«حرب غزة»: كيف يواجه المقترح المصري «صراع التوازنات»؟

القاهرة تجري مشاورات مع مختلف الأطراف لبلورة «رؤية متكاملة»

أطفال فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي يصلون إلى رفح الأربعاء (أ.ب)
أطفال فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي يصلون إلى رفح الأربعاء (أ.ب)
TT

«حرب غزة»: كيف يواجه المقترح المصري «صراع التوازنات»؟

أطفال فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي يصلون إلى رفح الأربعاء (أ.ب)
أطفال فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي يصلون إلى رفح الأربعاء (أ.ب)

حراك مكثف أثاره مقترح مصري بشأن إنهاء الحرب في قطاع غزة، وفي مقابل غياب رد إسرائيلي رسمي وتسريبات عديدة، بدا لافتا وجود تباينات على المستوى الفلسطيني، إذ رحبت الحكومة الفلسطينية بما وصفته المبادرة المصرية «المعدلة» لوقف إطلاق النار في غزة، بعد موقف رافض من جانب منظمة التحرير الفلسطينية، فيما تمسكت فصائل المقاومة الفلسطينية «حماس» و«الجهاد» بـ«إنهاء شامل للحرب»، وليس «هدنة مؤقتة»، ما استدعى توضيحا مصريا بأن ما جرى تناوله «ليس سوى مقترح أولي، وستتم بلورة موقف متكامل عقب حصول القاهرة على موافقة الأطراف كافة».

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية (رويترز)

وعبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الأربعاء، عن ترحيب السلطة الفلسطينية بالمبادرة المصرية «المعدلة» لوقف النار في غزة. وفي كلمة خلال جلسة للحكومة الفلسطينية في رام الله، قال اشتية «نرحب بكل جهد عربي ودولي لوقف العدوان على شعبنا وبالمبادرة المصرية المعدلة».

وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد رفضت في بيان أخير، عقب اجتماعها الاثنين، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن دون الإشارة إلى مصر، «ورقة مبادرة تتحدث عن ثلاث مراحل، بما فيها الحديث عن تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة، بعيداً عن مسؤولية المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».

وقررت اللجنة التنفيذية تشكيل لجنة من أعضائها «لمتابعة ما يترتب على المبادرة من أخطار تمس مصالح الشعب الفلسطيني العليا وحقوقه الوطنية الثابتة، والتمسك بالرؤية السياسية الشاملة التي تؤكد الموقف الفلسطيني الثابت».

وفي أعقاب ذلك، أكد مصدر مصري مسؤول أنَّ ما جرى تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، هو «مقترح أولي» وستتم بلورة موقف متكامل عقب حصول القاهرة على موافقة الأطراف كافة. وأضاف في تصريحات نقلتها فضائية «القاهرة الإخبارية»، الثلاثاء، أنَّ «مصر لم تتلق حتى الآن أي ردود بشأن مقترحها لوقف إطلاق النار داخل غزة».

مدفعية إسرائيلية تطلق النار على قطاع غزة (رويترز)

وكانت وثيقة اطلعت عليها وكالة «أنباء العالم العربي»، تتعلق بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، كشفت، الثلاثاء، عن تفاصيل مقترح مصري «محدث» للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار بعد تطبيق خطة من ثلاث مراحل.

وأوضحت الوثيقة أن المقترح المصري يتضمن في مرحلته الأولى هدنة إنسانية مدتها عشرة أيام، تقوم حماس خلالها بالإفراج عن كافة المدنيين المحتجزين لديها من الأطفال والنساء وكبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

تسريب متعمد

ويشير د. أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إلى أن الجانب المصري لم يعلن بشكل رسمي عن خطته المقترحة، وأن ما تم تداوله مجرد تسريبات وصفها بـ«المتعمدة»، من الجانب الإسرائيلي لإحداث بلبلة في صف القوى الفلسطينية، معربا عن اعتقاده بأن إسرائيل «سترفض الخطة»، لأنها تتضمن وقفا كاملا لإطلاق النار، وهذا ما لا تريده حكومة الحرب الحالية في إسرائيل.

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن التوضيحات المصرية أشارت إلى أن الترتيبات المتعلقة بالجانب الفلسطيني لن يتم التوصل إليها إلا بالتنسيق مع منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، مشيرا إلى أن «النقطة المتعلقة بحكومة تكنوقراط هي ما تسبب في إزعاج السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، رغم أهميتها في ترتيب الأجواء لعقد انتخابات ديمقراطية في الداخل الفلسطيني».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الفلسطيني محمود عباس في قمة «القاهرة للسلام 2023» في القاهرة أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

ولفت الأكاديمي والسياسي الفلسطيني إلى أنه كان يأمل أن تتعاطى الفصائل الفلسطينية «إيجابيا» مع الطرح المصري، ولا تضيع الفرصة، لافتا إلى أن الطرح المصري «يورط الولايات المتحدة في إجراءات ما بعد وقف إطلاق النار، ويجعلها شريكا في قبول أي نتائج تسفر عنها الانتخابات الفلسطينية»، معتبرا ذلك «مكسبا كبيرا بحد ذاته»، وأضاف أن إضاعة فرصة التوصل إلى حل يوقف نزيف الدم في غزة والضفة ويطلق عملية سياسية، يعني ببساطة استمرار الحرب ومنح إسرائيل الفرصة لتنفيذ مخططاتها بشأن مستقبل القطاع.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت عن مسؤولين في تل أبيب، قولهم إن مصر قدمت اقتراحا من ثلاث خطوات، يتضمن هدنة لمدة أسبوعين وإطلاق سراح 40 محتجزا إسرائيليا، ثم تشكيل حكومة «تكنوقراط» فلسطينية، ثم إطلاق سراح الأسرى المتبقين وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.

