصابة 3 أطفال سوريين في سهل الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويتراجع حجم التمويل المخصص للأزمة السورية، وهو ما يعكس معاناة المانحين الذين يتعاملون مع صراعات أخرى حول العالم. وعلى الرغم من خلافاتها، تتفق الأطراف من مختلف الأطياف السياسية في لبنان على ضرورة عودة السوريين إلى وطنهم.