بدوره، أشار السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إلى أن الطرح المصري لوقف إطلاق النار حاول أن يكون «متوازنا ويحقق مصالح مختلف الأطراف»، مضيفا أن توازنات المصالح مسألة معقدة للغاية، ومن الطبيعي أن يحاول كل طرف تحقيق أقصى ما يمكنه من مصالح.

صورة تذكارية للقاء الفصائل الفلسطينية في العلمين بمصر يوليو الماضي (وفا)

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تصورت أنها «ستكون بلا دور» في ظل مقترح تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية، موضحا أن ذلك «غير صحيح»، وأن ترتيبات البيت الداخلي الفلسطيني باتت تمثل أولوية قصوى، ولا مجال لأي انقسامات في هذه اللحظة الدقيقة على مسار القضية الفلسطينية برمتها. وأشار كذلك إلى أن الطرح المصري لا يستبعد الفصائل الفلسطينية، بل يجعلها طرفا فاعلا في الحل السياسي، منوها إلى حرص القاهرة على إجراء مشاورات معمقة مع قيادات حماس والجهاد.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، قد أجريا محادثات مع المسؤولين المصريين حول المقترح المصري لوقف الحرب.

وتقود مصر جهود الوساطة بمشاركة قطرية - أميركية، حيث تعتبر الدول الثلاث ضامنة لتنفيذ وقف إطلاق النار في حال التوصل إليه.

ونجحت وساطة مصرية قطرية بدعم أميركي، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في إقرار أول هدنة بالقطاع، دامت أسبوعا واحدا، جرى خلالها إطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية.

وشددت حركتا «حماس» و«الجهاد» الفلسطينيتان من موقفهما المتمسك بـ«إنهاء شامل للحرب»، وأكد قياديون بحركتي المقاومة الفلسطينية على أنه «لا مفاوضات مع إسرائيل إلا بعد الوقف الشامل لحربها على قطاع غزة».


مقالات ذات صلة

مع بدء الهدنة الإنسانية... كيف تجري حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة؟

المشرق العربي طفل يتلقى التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في مركز دير البلح الصحي (د.ب.أ)

مع بدء الهدنة الإنسانية... كيف تجري حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة؟

يعاني قطاع غزة من ظهور سلالة فتاكة من شلل الأطفال، وتسريع خطط حملة تطعيم واسعة للأطفال في شتى أنحاء القطاع الفلسطيني بداية من الأول من سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد 12 سبتمبر 2022 (د.ب.أ)

لبيد يدعو لإضراب عام وجلسة للكنيست لمناقشة اتفاق الرهائن

انضم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إلى المطالب بإعلان إضراب عام في إسرائيل وانعقاد جلسة خاصة للكنيست (البرلمان) لمناقشة صفقة وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ) play-circle 00:44

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

نتنياهو يقول إن إسرائيل لن تهدأ حتى تقبض على المسؤولين عن قتل الرهائن الـ6 الذين تم انتشال جثثهم، بعد احتجاز حركة «حماس» لهم في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (د.ب.أ)

غالانت يدعو مجلس الوزراء الأمني للتراجع عن الاحتفاظ بقوات في ممر فيلادلفيا

دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مجلس الوزراء الأمني إلى الانعقاد والتراجع عن قراره الأخير، الذي يقضي بالحفاظ على وجود عسكري إسرائيلي في ممر فيلادلفيا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حماس» تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية وفاة الرهائن

شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
TT

«حماس» تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية وفاة الرهائن

شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)

حمّل عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» اليوم (الأحد)، إسرائيل والولايات المتحدة، المسؤولية عن وفاة الرهائن المحتجزين لدى الحركة.

وقال الرشق: «من يتحمل مسؤولية موت الأسرى لدى المقاومة هو الاحتلال الذي يصر على مواصلة حرب الإبادة الجماعية والتهرب من الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والإدارة الأميركية بسبب انحيازها ودعمها وشراكتها في هذا العدوان»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

ولاحقاً، أكد قيادي في «حماس» لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن الحركة كانت وافقت على إطلاق سراح بعض الرهائن الذين عثر على جثثهم في نفق في مدينة رفح، في حال تمّ التوصل إلى هدنة. وقال القيادي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته إن «بعض أسماء الأسرى الذين أعلن الاحتلال العثور عليهم كانوا ضمن القائمة التي وافقت عليها حماس للإفراج عنهم».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الأحد)، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي - الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

وأكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات وإيدن يروشالمي وهيرش غولدبرغ - بولين وألكسندر لوبانوف وألموج ساروسي وأوري دانينو. وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.